|
منظمة انصار الحزب الشيوعي العراقي الباسلة /4
ناصر موزان
الحوار المتمدن-العدد: 887 - 2004 / 7 / 7 - 07:59
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ملاحظات لابد منها عن البدايات : كانت بداية تشكيل منظمة الأنصار للحزب الشيوعي بالصورة التي جرى ذكرها انفاً ، في الوقت الذي لم تكن قيادة الحزب آنذاك موحدة في موقفها من التعامل مع التطور الخطير الذي تسببه البعث الصدامي العفلقي بالتحالف وفق ما كان اعضائها يصرحون علناً، رغم اتساع المعارضة في صفوف الحزب لسياسة البعث، الاّ ان تأثيرها في سياسة الحزب كان يسير بشكل ابطأ من تسارع الضربة، اضافة الى قلة خبرة اعضاء منظماته لكون غالبية اعضاء الحزب كانوا ممن انتسبوا اليه في زمن الجبهة ذاته. وقد ادى ذلك وغيره الى ترك اثر معقد على اسلوب تشكيل منظمة الأنصار ومسؤولية قيادتها واسلوب علاقتها بقيادة الحزب في ظروف الأنتقال الحاد من سياسة (معاً صوب الأشتراكية) الى (النضال ضد الدكتاتورية الفاشية بالسلاح) تجاه نفس السلطة. الأمر الذي تسبب بارباكات ومشاكل كان يمكن تجاوز الكثير منها لو كان هناك وجهة متّفق عليها وملتزم بها في قيادة الحزب آنذاك (الأمر الذي اعتقده البعض انه كان بسبب التحوّل المفاجئ للبعث، الاّ انه لم يكن كذلك) الأمر الذي ادى الى التسبب بمشاكل للمنظمة من داخلها آنذاك بسبب التسيب والسلوك الفردي لعدد من الكادر القيادي (كما شخص المؤتمر الرابع للحزب بعدئذ)، كانت احداها ما شكّله السيد ب. الموسوي (صاحب الكادر، اليوم) المعروف بكونه كان القطب الأكثر تمسكاً بالتحالف مع البعث الصدامي آنذاك والذي لم ينفك عن التصريح به علناً رغم بشاعة الضربات في حينها رغم عدم التصدي لها (1). من جهة اخرى وبفعل الخبرة المتراكمة وحالة الحركة التحررية القومية الكردية ذاتها وتعدد فصائلها آنذاك، تجمّع الرفاق الأوائل عند تشكيل المنظمة حول عدد من اعضاء اللجنة المركزية في كردستان ممن كانوا مصممين على الوجهة الجديدة، لبناء منظمة انصار مستقلة عسكرياً وسياسياً واداريا في المناطق الكردستانية المهجّرة التي احتضنت انواع المنظمات في حينه، اضافة الى الهاربين والشاردين بسبب الدكتاتورية، وكان بناء مثل تلك المنظمة المستقلة امر يجري لأول مرة في تاريخ الحزب، حيث ان مشاركة الحزب وانصاره في الثورة الكردية اثر انقلاب شباط 1963 كانت بشكل آخر، فقد كانت فصائله جزء من فصائل الحركة الكردية، وتحت قيادتها عسكرياً وادارياً بزعامة الملا مصطفى البارزاني، الاّ انها حافظت على استقلالها السياسي والفكري . لقد كان تشكيل ونشاط منظمة مستقلة للأنصار الشيوعيين للنضال المسلّح ضد سلطة دموية وحشية في بلد غني نفطياً وبين دول معادية للشيوعية حتى النخاع وفي ظروف انحسار نشاط قوى التحرر والديمقراطية في الشرق الأوسط خاصة بعد انقلاب الجنرال كنعان افريم في تركيا وسقوط بيروت وانسحاب المقاومة الفلسطينية، كان خطوة جريئة تطلبتها ارادة التمسك بالوطن والهوية والحفاظ على ديمومة نشاط الحزب اضافة للعوامل التي جرى ذكرها، وتطلبت تحمّل مشاق وتناقضات واخطاء يصعب وصفها والأحاطة بكلها في مقال لكاتب، او من بعيد. فاضافة الى صعوبة الحصول على سلاح، كانت الصعوبات تنبع من عدم التحاق ضباط او ضباط صف لهم خبر قتالية حديثة الاّ ماعدّ على الأصابع ممن خدموا في الجندية، لكون الجيش كان مغلقاً للبعثيين فقط وقد اعدم من خالف ذلك (ومنهم اعضاء حزبيين بسبب الأتهام بذلك)، ومن كان عسكرياً (ضابط او ضابط صف )كان متقاعداً وبعيداً عن العمل العسكري الفعلي ووحداته منذ اواخر الستينات في الوقت الذي كانت القوات المسلحة والتسلح واساليب مكافحة الأنصار تتطور بسرعة كبيرة في البلاد، وكان ذوي الخبرة يعتمدون على تجربتهم في الستينات ( او تجارب ظروف اخرى تماما في السبعينات) في واقع اختلف كثيراً، وفي مناطق شاسعة مهجّرة، اضافة الى تشوش الثقة بقدرة قيادة الحزب آنذاك والتساؤلات عما كانت تفعل في الخارج بعد تلك الضربة القاسية (2). كان الغالبية يتحركون بقناعاتهم هم بضرورة التصدي لأجرام البعث، والبحث عن الأساليب والطرق الأكثر نجاحاً وفاعلية وكان هناك تضامناً قوياً بين المصممين على مواجهة الدكتاتورية من عرب وكرد وكلدانيين ويزيديين وصابئة و كانوا يسعون بتفاني وجدية عالية لتعلم ما لايعرفون وصاروا بعدئذ هم اعضاء المفارز والوحدات المقاتلة فعلاً ثم مسؤوليها بعد استشهاد رفاق دربهم ،( ومنهم تخرّج المسؤولون الجدد بعد مرور السنين بظروف غاية بالصعوبة والتعقيد والتضحيات وقلة المعرفة، بعد ان فرضوا ذلك بنجاحاتهم العسكرية وقدراتهم وقيادتهم وحداتهم الى نجاحات ونصر في الصعوبات الكبيرة في وقت غاب كثير من المسؤلين السابقين لأستشهادهم او لذهابهم لمهام اخرى ومنهم من انسحب بشتى الأعذار قليل ماكانت صريحة)، ومن خلال ذلك النضال العنيد ولد التعامل الواقعي مع الأفراد المسؤولين بعيداً عن القدسية والروح شبه الدينية التي كانت ما زالت مهيمنة على عدد من الأنصار في سنوات البدايات . كان الطابع الأغلب للأنصار طلاب وقد شكلوا اكثر من 60 % من تركيب المنظمة، ثم كسبة وريفيين وكوادر محترفة، ونسبة ضئيلة من عمال مؤسسات اضافة الى النساء ( كنصيرات بحقوق وواجبات مساوية للرجال وفق النظام الداخلي لمنظمة الأنصار)، الأمر الذي اختلف عن طابعها في الستينات حين شكّل الفلاحون والعسكريون نسبة اكبر وفق احاديث موثقة لمسؤولي تلك الفترة . وقد شكّل الحزبيون غالبية اعضائها في البداية ثم صارت الغالبية من غير الحزبيين بسبب كثرة الألتحاقات الجديدة من الداخل مع كل نهوض شعبي كان يذكيه ويتفاعل فيه ويحميه الأنصار وعموم منظمات البيشمركة في سنوات تلاحمها، وخاصة في اعوام 1982 ، 1986 ، 1987 في مناطق سوران وهو امر صحي انسجم مع طابعها الديمقراطي الجماهيري. وفق معدل لعدد من الأحصاءات التي قامت بها المنظمة ومعلومات قبول الجدد، آنذاك .
سسسسسسسسسسسسسسسسـ
في بداية صيف 1980 واثر احساس الدكتاتورية بتصاعد عمليات عموم البيشمركة وآفاقها الخطيرة على نظامها بعد ان اعطاها التحاق الحزب الشيوعي بالمعارضة المسلحة وتشكيله منظمته، دفعاً سياسياً وجماهيرياً ومعنوياً كبيراً وفق معطيات واحاديث قادة ابرز التشكيلات في منطقة نوزنك ـ دولتو آنذاك (3)، ولعدم استجابة الأحزاب الكردستانية وعموم منظمات البيشمركة والأنصار لعرض السلطة لأيقاف القتال وحل المشكلة الكردية بـ (العفو عن المتمردين)، بدأت السلطة بحملة وحشية تهدف (ابادة مفارز البيشمركة والأنصار) بقتل الجميع دون اخذ اسرى او ترك جرحى . وقد تسببت تلك الحملة الوحشية بابادة عدد من مفارز الأتحاد الوطني الكردستاني والسوشيالست في مناطق السليمانية واربيل خاصة. انقطعت اخبار مفرزة كرميان بقيادة مام بكر تالاني تماما في تلك الفترة الى ان وصلت اخبار افادت بحصول اشتباك ضاري بين مفرزة كرميان والقوات الخاصة المعززة بمئات افراد المرتزقة الجاش اضافة الى الدروع وطائرات الهليكوبتر بعدئذ وقد ابيد اغلب انصار المفرزة بعد ان رفضوا دعوتهم للأستسلام في قرية (بولقاميش) في ارياف كركوك، وهكذا استشهد القائد الأنصاري الشجاع (مام بكر تالاني) آمر المفرزة ومساعداه الشابان (احمد حصاري) و (خالد عرب) ورفاقهم الأبطال بعد معركة لم تشهد لها المنطقة مثيلاً من قبل، استمرت لمدة يومين وبعد اكثر من انزال للقوات الخاصة، وفق معلومات الأنصار القلائل الذين استطاعوا الأفلات جرحى من الطوق بعد ان انقذهم اهل القرية الأبطال الذين شاركوا المفرزة تصديها لقوات النظام، الأمر الذي ادىّ الى سقوط عدد من اهالي القرية شهداء وجرحى وادىّ الى استباحة القرية وحرقها وتحطيم ابنيتها الطينية بالمدفعية والقنابل . لقد تقاطرت حشود بيشمركة كل القوى الكردستانية على مقر فصيله في (زلي) معزيّة باستشهاد مام بكر تالاني، الكادر الحزبي وابن الشعب الفقير في منطقة كركوك ـ كرميان الذي اشتهر بنجدته للضعيف وبكرمه وحبه للجميع، وبشجاعته التي قل نظيرها التي اتخذها عموم بيشمركة كرميان من كل القوى قدوة ومثالاً اعلى يحتذى. الذي اشتهر بقوله (علينا ان نثبت الآن للناس اخلاصنا لها) و( ان ظرفنا الصعب يحتم علينا ان نقدم شهداء و علينا نحن اولاً ان نكون مستعدين للتضحية بانفسنا، والاّ لن نكون قوة يحسب حسابها). / للمقالة بقية
ناصر موزان/ العراق في 5 . 7 . 2004
(1) وقد تسبب بعدئذ بمحاولة عرقلة والنيل وتشوية نشاط منظمة الأنصار وتوتير العلاقات بين كادرها من موقعه القيادي آنذاك بمحتلف الواجهات، مستغلاً (طيبة) عدد من الحزبيين واحترامهم له آنذاك لكونه قيادي في الحزب اضافة الى التفاف عدد من الوصوليين حوله، الى ان صار الآن عضو في قيادة المؤتمر القومي العربي واحد الأكثر تطبيلاً لمايسمى بـ (المقاومة) الأرهابية في عراقنا الحبيب اليوم، الأمر الذي يثير الكثير . (2) يتسائل عدد من المجربين الذين يرون ان التفاف الحزبيين حول قيادة الحزب بعد انقلاب شباط 1963 الدموي كان افضل مما كان بعد ضربة 78 / 79 ، هل كان ذلك بسبب استشهاد سلام عادل سكرتير الحزب ورفاقه القياديين؟ ام هل كان بسبب اعلان الحزب مواجهة الأنقلاب في ظروف كانت امكانياته واستعداده افضل مما كان في 1979 ، ام ماذا ؟ رغم ان الأرتباك يحصل بعد كلّ خسارة وتزداد الثقة بعد كلّ نجاح . (3) كما ورد في حديث السادة جلال الطالباني، ملا بختيار عن قيادة الأتحاد الوطني الكردستاني عند دعوة العشاء التي اقاماها لعدد من كادر ووجوه قاعدة الأنصار في نوزنك صيف 1979 في توجله، واحاديث الدكتور محمود عثمان سكرتير الحزب الأشتراكي الكردستاني (سوشيالست) آنذاك، في لقائه مع مسؤولي وكادر قاعدة نوزنك في ايلول 1979 .
#ناصر_موزان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منظمة انصار الحزب الشيوعي العراقي الباسلة /3
-
منظمة انصار الحزب الشيوعي العراقي الباسلة / 2
-
منظمة انصار الحزب الشيوعي العراقي الباسلة / 1
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|