جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 11:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحيادية هي ليست عدم الاكتراث و اللامبالاة و التجاهل و انما عدم التحييز لطرف و السؤال هو: لماذا لا يستطيع انسان متعلم ومثقف ان يخرج و لو لفترة قصيرة من سجن التبعية لدين او لنظام او لفكرة سياسية ايدولوجية او لقوم و يسلك سلوكا حياديا يتمكن بواسطته ان يبعد نظره و يختلط مع جميع الالوان و الاطياف و الاديان و يتخلص بذلك من قيود الولاء و الانتماء؟ الانتماء الديني و الحزبي و الوطني و القومي يضيق دائرة حرية الانسان و يجعله متحيزا اعمى لا يستطييع ان يرى ما هو جميل خارج دينه و حزبه و قومه و بلده. كيف يستطيع الانسان ان يتمتع بصفاوة و نقاوة التفكير والشعور و هو مكبل بقيود العضوية؟ كيف ينادي الانسان بنبذ الطائفية و هو منتمي الى دين وحزب و يفتخر بقوميته؟
الانسان بطبيعته مصلحي و اجتماعي في كفاحه مع الطبيعة و البقاء يميل اسوة ببعض الحيوانات الى العيش في مجموعات تعطي له هوية و لغة و دين و حزب.. .ولكن ألا تصبح الاديان و الاحزاب واللغات و الثقافات تدريجيا موديلات قديمة يجب تعويضها باخرى عصرية و نحن في عام 2010؟ . الانسان العصري و في زمن العولمة قادر ان يتخلص من هوية الدين و الحزب و الوطن بل و حتى الانتماء القومي و العائلي . ازدادت العلاقات البشرية و التزواج بمختلف معانيها عبر الاديان و الثقافات و القوميات بفضل الانترنيت والعولمة.
الحيادية هي الموضوعية و لكن الموضوعية تختلف لانهاهي اتخاذ قرار و اختيار. نحن نتوقع الموضوعية من الصحافة في حين ان الحيادية ليست اضطرارية او قسرية اي انها لا تأخذ قرار و لاتتحييز لطرف فهي اذن جبانة و مصلحية سلبية تحاول ارضاء الجميع دون اتخاذ موقف. وفقا للشاعر الايطالي 1265- 1321 Dante (اظلم مكان في الجهنم هو للحياديين). ولكنه الظاهر الانسان يبقى مكبلا بهوية المصلحة الاقتصادية و الانانية وغيرها و الا ماذا يبرر وجود القانون و المحكمة والمحامي و الشرطي و الجندي لخصم نزاعات المصالح في المجتمع البشري. الدول غير المنحازة لم و لن تكن حيادية و لا دقيقة واحدة لانها تغيير اصدقاءها حسب مصالحها اسوة بالدول العظمى. الحيادية هي مكبل و محرك في آن واحد للتطور البشري لانها تجمع التاقضات في داخلها. هي لعبة على جميع الحبال والاحبل و الحبول. فأين المفر اذن؟
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟