|
فلسطين الكارثة تنتظر البطولة
طلال الشريف
الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 22:11
المحور:
القضية الفلسطينية
أين البطولة ومتى الخلاص؟ .. تصدح في أذني منذ زمن كلمات هي أكبر منا سناً، كرسها اليهود في أعماقهم كلما مرت الذكرى، وبالنتيجة، كنا، ولازلنا، نحن الفلسطينيون تلسعنا باستمرار تلك الكلمات، بلا نكران جذري " للكارثة"، ولكن ما يؤذينا، ولا نحب سماعها هي " البطولة" اليهودية التي جاءت في المحصلة على حسابنا دون أدنى شك في براءتنا من كارثتهم على الإطلاق.
ما أردته هنا هي " الكارثة والبطولة" التي نجح اليهود الإسرائيليون، وغير الإسرائيليين منهم في تتويجها على تاريخهم ونجاحاتهم بهذه الفخرية المتمثلة في هاتين الكلمتين "الكارثة والبطولة". فالكلمة الأولي هي بمثابة كمين دائم لبني البشر لابتزازهم وشلع أذن من يحاول الاقتراب منها، أو، التصوير من زاوية مختلفة عما صوره اليهود وأنصارهم، والكلمة الثانية تعني النهوض من الكبوة التي أحلت بهم، فكانت البطولة اليهودية التي نعم تحمل مضمون البطولة بعد الكارثة لولا أنها شكلت المذبح الذي نحر عليه شعب فلسطين ولازالت دماؤه تسيل حتى اللحظة.
والى الميامين من الأبطال والطلائع والمُخَلِصون نُذَكِر بهذه الفخرية اليهودية فيما هو ليس من العيب أن نتعلم ونعيد ونكرر التاريخ والحِكَم والشعارات والأمثال والتجارب واستخلاص العبر من التاريخ حتى لو كانت من الخصوم.
هل نحن الشعب الفلسطيني نمر في كارثة؟ أقول نعم، وكل المعطيات تقول كذلك.
وهل نحن في حاجة إلي بطولة؟ أقول أيضاً نعم، وكل الحيثيات تقول كذلك.
لا أريد استعراض النكبات والنكسات والوكسات فلا داعي لاجترارها ولكنها لم تطح كلها رغم قسوتها بقضيتنا، ولم تمزق نسيج مجتمعنا كما فعل ما أسميناه انقلاباً في بدايته ليكبر فيصبح انقساماً نتشدق بلفظه تخفيفا أو تجميلاً أو هروباً من وعينا الحقيقي الذي بات يرزح تحت نير "الكارثة" التي تتبلور وتتجمع حلقاتها أمام الناظرين في حالة من الوعي المزيف بالشعارات والكلمات من كل فلسطيني غير مدرك لحجم الكارثة فيخرج من يخرج علينا بخطبة عصماء يغذيها بما لديه من إثباتات وقرائن لسنا أصلا في حاجة إليها لنضيع ثلاث سنوات من تاريخ شعبنا في رحلة غريبة عليه وعلى طرائق نضاله لندرك الغث من السمين ويخرج من يخرج علينا بخطبة يستهزئ بنا فيعطينا جرعة مخدر أخرى من المخدرات التي جربها من قبله الكثيرون الأكثر ذكاء في الضحك على ذقوننا ولا يدري أن كل مخدرات الأرض لم تعد تسكر أو تخدر شعبنا بعدما رأي بأم عينيه فشل الجميع في الفهلوة ليصبحوا مثل تجار الشعارات المفلسين الذين خسروا كل ما لديهم مجد فأخذوا يصنعون لأنفسهم شعارات تخديرية يتجرعها كل منهم هو وعصابته على قارعة الطريق في رحلة الحج المزيفة إلي قدسنا ودولتنا المستقلة والتي لا نتمنى أن نكتشف بأنها نوعا من مخدر جديد لم ندرك كنهه بعد، وتضيع ثلاث سنوات أو تزيد في الهواء في مرحلة خطيرة تمر بقضيتنا.
من لم يفق من نومه من شعبنا، ومن لم يستعد وعيه من المخدرات الشعاراتية فليتناول كأساً من الماء ويرشقه على وجهه كي يفيق. نعم الكارثة تتموضع في وعينا حقيقة ولا مجيب.
في حماس لا يريدون خسارة ما كسبوا في مراحل الكارثة التي حلت علينا، وهي تخسر كل يوم،، وهي لا تدري أن الخسارة هي من قضيتنا وليس فقط من صورتها ونموذجها ولازالت تعاند الواقع ولا تملك حلا لشعب بات الحصار يغير من سيكولوجيته وسلوكه وحتى انتمائه.
وفتح تريد استعادة وتعويض الخسائر التي فقدتها أثناء تكون الكارثة، فتتوهم باستعادة مملكتها على حساب قضيتنا أيضاً، وكل عصابات الوطن الثوري والجهادي يحاولون الكسب أو التمترس حول انجازات لم تعد تغري ولا تشبع من جوع، والمحصلة ما نحن فيه من مآسي هؤلاء جميعاً وبتفاوت النسب في تسبب الكارثة، ولاحظوا أن الإسرائيليين في نعيم ما بعده نعيم .
نعم قادة العمل الوطني والجهادي وما بينهما من وسطاء فلسطينيين ، ممن في ثقافتهم جذور التجربة الفاشلة، سيحذون حذوهم لو حكموا لأنهم غير قادرين على قول الحق وبذلك سيعيدون نفس التجربة الفاشلة للأحزاب المتناحرة فكأنك بكلهم يا أبو زيد ما غزيت. وعليه :
أين فلسطين ؟ أين القدس ؟ أين المقاومة ؟ أين المفاوضات ؟ أين الخريجين ؟ أين الوظائف ؟ أين الصحة ؟ أين التعليم ؟ أين الاقتصاد ؟ أين الشرعيات ؟ أين الانتخابات ؟ أين المساعدات ؟ أين الزراعة ؟ أين الأسعار ؟ أين الاحتكار ؟ أين المحاسبة ؟ أين الشفافية ؟ أين الحياة ؟
وأين؟ وأين؟ وأين ... ولا نريد ذكر ما نخجل منه من مظاهر التفكك الاجتماعي.
فتح لازالت بنفس عقلية الماضي التي أطاحت بها في غزة، ولا زالت تلملم فلتات فسادها وتشظيها وعدم قدرتها على استعادة غزة ومن قبل عدم حمايتها ، وحماس تريد مكاسب من غطرسة القوة التي استخدمتها لفرض الأمر الواقع وتحتفظ بمكاسبها الحزبية والشخصية، وفصائل المخترة، ووضع الأقدام حسب المصلحة تراوح في المكان ولا تعمل حماس لها حساب لكانت استجابت لها، وفتح تستقوي بتلك الأحزاب ولا زالت تحاول منع المتمرد منهم من الخروج عن الاحتواء.
ووسطاء ومستقلون وكتاب ومثقفون يحاولون المهادنة بطريقة الراغب في تكبير صورته لمرحلة قادمة كي يسير بنفس الطريق الفاشل الذي سارت به الأحزاب الفاشلة الأخرى ولم يستطع أحد منهم تقديم نموذج المخلص لشعبنا، وكأنه قدر على الجميع بان يسير في نفس الطريق الفاشلة دون إبداع، وإخلاص، وقدرة، لقيادة شعبنا إلي طريق الخلاص من الكارثة، والنهوض من جديد للتصدي لمحاولة مسحنا عن الخارطة، ليصبح الجميع دقة أبو حسين.
حتى من زود العز أن انتفاضتين كبريين وشهداء وأسرى ودمار ومعاناة وانقسامات وسرقات وجرائم وفساد ومحطات كبرى مر بها هذا الشعب المغلوب على أمره لم تنتج منا كاتبا أو مفكرا أو حتى شاعرا متميزاً يحمل فكراً نهضوياً ليقود شعبنا ويريه الطريق.
والشعب يتضور حنينا إلي وحدته وحريته وجمع شمله متمنيا عودة ولولوضع أقل سوء مما هو فيه.
كنا سابقاً نقول إن كل دقيقة تمر دون مصالحة يموت بها ناس ويتعذب ناس وتتدهور أحوال ناس ويزداد القهر من الناس على حالهم وضياعهم، ولكن لم يستمع أحد لمعاناة الشعب من قادتنا المفلسين الفاشلين جميعهم، ولم يحترموا شعبنا بل خذلوه وتكبروا عليه بصلفهم وقوة عصاباتهم وسلاحهم فصادروا حقه في الاختيار وتجاوزوا التواريخ والاستحقاقات وكرسوا مقولات الإسرائيليين بأن لا تواريخ مقدسة.
والآن لمن لا يرى في العمق ولم يدرك الحال وبعد تموضع الكارثة حقيقة على الأرض وفي الوعي حان دور الخلاص ممن لم يرحم شعبهم وهو يستجديهم في رحلة غيهم وطناشهم وكأننا قطيع من الحيوانات يعلفونها متى أرادوا.
الآن نتعلم الدرس من كارثة الخصوم ونقولها بالفم الملآن من يخلصنا من هؤلاء جميعاً؟ من يخرجنا من غيابة الجب فيعيد إلينا حياتنا وقوتنا بعد أن أضعفتنا الكارثة وهم ينظرون حولهم كل يغني على ليلاه.
على مثقفينا أن يقولوا رؤيتهم ليقودوا سياسيا بطلاً ينتصر لقضيته ولحق شعبه الذي أضعفوه فلا تنتظروا من هؤلاء نهوضاً فهم غرقى في ذاتيتهم وحزبيتهم التي لم تتقدم بشعبنا خطوة إلي الأمام ويا ليتنا بقينا على حالنا، بل تراجعنا وتشرذمنا وتمزقنا بفضل هؤلاء القادة والأحزاب.
فهل من خلاص؟ وهل من مخلص لشعبنا وقضيتنا؟
#طلال_الشريف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عصابات أم أحزاب في بلدنا ؟ !!
-
لا تعرفون المصالحة مع وطن !!
-
غزة لا تحب الحرب
-
عندما يضيق الناس بظلمهم ... يزف الرحيل
-
جيل بلبع
-
من هؤلاء يا ترى ؟؟ !!
-
الوحدة بأي ثمن لفلسطين
-
رحلة عابرة لمدافن السائرين
-
وقفات تحريضية
-
كانت تراقص القلب والذاكرة
-
أين أيديولوجيتي وهويتي؟ من أنا؟ ما العمل؟
-
شجون الأيديولوجيا والهوية
-
إنحني إنها النساء
-
سيبقى القوس مفتوحا
-
الثوار الخونة ... الحلم بغد مشرق لن يتوقف !!
-
تحية لفتح ونصيحة الي حماس في فلسطين
-
لا تصمت فالصمت خواء
-
موحد الفردتين 42 ، 43
-
قصة قصيرة: نيو يا حاج نيو
-
أبو مازن وصحبه هم الامتداد الحقيقي لياسر عرفات
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|