|
الام يبقى مبدعو المنافي مبعدون ومحاصرون؟
جواد وادي
الحوار المتمدن-العدد: 2915 - 2010 / 2 / 12 - 18:59
المحور:
الصحافة والاعلام
لا نعرف سببا للعثرات التي تلاحق مبدعي العراق والنحس الذي بات يلازمهم في حلهم وترحالهم وكأنه قدر لعين موشوم على جباههم كوشم سئ الصيت صدام على جباه الرافضين لمغامراته الغبية أيام المحارق الرهيبة التي حصدت الأخضر واليابس وعاد الوضع المنحوس هذا لمعذبي المنافي من العراقيين، مبدعين ومثقفين وأصحاب قدرات يشهد لها من يعيشون بين ظهرانيهم من عرب وأعاجم ويعترفون بطاقاتهم الهائلة ومبادراتهم في العمل الإبداعي كتابة وتنظيما ووعيا متميزا تلك المبادرات الخلاقة التي كثيرا ما يستعين بها أصحاب البلد الذي يقطنون، اعترافا بمواهبهم المتعددة إلا أهلوهم وأبناء جلدتهم من العراقيين الذين كانوا بالأمس يشاركونهم ذات المنافي ونفس العذابات ولكن ما إن فتحت لهم أحزابهم السياسية والدينية والقومية وغيرها من تلوينات ما انزل الله بها من سلطان، منافذ سياسية ليس لها من السياسة غير القشور والادعاءات البليدة ناهيكم عن العشرات من منتسبي هذه التكتلات القرقوشية ممن نعرفهم من الكسالى والخاملين وعديمي المبادرات الذين يفتقرون لأبسط أوليات الوعي السياسي والوطني أولئك الذين نسوا من هم وكيف كانوا وكيف استكرشوا الآن على حساب شعارات جوفاء كانوا نفاقا يرفعونها وحين استقرت عجائزهم على كراسي النهب والسلب والإثراء الحرام وعرفوا أخبث الطرق نحو اللصوصية والمال المنهوب أداروا ظهورهم لرفاق الأمس الذين ظلوا ينتظرون منهم اهتماما وهذا من حقهم بعد أن حرمهم النظام البعثي المقبور من كافة الحقوق طيلة أربعين عاما فلا أكملوا دراساتهم العليا ولا حصلوا على وظائف تليق بشهاداتهم ولا بمناصب في مرافق الدولة التي إعتبرها البعثيون حكرا عليهم مثل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ولا العمل في المطارات أو الحقل الدبلوماسي او حتى حصولهم على درجات عليا في العمل في جل دوائر الدولة ناهيكم عن المطاردات والمضايقات وخنق الحركة والكلام مما اضطرهم إلى ترك العراق وهم في فورة القدرة على العمل والعطاء وها هم مشتتون في منافي الأرض بعيدا عن الوطن منذ أكثر من ثلاثين عاما وكانوا يأملون ان تلتفت إليهم الحكومات المتعاقبة بعد سقوط النظام الفاشي وهم بطبيعتهم وما جبلوا عليه من أنفة واعتداد بالنفس بعيدون جدا عن الانحناء أو الاستصغار أو مد الأيادي للاستجداء وظلت كرامتهم هي رأسمالهم الأنبل في كل تفاصيل حياتهم ويقينا أن من يتحكم في القرار الوظيفي الآن يعرف هذه النخبة العراقية جيدا لكنه يسد أذنيه تجاههم ويفتح الباب على مصراعيه للمقربين له من حزبه وطائفته والمصفقين له ممن جبلوا على ذات السلوك اللا أخلاقي وربت الأكتاف الوضيعة التي لا تستحق حتى البصاق عليها لينالوا الحظوة والجاه وهذه العينة من السهل جدا أن تتحول إلى خفافيش ليل أن لم تكن فعلا كذلك لنهب العراق واغتراف الأموال بشتى الوسائل واستخدام كل طرق الاحتيال واللصوصية لجمع مال السحت الحرام وهم الآن يشكلون ظاهرة في المشهد العراقي بكل تفاصيله المريرة وهم جزء من الخراب الذي يعيشه العراق ويعانيه المغلوبون على أمرهم من العراقيين المظلومين. نعود إلى حرمان هذه الشريحة من العراقيين المؤهلين والمزودين بكفاءات لا حصر لها من اجل خدمة بلدهم ورد الاعتبار لهم والاستفادة من خيرات وطنهم العراق الجريح التي تذهب هدرا لمخلوقات لا تستحق أبدا لا المناصب ولا الحظوة ولا الامتيازات لنعود إلى ذات المربع الذي تركناه في أواسط السبعينات حين بدا حزب البعث بتقريب كل خامل وفاشل ومشرد وابن (عوبة وعايفته الدنيا) وتمتيعه بما لا يحلم به يوما في حياته فتحولوا إلى جواسيس وقتلة ولصوص ومجرمين وأعداء للعراق والعراقيين وآخر ما يفكرون به هو الوطن والمواطنة والشرف والنزاهة. ها هي ذات الحالات تتكرر فنتذكر حكاية ( خوجة علي ملة علي) التي راحت مثلا لتوصيف هؤلاء البشر قبل السقوط البعثي وبعده. فأي تغيير حدث في تربية هؤلاء اللاهفين للامتيازات وترك الحبل على الغارب؟ نعم رب سائل ممن لا ذمة له يقول أو يتهم كاتب المقال بأنه يدافع عن نفسه ويتكلم عن حقوقه المهدورة ، أقول لهذا الخرتيت المفترض، أقول بكل تأكيد إنا اقصد نفسي على حد سواء بدفاعي عن كل من يصنف معي من العراقيين الذين ما خانوا ولا كلوا ولا تحولوا الى أبواق رخيصة ولا مدوا أياديهم للدونيين والسفلة ولا انحنوا ولا ساوموا ولا .. ولا... أبدا ابدا وفضلوا أن يعيشوا في حرمان دائم وعوز شديد وهم يتنقلون من منفى الى آخر يحملون عذاباتهم على أكتافهم كما حمل اليسوع صليب جراحاته دون أن يتأفف ألما. ألا ينبغي أن يتفاخر العراقي النبيل بان من بني جلدته من كان على هذا القدر من النقاء والشرف والعزة التي باتت نادرة أيام البعث الذي اشترى جميع الذمم وكان بإمكانهم كسواهم من أقرانهم ممن اجر ضميره وداس على قيمه أن يتمتعوا بحالات من الترف والرخاء ولكنها حالات مندوفة بالعار والخسة وقذارة النفس البشرية الرخيصة والآن والحمد لله فليفتح فمه كل متطاول أو خسيس مدفوع اجر بيعه لكرامته بأية كلمة أو حتى إشارة بحق هؤلاء العراقيين الانقياء الذين تركوا العراق في عمر الزهور ووصلوا الآن سن الشيخوخة دون أن يتنازلوا عن ذرة من كرامتهم واقتناعاتهم التي ظلوا وما زالوا يقدسونها حتى الرمق الأخير خلافا لآخرين عاشوا وما زالوا كالحرباء تتلون حيث تناديهم صيحات الذلة وبيع الضمير. وعودة على بدء نقول ما معنى أن يتم تهميش هؤلاء الرائعين بعد بشائر التغيير وغير بعيد عنهم أناس من جنسيات مختلفة لا علاقة لهم لا بالعراق ولا بهمومه وهم اقل كفاءة وخبرة يتم توظيفهم كمراسلين وموظفين في فضائيات عراقية ولعل بعض هؤلاء ممن خدم النظام السابق، ما معنى أن ينظروا بعين الاستغراب المشوب بالاستهجان إقصاءهم وعدم الاتصال بهم من اجل العمل في مؤسسات بلادهم الإعلامية وهم الأجدر والاحوج والأكثر التصاقا بوطنهم وهمومه؟ حيث يطالعنا مراسلون من بلدان مختلفة ومن عواصم الدنيا مثل: القاهرة ودمشق والرباط وباريس وواشنطن ولندن وغيرها من عواصم مختلفة وغير بعيد عنهم عراقيون مبدعون منهم الأدباء والمسرحيون والفنانون وحتى الإعلاميون لا يجدون ما يسدون به رمقهم وهم ينتظرون ساعة الفرج للعودة الى وطنهم بعد غربة امتدت لعقود ثلاث أو أكثر وهم مهملون من قبل من يدير الفضائيات العراقية دون أن يتصلوا بهم من اجل التعاقد معهم في العمل ويقينا سيكون العطاء أضعاف ما يقدمه الآخرون لان أهل مكة أدرى بشعابها؟ أليس من الغريب أن يتم توظيف غير العراقيين ونحن هنا لا نقصد النظرة الضيقة ويمكن لهذا الوضع أن يتم في حالة عدم وجود الكفاءات العراقية أو أن الخير يكون قد شمل كل العراقيين دون استثناء وان العراق لا يمر بهكذا ظروف استثنائية أما وان تكون كل هذه الاختلالات موجودة في الوضع العراقي، ويذهب مسؤول الفضائية للتعاقد مع غير العراقي فهذا ما يدفعنا لان نضع علامات استفهام عديدة عليه، بل الانكى من ذلك أننا نتراسل مع مسؤولي تلك المنابر الإعلامية لطلب العمل مع اقتراحات بتطوير المردودية ولا من جواب حتى بالرفض. ومن خلال تجربة شخصية ومعايشة فعلية أقول لهؤلاء المسئولين هل أنهم وجدوا في تلك الدول، عربية كانت أم أجنبية من اخذ بيد العراقيين المشردين وأعانوهم في محنتهم ومد يد العون لهم إن لم يكونوا بأمس الحاجة لكفاءاتهم وفي حالات نادرة جدا والأفضلية دائما تكون لأبناء البلد الذي يمر بظروف لا تشبه بالمطلق ظروف العراق الكارثية. إن وراء الأكمة ما وراءها ونضع ثانية العشرات من علامات الاستفهام إزاء هكذا سلوكات مشبوهة لا نجد تفسيرا لها حتى يدفعنا هذا الوضع أن نستعين بالمثل القائل: مطرب الحي لا يطرب
#جواد_وادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حققوا جيدا في هويات اعضاء هيئة التمييز
-
تذكروا شباط الاسود
-
الرئاسات الثلاث وشفط الدهون
-
واين هي السيناتورة؟
-
ماذا يقول الصداميون واحبتهم عن مذبحة اليوم؟
-
الفضائيات العراقية ومهنية المعايير الاعلامية
-
البعثيون طينة واحدة فلا تؤمنوهم
-
من هو الفاجر يا عريفي؟
-
اهي فكتهم ام فكتنا؟
-
قائمة اتحاد الشعب امل العراقيين في التغيير
-
لا فظ فوك يا آلوسي
-
واين صوت المحرمات
-
الكويتيون وشبح الماضي
-
القتيل يوارى والقاتل يتوارى ولا من عقاب
-
الالاعيب البعثية ومخاطر عودتهم
-
تلك هي الصفاقة بعينها
-
لا حل سوى العين بالعين
-
الانظمة القمعية لا اعداء لها
-
وشهد شاهد من اهلها
-
القائمة المغلقة وخفافيش السياسة
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|