كامل عباس
الحوار المتمدن-العدد: 887 - 2004 / 7 / 7 - 07:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
قادني حظي العاثر في هذه الحياة من غربة الى أخرى داخل وطني , كان آخرها عمل في مطاعم سياحية لسنوات من أجل الحصول على لقمة العيش , تدرجت في المناصب من حارس الى عامل بوفية الى أمين مستودع الى محاسب . وصلت الى قمة المجد وهويت الى القاع بعدها حيث لفظتني تلك المطاعم لأن معدتها لم تتمكن من هضمي .
وفي هذا القطاع السياحي والهام والمفترض به أن يكون حضاريا كوجه سوريا الجميل , لاحضور لدولة التقدم والاشتراكية. ومازال العمل يتم فيه بآلية القرون الوسطى , فعّماله جميعا تعودوا على الذل واستمرؤوه من خلال ما يسمى البخشيش أو الترون أو الاكرامية التي تعتمد على استجداء الزبون بشكل واضح , أنا أعتقد أن تسجيل عمال هذا القطاع في التأمينات الاجتماعية وتحديد أجرمحدد لهم وملاحقة كل من يقبض قرشا, ذيادة عن التعرفة الرسمية عمل أدنى من اشتراكي . أتجرأ فأقول بأنه راسمالي وحضاري وانساني جدا .
من جهة أخرى تتكثف في محرق هذه المطاعم كل التناقضات الاجتماعية , على سبيل المثال يصرف غالبية الزبائن بسهرة واحدة ما يعادل أجري لمدة عام مع أن أمثالي يحبون الحياة ويعرفون كيف يعيشونها ويلزمهم مصاريف اضافية لا تلزم لأولئك الزبائن كغذاء روحي لهم .
احدى الحوادث التي جرت لي أول عملي وما تزال تثير في نفسي شجون عدة كلما تذكرتها هي التالية .
استقدم صاحب المطعم موسم ذلك العام غانية, حرص أن يكون حضورها بالصورة أكثر من الصوت, كانت كما يقول العمال _ الله خلقها وكسر القالب _ وكان الزبائن يتبارون برشقها بالنقود الورقية حتى يغمر خلخالها . وفي آخر الليل يفوذ بها من رشقها أكثر ,
تلك الليلة كنت أقوم بواجبي كحارث خارج الفندق عندما مر من أمامي زبون مخمور سقطت محفظته بجانبي وقد بقي قيها كل النقود ذات فئة – الخمسمائة –
منذ ذلك اليوم وأنا أشعر بنوع من تأنيب الضمير لأنني لم أرد المحفظة الى صاحبها .
بالطبع كل الشرائع السماوية لا تحلل مالا كهذا . أما نحن الشيوعيين فهناك جهة تعتبر هذا المال حلالا عملا بالقاعدة اللينينية ( اسرقوا الأموال المسروقة ) المفارقة أن سرقة كهذه تعد بالنسبة لي عملا غير مشروع وطريق خطر جدا على المجتمع ومع ذلك لم استطع مقاومة غريزتي !!
بالله عليك عزيزي القارئ أيهما كان على صواب عقلي أم غريزتي . أرجو التصويت على ذلك
كامل عباس
اللاذقية- أوائل تموز
#كامل_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟