|
حرام ، و فاشلة ، و يجب محاكمة المسئولين عنها
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2914 - 2010 / 2 / 11 - 16:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مثلما كان هناك ما أتفق فيه مع فضيلة الشيخ القرضاوي ، فإن هناك أيضا ما أختلف معه فيه ، و ذلك تبعا لما جاء في لقاء فضيلته مع البي بي سي العربية ، و الذي أذيع مساء يوم الإثنين الثامن من فبراير 2010 . تفجير الذات ، مصطلح أعتقد إنه محايد ، و وافي لوصف المقصود ، لأستخدمه في البداية ، قبل بيان رأيي ، بعد أن أصر فضيلة الشيخ القرضاوي على إطلاق إسم علميات إستشهادية ، لوصف العمليات التي من هذا النوع ، و التي قامت بها بعض الفصائل الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية . تلك القضية الخلافية رئيسية ، و تستحق إفراد مقال كامل . القضية سأقسمها إلى نقاط : أولاَ : الرأي الشرعي ، ثانيا : التنفيذ ، ثالثا : النتائج ، رابعا : ما كان يجب أن ينتهي عليه الحال . أولاً ، الرأي الشرعي : إنتحار أم إستشهاد ؟ فضيلة الشيخ القرضاوي يرى إنها إستشهادية ، و ليست إنتحارية ، و برر ذلك شرعيا ، من وجهة نظره ، و إعتبر أن هذا الرأي يجب أن يوافقه عليه كل مسلم بداهة ، و كان هذا جلي في تعامله مع المحاور الفاضل ، بإصراره على سؤاله ، هل هي إنتحارية ، أم إستشهادية في رأيه ؟ أقول لفضيلة الشيخ القرضاوي : لا أعتقد إن الكل يوافق فضيلتكم على هذا الرأي ، فالمدارس الإسلامية تختلف ، و أنا شخصيا من الملتزمين بالنص ، و أرى إنه ما كان فيه نص واضح ، من الكتاب ، أو السنة ، فلا إلتفاف عليه ، و في تلك القضية نص واضح - نص يعلو فوق أي نص - إنه أمر الله عز وجل ، في سورة النساء ، في الآيتين : 29 و 30 . لهذا هي في معتقدي : إنتحارية ، و ليست إستشهادية . ثانيا ، التنفيذ : فضيلة الشيخ تناول في نفس اللقاء مسألة التنفيذ ، و الذي طال مدنيين ، و قد إعتبر فضيلته ، أن سقوط ضحايا مدنيين من الإسرائيليين ، غير مقصود ، لأن المستهدف في الأساس تجمعات العسكريين . في هذا الرأي نقطة جزئية ، إيجابية ، على جانب كبير من الأهمية ، و هي ما يفهم من إستنكار فضيلته لإستهداف المدنيين ، و لو كانوا إسرائيليين ، و أنا أتفق معه فيها ، لو كان فعلا يعني ما فهمت ، لأن الرسول ، صلى الله عليه و سلم ، لم يستهدف المدنيين في حروبه ، و لم يأمر بذلك ، و علينا كمسلمين أن نتبع ذلك . لكن ما حدث عند التنفيذ يختلف ، فلم يكن سقوط المدنيين عرضيا - و لا يعني هذا إنني أوافق على سقوط المدنيين عرضيا - فقد كانت معظم أهداف التفجيرات الإنتحارية حافلات النقل العام . كذلك فقد كان الكثير من المنفذين من القصر ، و هذه جريمة أخرى إرتكبها القائمون على إدارة هذه العمليات . ثالثا ، النتائج : و هنا أترك لقاء فضيلة العالم الكبير القرضاوي ، و لكني لا أبتعد عنه ، فقد دافع فضيلته بحرارة عن سلوك ، و بالتالي من الضروري الحديث عن نتائجه . بصوت جهوري أقول : لقد كانت النتائج مخيبة ، و كارثية ، و هزيمة أخرى ، مثلها مثل النضال الفلسطيني المسلح الذي قادته فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ، و الفصائل المنبثقة منها ، و المنشقة عنها ، في السبعينيات ، و الثمانينيات ، من القرن الماضي ، الذي تمثل في خطف الطائرات المدنية ، و في حادثة الألعاب الأوليمبية في ميونيخ في 1972 . لقد كانت النتيجة هزيمة أخرى ، في سلسلة الهزائم الفلسطينية . الإنتصار الوحيد الكبير للنضال الفلسطيني الخالص ، كان إنتفاضة الحجارة ، أو نضال العزل ، فالذي سمح لعرفات ، و زمرته ، بالعودة إلى فلسطين ، ليست عمليات منظمة أيلول الأسود ، و لا جيش التحرير الفلسطيني المنتشر في لبنان ، و بعض الدول العربية ، بل العزل من أبناء الضفة ، و غزة ، الذين إنتفضوا ، فنالوا إعجاب ، و دعم ، الرأي العام العالمي . رابعا ، ما كان يجب أن ينتهي عليه الحال : بما أن النتائج لم تكن فقط سلبية ، بل و كارثية ، فقد كان من الواجب محاكمة المسئولين عن إدارة تلك الحرب الإنتحارية ، على الأقل داخلياً ، أي داخل منظماتهم ، و لا أشك في أن فضيلة الشيخ القرضاوي ، على علم تام بما كان أيام الخلافة الراشدة ، من مسئولية القادة العسكريين عن سلامة جنودهم ، فقد كان عليهم ألا يخاطروا بأرواحهم في مغامرات غير محسوبة ، فما بالنا بمن تسببوا ليس فقط في إهدار حياة من قاموا بالتنفيذ بلا طائل ، بل و التسبب في إقامة جدار عازل له سلبياته المعروفة ، و تلويث القضية الفلسطينية ؟ و بالمناسبة فما ينطبق على من قادوا إنتفاضة الأحزمة الناسفة ، ينطبق على من قادوا إنتفاضة الصواريخ ، التي كانت هزيمة أخرى . لكن في منطقتنا أصبح لا يحاكم كبير ، أو صغير ، بعد تسببهم في الهزائم ، ليس فقط منذ هتفت بعض الجموع المأجورة من الشعب المصري في 1967 : لا تتنحى ، بل من قبل ذلك . لهذا لا أوافقك يا شيخ قرضاوي فيما قلت ، لأن ما حدث ، كان إنتحار ، و إستهداف عمدي للمدنيين ، و كلاهما مخالف للشرع الإسلامي ، و كانت النتائج وبيلة على الشعب الفلسطيني ، و على صورة الإسلام ، الذي به تم تبرير تلك العمليات . لم يفلح من كل أشكال النضال الفلسطيني الخالص ، منذ بدأت مسيرته ، إلا النضال السلمي . لم يفلح نضال عرفات ، و أبو جهاد ، و سلامة ، و أبو نضال ، و المهندس ، و ياسين ، و هنية ، و أفلح نضال المواطن الفلسطيني المجهول الأعزل ، الذي لم يسجل في فيديو رسالته .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما أتفق فيه مع القرضاوي
-
ماذا سيستفيد الشيعة في العراق من دعم الديمقراطية السورية ؟
-
حكم الأغلبية في سوريا ، صمام أمان للمنطقة
-
مبارك الأب يقامر بمستقبل أسرته
-
القاعدة في أرض الكنانة ، كارت آل مبارك الأخير
-
حلايب قضية حلها التحكيم
-
الأكاذيب السعودية يروجها الإعلام الرسمي الروماني
-
في اليمن و باكستان أرى مستقبل مصر للأسف
-
التوريث أصبح باهظ الكلفة لسمعة مصر
-
محمد البرادعي و طريق مصطفى كامل
-
هذا هو المطلوب من مرشح إجماع المعارضة
-
جرابهم واسع ، و هدفهم تشتيتنا
-
هل هي دعوة من أوباما لحمل السلاح للإنضمام للعالم الحر ؟
-
أروهم بأس العراق الديمقراطي
-
في رومانيا ، الإشتراكي يتصالح مع الدين ، و الرئيس الليبرالي
...
-
لأن لا أمل مع جيمي أو فيه
-
الثورة الشعبية السلمية هي الواقعية الديمقراطية الوحيدة الأن
-
الطغاة يجب سحقهم أولاً
-
صوت العرب الديمقراطيين من بغداد
-
متلازمة ستوكهولم تشخيص فاسد و تسميمي
المزيد.....
-
الملكة رانيا والشيخة موزة وإمام الأزهر يشاركون بقمة حول الطف
...
-
البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا
...
-
هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
-
قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
-
الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
-
عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل
...
-
الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|