|
الدفاع الإسرائيلي عن الأسد
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2914 - 2010 / 2 / 11 - 18:01
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
ليست إسرائيل مجبرة بالدفاع عن سورية، لكنها وبكل تأكيد في أشد الدفاع عن نظام الأسد دون غيره من النظم العربية التي ناصبتها العداء الحقيقي. ولرب سائل أن يسأل، ما سر دفاع إسرائيل عن نظام الأسد وحده ؟ الجواب على هذا السؤال ليست له علاقة باحتلالها الجولان ، وتقاعس الأسد عن تحريره ، كما فعل الرئيس المصري الراجل أنور السادات الذي دفع حياته ثمناً لإعادة جزيرة سيناء (حوريب - أرض الخراب) في الحرب والسلم ، فالجولان أرض خصبة ، ليس من السهل التنازل عنها توراتياً ، ومع ذلك لو أراد الأسد استرجاعها لاستطاع حرباً أو سلماً . إن سر الدفاع الإسرائيلي عن نظام الأسد ، يكمن في بنية نظام الأسد الذي يتطابق من الناحية النظرية والعملية ، مع ما تريده إسرائيل ، فهي ومن دون شك ، لا تخفي رغبتها في حكم الأقليات المذهبية المحيطة بها ، كما لا يخفى على أي مراقب ، التركيبة الطائفية التي يتركب منها النظام الحاكم في سورية. مهما حاول النظام السوري أن ينفي عن نفسه صفة الطائفية بوجهيها المذهبي والسياسي، إلا أن إسرائيل وبدفاعها المستميت عنه، تبقى الحصن الأخير لهذا النظام الطائفي، الذي تزامن وجوده مع بداية الانطلاقة الفعلية لإسرائيل كقوة إقليمية صاعدة بعد العام 1967 ، وقد يتساءل البعض مفنداً ، أين يظهر هذا الدفاع وما هو شكله ؟. إن الدفاع الإسرائيلي عن الأسد ، في حقيقته ، دفاع غير مباشر يظهر في العديد من المحافل الدولية التي يجد النظام نفسه فيها مأزوماً ، كالعزلة الأخيرة التي أعقبت خروج النظام السوري من لبنان ، إثر اغتيال رئيس حكومته رفيق الحريري ، عدا عن التطبيع الفاتر ، الذي بدأت معالمه تتكشف من خلال اللقاءات السرية والعلنية في واشنطن وغيرها من العواصم الغربية ، ولربما جاءت هذه اللقاءات الغامضة للتفاهم على بعض الأمور السياسية التي تستعص على العقل فهمها وإدراكها. فمن جملة هذه الأمور التي يظن الإنسان العادي في منطقة الشرق الأوسط أن النظام السوري يتصدى لها بكل صمود وممانعة ، إلا أن هذا " التصدي المزعوم" له حدوده وخطوطه الحمر ، التي أشار لها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ، حين أبلغ الأسد بأن يلزم حدود " التفاهمات السرية" بين إسرائيل ونظام الأسد ، وهي تفاهمات لا علاقة لها بالسلام أو بالتطبيع . فإسرائيل تعلم يقيناً ، أن الشعارات الرنانة التي أطلقتها الإذاعات العربية في عقد الخمسينيات والستينيات وفي أوج مرحلة المد القومي ، لم تؤثر عليها عسكرياً ، بقدر ما أفادتها سياسياً في عميلة التوظيف الداخلي لشحذ همم المجتمع الإسرائيلي ، كما تعلم إسرائيل أيضاً ، أن نظام الأسد العروبي - الطائفي ، لا يستطيع أن يصمد أو يستمر في الحفاظ على شرعيته الثورية في السلطة من دون الضرب بجلدها ، أي جلد إسرائيل ، وذلك من خلال استنساخ نفس تلك الشعارات ، التي لا تؤثر عليها بشيء ، وبذات الوقت توحي للرأي العام بخصومة الأسد العميقة ، وأن المعركة بينهما طويلة الأمد ، فعدم استمرار تلك " المعركة الشعارية " يعني انتهاء شرعية الأسد ، بمعنى انتهاء صلاحيته في عيون وقلوب الشارع العربي المشحون بمشاعر الصمود والنصر. بل أن إسرائيل، ذهبت إلى أبعد من ذلك في استجابتها المباشرة لاستمرار " صمود الأسد" ، فلكي تقطع الشك باليقين ، فإنها سمحت للأسد باستثمار العلاقة بينه وبين حزب الله وحركة حماس ، ضمن حدود تظهر النظام السوري بصورة النظام المقاوم لإسرائيل ، في ما يشبه صناعة العدو الوهمي ، لأغراض سياسية معينة يحتاجها الطرفان ، وبذات الوقت يظهر النظام السوري نفسه كصمام أمان لأي خطر إسلامي محتمل يهدد مستقبل المنطقة من الأصولية الإسلامية بشقيها السني -القاعدة والشيعي- حزب الله ، الذي يعمل تحت أعين الأسد ، وبما تميله الرغبة الإسرائيلية. كما أن كل تجاوز في العلاقة غير المباشرة بين نظام الأسد الأقلوي- الطائفي وبين إسرائيل ، تعمد الأخيرة إلى تصحيحه وتعديله ، من خلال الرسائل الساخنة التي دأبت على إيصالها بشتى الوسائل ، كلما تجاوز الأسد حدود تلك العلاقة ، وهي رسائل بدأ ظهورها الفعلي يتوالى منذ العام 1976 ، الذي شهد الحرب الأهلية في لبنان بفعل وجود الفصائل الفلسطينية التي تولى الأسد تصفيتها ، استجابة للرغبة الإسرائيلية من جهة ، وبذريعة الحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق من جهة ثانية . أما أسخن تلك الرسائل، تمثل بقصف إسرائيل لموقع الكبر النووي في العمق السوري، والذي شكل بناؤه تخطياً لحدود العلاقة معها، من دون أن يرد النظام السوري، لئلا تنقطع خيوط تلك العلاقة، والتي بدأت معالمها تتضح على خلفية تصريحات ليبرمان المثيرة للجدل.
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لغة الحوار في الإسلام
-
الديكتاتور 36 ( الثورة )
-
لماذا لا يحكمنا الإسلاميون ؟
-
الديكتاتور 35 (ميلاد الزعيم)
-
لا ديمقراطية في الإسلام
-
الديكتاتور 34 (أسرار الزعيم)
-
الديكتاتور 33 ( تصفيات )
-
ماذا يفعل المسلمون في الغرب ؟
-
مسلسل الاعتقالات السياسية في سورية
-
الديكتاتور 32 ( مخابرات )
-
تقسيم الإسلام : هل النبي محمد مسؤول عن سلوك المسلمين اليوم؟
-
الديكتاتور 31 ( الغدر )
-
آليات التطرف والاعتدال في الإسلام
-
الديكتاتور 30 (أزمة 99%)
-
الإسلام والعلمانية: وجهاً لوجه
-
الديكتاتور 29 ( الاستفتاء )
-
الإسلام دين أم حضارة ؟
-
الديكتاتور 28 ( الوريث زعيماً )
-
فساد الإسلام أم فساد السلطة ؟
-
نادين البدير : وجاهلية البداوة
المزيد.....
-
الولايات المتحدة تصادر طائرة ثانية للرئيس مادورو (فيديو+صور)
...
-
ترامب يفرض عقوبات على الجنائية الدولية، ورئيس وزراء إسرائيلي
...
-
العلماء الروس يبتكرون منظومة للتحكم بسرب الطائرات المسيرة
-
سويسرا.. تطوير مادة تعيد بناء العظام في وقت قياسي
-
نتنياهو يناقش في واشنطن ترتيبات ما بعد الحرب مع حماس
-
راهر يفسّر غضب شولتس من طلب ترامب الحصول على موارد أوكرانيا
...
-
خبير يتحدث عن مساومة زيلينسكي لواشنطن وحظوظه في البقاء
-
مستشار كيلوغ: ترامب سيحدد قريبا المحفزات والضغوط بالمفاوضات
...
-
مصر.. إنقاذ طاقم مركب سياحي غرق في البحر الأحمر
-
تأثيرات الغطس في الماء البارد على الصحة والرفاهية
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|