|
اللاجئون الفلسطينيون بالبرازيل صمود وتحديات
جادالله صفا
الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 21:09
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
انتهت الفترة الزمنية وهي فترة السنتين التي حددتها المفوضية السامية للاجئين، لاعادة توطين اللاجئين على الاراضي البرازيلية، وكانت قد اعلمت مؤسسات كاريتاس وانطونيو اوليفيرا اللاجئين بانتهاء مهمتهما التي كلفوا بها لمتابعة شؤونهم، كما اوقفت المفوضية المساعدات الشهرية واجرة البيوت وغيرها من المساعدات التي كان يتلقاها اللاجئين، الا بعض الحالات الخاصة كالمرضى وكبار السن التي ما زالت تستلم بعض المساعدات، كتبنا الكثير عن اللاجئين ومعاناتهم منذ اليوم الاول لوصولهم البرازيل، وكتبنا عن الاهمال المستمر والمتواصل من قبل كافة الاطراف سواء كانت فلسطينية، او من قبل الحكومة البرازيلية، او من قبل المفوضية ومؤسساتها المحلية، ومن خلال هذا المقال لا بد من اعادة طرح المسألة من جديد، وتسليط الضوء على هذه القضية.
اللاجئين بالواقع هم انقسموا بمعانتهم الى قسمين، قسم يعاني من اجل الخروج من البرازيل الى دول اوروبية او الى كندا، وهذه المجموعة ما زالت ببرازيليا، تواصل اضرابها ورفضها لكل الحلول الا حل الخروج من البرازيل، بغض النظر عن الجدل الذي يدور بوسط الجالية الفلسطينية، الا ان هذه المجموعة ترغب بمغادرة البرازيل، فلا الحكومة البرازيلية تعطي اي اهتمام لهذا المطلب ولا المفوضية السامية، وما زالت هذه المجموعة تعيش على المساعدات التي يكرم بها بعض ابناء الجالية العربية والفلسطينية ببرازيليا، بعد ان قامت المفوضية بقطع وايقاف المساعدات عن العديد منهم.
الجزء الاخر من اللاجئين الفلسطينين الذي اراد ان يبقى ويقيم ويتاقلم بالمجتمع البرازيلي، عانى خلال فترة السنتين الماضيتين من الاهمال وعدم الاهتمام من قبل المؤسسات الفلسطينية والحكومة البرازيلية المضيفة والمفوضية السامية ومؤسساتها، وحتى لا نقوم من خلال مقالنا هذا تكرار ما سبق، اود تسليط الضوء على التاخير الحاصل لتجديد الاوراق الثبوتية التي هي اساسية للاجئين الفلسطينين بالبرازيل، حيث بدونها لا يمكن ان يمارسوا اي عمل او يكونوا قادرين على التنقل، فالاخطاء المتكررة والمستمرة بكتابة الاسماء من قبل المفوضية وادارة شؤون اللاجئين بوزارة العدل البرازيلية ومؤسسة كاريتاس، تشكل عائقا اساسيا امام تجديد الاوراق الثبوتية للعديد منهم، يقول وليد التميمي الذي يرغب بفتح مقهى نت مع كافتيريا، "أن التاخير بتجديد اوراقه الثبوتية تشكل عائقا امام تسجيل الكافتيريا ومقهى النت ليتمكن من ممارسة عمله ويحمل المسؤولية للمفوضية بهذا التاخير"، اما حسام اللوح الذي هو بحاجة الى قرض بنكي، يقول "ونتيجة التكرار باخطاء كتابة الاسم فانني غير قادر للحصول على هذا القرض لمواصلة عملي" ويؤكد اللاجئين على ان الاتهامات تكون جاهزة اذا قاموا بخطوات احتجاجية على سوء الادارة والاهمال، فالمنظمات الغير حكومية كاكاريتاس التي كانت مسؤولة عن متابعة امورهم اغلقت مكاتبها بالمدينة، واليوم توجد موظفة مرتبطة مباشرة مع المفوضية ببرازيليا، والسؤال الذي يبقى عالقا هو: هل من المعقول تصحيح اسماء وتجديد اوراق ثبوتية تأخذ اربعة اشهر؟ وهذا يقود الى الاستنتاج التالي: وهو غياب التنسيق بين المفوضية ودائرة شؤون اللاجئين البرازيلية بكتابة الاسماء، ومن غير المنطقي ان تاتي الاوراق من المفوضية بعد استلامها الورقة من دائرة شؤون اللاجئين البرازيلية وارسالها الى اللاجئين باخطاء، فهل الموظف لا يقرأ ما يسلمه للاجئين ولا يدقق بالاوراق قبل تسليمها؟
اللاجئين الفلسطينين رغم كل ما مروا به من معاناة واهمال، الا انهم ابوا الا ان يتحدوا الواقع، ويشقوا الطريق باتجاه المستقبل المشرق، رغم كل الصعوبات والعقبات والتحديات، فبعض ابناء الجالية الفلسطينية واخص بالذكر الجمعية العربية الفلسطينية بمدينة برازيليا، قدمت مشروع عمل لعائلة لاجئة، تمكنت هذه العائلة من تحسين وضعها المالي، ونفس الجمعية قامت بتغطية مصاريف جزئية للاجئين المضربين ببرازيليا كمصاريف اقامة وغيرها، اما الجالية الفلسطينية بمدينة ساوبولو التي لم تتأخر بالوقوف الى جانب اللاجئين حيث قدم بعض ابناء الجالية ماكنات خياطة، استفادت منها احدى العائلات اللاجئة، فالملفت للنظر ان المساعدة الفلسطينية من ابناء الجالية الفلسطينية ومؤسساتهم، لم تكن بمستوى طموحات اللاجئين وبمستوى تحديات المسؤولية، وهذا يعود الى غياب دور المؤسسة الفلسطينية من القيام بواجبها، اما المؤسسات الاسلامية والعديد من ابناء الجالية العربية، فقد وفروا فرص عمل للعديد من اللاجئين، فمنهم من يعمل بمسالخ الدجاج، واخرين كعمال عند بعض ابناء الجالية اللبنانية برواتب مقبولة، وتقوم الان بعض الشركات العراقية والايرانية بتوفير فرص عمل للقادرين من اللاجئين بمسالخ البقر برواتب تصل الى 1500 دولارا شهريا، لم يخصم منها المأكل والمنام حيث توفره لهم ذلك الشركة المعنية، ويعتبر اللاجئين هذه فرصة جيدة ليتمكنوا من اجتياز العقبات المالية التي بدأوا يواجوهها، وما زال العديد من اللاجئين الذين سيتحملوا مصاريف غير قادرين على توفيرها، فيقول التميمي: "اعمل انا وزوجتي باجرة شهرية لا تتجاوز الالف ومائتين ريالا، ونحن عائلة من اربعة افراد، والمفوضية حددت لنا مصاريفنا الشهرية بالف وثمانمائة ريالا مع اجرة البيت، والان بعد انتهاء فترة السنتين وايقاف المساعدات من اين سنقوم بتوفير المبلغ الاخر وهو 600 ريالا؟ فاذا لم تتوفر لنا فرصة عمل افضل سنكون امام مشكلة حقيقية"، فعندما تقدم التميمي من خلال الموظفة المعنية بمتابعة شؤون اللاجئين مقدما جزءا من تكاليف مشروعه، لتساعد المفوضية بتغطية تكاليف هذا الجزء من الاحتياجات لمشروعه الذي يفكر باقامته، جاء الرفض من المفوضية مباشرة خلال دقائق، وذلك بعد حديث الموظفة من خلال الهاتف مع المسؤولين بالمفوضية على برازيليا، اثناء تواجدها معه.
على اللاجئين ان يتدبروا امورهم الان، ان يستخلصوا الدروس والعبر من المرحلة السابقة بكل ايجابياتها وسلبياتها، رغم كل المعاناة والالم، فما زال المستقبل امامهم، وما زال المستقبل يبشرهم بحياة افضل، فالبرازيل دولة اقتصادية قوية، وتعتبر القوة الاقتصادية الخامسة بالعالم بعد الولايات المتحدة والصين والهند واليابان، والمجتمع البرازيلي رغم الفروقات الشاسعة بينه والمجتمع العربي الاسلامي، الا ان المجتمع البرازيلي يوجد بداخله من يتعاطف مع اللاجئين وقضاياهم ويعمل على تخفيف المعاناة عنهم، وهذا ما يحصل معهم بموجي داس كروزيس، حيث المتطوعين البرازيليين يقدمون للعديد منهم كافة انواع المساعدة والدعم من خلال مرافقة العديد من اللاجئين الى المؤسسات الحكومية والصحية وغيرها التي يحتاجوا لها.
ما هو مصير قضية اللاجئين الفلسطينين؟ هل هذه العينة التي نقلوها من العراق الى البرازيل ودولا اخرى بالعالم هي مقدمة لانهاء وتصفية حق العودة؟ هل هي خطوة باتجاه نقل اعدادا اخرى مستقبلا الى الدول الغربية؟ كيف سيتم طرح موضوع العودة واللاجئين والتعامل مع هذه القضية؟ مؤسسات فلسطينية من يمين ويسار من مثقف وجاهل تناسوا او عملوا على طمس ورقة من اوراق القوة التي كان من الممكن ان يطرحوها وبقوة بوسط كافة القوى المناصرة والمؤيدة للحق الفلسطيني، فما زال امام كل من يحرص على قضية فلسطين واستمرارها ان يتفاعل مع قضية اللاجئين وطرحها وبقوة بكل المحافل، والغريب ايضا ان القوى البرازيلية بكل اشكالها والوانها لم تتفاعل مع هذه القضية التي هي عماد القضية الفلسطينية، ويعود الامر بذلك الى غياب الصوت والمحرك الفلسطيني، فالقضية الفلسطينية بالتاكيد لن تموت ولن تتراجع ولكن من سيزول اولئك الذين عن قصد او بدون قصد تناسوا التعامل والتفاعل من اجل تحريك هذه القضية وسياتي بكل تاكيد من يحمل الامانة ويسير بها الى الامام رافعا راية النضال من اجل حق العودة.
جادالله صفا – البرازيل 16/02/2010
#جادالله_صفا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اين المفاجأة بما بثته القناة العاشرة الصهيونية؟
-
الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية بالبرازيل... الازمة والتحد
...
-
التجمعات الفلسطينية بالشتات... كيف يعاد تنظيمها؟
-
الانقسام الفلسطيني بين الزوال والاستمرار
-
هل يجروء الرئيس الفلسطيني على الرحيل؟
-
مقابلة مع الامين العام للحزب الشيوعي البرازيلي ايفان بينيرو
-
هل قرارات المجلس المركزي كانت بمستوى التحديات؟
-
المنطقة العربية امام خياران لا ثالث لهما اما التفتيت او الوح
...
-
هكذا تقف الجبهة الشعبية شامخة قوية وصلبة
-
هل مصطلح المغتربين مؤامرة على حق العودة؟
-
اذا صفد ليست فلسطينية فابو مازن ليس رئيسنا
-
المؤسسات الفلسطينية بالبرازيل...غياب التنظيم وغياب الحوار
-
اي دور للبرازيل بالصراع العربي الصهيوني؟
-
الفعل الشعبي الفلسطيني وغياب الاداة القيادية
-
ما المطلوب تغييره التكتيك ام النهج؟
-
موقف الرئيس موقف جريء ... هل سيتبعه بخطوات اخرى جريئة؟
-
بذكرى وعد بلفور ابشري يا فلسطين بالتحرير وابشروا ايها اللاجئ
...
-
شئتم ام ابيتم فأنا رئيسكم
-
مطلوب خطوات عملية مع اللاجئين الفلسطينين بالبرازيل
-
المصالحة الفلسطينية... ليست حلا وانما استمرارا للازمة
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|