أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كامل السعدون - الإيمان بالطاقات الكامنة ...الخفية !















المزيد.....


الإيمان بالطاقات الكامنة ...الخفية !


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 888 - 2004 / 7 / 8 - 07:10
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الإيمان بالطاقات الكامنة …الخفية - الفصل الأول …!

ترجمة كامل السعدون
تأليف الفيلسوف التأملي الأمريكي
دييبيك تشوبرا

في البدء
لم يكن هناك لا وجود ولا عدم
كل هذا الكون ، كان طاقة …!
طاقةٌ لم ترتدي بعد شكلاً مادياً …!
الألوهية تنفست بغير أنفاس , لا بل بأنفاس قدرتها الذاتية …!
وما كان هناك شيء آخر …!


عن أنشودة الخلق في كتاب الفيدا الهندي المقدس

****


مصدر كل نشاطٍ خلاق هو الوعي ، الوعي النقي الخالص الكامن الذي يسعى إلى التعبير عن ذاته والخروج من أسر المطلق إلى فضاء التحقق العملي العياني الملموس .
لو إننا آمنّا بأن جوهرنا الفردي ( ذاتنا العليا ) هي خزينٌ هائل من الإمكانات الخبيئة العظيمة ، فأننا سنؤمن بالنتيجة بأن الخارج ( ما هو خارج الذات ) هو احتياطي أكبر وأعظم مما لدينا ، وإن الطريق إلى كنوز الكون العظيمة التي لا تنفذ يتم عبر الإيمان بذواتنا وجواهرنا الروحية الخلاقة أولاً ، هذا الإيمان يحرر كل طاقات الكون ويستحثها على الوقوف معنا ومساعدتنا لتحقيق كل ما نتمناه ونرغبه .


****

من ابرز القوانين الروحية لنيل النجاح المادي أو المعنوي هو الإيمان الذاتي بأن هناك إمكانات خبيئةٌ عظيمةٌ في داخلنا كما في الخارج ، في هذا الكون العظيم ، وفي كل عنصرٍ صغيراً كان أم كبيراً من عناصر هذا الكون .
مثل هذا الإيمان يعتمد على إننا في جوهرنا الأصلي نتكون من وعي والوعي هو الإمكانية الخبيئة النقية البكر ، الوعي هو تلك الإمكانات التي لا نهاية لها أبداً ولا يمكن رصد حجمها ومدى ثرائها ، إنها إمكانيات إبداعية جديدة غاية الجدة وغنيةٌ غاية الغنى ، وهي تغطي كل ميدانٍ ومجال ، ومهما أكتشف منها فإن خزينها لا ينضب .
وحيث أن الوعي هو جوهرنا الروحي ، وحيث إنه هو الإمكانيات الخبيئة تلك ، فإنه هو ذاته السعادة الحقة الخالصة ، والصفاء الخالص والمتعة الخالصة .
لو إننا اكتشفنا هذا وآمنا به ، وعرفنا من نحن وماذا نريد حقاً فإن بمقدورنا تحقيق أي حلمٍ نحلم به ، لأننا نحمل أصلاً في جوهر وعينا بذور تحقق كل الأحلام والأماني .
لأننا نحن ذواتنا ، تلك الإمكانية الخالدة للتحقق ، الإمكانية الخالدة للتحول من مطلقٍ بصورة حلمٍ أو تصور إلى واقعٍ له شكلٌ ولون وقوام ، يملأ النظر ويشبع الحواس .
إن هناك … خلف كل هذا التنوع المادي الذي نراه على ظهر البسيطة وفي الكواكب والأكوان ، هناك الواحد الوحيد الموجود في كل مكانٍ وزمانٍ ، الروح العظمى ، وسمها ما شئت ، الرّب …الخالق …ال … فكل الأسماء تنسجم مع حالها وهويتها …!
وتلك الروح الكلّية العظمى لا انفصال بينها وبيننا في واقع الحال ، ولكننا للأسف وبغباءٍ منّا نفرض هذا الانفصال ونتوهمه أو إننا نضع للاتصال شروطٌ غبيةٌ تؤكد مدى فقرنا الروحي .
إذن ليس هناك انفصال البتة بين الكلي وعناصره ، ونحن كما كل نبتة وحجر وشجر وحيوان ، مفرداتٌ وعناصر تلك الكلية الموجودة في كل زمان ومكان .
لو آمن الواحد منّا بهذا ، أعني بهذا الاتصال بين وعينا الفردي الذي هو جوهر كينونتنا وبين الوعي الروحي الكلّي الأكبر الذي يحرك بدعةٍ ورقةٍ كل العلاقات الخفية الجارية في العناصر والكواكب والأكوان والنفوس ، لتمكنّا من تلقي المدد الكوني عبر طاقةٍ خفيةٍ عظيمةٍ تحقق لنا ما نريد وتدفعنا في الاتجاه السليم نحو الأحلام والأمنيات والأهداف .
ولا يمكن للمرء أن يؤمن بمثل هذا ، إن لم تكن مرجعيته الذاتية هي ( ذاته العليا ) أو روحه ، وليس الذات السفلى الأنانية الضيقة السطحية .
قد يسألنا سائلٌ وما هي الذات العليا والذات السفلى …؟
الذات السفلى هي تلك التي تتأثر بالعوامل الخارجية ( خارج الذات ) من قبيل المواقف التي تحصل في الخارج ، آراء الناس ، الظروف الخارجية المختلفة ، الماديات المختلفة …الخ .
في حالة أن تكون إدارة وقيادة كياننا الذاتي بيد الذات السفلى ، تجد أننا مشغولون على الدوام بما يحبه الآخرون ، وإننا نشكل سلوكنا ونمط تفكيرنا على ضوء ردود أفعال الآخرين المتوقعة .
بمعنى آخر ، المرجعية السفلية ( مرجعية الذات السفلى ) قائمة على الخوف .
مضافاً لهذا تجد الواحد منا يشعر دوماً بالحاجة إلى السيطرة أو امتلاك القوة أو نيل الرضا أو نيل حب الآخرين أو احترامهم ، وكل هذا أساسه الخوف الذي هو سمت الكائنات المادية السطحية التي لا تؤمن بالروح وبالقدرات والإمكانات والمرجعية الروحية .
في حين نجد بالمقابل أن أولئك القلّة منّا ممن يتبعون مرجعيةٍ ذاتيةٍ روحيةٍ ، تجدهم يمتلكون القوة بل وينالونها وبلا حدود ، ولكن قوتهم ليست طاغية وليست انتقامية وهي رحيمةٌ غاية الرحمة وهي تجري بين أيديهم حتى وأن رفضوها هم ذواتهم ، وهي بذات الآن غير قائمة أو ناتجة من الخوف لأن أتباع المرجعية الذاتية العليا لا يخافون البتة ، إذ إن قوتهم هي القوة الحقيقية الخالصة .
لو إنك أسلمت قياد ذاتك لتلك المرجعية لما شعرت مطلقاً بالحاجة إلى القوة رغم امتلاكك لها ، ولما شعرت بحاجة لرضا الناس أو حبّهم أو احترامهم رغم إنه يأتيك بحريةٍ وبلا حدود .
إن الذات السفلى ، اليومية المادية ، ليست هي ذاتنا الحقيقية ، لا بل هي صورتنا الذاتية وقناعنا الذي نتقنع به لندرأ الخطر وننال الأمان الزائف .
والقوة التي تنالها الذات السفلى ، هي قوةٌ زائفة ووقتية ، إذ حالما يذهب المنصب أو المركز أو المال أو الشباب أو الصحة ، تجد آثاره الباقية شعوراً بالهزيمة والانكسار والخوف والخجل والاضطراب .
إنها قناع اجتماعي تعودنا على ارتداءه وتوارثناه جيلاً بعد جيل من أسلافنا القدامى في عصور ما قبل التاريخ .
هذه الذات السفلى ، أعني هذا القناع الاجتماعي مجبولٌ على حب الإطراء والمديح وتحاشي الذم والرغبة الجامحة في نيل القوة ، لأنه يعيش في خوف ، بحكم اعتماده على معطيات الحواس وعلى نشاط العقل ، والعقل كائن اجتماعي وكل معطياته وأنماط نشاطه هي بالنتيجة مكتسبة أو موروثة من الآخرين ، والعقل ليس هو الوعي الحقيقي ، إذ الوعي الحقيقي هو جوهرنا الأعلى وهو الروح .
الذات العليا ( الجوهر أو الروح أو النفس أو الوعي الخالص ) ، هي ذاتنا الحقيقية ، وهي تلك التي تمتلك كامل الحرية من الاعتماد أو الارتباط بالمعطيات المادية . إنها منيعةٌ أمام النقد أو الخوف ولا تؤثر فيها مطلقاً كل تحديات الخارج . إنها لا تشعر بالدونية أمام الغير ولا تعاني من الغرور بذات الآن ، بل إنها متواضعة غاية التواضع .
وإذ نقول إن قوة الذات العليا دائمةٌ خالصةٌ حقيقية ، فلأنها تقوم على المعرفة والحكمة ، ولأنها تجتذب وتستقطب عبر خيوطٍ روحيةٍ خفية ، كل ما يتمناه صاحبها من رغباتٍ وإمكانات ، وتجد دوماً في طريقها فرصاً مجانيةٍ وشخوصٌ مؤثرةٌ تساعدها على الوصول إلى كل الأهداف .
وهي لا تزول مع زوال مظاهرها المادية التي تكتسب عبر شبكة العلاقات والخيوط الكونية الروحية اللا مرئية ، لماذا ؟
لأن هذا الذي تناله وإن كان مادياً فهو غير قائم على الخوف أو الرغبة في الظهور ، وغير معتمد على هذا الشخص أو ذاك المركز ( وإن جاءه عبر هذا أو ذاك ) ، بل على الإيمان بوحدة الكون وعظمة مخزوناته وعظمة القوة الروحية الجبارة التي تديره وتشد عناصره إلى بعضها البعض وتدعم تلك العناصر بما تريده من طاقاتٍ خلاقةٍ لا تعد ولا تحصى .


&&&&

حسناً …كيف يمكننا أن نستخدم هذا المبدأ ( مبدأ الإيمان بالإمكانات الكونية الخبيئة ) ؟
لكي تتمكن من نيل بعض جواهر تلك الكنوز الكونية العظيمة ، فإنك بحاجة إلى مفتاح الدخول إلى عالم تلك الكنوز ، وإذا كان المفتاح هو الإيمان بها ، فللأيمان تطبيقاته وتمارينه التي تمثل الدليل والبوصلة لاكتشاف تلك الكنوز ( سواءٍ كنوز الداخل أو كنوز الخارج والتي هي على اتصال مع هذا الداخل عبر شبكةٍ خفيةٍ تربط الأرواح ببعضها وبالمركز الرئيسي – الروح العليا الخالدة ) .
فأما التطبيقات المعتمدة ، فهي ليست تطبيقات عملية مادية ثقيلة مثل الأنشطة الرياضية ، بل هي ممارسات روحية ، قد تبدو للوهلة الأولى ثقيلة ، ولكن مع مرور الزمن تغدو غاية البساطة والخفة .
أولاً : مارس الصمت : أقتطع بعض الوقت من نهارك أو ليلك للخلود إلى الصمت المطبق . أوقف جهاز الراديو أو التلفاز ، توقف عن القراءة ، أفصل توصيلة التلفون ، حاول أن تكون وحيداً بالكامل ، وإن كان لديك آخرون فأبلغهم أن لا يقتربوا من غرفتك لمدة نصف ساعة أو ساعة …!
حسناً … ستعاني في البدء من استمرارية تدفق مفردات هذا الحوار الداخلي في عقلك ، تدفق الصور على شاشة الذهن … الخ ، وهذا شيء طبيعي لأن عقولنا مستمرة طوال الوقت في اجترار الذكريات والأقوال والمشاهدات والأحلام ومعطيات الحواس والخطط المستقبلية واستذكار الماضي … الخ .
وهذا كلّه غير مفيد على الإطلاق ، ولكننا تعودنا عليه بحكم كوننا مخلوقات اجتماعية تعيش بقناعٍ اجتماعي وتعطي للعقل والحواس زمام القيادة في إدارة شؤوننا الحياتية .
ولكن مع إصرارك على الصمت واستمرارك في ممارسته والامتناع عن التحدث والخلود إلى العزلة الشديدة ولو لنصف ساعة في اليوم الواحد ، سيؤدي مع التكرار إلى أن يخيم اليأس على المخ فيكف عن إنتاج منتجاته العقلية غير المفيدة ، وعندها تدخل في عالم الذات العليا ، ستشعر بالصفاء الروحي الخالص والقوة الصادقة الخالصة ، وستنفتح أمامك إمكانات جديدة وأفكار جديدة ، وحلول ذكية لإشكاليات حياتك وقد يكون بعضها ذو طابعٍ ابتكاري لم يعرف من قبل .
شريطة أن تكون مؤمناً بهذا المبدأ ( مبدأ الإمكانات الخفية ) ، وأن تكون مؤمناً بأن هذا الذي تقوم به ليس عبثاً بل هو إعادة اللحمة إلى العلاقة بينك وبين جوهرك الروحي ( ذاتك العليا ) .

ثانياً : مارس التأمل … أخلد إلى التأمل لمرةٍ أو مرتين في اليوم ، ولمدة نصف ساعة في المرة الواحدة ، والتأمل كما الصمت ، هما بعض أساليب الخروج من ضجيج الذات السفلى وقائدها الثرثار ( العقل ) ، والتأمل يمارس بما لا يعد ولا يحصى من الطرق والأساليب سواءٍ الحديثة أو تلك المعتمدة في الشرق منذ آلاف السنين .
ولن ننصح هنا بواحدة ، بل يمكنك العثور على ألفٍ في أي كتابٍ من كتب التأمل التي تعج بها الأسواق .
في الصمت كما في التأمل سيمكنك التعرف على ما لا يعد من الإمكانات الخبيئة وستنال صفاءٍ لا حدود له ، وستتعرف على غرابة وجمال هذه الخيوط الخفية التي توصل بين الأشياء وتنظم العلاقات السرية التي تربط عناصر الكون لكي تمنحك بالنتيجة تلك الومضات الإبداعية والفكرية والحلول لإشكاليات حياتك ، مما لم ينجح عقلك في اكتشافها بحكم ضجيجه المستمر ولأن قوانين المنطق العقلي غير قوانين الروح والوعي الأزلي الخالد .
في المبدأ الخامس من مبادئ الأيمان الروحي ( مبدأ النية والغرض ) والذي سنقرأه في حينه ، ستكتشف إنك يمكن أن تصل يوماً إلى حالة تكون مجرد الومضة الصغيرة لأي رغبة ، والتي تستنبتها في لحظة تأملٍ عميق ، قابلة للتحقق الفعلي إذا ما توفرت سلامة التطبيق واعتماد كامل مبادئ النجاح الروحي الأخرى .

ثالثاً : أعتمد السلوك المحايد :
من المعتاد من سلوكنا نحن البشر أننا دائمي النقد والاعتراض ، ودائماً نحكم على الأشياء سواء كانت تعنينا أو لا تعنينا ، نحكم عليها من باب أنها أما صحيحة أو خاطئة ، جيدة أو سيئة ، مخزية أو مشرّفة ، ضارة أو مفيدة ، وهكذا طوال الوقت ، في داخلنا أو بصوتٍ عالٍ ونحن في رفقة الآخرين .
عندما تكون طوال الوقت في حالة تقييم ، فإن عقلك هو المنشغل بهذا الاجترار الغير مفيد والغير ضروري ( إلا في أنه يلبي حاجات التواصل مع الناس ، حباً أو خوفاً ، أو بحكم العادة ) .
هذا الاجترار يؤدي إلى إضعاف التواصل مع الذات العليا التي تحب الهدوء والصمت والعزلة ، وبالتالي فإنك تفقد طاقات روحية وسيكولوجية عظيمة يمكن أن تأتيك من ذاتك العليا ( الروح ) أو من الكون الخارجي العظيم ( عبر قناة ذاتك العليا ) .
تدفق الطاقة الروحية الحية يأتينا عبر تلك الاستراحات القصيرة ما بين الفكرة والفكرة ، في تلك الفواصل التي تحصل بين فصول هذا الحوار العقلي الداخلي .
فإذا كنت دائماً في حالة ضجيج عقلي مع الآخرين أو مع ذاتك ، فأن الفواصل بين الفكرة والأخرى أو بين الجملة الحوارية والأخرى ستنكمش وبالتالي ستضيع على روحك وعلى الكون الخارجي أن يمدك بطاقات روحية وإضاءات تحمل بعض كنوزه المخبأة العظيمة .
فإذن أعتمد الحياد وقرر مع نفسك في هذا الصباح أو تلك الساعة من يومك أن تمتنع تماماً عن انتقاد أي شيء ، وتمتنع عن الالتفات لأي شيءٍ وتكف عن التحليل والتقييم وطرح الرأي ، سواء كان هذا التقييم أو ذاك الرأي سلبياً أو إيجابياً ، عادلاً أو ظالماً .
عليك أن تصرّ مع نفسك على أن تلتزم الحياة التام ، وكأن الأمر لا يعنيك ، وهو في الغالب لا يعنيننا ولكننا تعودنا على أن نثرثر ونحلل ونفكر طوال الوقت .
في كتابه الرائع ( A course in Miracles ) يذكر المؤلف إيحاءٍ ذاتياً كان يردده لنفسه كل يوم وهو ( اليوم سأكون محايداً ، لن أنتقد أحداً ولا شأن لي بما يحصل من خيرٍ أو شرّ ) .
الموقف المحايد يخلق سكينة في النفس وطمأنينة وهدوءٌ في العقل .
فما أجدرنا أن نبدأ يومنا بمثل هذا الشعار ولو لساعةٍ واحدة ، ثم نعود إلى سابق عهدنا من التحليل والتمحيص والنقد ، مع تكرار هذه الممارسة ، ومع تنعمك بنتائجها ، ستجد نفسك تفضل في غالب الأحيان أن تكون صبوراً مع معطيات الخارج ، فلا تتأثر بها ولا تستثار ولا تهدر نعم الطاقات التي تنهال عليك من الخارج كما والداخل بفضل خلودك إلى الحياد .
حسناً تلك هي التطبيقات الوحيدة التي نحتاجها لنرسخ إيماننا بالإمكانات العظيمة المخبأة لنا في الداخل كما وفي الخارج ، في كل سنتمتر من هذا الفضاء الكوني الرحب البديع .
وهكذا عبر هذا الثلاثي البديع ( التأمل والصمت والحياد ) ، يتيسر لك التواصل مع جوهرك الروحي ، وإذ يتعزز تواصلك مع روحك ، ستنال طمأنينة خالصة ورضا وثقة عالية بالنفس ، وبالتالي سيتحسن أداءك الاجتماعي ويتخلص من شوائب الخوف والطمع والضعة والتهافت على المكاسب الرخيصة ، إذ إنك قد غدوت بفضل التأمل والصمت أكثر حكمةٍ وستجد نفسك مشعاً بإشعاعاتٍ روحيةٍ جذابةٍ تشد الناس إليك وتظهرك بغاية الجمال والتوازن والانسجام .
وبالمناسبة ، فمع تكرار تلك الممارسات الثلاثية ولو بالتعاقب ، يمكنك أن تضيف لها ممارسة رابعة لا تقل أهميةٍ عن ذلك الثلاثي ، إلا وهي التوحد مع الطبيعة .
في الطبيعة يمكنك أن تتحسس هذا الانسجام العجيب بين العناصر والقوى الطبيعية ، وستدرك وأنت في أحوال السكون أو التأمل أو الحياد أنك جزء من هذا النسيج الكوني الجميل . التوحد مع الطبيعة والنظر إلى عناصرها بحب وشفافية والتمتع بالذكاء الكوني المنبث عبر كل عنصر من عناصر الطبيعة ، يمكن أن يكون مدخلاً رحباً لنيل حصتك من هذا الذكاء الكوني ويمكنك من التواصل عبر تلك العناصر الكونية ، مع الجواهر الكونية الروحية بكل مخزونها الهائل من الاحتمالات والإمكانات التي لا يستطيع العقل تصورها أو نيل ولو ذرّةٍ منها .
إن أعظم الكشوف العلمية والأدبية وتنبؤات الأنبياء وقدرات الروحانيين الخلاقة ، تحققت ولا زالت تحقق في كل لحظة في عالمنا الجميل المبهر هذا ، في ظل الصمت والسكون والحياد .
نذكر في هذا المقام ما قاله الفيلسوف والمبدع العظيم ، النمساوي فرانس كافكا :
" أنت لا تحتاج لمغادرة غرفتك . أبق جالساً إلى الطاولة وأستمع . لا … بل إنك لا تحتاج للاستماع حتى ، بل كل ما عليك فعله هو أن تنتظر ، بل ولا هذا حتى …. كل ما عليك فعله هو أن تصمت وتستكين وتترك العالم ليأتيك بحريةٍ ليسقط عند قدميك "
فقط عليك أن تتخلص من عادة اجترار هذا الحوار الداخلي الممل الضار ، وتركن إلى الصمت والاستماع إلى إيقاع الحياة ، وعندها سيأتيك الكون بأجمل ثماره ، لأنك أظهرت ولاءٍ لهذا الكون وشددت لحمتك إليه عبر التأمل والصمت والحياد والتلذذ بمرأى الطبيعة والتنعم بجمال انسجام عناصرها .


&&&&

خلاصة لكيفية تطبيق مفردات هذا المبدأ


1- : قل لنفسك ، سأتواصل مع الجوهر الروحي لذاتي ومع الجوهر الكوني عبر الصمت المطبق ، سأصمت الآن لمدة نصف ساعة
وسأستمر على ذلك كل صباح ، وأزيد من زمن صمتي بضع دقائق كل يوم . هذا مهمٌ جداً من أجل صفائي الروحي ومن أجل تعزيز إيماني بالوحدة الكونية وبأني لست وحيداً ولست منفصلاً ولست فقيراً لأن الكون كلّه معي وسيزداد اقترابا منّي وخدمةٍ لي مع اطراد إيماني به وتواصلي معه وانسجامي مع جوهره الكوني عبر تذوق حلاوة الإيمان بوحدته وثراءه وانسجامه .

2- : سأمارس التأمل… سأتعلم إحدى أساليبه البسيطة ، ولن أتعمق به دفعةٍ واحدة بل سأمارسه بفترات قصيرة ، وسأتقلب في وقتي بين الصمت والتأمل والحياة الاعتيادية ، بحيث لا تضطرب حياتي العملية أو العامة وبذات الآن أنال مكاسب الصمت والتأمل فأغني بها شخصيتي وعملي وعلاقاتي .

3- : سأحاول أن أتوحد مع الطبيعة لبرهةٍ قصيرةٍ كل يوم ، وبكل صمتٍ واحترام وبدون تعليق أو نقد أو تحليل ، سأمارس تأمل الطبيعة والتمعن في عظمة هذا الانسجام العجيب الجاري بسكون وصمت وانسيابية ، بين عناصرها المختلفة . سأتأمل الشمس أو القمر إبان بزوغه ، سأتأمل النهر الجاري أو حركة الحشائش إذ يهب عليها النسيم .

4- : سأتخذ بين الفينة والأخرى موقفاً محايداً ، وقبل أن أخرج من بيتي أو حتى قبل أن أنهض من سريري في الصباح سأحاول أن أوصي نفسي بأن أعتمد الحياد ولو لساعةٍ في يومي ، فلا أحلل ولا أنتقد ولا أتدخل ولا أسمح لنفسي أن أستثار من جراء انعكاسات الحواس أو من خلال نهيق العقل الذي لا يكف عن اجترار الماضي أو الحلم بالمستقبل .
بل أعتمد الحياد التام وكأن لا شيء في عقلي أو أحاسيسي ولست معنياً بأي شيء على الإطلاق ولو لساعة واحدة ، وحبذا لو أضفت دقائق إضافيةٍ كل يوم لتلك الساعة ، حتى يرسخ عندي سلوكٌ حكيمٌ يمكنني من أن أنسجم مع جوهري الروحي وعبره إلى الجوهر الكوني الأزلي الأوحد الخالد ، فأتمكن من أن أغرف من بحيرة كنوزه التي لا تحد ولا تعد .

هذه هي تفاصيل هذا المبدأ وممارساته التي عرفها ومارسها الحكماء في كل العصور ، فنعموا بالاحترام والحب والقوة الحقيقية والسعادة والصفاء الخالص .

ملحوظة : هذا الكتاب الصغير الجميل ، تسنى لنا ترجمته ، ولم يطبع لحد الآن وقد ارتأينا نشره كفصول في هذا الموقع الجميل .
المترجم



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهمات بناء الهوية الوطنية المقال الثالث
- مهمات بناء الهوية الوطنية - المقال الأول والثاني
- يا علاوي ...لا تدفع لهم ...بل هم من ينبغي أن يدفع ...!
- فهد ...مسيح العراق ...وآخر الرجال الحقيقيين
- التعليم الروحي في مدارس الدولة العراقية الوليدة - 2
- التعليم الروحي في مدارس الدولة العراقية الوليدة - المقالة ال ...
- عن الإيمان والإصلاح ومستقبل هذه الأمة
- الإرهاب والحرمان العاطفي والجنسي
- آراء في المناهج التعليمية في العراق الديموقراطي المنتظر
- حقوق الكرد العراقيين وتدخلات السيستاني الفظة....!
- الحفرة - قصة قصيرة
- وجيهة الحويدر ... بصيصُ نورٍ من داخل الكهف ...!
- الذي لم أأتلف معه
- قراءة في حدثٍ إسلامي مجزرة الطائف وحنينْ وما تبعهما إلى يوم ...
- مجزرة الطائف وحنين وما تبعهما إلى يوم الدين ....! المقالة ال ...
- كيف تقرأ النصّ بشكلٍ سليم ...قراءة في مقال السيد شاكر النابل ...
- أجندتي وأجنداتى الآخرين ...ردّ على الأستاذ حمدي هرملاني ...!
- عيد ميلاد صاحبي ...الخمسيني ...!
- بعض فضائل الإسلام على أهله ...قيم العبيد ...!
- بلا ... لقد فشلت الأغلبية الشيعية في أختبار التصدي لمهمة قيا ...


المزيد.....




- الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر ...
- لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع ...
- -حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم ...
- هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
- فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون ...
- ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن ...
- محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كامل السعدون - الإيمان بالطاقات الكامنة ...الخفية !