|
السياسة السكانية وارتباطها بعملية التنمية في الجمهورية العربية السورية
مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق
الحوار المتمدن-العدد: 888 - 2004 / 7 / 8 - 06:53
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تتبع كل دولة سياسة محددة لتنظيم سلوك سكانها من الناحية الديمغرافية حاضرا ومستقبلا، وتشمل هذه السياسة مجموعة الإجراءات والمخططات والبرامج التي تستهدف التأثير في المتغيرات السكانية والتركيب الهيكلي للسكان من الناحية الكمية والنوعية، بما يلائم حاجات المجتمع ومتطلبات نموه ورفاهية مواطنيه. فالسياسة السكانية لا تقتصر على معالجة مشكلة الزيادة السريعة في عدد السكان ولكنها تشمل أيضا برامج لتنشيط نمو السكان في بعض البلدان ،وتنظيم هجرة السكان وحركتهم، و التوزيع المكاني المتوازن للسكان وتنظيم حركة وتوزع القوى العاملة ومساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي وتمكينها اجتماعيا. كما تهدف هذه السياسة إلى تحسين مستوى معيشة السكان ورفاهيتهم ،وتضييق الفجوة الحضارية بين الريف والمدينة وكل ما يتعلق بالسلوك الديمغرافي بشكل عام. يحدد أفلاطون العدد الأمثل من السكان في كل مدينة بحيث يتوافر الخير لكل مواطن. ولذلك ينادي بسياسة سكانية ضيقة تهدف إلى الحد من تزايد عدد السكان للوصول إلى العدد الأمثل. كما وينادي أرسطو بضرورة تحديد عدد السكان تجنباً للفقر. إذ يرى أن زيادة عدد السكان بمعدل أكبر من معدل زيادة الأرض المستغلة تؤدي إلى خلافات اجتماعية وتعوق الحكومة عن القيام بأعمالها ولكن النقد الذي يوجه إلى نظرية كل من أرسطو وأفلاطون هو تركيزهم على الجانب الكمي في نمو السكان. حيث أعطوا العوامل التي ترفع أو تحد من النمو السكاني أهمية كبيرة. وأهملوا العوامل التي تؤدي إلى تنمية الموارد البشرية. يمكننا تعريف السياسة السكانية على أنها سياسة الدولة لتنظيم سلوك سكانها من الناحية الديمغرافية في الحاضر والمستقبل .وتشمل السياسة السكانية لدولة ما مجموعة الإجراءات والمخططات والبرامج التي تستهدف التأثير في المتغيرات السكانية والتركيب الهيكلي للسكان كماً وكيفاً ، بما يلائم حاجات المجتمع ومتطلبات نموه ورفاهية مواطنيه. وتشمل المتغيرات السكانية كل ما يتعلق بحجم السكان، ونموهم، وتوزيعهم، وتركيبهم، وخصائصهم. وبهذا المعنى فإن السياسة السكانية لا تقتصر على مشكلة ارتفاع معدل النمو السكاني فقط ولكنها تشمل كذلك برامج لتنشيط نمو السكان في بعض البلدان وهجرة السكان وحركتهم، والتوزيع المكاني المتوازن للسكان وتنظيم حركة وتوزع القوى العاملة و مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي وتمكينها اجتماعياً ، وتحسين مستوى معيشة السكان ورفاهيتهم وتضييق الفجوة الحضارية بين الريف والمدينة وكل ما يتعلق بالسلوك الديمغرافي بشكل عام. لا بد من أن تكون لكل دولة سياسة سكانية واضحة ومحددة ومتماسكة. ومن الضروري دمج السياسة السكانية في خطة التنمية الشاملة ، بحيث يتم الاهتمام في كل قطاع، من خلال آثار المغيرات السكانية لا من حيث ما إذا كانت تشكل عقبة أمام التنمية الشاملة أم لا، وإنما بوصفها مؤشر لتخطيط القوى البشرية. والترابط بين السياسات السكانية والتنمية الشاملة يتطلب تعزيز سياسات التنمية وتطويرها لتتعزز قدرة المجتمع على استيعاب الولادات الحالية والمتوقعة في المجتمع، وبخاصة في مجتمعات الدول النامية التي تتصف بارتفاع معدل النمو السكاني السنوي. وهذا يؤدي بدورة إلى خلق ظروف اقتصادية واجتماعية تشجع التحول إلى أسرة أصغر حجماً. ظل الاتجاه السائد في الجمهورية العربية السورية، وحتى وقت قريب أن تترك الحرية للأسرة في إنجاب وتحديد عدد الأطفال. مع وجود بعض التشريعات التي تشجع التكاثر، منها على سبيل المثال منع الاتجار بوسائل منع الحمل. كما صدر مرسوماً ينص على منح وسام الأسرة للعائلة التي تنجب عدداً من الأطفال يزيد عن 12 طفل . كما نص قانون العقوبات السوري على تحريم الإجهاض إذا كان لأسباب غير طبية أو صحية ويعاقب من يجري عمليات الإجهاض بالحبس والغرامة.(انظر المواد 523 ، 524، 528 ، 536 من قانون العقوبات). قد تبدو هذه التشريعات كملامح لسياسة سكانية، لكن الواقع فإن هذه القوانين مهملة في سورية ولا تنفذ، حيث يتم بيع وسائل منع الحمل في الصيدليات ويجري تعاطيها بين الراغبات، لا بل نلاحظ أن الإعلام أخذ يروج لتنظيم الأسرة واستخدام وسائل منع الحمل المختلفة في هذا المجال. كما أن عمليات الإجهاض تتم في بعض المشافي والعيادات الخاصة بشكل عادي. لا تزال بعض القوانين السارية المفعول في سورية تعارض فكرة تنظيم الأسرة وتمنع أي نشاط يتصل بها. ومن هذه القوانين ما ينص على العقوبة بالسجن والغرامة في حال المخالفة، وتمنح الدولة تعويضات عائلية، وتقوم بدفع أجور الولادة، وتم كذلك زيادة فترة إجازة الأمومة إلى شهرين ونصف. من خلال هذه التشريعات والإجراءات قد يتبادر للذهن أن سورية تشجع الإنجاب . غير أن الممارسة الفعلية والتوجهات والمواقف العامة للدولة في سورية حيال القضايا السكانية وبخاصة النمو السكاني السريع لا تتوافق مع الإجراءات المذكورة أعلاه . حيث تقوم وزارة الصحة السورية بالتعاون مع المنظمات الدولية بتوفير وسائل تنظيم الأسرة وتقوم باستيرادها. كما تسمح الدولة لجمعية تنظيم الأسرة بالنشاط والعمل على تقديم خدمات في هذا المجال بالتنسيق مع الجهات الحكومية. كما توقفت الحكومة السورية منذ عام 1986 عن منح وسام الأسرة الذي كان يمنح للأسرة التي يزيد عدد أطفالها على حد معين، كما توقفت عن منح الحوافز للأمهات الأكثر إنجاباً. ولذا بدأ الاهتمام بالمسألة السكانية في سورية مع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات. حيث " عملت حكومة الجمهورية العربية السورية على معالجة المشكلة السكانية عن طريق ربط المتغيرات الديمغرافية بالتطورات الاقتصادية والاجتماعية، وجعل العامل السكاني جزءاً لا يتجزأ من عملية التنمية المخططة على المستويين الإجمالي والتفصيلي). " ومن المتوقع أن تؤدي السياسة الاقتصادية والاجتماعية إلى إحداث العديد من التغيرات في المؤشرات الديمغرافية المرتقبة في المدى المنظور، وبخاصة في موضوع التوزيع الجغرافي للسكان ، وتوزيع قوة العمل بين القطاعات الاقتصادية المختلفة وكما أن التطور المرتقب في مجال التعليم وبخاصة تعليم الإناث سيؤدي حتماً إلى تخفيض معدلات الخصوبة الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى انخفاض المعدل السنوي للنمو السكاني.
أولاً - بداية الاهتمام الرسمي بالمشكلة السكانية في سورية : بدأ الاهتمام الحكومي بالمشكلة السكانية في سورية بعد صدور نتائج تعداد عام 1970، حين بدأ الإحساس بالثقل تجاه المعدل المرتفع لنمو السكان الذي وصل إلى 36 بالألف فأنشأت الحكومة اللجنة الوطنية للسكان في عام 1973 ، كما تم إحداث مديرية التخطيط البشري في عام 1974، ولجنة السكان بمجلس الشعب في عام 1985. وبذلك بدأت تظهر سياسة سكانية نشيطة ولكنها غير معلنة رسمياً في سورية، تتميز بقيام نشاط ملموس لتخفيض الخصوبة عن طريق برنامج تنظيم الأسرة ورعاية الأمومة والطفولة، أو عن طريق الجمعيات الأهلية لتنظيم الأسرة وانتشار وسائل منع الحمل وقيام العيادات الصحية التي تهتم بصحة الأم والطفل بتقديم النصائح والإرشادات بشأن المباعدة بين الولادات وتأخير سن الزواج وغير ذلك. وتم تنفيذ برامج للتوعية والتربية السكانية، ودراسات وأبحاث حول السكان بدعم من المنظمات الدولية كصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة اليونسيف ومنظمة العمل الدولية وغيرها بهدف دعم سياسات تنظيم الأسرة وزيادة الوعي السكاني في سورية . وأدخلت في مناهج التعليم والكتب المدرسية وكتب تعليم الأميين موضوعات سكانية تحذر من معدل النمو السكاني المرتفع وخطورته. وقد نشطت الجهات الرسمية بالتعاون مع الجهات المذكورة أعلاه في إقامة دورات تدريبية وندوات ثقافية وتوعية لتنظيم الأسرة والحد من الخصوبة وتراجعها وخفض معدل النمو السكاني وتراجع حجم الأسرة وتضمنت مذكرة الإستراتيجية القطرية ( الآفاق لعام 2000 ) في الجمهورية العربية السورية الاهتمام بإدماج المتغيرات السكانية بالتخطيط التنموي وبخاصة إذا علمنا أن النمو السكاني المتسارع يعد أحد أهم العوامل المؤثرة سلباً على جهود التنمية في سورية . كما تضمنت الاستراتيجية تحديد مجموعة من الأهداف السكانية في إطار الأهداف الشمولية للحكومة أهمها : أ - التوازن بين النمو السكاني والموارد المتاحة وذلك من خلال المؤشرات التالية : 1- إبطاء معدلات النمو السكاني المرتفعة. 2- تخفيض معدل نمو سكان المدن عن طريق الحد من الهجرة من الريف إلى المدينة وتشجيع الهجرة المعاكسة من المدينة إلى الريف . 3- زيادة الوعي بالقضايا السكانية . 4- زيادة فعالية برامج تنظيم الأسرة . ب - تنمية القوى البشرية وتعزيز القدرات الوطنية . ج - حماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة . إن مراجعة البرامج والسياسات السكانية في سورية والوضع السكاني الراهن يؤكد أن سورية قد حققت بعض التقدم والنجاح في التأثير على السلوك السكاني وبخاصة في المسائل التالية: - خفض معدل الوفيات وبخاصة بين الأطفال والرضع. - انخفاض معدل الخصوبة . - التأثير على معدل النمو السكاني السنوي بالرغم من أنه لا زال مرتفعاً(31, 3 0/0).
ثانياً - مشروع صياغة سياسة سكانية محددة في سورية: ظل الاتجاه في إتباع سياسة الحياد وعدم التدخل الرسمي من قبل المؤسسات الحكومية في القضايا السكانية مستمراً حتى منتصف الثمانينات حينما بدأت صياغة الخطط الخمسية السادسة والسابعة للتنمية الاقتصادية الاجتماعية في سورية. ولأول مرة تم إحراز تقدم ملموس في مجال إدخال مفهوم العلاقات المتبادلة بين السكان والتنمية والإقرار بضرورة وجود سياسة سكانية واضحة ومحددة في الجمهورية العربية السورية. من أهم الأسباب التي دعت للشروع في صياغة سياسة سكانية في سورية العناصر التالية: - ارتفاع معدل النمو السكاني الذي يصل إلى نحو 3.31 بالمائة. - تراجع معدل الخصوبة ولكن ببطء. - عدم استخدام الوسائل الحديثة لتنظيم الأسرة بالحد الكافي. - فتوة السكان وانخفاض معدل المساهمة في النشاط الاقتصادي . - اختلال توزع السكان الجغرافي . - النمو الحضري السريع . وكان لهذه العناصر نتائج سلبية على التنمية الاقتصادية الاجتماعية في سورية الأمر الذي أثار اهتمام صانعي السياسات والمخططين والجمهور عامة . وتأكد الاقتناع بأنه إذا استمر الاتجاه الحالي للسلوك السكاني فإنه من المتوقع أن تزداد نسب البطالة والطلب على الخدمات الصحية والتعليمية ، وسوف تتعرض المرافق الأساسية والخدمات لاستنزاف كبير يفوق طاقتها. لذلك أصبح من الضرورة بمكان معالجة تلك القضايا في إطار سياسة سكانية شاملة وفعالة يجري العمل في سورية الآن على وضعها وتحديد ملامحها . وتعد اللجنة الدائمة للسكان في سورية أعلى جهاز وطني مسؤول عن صياغة السياسة السكانية وتنسيق البرامج والأنشطة السكانية عبر مختلف المؤسسات والمنظمات الرسمية والأهلية . كما تم في عام 1990 تشكيل لجنة فنية استشارية للسكان تتولى الرقابة الفنية وتنسيق تنفيذ النشاطات السكانية ورفع تقارير إلى اللجنة الدائمة للسكان حول التقدم الذي يتم إحرازه على المستوى الوطني والنوعي في قضايا السكان ، بما في ذلك عملية صياغة السياسة السكانية الوطنية .
ثالثاً - المبادئ العامة للسياسة الوطنية للسكان في سورية : حدد الفصل الثالث من " مضامين السياسة الوطنية للسكان وأهدافها " المبادئ العامة للسياسة الوطنية للسكان في الجمهورية العربية السورية وفقاً لما يلي : - الإنسان هو أهم وأثمن الموارد ، ويكفل له الدستور جميع الحقوق والحريات الأساسية دون تمييز . - الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع . - السياسية الوطنية للسكان جزء لا يتجزأ من عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية . - ضرورة تمكين المرأة وتعزيز المساواة والتكافؤ بين الجنسين بهدف إدماج المرأة في عملية التنمية بالشكل الصحيح والفعال . - لا تتعارض الأهداف الكمية في مجال السكان مع خيارات الزوجين وحريتهما في الإنجاب في إطار الأسرة والوالدية المسؤولة وفي الحصول على الرعاية الصحية وخدمات تنظيم الأسرة ومكافحة الأمراض التي تنتقل عن طريق العلاقة الجنسية كما أنها لا تتعارض مع حقهما وخيارهما بتحديد عدد الأطفال وفترة المباعدة بين الحمول والحصول على المعلومات والتثقيف والوســائل اللازمة للقيام بذلك . - التأكيد على حق الأطفال في الرعاية والنمو وتعزيز التكافؤ بين الأبناء الذكور والإناث في جميع مراحل الحياة . - رعاية الأمومة واتخاذ التدابير المناسبة التي تكفل للأمهات شروط الأمومة الآمنة والصحية ومحاربة عوامل الوهن والمرض والعدوى ومخاطر الإنجاب المرتفع والمتقارب وبخاصة للأمهات في الأعمار المبكرة والمتأخرة . - تنمية الموارد البشرية هي الركيزة الأساسية في التنمية المستدامة . - تعزيز أنماط الإنتاج والاستهلاك القابلة للاستمرار وحماية البيئة ومواردها . - تعزيز الجانب الإيجابي للموروث الثقافي والحد من المؤثرات والممارسات السلبية على الصحة الإنجابية وعلى دور المرأة في التنمية ومشاركتها الفاعلة في اتخاذ القرارات الخاصة بالصحة الإنجابية وعدد الأطفال وتوقيت الولادات ومدة الفواصل بين الحمول واستخدام وسائل تنظيم الأسرة.
رابعاً - الأهداف العامة للسياسة الوطنية للسكان في سورية : بغية تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاجتماعي وبين النمو السكاني لتلبية حاجات السكان المتنامية والتي تتمثل في تأمين مستوى الرفاه الذي يتطلعون إليه ، وتطوير مستوى الأسرة الاقتصادي والاجتماعي والصحي والتعليمي والثقافي ، وتمكين المرأة وتعزيز التكافؤ بين الجنسين وتوفير الرعاية الصحية بما في ذلك خدمات تنظيم الأسرة ضمن حرية الإنجاب في إطار الأسرة والوالدية المسؤولة وحق الأسرة بتحديد عدد أطفالها، والمباعدة بين الحمول والتأكيد على حقوق الأطفال ونمائهم والاهتمام بالأمهات ، وحماية السكان من آثار تدهور البيئة المحيطة بهم ومن أنماط الإنتاج والاستهلاك غير الملائمة والتحكم بالنقاط الحرجة في موازنات المياه والطاقة وغيرها من الانعكاسات ذات العلاقة بالنمو السكاني. وبعد وضع خطة عمل لرسم السياسة السكانية تم تشكيل فرق عمل تضمن العديد من الأخصائيين لدراسة كافة القضايا المتعلقة بالسكان ، وبخاصة التنمية والوضع الاقتصادي والسياسات والاستراتيجيات والاتجاهات السكانية في سورية ، السلوك الإنجابي ومحدداته الاجتماعية - الثقافية .تنظيم الأسرة والصحة العامة للسكان والصحة الإنجابية . توفر السكن والغذاء والماء والطاقة . التوزع الجغرافي للسكان والتعليم وقوة العمل . وتم في عام 1995 اقتراح عدد من الأهداف المؤقتة للسياسة السكانية أهمها : 1- تخفيض المعدل السنوي للنمو السكاني من 31, 3 بالمائة في عام 1995 إلى 5, 2 بالمائة في عام 2015 . 2- خفض معدل وفيات الأمهات من 105 وفاة لكل مائة ألف ولادة حية في عام 1995 إلى 50 وفاة في عام 2015 . 3- خفض المعدل السنوي لوفيات الأطفال الرضع من 32 بالألف في عام 1995 إلى أقل من 20 بالألف في عام 2015 . وخفض وفيات الأطفال دون الخمس سنوات إلى أقل من 30 بالألف من الولادات الحية . 4- رفع نسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة من 40 بالمائة في عـام 1995 إلى 64 بالمائة في عام 2015 . 5- زيادة مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي من 6, 16 في عام 1995 إلى نحو 26 بالمائة في عام 2015 . 6- خفض نسبة الأمية لدى النساء من6, 30 بالمائة في عام 1995 إلى نحو13 بالمائة في عام 2015 . 7- الحد من نمو سكان الحضر غير المخطط . 8- مدة فترة إلزامية التعليم الأساسي حتى نهاية المرحلة الإعدادية وللجنسين . 9- زيادة فعالية الإعلام والتربية والاتصال السكاني وتنسيق كافة الجهود في هذا المجال لتحقيق أهداف السياسة السكانية في سورية. 10- رفع توقع الحياة عند الولادة ليصبح 72عاماً للإناث و70عاماً للذكور في عام2015. ومن أهم العوامل التي تساعد على صياغة سياسة سكانية وطنية وتنفيذها ومتابعة ربط السكان بالتنمية الاقتصادية الاجتماعية ، تعزيز المشاركة الفعالة للسلطة التشريعية ( مجلس الشعب ) والمنظمات الشعبية وبخاصة الاتحاد العام النسائي واتحاد شبيبة الثورة وكافة الجهات المعنية بما في ذلك المنظمات غير الحكومية (الأهلية). تطوير إمكانيات وقدرة الأجهزة ذات الصلة بالسياسة السكانية على المستوى المركزي أو في المحافظات . تشجيع البحث العلمي المتعلق بالسياسة السكانية وتطوير مهارات ولقاءات المختصين والفنيين والموظفين المعنيين بصياغة الخطط المتعلقة بالسكان وتنفيذها على المركز أو المحافظات . وهذا يتطلب مساندة الحكومة ودعمها لصياغة السياسة السكانية الشاملة والمتكاملة ذات الأبعاد المتعددة وتدعيم آليات تنفيذها وتطويرها آلية عمل اللجنة الدائمة للسكان . انطلاقاً من المبادئ العامة للسياسة الوطنية السكانية في سورية ومن أجل تحقيق الأهداف الواردة أعلاه لا بد من تكثيف الجهود والاستفادة من الطاقات المحلية والأجنبية وبخاصة : ( 1- تأكيد ودعم القدرات الذاتية للدولة لتحقيق الاعتماد على الذات في معالجة القضايا السكانية بكافة جوانبها وتعزيز الإيجابيات الناتجة عن الترابطات بين السكان والبيئة والتنمية المستديمة بما يؤدي بصفة عامة إلى الارتقاء بنوعية الحياة. 2- تعزيز وتوسيع نطاق المساندة والالتزام السياسي بدعم السياسة السكانية وبرامجها على كافة مستويات اتخاذ القرار من خلال الحوار المتواصل وصولاً إلى إقرار سياسة قومية للسكان ومتابعة تنفيذها. 3- تعزيز وتوسيع التنسيق الفاعل ما بين منظمات الأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة بهدف تعظيم مردود استجابتها لدعم الجهود الحكومية لتحقيق الأهداف التنموية المعتمدة ، وذلك استناداً إلى وثيقة الاستراتيجية الوطنية. 4- تعبئة قدرات التنظيمات الشعبية (الشباب، المرأة، الفلاحين، العمال، …) لمساندة السياسية السكانية وبرامجها في كافة المجالات . 5- دعم وتعزيز دور اللجنة الدائمة للسكان وزيادة فعاليتها في مجال التنسيق الهيكلي والوظيفي بين القطاعات المعنية بهدف خلق آليات مناسبة لتحقيق التنسيق الوظيفي لا سيما في مجالات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والإعلام والتنمية والاتصالات والتربية السكانية . 6- تحفيز المرأة وتأكيد مشاركتها الفاعلة في صنع التنمية في إطار مبادئ العدل والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في مختلف مجالات الحياة لتتمكن من القيام بدورها بالشكل المطلوب . 7- تعزيز الجهود الرامية إلى نشر المعرفة واكتساب الخبرات والمهارات السكانية وبخاصة ضمن إطار التعاون العربي - العربي في هذا المجال). خامساً - السياسة السكانية والتنمية الشاملة في سورية : لم يعد النمو الاقتصادي وحده يعني التنمية ، إنما التنمية يجب أن تكون شاملة لشتى جوانب الحـياة ، سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم ثقافية أم سياسية أم غير ذلك . وهذا يعني أن ثمة فرقاً بين التنمية والنمو . فالتنمية في معناها الشامل تعني بناء (مشروع حضاري متكامل،يتوافر فيه التوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن غير الجائز اليوم تجاهل المحتوى الاجتماعي والتاريخي والثقافي لكل من التنمية والتخلف ). وأكثر ما يهم في هذا المجال هو العلاقة الجذرية بين التنمية الشاملة والسكان وبخاصة الموارد البشرية ، بل بين تنمية الأشياء وتنمية الإنسان . ولا سبيل لتحقيق التنمية الشاملة واستمرارها إلا من خلال الاهتمام بالموارد البشرية وتنميتها وتفتيح إمكاناتها المختلفة ، بالإضافة إلى الموارد الأخرى ، من أجل تحقيق تنمية ذاتية والإسهام في بناء الحضارة الإنسانية عن طريق إعداد إنسان جديد وفاعل . دلت تجربة الإنسان التاريخية ، وتدل دوماً على أن في وسع الموارد البشرية حين تنمو وتزدهر أن تتغلب على نقص الموارد المادية الأخرى اللازمة لعملية الإنتاج بفضل العلم والتقنية بوجه خاص . وعلى سبيل المثال ، ما تكاد تنفذ طاقة حتى يحل الابتكار البشري محلها طاقة جديدة . والواضح أن أفضل استثمار هو الاستثمار في العقل البشري . ومن هنا نظر بعض الباحثين إلى الهوة بين البلدان المتقدمة والبلدان المتخلفة على أنها هوة في تنظيم العقل البشري وتوظيفه التوظيف الأمثل. إن عملية التنمية الشاملة تتطلب التوافق بين السياسات المختلفة . الاقتصادية الاجتماعية والسكانية وهذه مسألة هامة جداً ولا تتحقق بسهولة . لذلك لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن الموارد البشرية هي أغلى ما تملكه الأمة . وأن رفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاه للمجتمع هي أهم الأهداف التي تسعى لتحقيقها التنمية كما أن أي تغيير يطرأ على معدلات النمو السكاني يؤدي بدوره إلى تغير مباشر في الطلب على الحاجات الأساسية للفرد واستهلاكها . بينما نلاحظ أن أي تغير يحصل في معدل النمو السكاني لا يؤثر في حجم قوة العمل والمساهمة في التطور الاجتماعي والاقتصادي . إلا بعد مرور أكثر من 15 سنة من تاريخ حدوث ذلك التغير . وهي الفترة بين تاريخ الولادة وتاريخ إمكانية القيام بعمل منتج . كانت مسألة انعكاسات النمو السكاني على النظام الاجتماعي والاقتصادي موضع اهتمام النظريات السكانية التقليدية التي اقتصرت في تحليلها لمسائل السكان على مكوناتها ونتائجها. كما كانت السياسة السكانية بالنسبة لها سياسة في النمو السكاني تقتصر على تحديد معدلات النمو وحجمها وكثافتها. فكان العدد الأمثل للسكان هو ذلك الذي يوائم بين سياسة النمو السكاني وسياسة الموارد الاقتصادية المتاحة واعتبر الفقر نتيجة لاختلال ذاك التوازن بين العنصرين السابقين. هناك علاقة قوية بين السكان والتنمية (أي بين السكان وخصائصهم وواقعهم الديمغرافي ونوعية حياتهم من جهة والبرامج والخطط التنموية التي تهدف إلى تحقيق التقدم الاقتصادي والتطور الاجتماعي من جهة أخرى). ذلك لأن المتغيرات السكانية ترتبط بصورة عضوية بعناصر التنمية الشاملة باعتبارها تمثل التغير الهيكلي في مكونات النسق الاجتماعي - الاقتصادي في أي مجتمع. وهذا يعني أن مفهوم التنمية قد تعدى مجرد " النمو الاقتصادي " الذي كان دائماً محور الاهتمام ليشمل تحولات أساسية أخرى على الصعيد الاجتماعي والثقافي إلى جانب النمو الاقتصادي . وقد رافق هذا التغير في مفهوم التنمية الشاملة تغير جذري في نوعية الخطط والبرامج التنموية حيث كان تركيز هذه الخطط على النواحي الكمية الاقتصادية بالدرجة الأولى واهتمت بزيادة الإنتاج والاستهلاك والتراكم والاستثمار ، ومع المفهوم الجديد أضحت الخطط أكثر شمولاً لتضفي جوانب اجتماعية وثقافية وسياسية ، حيث أصبحت تركز أيضاً على النواحي الكيفية في تحسين ورفع مكانة المرأة والاهتمام بصحة الأم والطفل، ورعاية الشباب وقضايا الديمقراطية، والبرامج الترفيهية، وغيرها من المجالات التي ترتبط بتحسين نوعية الحياة لمجموع السكان . ولم يعد تقويم نتائج الخطط والبرامج التنموية وتأثيراتها مقتصراً على المؤشرات الاقتصادية فقط، وإنما امتد ليشمل مؤشرات اجتماعية وثقافية وسياسية تعكس مدى التغير في نوعية الحياة والمجتمع. إن وضع السياسة السكانية في إطار خطة التنمية الشاملة يهدف إلى القضاء على سوء التغذية والمجاعات وتوفير فرص عمل وخدمات صحية وتعليمية أجود، وتأمين المأوى المناسب، والإقلال من عدم المساواة في توزيع الدخل والخيرات المادية، وتمكين المرأة وزيادة مساهمتها في النشاط الاقتصادي .
الدكتور مصطفى العبد الله الكفري جامعة دمشق - كلية الاقنصاد
#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تنمية الموارد البشرية وقوة العمل
-
الهجرة العائدة من الدول العربية الغنية بالنفط إلى الدول المر
...
-
إستراتيجية التنمية الصناعية في الجمهورية العربية السورية
-
الاقتصاد السياسي والعولمة
-
برنامج الإصلاح الاقتصادي وسياسات تشجيع الاستثمار في سورية
-
أسعار النفط كسلعة إستراتيجية قابلة للنضوب
-
السياسة السكانية والتنمية الشاملة
-
الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية
-
الصندوق العربي للأنماء الأقتصادي والأجتماعي
-
صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي
-
مؤسسات العـون الإنمائي في الوطن العربي
-
قياس أثر السياسات السكانية ومدى فاعليتها
-
التنمية الزراعية في الوطن العربي الخصائص، المقومات، المتطلبا
...
-
التنمية الشاملة والتنمية البشرية
-
مناخ ومحفزات الاستثمارفي الجمهورية العربية السورية
-
تطور السياسات النقدية والمالية في الجمهورية العربية السورية
-
الترجمة والانتقال الفكري والمعرفي بين العرب وأوروبا
-
أضواء على صندوق النقد العربي
-
الانتقالات الفكرية بين العرب والأوروبيين
-
تاريخ العلاقات الاقتصادية السورية اللبنانية
المزيد.....
-
بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا
...
-
بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت
...
-
سؤال يؤرق واشنطن.. صنع في المكسيك أم الصين؟
-
-كورونا وميسي-.. ليفاندوفسكي حرم من الكرة الذهبية في مناسبتي
...
-
السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت
...
-
وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا
...
-
-خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس
...
-
أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|