هادي الشيب
الحوار المتمدن-العدد: 2915 - 2010 / 2 / 12 - 19:51
المحور:
القضية الفلسطينية
نقرأ في الكتب وفي الصحف بأن سوء حال العالم العربي والشعب الفلسطيني خاصة يعود إلى النظام الأبوي . فهل صحيح بأن هذة الكلمات الثلاث النظام , أبوي , تسلطي , لها كل الوقع على شعبنا ؟أم أنها مجرد كلمات ؟ نعم هي وصف لطريقة تعاملنا وتربيتنا وثقافتنا ,لاكن السؤال الذي يطرح نفسة في هذا السياق ماهو واقع تلك التربية الأبوية على شعبنا ؟
إن الملاحظ على سلوك الفرد العربي نتيجة هذا النظام بأنة اتكالي ,وعاجز ببساطة فإن النظام الأبوي الاجتماعي إنما يهدف إلى إنتاج أجيال تتميز برضوخها للسيطرة ومتهربا من المسئولية وهذة الشخصية ترتبط في العائلة والعشيرة وتسلم للقوى الفاعلة في المجتمع , فهل هذا السلوك قادر على تحقيق حلمنا في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ؟ أم سيبقى يسلم إلى الأمر الواقع و يكون متكلا على غيرة في خلاصة من ذلك الاحتلال الغاشم ؟ إذ يكمن الحل في تصحيح العلاقات التي يقوم عليها مجتمعنا والتي أنتجت ما يسمى النظام الأبوي , علاقتنا بأطفالنا وعلاقتنا بالمرآة وعلاقتنا بعضنا البعض .
فإن تغير تلك العلاقات يتوقف علية كل تغير حقيقي فعلاقتنا بأطفالنا تقوم على كسر شوكته واخضاعة للقوى الفاعلة(الأب الأم ،الأخ الأكبر) فطريقة إخضاع الطفل تتم من خلال عاملين الأول النفسي والذي يؤدي إلى المذلة واحتقار ألذات لدى الطفل من خلال عملية الضرب , والتربية الجنسية التي تبقى محاطة بسرية كاملة داخل الأسرة مما يشعر الفرد بنقص حاد تجاة تلك التربية مما يخلق لدية الخجل ,
والضرب والتربية الجنسية الصامتة تؤدي إلى الاستهزاء وعدم الثقة بالنفس وتكون هذة العملية هدفها المباشر التقليل من قيمة الفرد تجاة نفسة تجاة الآخرين مما يشكل علاقة استعلاء بين الطفل ورب الأسرة مما يمتد ذلك النقص إلي طريقة التعامل مع المجتمع بحد ذاتة .
أما العامل الثاني وهو التلقين الذي تمارس أغلب المؤسسات التعليمية بوعي أو لا وعي فأنها تهدم ملكة الفكر والعقل عند الطفل مما يبقى عاجز عن الإبداع والحرية في إطلاق العنان لافكاره مما ينشيء فرد عاجز غير قادر على الحراك والاستسلام لتلك العلاقة التمثيلية التي تربطة بالعائلة والمجتمع .
أما علاقتنا في المرأة والتي تقوم على أساس بان المجتمع قد وجد للذكر فقط، وليس للمرأة به مكان سوى المتعة والوظيفة الطبيعية التي تقتصر على الإنجاب والنظر إليها على أنها جسد بغير عقل ولا قوة لها ولذلك فإن علاقتنا بها تقوم على التوتر الدائم وعدم إعطائها جانب من الحرية العملية , مما يجعل مجتمعنا يعمل فقط بنصفه الإنساني وهو الرجل وترك النصف الأخر بلا فائدة
وبهذا لايمكن تحقيق التنمية والتحدي للاحتلال الا بإشراك النصف الأخر وهو المرأة في جميع القضايا ويبدأ ذلك من خلال رفع شأن المرأة داخل الأسرة , وتعليم المجتمع عن التخلي عن الثقافات التي تسيء إلى صورة المرأة في المجتمع .
أما علاقتنا بعضنا ببعض فأنطلق من حقيقة إن الفرد وعلاقاتة تنشأ حصيلة ظروف موضوعية لا حصيلة رغبة أو أفكار أو مثل عليا أي المجتمع من يقرر تلك العلاقة لا الفكر المجرد هو الذي يقرر تركيب المجتمع وطبائع الأفراد , تتشكل نتيجة النظام القبلي والعائلي مما يشكل لدى الفرد سلوك يكون باتجاهين متناقضين , من جة يكون مدفوع بنزعة فردية يخرج عن المجتمع ويناقضة , ومن جة أخرى مدفوع بنزعة جماعية تجعل عاجز عن العيش دون الالتصاق بالجماعة والإعتماد الكلي علية والواقع إن هاتين النزعتين يشكلان العادات والتقاليد وبالتالي فأن النزعة الفردية تكون سلبية لان المصلحة تكون فردية وليس للجميع , فالفرد لا يكاد يخرج عن نطاق العائلة وحتى يبدأ في التصرف على شكل مستقل برفع شأنة للتعويض عن الكبت الذي قابلة داخل العائلة وتكون الصفة "أنا فوق الجميع" أما النزعة الجماعية فلا تأخذ شكلا إجتماعيا بالمعنى الواضح بل شكلا يكاد يكون عشائريا طائفيا ويكون وقع تلك النزعة مثل النزعة الفردية فالعائلية والعشائرية تنمى لدى الفرد الولاء لتلك العائلة أو العشيرة وكل منهما لا يتلاقى مع المصلحة الجماعية والولاء الاجتماعي مما يشكل في النهاية " نجاح أخي يعني فشلي " وهذة العلاقات الثلاث تشكل في النهاية النظام الأبوي , الذي ينتج فردا عاجزا وناقصا فكريا واجتماعيا , فلا عجب علينا إذا فقدنا رمز من رموز مجتمعنا الفلسطيني أن نحزن كل الحزن علية , بهذة العلاقات السلبية القائمة على الخضوع وعدم الثقة وعلى التلقين ولانتقاص من الأخر وتفضيل المصلحة الفردية على المصلحة الجماعية , لايمكن لمجتمعنا أن ينتج مفكرا مثل ادوارد سعيد ولا شاعرا مثل محمود درويش ولا مهندسا مثل ياسر عرفات .
فلم يتحقق الحلم إذا لم ينتج مجتمعنا الفلسطيني أفضل من تلك الرموز التي دفعت أرواحها فداء لتحقيق حلمنا . إن التحدي الحقيقي يكمن في تحسين العلاقات القائمة في مجتمعنا وتربية الفرد على أسس صحيحة تنتج مهندسا وشاعرا ومفكرا.
#هادي_الشيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟