|
حماس باقية ، ما أبقت قيادها في يد متطرفيها ، و كبحت معتدليها
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2918 - 2010 / 2 / 15 - 12:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان من أهم المحطات الساخنة في لقاء فضيلة الشيخ القرضاوي مع البي بي سي العربية ، و الذي أذيع مساء يوم الإثنين الثامن من فبراير 2010 ، هي فتوى فضيلته بضرورة رجم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إن كان بالفعل أصدر تصريح يحرض على غزو قطاع غزة . في اللقاء أوضح الشيخ القرضاوي إنه لا يتراجع عن تلك الفتوى إن ثبت فعلاً أن أبو مازن قد أصدر ذلك التصريح . لكن لم يكن واضحا - لمن لا خلفية له بالموضوع ، خاصة مع عدم إلقاء الضوء في ذلك اللقاء على مضمون التصريح ، و لا على توقيته - هل كان هذا الغزو المشار إليه - بفرض صحة التصريح - يشير إلى غزو فلسطيني - فلسطيني ، أم إنه تحريض من أبو مازن لإسرائيل لغزو القطاع ؟ بالطبع لا يمكن القبول بمبدأ تحريض أي طرف فلسطيني ، لأي طرف أجنبي ، لغزو طرف فلسطيني أخر ، أما الإقتتال الداخلي ، فهذا شيء على رفضنا له ، إلا إننا عهدناه في طول تاريخ العرب ، و المسلمين ، و في الكثير من مراحل التاريخ الفلسطيني المعاصر ، و لم يصدر من قبل من أي عالم إسلامي كبير ، على إمتداد هذا التاريخ الطويل ، أي فتوى تقول برجم أي طرف . لهذا لنعتبر ، نحن الذين لم نطلع على هذا التصريح الغامض - و أصفه بالغامض ، لأنه برغم تسببه في إصدار فتوى لها صداها للأن ، إلا أن حتى صاحب الفتوى أكد بإنه ليس واثق بأن هذا التصريح صدر بالفعل عن محمود عباس - إنه يعبر عن أقصى الحالات خروجا على مقاييس الوطنية ، و أعني تحريض عباس لإسرائيل لغزو القطاع . برغم إفتراضنا لصحة التصريح ، و إفتراضنا إنه يعبر عن أقصى حالات الخيانة ، إلا أن السؤال الذي يطفو الأن ، من وجهة النظر الدينية : من أين أتى فضيلته بالرجم كعقوبة لمثل هذه الحالة ؟ و أرجو أن يُلاحظ أن فضيلته إختار أحد أشد أساليب الإعدام ألما ، كعقوبة . هل إستند فضيلته على نص في الكتاب ، أو السنة ، أو حادثة وردت في السيرة النبوية المشرفة ، أو فتوى شرعية لأحد الأئمة الكبار في حادثة مشابهة ؟؟؟ إنني أتفهم مدى غضب فضيلته - بفرض صحة التصريح ، و أخذه على أكثر الوجوه مساسا بالوطنية - فهذا الغضب لا غبار عليه ، و لكن ما لا يمكن تفهمه ، أن يكون هذا الغضب دافع لإصدار فتوى بلا أساس شرعي ، تسجل عليه . إنني أهيب بفضيلته أن يتحرز ، أشد التحرز ، قبل إصدار أي فتوى ، أو تصريح ، لأن شخص في مثل مكانته ، تصبح فتاويه محل تقديس عند قطاع لا يستهان به من المسلمين ، و ترتفع عن أن تكون محل تمحيص ، في ظل الجهل الكبير ، و المتنامي ، بالدين . لو تركنا الناحية الدينية ، و علقنا على الناحية السياسية ، فأستطيع أن أطمئن فضيلته ، بأن حماس باقية في السيطرة على قطاع غزة ، ما أبقت قيادها في يد متشدديها ، و كبحت معتدليها . قطاع غزة ، هو أخر مكان للنفوذ السياسي لآل مبارك ، و غدا بمثابة حبل سري لذلك النظام ، يربطه بالخارج . لو سقط القطاع في يد منظمة فتح الفساد ، و تلاشت الفصائل المسلحة التي تنادي بالكفاح المسلح لأي سبب كان من القطاع ، فهذا لن يعني إلا خروج آل مبارك من دائرة الإهتمام الإسرائيلي ، و الأمريكي . لهذا أغمض نظام آل مبارك عينيه عن إعادة بناء الترسانة العسكرية الحماسية ، قبل أي يشرع في بناء جداره العازل . آل مبارك أغمضوا أعينهم عن تهريب السلاح في الماضي ، و هم على إستعداد لمواصلة تهريب المزيد منه في المستقبل ، عندما تتغير الظروف السياسية الداخلية الإسرائيلية ، أما ما ينفع المواطن الغزاوي ، و يرفع من وطأة الفقر ، فهو ممنوع ، لأن المعاناة يجب أن تستمر ، لتكون غزة عبرة . حماس ستكون فقط في خطر من آل مبارك ، و فتح الفساد ، و النظام البعثي السوري ، و معظم الأنظمة العربية ، لو نبذت طريق الكفاح المسلح ، و توقفت عن إنشاد الأناشيد الحماسية ، و علمت إن لكل شيء حدود ، و قررت أن تتحول إلى حزب ديمقراطي إسلامي ، على غرار الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا ، فتركز على بناء قطاع غزة ليكون مثال ، و على بناء الإنسان الغزاوي ليكون نموذج ، فتستأصل الأمية ، و تحدث التعليم ، و تعمل من أجل الرفاهية ، إلى أخر القائمة التي نفتقدها في منطقتنا . عندها لن ينتظر آل مبارك تحريض من أحد ، بل هم من سيقومون بغزو القطاع ، لأن في ذلك ليس فقط قطع لحبلهم السري الذي يربطهم بالعالم ، بل و أيضا تحريض على التغيير في مصر ، و بقية العالم العربي ، و دخول المنطقة مرحلة أخرى يصبح آل مبارك ، و أمثالهم ، جزء من تاريخنا المظلم .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دلالات الإنجاز الحوثي
-
حرام ، و فاشلة ، و يجب محاكمة المسئولين عنها
-
ما أتفق فيه مع القرضاوي
-
ماذا سيستفيد الشيعة في العراق من دعم الديمقراطية السورية ؟
-
حكم الأغلبية في سوريا ، صمام أمان للمنطقة
-
مبارك الأب يقامر بمستقبل أسرته
-
القاعدة في أرض الكنانة ، كارت آل مبارك الأخير
-
حلايب قضية حلها التحكيم
-
الأكاذيب السعودية يروجها الإعلام الرسمي الروماني
-
في اليمن و باكستان أرى مستقبل مصر للأسف
-
التوريث أصبح باهظ الكلفة لسمعة مصر
-
محمد البرادعي و طريق مصطفى كامل
-
هذا هو المطلوب من مرشح إجماع المعارضة
-
جرابهم واسع ، و هدفهم تشتيتنا
-
هل هي دعوة من أوباما لحمل السلاح للإنضمام للعالم الحر ؟
-
أروهم بأس العراق الديمقراطي
-
في رومانيا ، الإشتراكي يتصالح مع الدين ، و الرئيس الليبرالي
...
-
لأن لا أمل مع جيمي أو فيه
-
الثورة الشعبية السلمية هي الواقعية الديمقراطية الوحيدة الأن
-
الطغاة يجب سحقهم أولاً
المزيد.....
-
مصادر: ميرتس مرشح التحالف المسيحي لمنصب المستشار
-
ماما جابت بيبي.. تردد قناة طيور الجنة Toyor Aljanah 2024 علي
...
-
بيان الجهاد الاسلامي حول احداث اليوم في لبنان
-
حركة الجهاد الاسلامي: العملية الغادرة التي نفذتها اجهزة الكي
...
-
خبير يهودي يتوقع نشوب حرب أهلية في الكيان المحتل
-
رئيس وزراء الإحتلال الأسبق ايهود باراك: الإطاحة بوزير الحرب
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقع الراهب بقذائف المدفع
...
-
لماذا يصوت مسلمو أميركا لمرشحة يهودية بدلا من ترامب وهاريس؟
...
-
غدا.. الأردن يستضيف اجتماعا للجنة الوزارية العربية الإسلامية
...
-
بعد دعمها لفلسطين.. منظمة أوقفوا معاداة السامية تختار غريتا
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|