احمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 888 - 2004 / 7 / 8 - 06:51
المحور:
القضية الكردية
منذ أيام, اصد ر ت محكمةأمـن الدولة في سوريا, أحكامها بالسجن على عدد من المعتقلين الأكراد السوريين
وهم من دفعه( الحمد لله, الدفعات كثيرة) ما بات يعرف بمسيرة الأطفال الأكراد في دمشق, و التي أرادوا من خلالها الوصول إلى مقر منظمة الطفولة العالمية يونيسف.حيث قامت القوى الأمنية بتوريع هؤلاء الأطفال في شوارع دمشق. و اعتقلت آبائهم و أهاليهم منذ ما يقترب من السنة و النصف, و عرضتهم إلى أقسى أنواع التعذيب الجسدي
والنفسي و السجن الانفرادي حتى أن أحدهم بقي سجينا طوال هذه المدة في مرحاض,نعم في مرحاض. ومع ذلك
والحق يجب أن يقال, فان هؤلاء السجناء هم ممن بات يعرف بعصر الدلال في تراث الاعتقال السياسي السوري :
والذي بات يشرف على نهايته. مثل الكثير من الآمال والأوهام التي أصررنا نحن ـ الشعب السوري ـ على أن نتخيلها في مرحلة ربيع دمشق, ربما تمسكا بالأمل أو بالحياة, لأنه كما يقال, بأن الإنسان بدون أمل لا يمكن أن يعيش, مع أننا و كشعب سوري أثبتنا عكس هذه النظرية طوال الأربعين سنة الأخيرة. ولكن ماذا نفعل لا أحد يعترف لنا حتى بهذه المأثرة.
نعم أنهم من عصر الدلال, فأسمائهم كانت معروفه منذ اليوم الأول للاعتقال, و كانت لدى المنظمات العالمية المختصة بعد أيام قليلة, و هذا ما كان يستغرق سنوات طويلة مع معتقلي الثمانينات, وهم قدموا إلى محكمة أمن الدولة فقط... وفقط بعد سنة و نصف, وهذا يؤدي بنا إلى نتيجة قياسية رائعة,ألا وهي انهم قد انهوا التحقيق ,و بالتالي انتهوا لا بل قل أنجزوا مرحلة التعذيب, خلال هذه المدة القصيرة, سنة و نصف. معتقلي الثمانينيات كان خسكارهم من 5 الى15 سنة تعذيب قبل إن يصلوا إلى عتبة الخلاص المقدسة, باب محكمة أمن الدولة . هذا إذا وصلوا أصلاً ثم أن المحكمة تمت بصورة نصف علنية بالمقاييس العالمية ـ مالنا بالمقاييس العالمية , هل نستطيع أن نصدر البطاطا السورية المشهورة في أوربا, بالمقاييس العالمية, حتى تكون محاكمنا على تلك المقاييس ـ إذا لنعد إلى مقاييسنا السورية وهي بهذه المقاييس كانت محكمة علنية مفتوحة لسجناء مدللين . حيث كانت هناك جهة الدفاع لا تقولوا لي إنه تمت عرقلتهم و....و هذا لا يهم كانت هناك جهة دفاع’ مؤلفة من عدد من المحاميين وكان هناك ممثلون عن منظمات حقوقية عالمية ومن الاتحاد الأوربي ومن المنافقين الأمريكيين أيضاً .
ثم أن الأحكام ...نعم الأحكام كانت لينة وطرية, خمس سنوات خففت إلى سنتين, مع أن التهمة تهد الجبال: الانتساب إلى تنظيم سري ـ وكأن هناك تنظيمات علنية يمكن أن ينتسبوا إليها ـ معادي لأهداف الثورة , يسعى لاقتطاع جزء من الأراضي السورية وإلحاقها بدولة أجنبية. وهذه نتيجة أخرى رائعة, وجميلة. سنكون من ناكري الجميل إذا لم نعترف بها, ذلك أن معتقل حزب العمل الشيوعي عبد العزيز الخير قد حكم عليه في عصر ما قبل الدلال ب 22 سنة فقط. رغم أن تهمته كانت الثلث الأول اليسير من قرار اتهام المدللين ـــ وهو الانتساب إلى تنظيم سري ـ لا اعلم عندما تمر بي كلمة, تنظيم سري ,لا أجد بداً من أكتب بين قوسين " وهل هناك تنظيم علني " فعذراً على الإطالة والملل ـ معادي لأهداف الثورة. وبعملية حسابية بسيطة فأنه كان يجب أن يحكم عليهم " عصر ما قبل الدلال بـ 22 بـ 3 يساوي 66 سنة. ولأن التهمتين الأخيرتين أخطر بما لا يقاس فإني كنت سأفترض لهم 14 سنة إضافية على أقل تقدير, وبهذا يكون المجموع 80 سنة. وبحسبة بسيطة تكون المحكمة نفسها في نهايات عصر الدلال, هذا, قد خففت أحكامها بـ 40 مرة إلى أن وصلت إلى حكم سنتين فقط " تهانينا شباب يجب أن تشكروا هيئة المحكمة, ورئيسها ـ المحكوم عليه بالمؤبد رئيساً لمحكمة أمن الدولة وليس مثلكم سنتين ـ على كرمهم .
إن الجرم الذي أثبتته المحكمة بحق المتهمين, هو كما ورد في قرار الإدانة الانتساب إلى جمعية سرية مناهضة لأهداف الثورة تسعى إلى اقتطاع جزء من الأراضي السورية لإلحاقها بدولة أجنبية .
إن الإنسان بطبيعته يحتاج إلى كثير من التراكم حتى يقوم بالاكتشاف, فرغم أن حزب الكلكه, كأفكار وممارسات كان موجود اً منذ زمن طويل, فإن جورج نصرة لم يكتشفه إلا منذ شهور . كما أن أحمد الحسناوي تأخر ربع قرن ليكتشف بعدا قومياً جديداً للقطر العربي السوري , وهو مع ذلك اكتشاف ظريف, ومثير جدا,ً لم ينتبه إليه الكثيرون إلا هو انفراد القطر بأن لديه ملفاً للمعتقليين العرب , فهو يعتقل منذ الثمانينات المئات من الفلسطينيين " هذه عادية " واللبنانيين والأردنيين والعراقيين ومن جنسيات أخرى, والقصد منه ليس اعتقالهم بحد ذاته, وإنما لإعطاء بعد قومي للسجون السورية, وليشعر السجناء السوريين, بأنهم وأخوتهم العرب الآخرين , إنما هم في وحدة حال في السراء والضراء.أهنئك أحمد الحسناوي.
أما أنا فقد احتجت إلى 15 سنة, وإلى المئات من قرارات الإدانة,من محكمة الدولة بحق المناضلين الأكراد السوريين ,بنفس التهمة حتى أكتشف قبل يوميين بأن المحكمة إنما تعترف بوجود, أو بحق افتراض وجود دولة كردية, يسعى هؤلاء لضم أجزاء من الأراضي السورية إليها.
فإذا ما رجعنا إلى نص قرار الإدانة وهو " الانتساب إلى جمعية سرية, معادية لأهداف الثورة , تسعى إلى اقتطاع جزء من الأراضي السورية لضمها إلى دولة أجنبية "
وكيفما قلب المرء هذه العبارة الأخيرة, وفسرها وفق قواعد ونحو اللغة العربية, فإنها لا تفهم إلا بطريقة واحدة وهي أن هذه الدولة الأجنبية موجودة في الحاضر لأن ن الفعل الذي يسبقها هو فعل مضارع, ولإن القرار لم يتضمن كلمة مفترضة لتصبح العبارة " دولة مفترضة " أي موجودة في خيال أصحابها . ولكن نص القرار صريح, وواضح في أن هذه الدولة الأجنبية موجودة.
وعليه وحيث أن الجزء المعني في القرار من الأراضي السورية هي المناطق الكردية في سوريا, والتي تقع شمالها, وتتصل بالعراق من جهة الشرق, وبتركيا من الغرب, وحيث أن القرار لا يقول بإقامة دولة على هذا الجزء وإنما لضمه إلى دولة أجنبية فإن:
ـ افتراض ضمها إلى قبرص اليونانية غير وارد, " رغم أن الملاعين الأكراد, قد يفكرون في ذلك لدخول الاتحاد الأوربي " وذلك لأن هذه الآراضي لاتتصل بالبحر .
ـ افتراض ضمها إلى العراق غير وارد, لأن العراق دولة عربية, والقرار يقول دولة أجنبية .
ـ افتراض ضمها إلى تركيا غير وارد , لأن الأكراد لن يدفعوا السنوات من عمرهم سجوناً ومعتقلات وتعذيب, وأخيرا شهداء,ً لكي يبدلوا محكمة أمن دولة توالفوا, معها بمحكمة أمن دولة غريبة عليهم,ولا يعرفون التكلم بلغتها.
ـ إذا ً لم يبقى إلا التفسير الأخير,والذي يعنيه قرار المحكمة, ألا وهو اقتطاع جزء من الأراضي السورية لضمها إلى دولة كردية, وإني لأفترض أن ما من أحد يستطيع تفسير القرار بوجهة أخرى , حتى هيئة المحكمة نفسها . هذا من جهة و من جهة أخرى ,فان المحكمة مضطرة لهذا الاعتراف, لأنه لا يمكن اتهام أتحد بضم هذا الجزء إلى دولة غير موجودة أو مفترضة الوجود .
اكتشاف مثير, أليس كذلك ؟!! , ربما سأسعى لتسجيله باسمي ـ قبل أن يلطشه أحد مني ـ في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل, إذ أنها الوزارة المعنية بشؤون السياسة والمخترعات السياسية,كما باتت تعرف في الفترة الأخيرة,وإذا لم تكن هي المعنية فربما في وزارة التموين بعد إعادتها إلى الحياة في التعديل الوزاري المنتظر.
ملاحظة أخيرة غير جديرة بالاهتمام : إن اللذين حوكموا بقرار الإدانة ـ الاعتراف ـ هذا هم آباء وأهالي أولئك الأطفال الذين كانوا يحملون بأيديهم الصغيرة, عريضة, كانوا يريدون تقديمها إلى منظمة اليونيسف, يطالبون فيها بان يكون لهم , مثل كل أطفال العالم, أوراقا ثبوتية شخصية, تعترف بأن لكل واحد منهم, اسم وكنية, وتاريخ ومكان ولادة, ولون عينين وشعر, وأخيرا جنسية , ألا وهي الجنسية السورية. هذه المطالب التي اكتشفت فيها هيئة المحكمة السعي لاقتطاع جزء من الأراضي السورية وضمها لدولة أجنبية ـ قل ـ كردية .
#احمد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟