أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد خضر قرش - المسكونون في الماضي ....بائسون وعاجزون















المزيد.....

المسكونون في الماضي ....بائسون وعاجزون


محمد خضر قرش

الحوار المتمدن-العدد: 2918 - 2010 / 2 / 15 - 13:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يكاد يندر ان تشاهد أو تقرأ أو تستمع لأيِ خطاب سياسي أو ديني أو ثقافي أو حتى اقتصادي عربي أو إسلامي ، سواء كان كخطاب دينيَ في المساجد أو كلمة في القاعات المغلقة أو ورش العمل أو المؤتمرات أو الندوات أو محاضرة في مدرجات الجامعة أو مقابلة عبر شاشات التلفاز، دون أن يغوص صاحبه/ صاحبها في الماضي التليد وذكرياته وأحداثه وأمجاده . ولأن الماضي البعيد جدا كان يعج بالأحداث والتطورات والمعارك ومعظمها كان لصالح العرب والمسلمين ،حيث كانت السيوف والرماح والنبال والخيول وكتلة الجسم هي ألأسلحة الحاسمة في ذلك الوقت، فإن استمرار اجترارها من شأنه إعطاء الهيبة للمتحدث عن حجم المعلومات التاريخية التي يختزنها في ذاكرته . كما أنها تساهم في إراحة نفسية المستمع أو المشاهد أو المتابع للخطاب وتزيل عنه مؤقتا وجع وهموم الحاضر المؤلم والمهين الذي يعيش به .ويمكن تشبيه الخطاب بالمسكنات أو إبرِ التخدير – البنج- والتي ينتهي مفعولها عادة مع خروجه من قاعة العملية ومشاهدته سيارة عسكرية للاحتلال يقودها جندي واحد لا يزيد عمره عن عشرين عاما، يقف على مفترق طرق أو بطريق فرعي في مدينة رام الله،مثلا، لتفتيش المارة ، بغض النظر عن أطوالهم وضخامة أجسامهم وعضلاتهم ومراكزهم ومناصبهم. وتزداد أهمية الخطاب الملقى ، فيما إذا كانت ألأحداث المسرودة فيه تتضمن معلومات دينية من زمن الخلفاء الراشدين والصحابة والقادة التاريخيين إبان الحكمين ألأموي والعباسي وبعض قادتهما كالمعتصم ، الذي استجاب لصرخات امرأة مسلمة حاول بعض أفراد الروم اغتصابها فجيًشَ الجيوش من أجلها وانتصر لها، وصلاح الدين ألأيوبي الذي حرر بيت المقدس، وغيرهما من القادة الذين سبقوهما وحققوا ألانتصارات وبلغوا نهر السند في الهند في أقصى الشرق وأواسط أوروبا في الشمال دون أن ينسوا إسبانيا – ألأندلس-. ومع التقدير الشديد لما قام به وفعلوه القادة ألأوائل من العرب والمسلمين، إلا أن اجترار ألأحداث والوقوف عندها كرس حالة من أللامبالاة والبلادة والكسل والخمول والفشل وتبرئة النفس من الفعل أيضا وألإكتفاء بالتغني بأمجاد ما فعله ألأوائل فحسب .فالفخر بالأجداد وبما صنعوه أو عملوه، عار علينا وعليهم كما يقول ألأديب عباس محمود العقاد ، إذا لم نحذُ حذوهم ونحقق بعض ما حققوه كإزالة آثار عدوان 1967 أو فك الحصار عن قطاع غزة على ألأقل ،وذلك أضعف ألإيمان والرجولة. فإذا كان الماضي البعيد جدا،قد شكل الحقبة المضيئة في حياتنا وتاريخنا، فإنه من المصيبة أن نبقى نتغنى به ونعيش عليه والأكثر خطورة ومأساة أن ننقل هذا ألاجترار البائس والمفلس إلى أولادنا وأحفادنا وأجيالنا القادمة .فالقتال في الزمان البعيد كان يعتمد على قوة وبأس الرجل وقدرته الجسمانية بالدرجة ألأولى ، فلم يكن غريبا والحالة هذه أن ينتصر العرب والمسلمون في معظم المعارك التي كانوا يخوضونها . فالفروسية كانت جزءاً من التنشئة والتربية والخصال التي يتوجب على كل شاب أن يتعلمها ،إذا أراد آن يكون له شأن ومركز ذو أهمية في البيئة والمجتمع في ذلك الزمان ويحظى بثقة ورضا واحترام محبوبته وعشيقته أيضا. ولم يقتصر اجترار ألانتصارات وألإستحضار الدائم للتاريخ التليد والأمجاد على النخب السياسية والوعاظ وأئمة الجوامع والمساجد وقساوسة الكنيسة فحسب، بل تعداه إلى كوادر ألأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وأساتذة الجامعات والمدرسين وحتى ألإباء والأمهات.فقد تحول إلى مرض متأصل فينا استعصى على ألأطباء تشخيصه وعلاجه.لقد خرج العرب من صنع التاريخ والأحداث وألإكتشافات وألإبتكارات منذ زمن ليس بالقريب، ورضوَا بأن يكونوا مع القاعدين والمخلفين من ألأعراب والمنتظرين والمتسولين وذوي العاهات أو المرضى حتى يتجنبوا الحرج ،على قاعدة وليس على المريض حرج . لقد حرفت وأفسدت و أشغلت وألهت ،كراسيَ السلطة والحكم وأموال النفط وحب نعيم الحياة ومظاهر اللهو والمرفهات الحديثة المستوردة ،العرب عن احترام أنفسهم وتاريخهم وأبعدتهم عما حققوه في الماضي واكتفوا بإجترارأحداثه لعلها تواسيهم وتعيد إليهم جزءاَ من كرامتهم التي هدروها وضيعوها بأنفسهم . وقد وجدواِ ضآلتهم بدخولهم في هوامش الشهرة عبر موسوعة جينس للأرقام القياسية في أوسع صحن للتبولة وأضخم منسف وأكبر صينية كنافة وأفخم كبسة وأعلى برج في العالم،كترجمة لضعفهم وهروبهم من التاريخ والمشاركة في صنع ألأحداث. إن أهم ما يمتاز به الوطن العربي هو سيادة ثقافة الماضي البعيد وسحبها على واقعهم الحالي المقرف والمهين . فتعطيل الديمقراطية ووأد حقوق ألإنسان وإهدار كرامته وألإستئثار المطلق بالسلطة بغض النظر عن الثمن المدفوع ،حتى لو كان بسفك دماء العرب والمسلمين وتأجير ألأوطان أو بيعها ومن ضمنها تهجير الرعية.لقد أدى ألتمسك بالسلطة والتشبث بها تحت أي ظرف، إلى الخشية من الحداثة وتطبيقاتها بمضمونها ومحتواها الحقيقي وكره النقد وتشجيع النفاق ومدح الذات وإجهاض ألإبداع وتعطيل نصف المجتمع عن المشاركة الحقيقية في البناء وتكريس مصطلحات الكهنوت السياسي وصبغ الهالة عليه ، للحفاظ على دور الشخوص السياسية وإطلاق أسماء القادة أو الزعماء التاريخيين عليهم بدلا من أسمائهم الحقيقية،وذلك لدرء النقد عنهم وحمايتهم طيلة سنوات مكوثهم ألإجباري في أعلى سلم البطريركية السياسية والحزبية والدينية والتي بات همَها التبرير للحاكم والإفتاء له وتحليل أقواله وأفعاله.فلم يكن مستغربا والحالة هذه ، أن يلجأ هذا الكهنوت إلى تحجيم دور العقل ومعارضة المنافسة لمسيرة التقدم والتغيير والتي بفضلها سبقتنا أمم كثيرة إلى مضمار الحضارة الحقيقية . لقد اعتقد هذا الكهنوت، بان ألاحتفاظ بالمصطلحات والألفاظ والتعابير الثورية اللفظية البعيدة عن الممارسة والعمل الفعلي بالإضافة الى التغني بالديمقراطية ودع ألف زهرة تتفتح ،من شأنه إطالة عمره وتحصينه والحوؤل دون سقوطه أو استبداله ما دام على قيد الحياة . لقد تحولت كل دولة عربية أو شبه دولة ،بما فيها تلك التي مازالت تحت ألاحتلال كالعراق أوالحكم الذاتي المحدود جدا،كفلسطين ،إلى قوة طاردة ومحاربة للكفاءات والخبرات .أفليس غريبا أن يبدع ألأفراد العرب في كافة المجالات والمهن حينما يعملون في الخارج ؟! . فهل يمكن لهذه ألأنظمة أن تقدم تفسيرا لهذه الظاهرة الملفتة للنظر!! لقد تحولت معظم ألأنظمة العربية إلى أنظمة ملكية دكتاتورية توريثية وبالأدق إلى إمبراطوريات أقسى وأمرَ وأبشع من تلك التي سادت في القرون الوسطى . لقد شجعت هذه ألأنظمة على قيام مؤسسات ومراكز ثقافية ومحطات فضائية بغرض ألإمعان في حرف ألأجيال الحالية والمستقبلية عن واقعهم المؤلم وإلهائهم عن قضاياهم الجوهرية نحو برامج الخلاعة والأغاني الهابطة بغرض تخريب الثقافة أو ما تبقى منها .فالذين يعيشون في الماضي يحتاجون إلى ثقافة هابطة ومنحرفة لكي يضمنوا لأنفسهم ألاستمرار في الحكم . إن أكثر ما يخيف قادة الكهنوت السياسي والحزبي والديني الحالي هو خشيته من سيادة الديمقراطية الحقيقية وطيَ صفحات تمجيد الماضي التليد وعودة الكفاءات إلى أرض الوطن واخذ دورهم المرتجى وتكريس المساءلة والشفافية والمحاسبة في كل القطاعات والمجالات وإطلاق ألأسماء الحقيقة عليهم والتأسيس لمبدأ ألخيار الحر لكل شخوص الحكم والسلطة وسيادة الثقافة الوطنية. إن بقاء ألأنظمة الحالية ومكوناتها وفروعها من ألأحزاب والجبهات والحركات والفصائل وما يطلق عليه المنظمات الشعبية ما هو إلا تكريس لسيادة ثقافة الماضي وألإستغراق أو البقاء فيها والمكوث بين جنباتها وألإسترزاق منها وعليها . فالمسكنون في الماضي لا يرغبون بخلع عباءة التقاليد والعادات البالية والتخلص من نظرية المؤامرة والتبرير وإلقاء اللوم على الغير وتأليه الزعيم وأفكاره !!!. فهم على استعداد لمحاربة أبناء عروبتهم وشعوبهم بلا هوادة لمنعهم من إحداث التغيير المطلوب ، ليس هذا فحسب، بل هم متأهبون دوما للتعاون مع الشيطان في سبيل الحفاظ على حكمهم ومصالحهم وثقافة الماضي التليد الذي يتغنون به ، حتى لو أدى ألأمر إلى تقسيم البلد وتفتيته وانتشار الحرب ألأهلية أو الطائفية أو المذهبية، والأمثلة هنا أكثر من أن تعد أو تحصى ،سواء في الماضي غير البعيد أو الوقت الحالي .فالكهنوت السياسي بكافة أطيافه وأشكاله وأصوله وأفخاذه وتفرعاته ،يهدف لخلق اليأس في نفوس ألأجيال الجديدة من إمكانية التغيير ليبقي على البؤس السائد والآخذ بالانتشار ،من أجل ألاعتراف به والإقرار له بأحقيته بالبقاء على قمة هرم البطريركية السياسية والدينية والثقافية وألإجتماعية وألإقتصادية بلا منازع . فالمسكونون في الماضي لا يملكون غير هذا ،لذلك فهم بائسون وميئسون وفاشلون وعاجزون عن الفعل في ذات الوقت لذا، لا فائدة ترتجى منهم،فهم بمثابة الميتون سياسيا ووطنيا . ولا يتوقع والحالة هذه أن نتوسم التغيير أو الخير ممن مات سياسيا وإن بقيت أجسامهم شاخصة أمامنا تتحرك، حالهم كحال الملك سليمان حينما لم تعلم الجن الذين كانوا يعملون لديه بالسخرة أنه ميت إلا بعد أن دلتهم دابة ألأرض على ذلك، بعد أن تمكنت من حفر وأكل منسأته التي كان يرتكز عليها، فسقط أرضا . وعندها أدرك الجن موته فأصبحوا أحرارا. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: متى يدرك الشعب العربي أن قادة الكهنوت السياسي ماتوا منذ زمن بعيد ولا حاجة لدابة ألأرض لتدلنا على موتهم . فدعونا نخرج عن طاعتهم لقد آن ألأوان لفعل ذلك . فالمسكونون في الماضي دائما بائسون وعاجزون عن مواكبة العصر وتحقيق النصر،لذلك وجب علينا أن لا نكرر تجربة الجن مع الملك سليمان .



#محمد_خضر_قرش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد خضر قرش - المسكونون في الماضي ....بائسون وعاجزون