|
الشيخ سعد الحريري ما بين العملية السياسية والدهنية الديمقراطية( المحنة السورية )
هيبت بافي حلبجة
الحوار المتمدن-العدد: 2916 - 2010 / 2 / 13 - 22:01
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
آنما نستقرىء حيثيات الوقائعية الفردية في المنطقة ، العربية والكوردية ، ينتابنا مغص قاهر يطيح بكل مرتكزات المنطق والعقل ، يعتورنا إحباط مستديم وشعور بالغبن يهصران كل بذرة حية في إرادة تشرئب بعنقها نحو التاريخ والحياة هصراً مقيتاً . كما لو إن مصيرنا أن تستبد بنا العقلية الجاهلة التي لاتقتات إلا من زبل التاريخ وعورة العقدة الدونية ، أو أن تستبد بنا إرادة القمع والفتك التي يعانون أصحابها من الشيزوفرانيا والميلانخوليا وآلام نقصان الفحولة . أنما نجول بطرفنا الناقد ما بين معطيات الأحداث التاريخية القائمة ، ندرك أيما إدراك مدى غياب إرادة الشعوب في تصور مستقبلها ، عمق الزيف والنفاق والإحتيال والعهر الذي يخنقنا أي خناق ، يميت فينا أواصر الرؤية والتبصر ، لنغدو قطعان من أشلاء بشرية نستجدي رحمة الموت . أجل دولة رئيس الوزراء اللبناني الشيخ سعد الحريري ، الأوجاع عديدة ، والآلام باطشة ، واليقين والتيقن يشكوان الغياب ، نعم دولة الرئيس الفاضل ، عناصر التهديم والغدر تقوض أساس كل خطوة نحو بناء العملية السياسية المتكاملة ذات الأبعاد المعرفية الراسخة ، كل خطوة متقدة في الدروب الوعرة للذهنية الديمقراطية ليكتنفنا البؤس ومشتقاته . أجل فخامة الصديق ، إن الأنظمة اللاديمقراطية تجتث كافة العوامل والمسوغات التي تؤدي إلى الإئتلاف والتناغي والأتحاد ما بين العملية السياسية والذهنية الديمقراطية وتألق صيرورة التاريخ ، وتقترف المحظور وتتاجر بالمقدس لتدهس بضراوة لامثيل لها على شرف وكرامة المنطقة ، ولتستبدل بنا أشباح من الوهم ، أشباح نحاكي الموتى ، نصاهر العدم والفناء ، نتلمظ أوار اليأس والعربدة والضغينة ، ولتستبدل جغرافية وديمغرافية المنطقة بأخرى لاتظهر آثارها إلا بعد فوات الأوان حينما يمسي الندم جزءاً من الماضي . وللأسف فإن تاريخ المنطقة لايدعو إلى الأعتزاز ، بل إلى الخيبة والتعاسة ، وإذا ما أحدجنا البصر في الأحداث الأخيرة ، نعي إن ما وسم آنذاك بمفهوم الثورة لم يكن في الحقيقة سوى تآمر وأنقلاب ( على سبيل المثال ما جرى في مصر عام 1952 على يد الرئيس جمال عبد الناصر الذي ملأ صحراء سيناء بالجثث ، ناهيك عما حدث في اليمن ) . وإذا ما أنبزغت ، في الجهة المضادة ، أشعة دافئة ناعمة ( الشهيد كمال جنبلاط ، الدكتور نور الدين الأتاسي ) أو تجربة واعدة على الصعيدين الدولي والأقليمي ( الشهيد الشيخ رفيق الحريري ) فإن الذهنية المجرمة والآيادي الآثمة ، سواء على شكل إغتيال أو انقلاب ، تتربص بها لتستأصلها ، وتقتل كل من ينحو هذا النحو ، جبران تويني ، سمير قصير ، جورج حاوي ، بيير جميل الأبن ، والقائمة ثقيلة ، ثقل المفارقة ما بين الأستبداد والبطش والقهر من جهة ، والعملية السياسية والذهنية الديمقراطية من جهة أخرى ، ثقل التفارق ما بين الغدر والخيانة من جهة ، والتضحية والفداء من جهة أخرى ، جسامة الفرق ما بين الإنتماء واللاإنتماء ، هول الشرخ ما بين الفاجعة والعظمة . صديقي حضرة الشيخ الفاضل ، كما إن الفكر والتاريخ لايتجزءان ، فإن العملية السياسية في المنطقة هي ذات وحدة واحدة لاتتقاسم ، تغرف من منهل ومعين الأذهان النبيلة والشخوص التاريخية المدركة لعوامل التطور والنمو والتواصل ، وإذا ما نضبت أو أغتيلت ( لاقدر الله ) ، فإن الكارثة سوف تحدق بكل شعاب ووديان المنطقة برمتها ، ومن هنا تحديداً بات لدينا بحكم البات إن قوى 14 آذار عظيمة بكل ما تعني هذه المفردة من المعنى ، وهي إزاء مهام ومسؤولية قد تغير ملامح المنطقة إيجابياً ، وهي إزاء أدوار تاريخية مفصلية قد تجعل من لبناننا الصغير الحبيب سراجاً وقاداً ، سواء في إعادة الدفق للعملية السياسية المدحورة في الشرق الأوسط ، سواء في إلإنطلاقة المحمودة للذهنية الديمقراطية . نعم ، إن قوى 14 آذار ، ولاسيما من خلال شخوصها الناضجة تاريخياً ( نذكر على سبيل المثال ، الشيخ سعد الحريري ، الشيخ امين الجميل ، الدكتور سمير جعجع ) تتمتع بأركان لاتهتز في أنضاج العملية السياسية على صعيد المعرفة التاريخية ، ووفقاً للمبادىء التالية ، المبدأ الأول : وحدة لبنان حسب التفاهم المشترك هي العمود المستنطق لكل أجزاء الحوار ، فلاحوار خارج وحدة لبنان ، ومصيره المشترك ، ومصالحه الجوهرية . المبدأ الثاني : لاتوجد تصورات مسبقة إقصائية لدى هؤلاء السادة ، فالكل يملك تمام الحق والفاعلية في إغناء وحدة لبنان ، وإضفاء خصوصيته هو على خاصية لبنان ، وهذا هو أهم مرتكز في العملية السياسية والذهنية الديمقراطية . المبدأ الثالث : الأجندات الأجنبية معدومة الأدوار في ذهنية هؤلاء السادة ، وتلك القوى ، إذ لاإعتبار فوق لبننة لبنان كمختبر واحد ، كوحدة حال ، وإذا ما أنتصر لبنان فالكل منتصرون ، وإذا ما أنهزم فالكل مهزومون ، وهذه هي اللبنة الثانية في العملية السياسية ترادفاً مع ذهنية الدمقرطة . المبدأ الرابع : التنافس المنطقي والتزاحم الإيجابي هما معياران للأبداع في سوسيولوجية لبنان . لكن ، دولة الرئيس ، ثمة إشكالية كبرى في ذهن المجتمع الدولي ( ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ، جمهورية فرنسا العظمى ، المملكة المتحدة ، دولة أسرائيل ) تكمن في المفارقات التالية فيما يخص الزمرة الحاكمة في دمشق . المفارقة الأولى : لايرغب المجتمع الدولي في إعادة إنتاج التجربة العراقية في منطقة تتكالب عليها الأنظمة القمعية وعوامل الأرهاب ، وتتكاثر فيها عوامل الجهل بصورة سرطانية ، وتندحر في أزقتها أسباب العلم والمعرفة ، ويغدو المعدوم السالب كنه الوجود . المفارقة الثانية : إن القوى العربية والكوردية مابرحت أسيرة الجهل بالعملية السياسية ، ولاتدرك مفهوم التحرر الإجتماعي المرتبط بأسس الديمقراطية ، ولأنها مريضة في الذاكرة الشوفونية ، لاتعي علم السياسة إلا من خلال المناورات السياسية التافة ، لذلك فإن المجتمع الدولي لايثق بسيرورة التطور في سوريا ، على غرار الأشكال الكاريكاتورية ( مقتدى الصدر ، صالح المطلق ، أحمد جلبي ، الحارث الضاري ، وألوف آخرون ) في السياسة العراقية . المفارقة الثالثة : إن القوى التي تسمي نفسها زوراً بالديمقراطية ، واليسارية ، والماركسية ، هي أساس الإشكالية في سوريا ، وهي الوحيدة المسؤولة تاريخياً عن حدوث هكذا مأساة فيها ، لإنها لم تفهم التناقض في عملية التناقض ، وقتلت ماركس في لب فلسفته ، لذا ساهمت في قهر التطور وإذلال المواطن وقمع السوسيولوجيا . المفارقة الرابعة : لقد أدرك الغرب إن المعارضة السورية ، بكل أطيافها ، غير جديرة بأستلام السلطة ، وإن التناحر فيما بينها مهزلة طفولية حقيقية ، بل ذهنية بدائية تدعو إلى الشفقة والأشمئزاز ، ومن هنا تحديداً ، تظل الزمرة الحاكمة في دمشق ، بالنسبة للغرب وإسرائيل ، على الرغم من جرائمها العديدة في لبنان وتصديرها للأرهاب إلى العراق وتميرها لشعبها في سوريا ، أفضل صمام أمان لكبح دفق المزيد من الكوارث . المفارقة الخامسة : لقد بات مؤكداً إن القوى المسيطرة على صناديق الأقتراع في المجتمع السوري ، بعد سقوط الأسد ، ستتمثل في حركة أخوان المسلمين وأنصارها . ومن سخرية القدر أن هذه الحركة هي الوحيدة التي قرأت المبدأ ( التناقض في عملية التناقض ) قراءة سليمة ، لذا أدركت خطأها وتراجعت عن عضويتها في جبهة الإنقاذ ، وأستكملت اللعبة القذرة مع الأطراف الأخرى ( الغرب ، دولة أسرائيل ، الزمرة الحاكمة في دمشق ، حزب الله ، حماس ، أيران ) . من مجمل هذا الموقف ، ولوحدة شرط المختبر في المنطقة ، فإن الذكرى الخامسة ل14 شباط ، ومدى وقوة التعبير عنها ، لايمكن إلا أن تكون ذات دلالة عميقة ومؤثرة في الساحة السياسية كلها ، لذا فإن مجلس التضامن الكردي في سوريا ، يقوم هذه الذكرى بطريقة غير أعتيادية ، ويتمنى أن يقف الشعب اللبناني الشقيق وراء ذهنية القوى 14 آذار ، ليتتأصل المقاييس التاريخية للعملية السياسية وذهنيتها الديمقراطية المباشرة .
#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدالة الفارغة ما بين هوبز وأفلاطون ( الحلقة الثانية )
-
الدالة الفارغة ما بين هوبز وأفلاطون ( الحلقة الأولى )
-
الدكرى الثامنة لإنطلاقة الحوار المتمدن
-
البيئي والجسمي مابين الفلسفة والعلم
-
المعارضة السورية مابين الإشتقاق والبنيوية
-
فلسفة ديكارت ... مابين السقوط والتساقط
-
فلسفة كانط ... ما بين السقوط والتساقط
-
فلسفة هيجل ... ما بين التهافت والنقض
-
الفكر ما بين الإشكاليات والتصور الغائب ( رؤية جديدة في تصور
...
-
الشرق الأوسط ....ما بين مخلبين الفارسي والرأسمالي
-
نقض نظرية الأخلاق لدى سقراط
-
مابعد غزة .... ما بين الوهم والتوهم
-
الرد على الدكتورة واثبة داود السعدي
-
الرد على الدكتور طارق علي الصالح
-
شيء من العقل .... شيء من النعال
-
إستقالة رب العالمين ... كل عام وأنتم بخير
-
نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... الحلقة الأخيرة
-
القيم .... ما بين الصاوي و القمني
-
سوريا وأيران ....ما بين لبنان والعراق ( الأتفاقية الأمنية وا
...
-
الرأسمالية ... ما بين التفسخ والأنتحار
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|