أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي سعد - عن الوطنية والمقاومة والإسلام السياسي














المزيد.....

عن الوطنية والمقاومة والإسلام السياسي


مهدي سعد

الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 17:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعتبر مفهوم الوطنية واحدًا من المفاهيم الملتبسة في الفكر السياسي العربي ومن الصعب الوصول إلى تعريف متفق عليه لهذه العبارة. ولست هنا في مجال الخوض في البحث عن ماهية الوطنية وخصائصها، لكني بصدد نقاش الادعاء القائل بأن مفهوم الوطنية يقتصر على العداء للسياسات الأمريكية والإسرائيلية تجاه المنطقة العربية دون الأخذ بالاعتبار الدافع الفكري والأيديولوجي الذي يقف وراء هذا العداء. وفقًا للتصور المذكور يصار إلى اعتبار كل من يمارس العمل المقاوم ضد أمريكا وإسرائيل "وطني" وكل من يقف ضد المقاومة غير وطني وحتى "خائن" و"عميل".

أعتقد أن اختزال الوطنية في هذا الحيز الضيق يشكل إساءة كبيرة لها، إذ لا يجوز بناء هوية وطنية على أسس ضدية مهما كانت مشروعة، فالهوية تنبع من المزايا التي تتمتع بها مجموعة معينة ولا تتبلور على مقدار العداء لمجموعة أخرى أيًا كانت. من ثم ليس كل من يقاوم أمريكا وإسرائيل ويحمل السلاح في وجهما هو بالضرورة وطني، فالعديد من حركات المقاومة هي حركات غير وطنية ومشروعها مناقض كليًا لمشروع التحرر الوطني الذي هو المعيار الأبرز لقياس وطنية أو عدم وطنية حركات المقاومة.

الوطنية في مفهومي هي الهوية الجامعة لكافة المواطنين الذين يقطنون في كنف كيان سياسي معين هو في عصرنا الدولة الوطنية. تبعًا لهذا المفهوم فإن الوطني هو من يعتبر جميع سكان دولته مواطنين متساوين من حيث الحقوق والواجبات ولا يميز بينهم على أساس طائفي وقبلي. فممارستك لفعل المقاومة لا تحولك أوتوماتيكيًا إلى إنسان وطني ما دمت تنتهج سلوكًا طائفيًا في تعاملك مع أبناء مجتمعك وشعبك. إن ما يجعل منك إنسانًا وطنيًا هو تعاليك عن غرائزك الطائفية والقبلية في وقت المحن وعدم انجرارك وراء الفتن والاحتراب الداخلي بين أبناء الوطن الواحد.

وما دمنا نتحدث عن المقاومة فلا بد من التطرق إلى الحركات الإسلامية الأصولية التي تتبجح بعدائها لأمريكا وإسرائيل وتعتبر نفسها نموذجًا في الوطنية والكرامة وتصنف مناوئيها في خانة "عملاء واشنطن وتل أبيب". في اعتقادي إن هذه الحركات هي آخر من يحق لها الحديث عن الوطنية لأنها تقوم على أسس دينية وطائفية متخلفة تشكل نقيضًا صارخًا للمثل والقيم التي ترتكز عليها الفكرة الوطنية الحقيقية. أضف إلى ذلك أن الهدف النهائي لتلك القوى هو إنشاء أنظمة حكم تطبق الشريعة الإسلامية وتفرض نمط حياة يتلاءم مع فكرها الأصولي، وهذا يعني القضاء على جميع رموز الدولة الوطنية المتعارف عليها.

ومن الأدلة الدامغة لعدم وطنية حركات الإسلام السياسي استخدامها السلاح ضد أبناء شعبها واستعمال العنف بحقهم باسم المقاومة ومن أجل فرض رأيها بالقوة، الأمر الذي يكشف نواياها المبيتة ويظهرها على حقيقتها ويفضح أفكارها الرجعية التي تخبئها خلف العباءة الوطنية الخادعة، وتجربة حزب الله وحماس خير مثال على ذلك. وفي السياق ذاته لا بد من التأكيد على أن التنظيمات الأصولية التي أشرنا إليها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالنظام الإيراني الذي يعمل على تفخيخ المنطقة العربية وزرع الفتن فيها، وغالبًا ما تكون تلك الحركات هي الأداة التي تنفذ هذه المخططات التفتيتية.

بناءً على ما تقدم يجب علينا الشروع بإعادة تعريف المفاهيم من جديد لكي نعطيها معانيها الحقيقية التي وجدت من أجلها. لا يعقل أن نبقى نطلق الشعارات جزافًا بدون أن نعرف كنهها، ومن غير الجائز المراوحة في حالة اختلاط المفاهيم القائمة حاليًا. ليس صحيحًا أن نطلق على الإسلامي صفة "وطني" وأن ننعت العَلماني بعبارة "كافر". وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على أن جزءًا كبيرًا من أزمة الثقافة العربية هي أزمة مفاهيم، فكثيرًا ما نستعمل المصطلحات في غير مكانها ونسمي الأمور بغير مسمياتها. الخطوة الأولى للخروج من هذه المعضلة هي انكباب اللغويين على فتح ورشة عمل يصدر عنها قاموس سياسي وثقافي يحتوي على تعريف صحيح للمفاهيم المتداولة على ألسنتنا وفي كتاباتنا.



#مهدي_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنجعل من احتفالات المئوية تظاهرة ثقافية مميزة
- لا بد من إرساء معادلة شفاعمرية جديدة
- الخلاف حول العطلة الأسبوعية هو نتاج لواقع طائفي مرير!
- حينما يتحول العنف إلى سلوك مبرر!!
- نحو تنشيط الحراك الثقافي الشفاعمري
- حول العلاقات المسيحية- الدرزية
- عن المسألة الطائفية مرة أخرى!
- في نقد اليسار الدرزي!
- نبني يسارًا جديدًا مع الجبهة
- الليبرمانية تشكل خطرًا على الديمقراطية الإسرائيلية!
- حمد عمار وخيانة الذات!
- ثقافة الحذاء!!
- نحو نهضة شفاعمرية حقيقية
- قائمة - دروز شفاعمرو- تستغل الدين لأهدافها السياسية !!
- الوحدة من أجل حشر قائمة -المستقبل- في الزاوية!
- لا مكان للمشاريع الأصولية الإسلامية في شفاعمرو!
- قائمة -مستقبلية- بمفعول رجعي !!
- ماذا بعد -إسقاط عرسان- ؟!
- الإسلام الأصولي والتدين الغوغائي!!
- عن -الديمقراطية الشعبوية-!


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي سعد - عن الوطنية والمقاومة والإسلام السياسي