أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فردان - الهروب في زمن الإرهاب















المزيد.....

الهروب في زمن الإرهاب


علي فردان

الحوار المتمدن-العدد: 886 - 2004 / 7 / 6 - 05:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(5 يوليو 2004 م) الأخبار هذه الأيام تتحدث عن خطط إرهابية ضد مصالح غربية وأمريكية في البحرين، وقبلها في السعودية مما أدىّ إلى فزع في الجاليات الأجنبية في السعودية وجعلها تلملم ما ادّخرته خلال السنوات الماضية لتشد الرحال وتهرب من بلاد البترودولار. حتى مع الحوافز التي قامت الشركات الأجنبية العاملة في السعودية بتوفيرها من زيادة كبيرة في الرواتب، وكذلك مع الزيادات الكبيرة والمناصب العليا التي قامت المستشفيات وبعض المؤسسات الخاصة بعملها، إلاّ أن كلّ ذلك لم يجدي نفعاً، فالأموال لا تُفيد إنسانا برأس يتدحرج قرب جثّته.
من يتابع ما يتم نشره من أخبار حول الجاليات الأجنبية وما يصل إليه من أخبار عبر مصادر أخرى يرى كيف أن ضربات القاعدة الإرهابية في الخبر ونحر أكثر من شخص في الرياض كان لها أثر كبير في تغيير رأي الكثيرين من الأجانب الذين اعتقدوا ولعدة سنوات بأنهم يعيشون في أمان ورغد عيش كبيرين. أصبح الهلع والشعور بالخوف واضحاً حتى على وجوههم، فالبعض منهم تغيرت ملامح وجهه من قلة النوم خوفاً من هجوم انتحاري إرهابي أو خطف أو قتل مباشر. لقد هرعت هذه الجاليات إلى تسفير عائلاتها إلى بلدان مجاورة مثل البحرين أو إلى بلدانها خوفاً عليها، والكثير منهم سافر إلى غير رجعة، والبعض اتخذ احتياطات أمنية مضاعفة فأصبح حبيس الدار لا يخرج إلاّ للضرورة. البعض انتقل للعيش في البحرين ويذهب للخبر والدمام للعمل كل صباح ليعود إلى البحرين مساءً.
المضحك المبكي هو ما حدث من قِبَل بعض الأجانب، وهذه فقط بعض من هذه القصص. بعض الأجانب قاموا بلبس الثوب والشماغ والعقال حتى إذا ما وصلوا إلى البحرين قاموا بنـزع ملابس "الخوف" ولبسوا ملابسهم الأخرى. البعض استمر في لبس الثوب والشماغ حتى في السعودية وألبس زوجته العباءة لتغطية وجهها حتى لا يتعرف عليها أحد. صاحب أحد المتاجر المرموقة يقول بأن جاره في المتجر المجاور دخل المحل مصطحباً شخصاً أجنبياً بلباس سعودي حتى أن مشيته تبدو غريبة، فلم يعتد على لبس هذه الملابس ولا يلبسها بطريقة جيدة فيبدو فيها كالأبله أو كما في الدعايات التي تقوم بإلباس أجانب لباس سعودي ليظهروا كأنهم مواطنين ولكن بعيون خضراء وحركات مضحكة على أقل تقدير. أحد العاملين من الجاليات الغربية اعتاد على الشراء من محل معين، وصارت بين البائع وهذا الأجنبي نوع من الصحبة، وفي يوم سأله البائع من أي جنسية أنت، وكان الجواب بعد أقل من ساعة وهو وجود رجال المباحث يجرون هذه العامل للتحقيق فقد خاف الأجنبي عندما سأله البائع عن جنسيته وأبلغ السلطات، والنتيجة هي طرد البائع وتسفيره مع أنه لم يكن له علاقة بأي تنظيم إرهابي ولا يحزنون.
هذا الخوف الذي بدأ يسيطر على الأجانب كانت نتيجته على قطاع الخدمات والاقتصاد كبيرة، فالعديد من الكفاءات الأجنبية العاملة في الشركات والمستشفيات والبنوك غادرت البلاد إلى غير رجعة، تاركةً خلفها أعمال لم تُنجز مما أثّر على أداء المستشفيات الكبيرة التي تحاول جاهدةً البحث عن بديل، وفي غياب توطين لهذه الوظائف والعمل على تدريب كادر سعودي، تقلّصت خدمات هذه المستشفيات وانحدر أدائها بشكل كبير، خاصةً في المستشفيات التي تعمل فيها نسبة عالية من الكفاءات الأجنبية. إضافةً إلى أن العديد من المحلاّت التجارية تخصصت في بيع بضائع للأجانب الأوربيين والأمريكيين، وخاصةً السلع التقنية ذات السعر المرتفع حيث لا يستطيع الكثير من المواطنين شرائها، ومع ما حصل ويحصل الآن، انحدرت مبيعات هذه المحلات التجارية، والملاحظ يرى غياب الأجانب من هذه الأسواق حيث باتت مقتصرة على الجاليات الأسيوية والمواطنين.
مما زاد الأمر تعقيداً هو من نشرته وكالات الأنباء نقلاً عن وزير الداخلية السعودي بأنه سيتم السماح للأجانب باقتناء أسلحة شخصية للدفاع عن النفس، أسوة بالسعوديين. ولتوضيح خلفيات هذا القرار، يجب أن نعرف بأن السعوديين غير مسموح لهم بشراء أسلحة للحماية الشخصية، ولا يوجد أي مكان لبيع هذه الأسلحة، كل ما في الأمر هو أن من اشترى سلاحاً من السوق السوداء يمكنه التقدم بالسلاح والحصول على ترخيص له. هذا القرار له عدة سنوات ويتم تمديد المهلة كل عام للتسجيل رغبةً في معرفة انتشار هذه الأسلحة، والتي هي كثيرة جداً من ضمنها مسدسات ورشاشات كلاشينكوف وغيرها العديد تم تهريبها من دول أخرى مجاورة أو عن طريق تجار السلاح. لو تم إيجاد نقاط بيع وترخيص هذه الأسلحة لكان الوضع أفضل، حيث من المتعذر أن يقوم الشخص صاحب السلاح بالتوجه بنفسه إلى الجهات المسؤولة طالباً ترخيص لسلاحه، ولربما يتم التحقيق معه حول كيفية الحصول عليه ويسجنوه مما يجعل موضوع السماح بحمل سلاح حماية شخصي موضوع شائك، فالأكثرية لا تريد أن تعلم عنها الجهات الأمنية بأن لديها سلاح أو عدة أسلحة.
الجانب الآخر هو أن الإعلان عن السماح للأجانب يعني أن الوضع الأمني ينحدر بشكل كبير وأن الدولة غير قادرة على حمايتهم، وهذا يعني المزيد من الخوف لأنهم سيكونون مسؤولون عن حماية أنفسهم بدل أن تكون الدولة هي المسؤولة عن ذلك. العديد من الأشخاص لا يرغبون في اقتناء سلاح أو حتى رؤيته خوفاً من أن يؤدي إلى نتائج عكسية، مثل أن يتم إطلاق النار عليهم مباشرة بسبب الاعتقاد بأن لديهم سلاح، أو أن يكون الشخص في حالة نفسية من الخوف ويقوم باستخدام السلاح في لحظة حرجة يقتل فيها مواطناً عن طريق الخطأ وهذا سيفاقم الوضع الأمني المتردي أصلاً وسيزيد من الكراهية للأجانب وسيعطي المتطرفين مسوغاً إضافيا لاستهدافهم وقتلهم بدل تخويفهم ليخرجوا من البلاد.
حتى مع الخوف والقلق، استمر العديد من الأجانب في العمل في السعودية حيث قبل الأمر الواقع خاصةً أن الكثير منهم عمل هنا لسنوات وأصبحت هذه البلاد بالنسبة له أفضل من وطنه الأم لأسباب اقتصادية وربما كانت أمنية. من ضمن التكيف على الأمر الواقع هو السفر إلى البحرين في الإجازات أو نهاية الأسبوع لينسى هموم العمل وكذلك الخوف والقلق، ولو لفترة وجيزة. لكن يد الإرهاب يبدو قد وصلت إلى هناك، وما طلب الحكومة الأمريكية من رعاياها مغادرة البحرين خوفاً من أعمال إرهابية وشيكة، وكذلك إلغاء احتفالات الرابع من يوليو في البحرين، يوم استقلال أمريكا، إلاّ دليلاً آخر على أن الوضع في المنطقة يزداد سوءً يوماً بعد يوم. إن هروب أو سفر الأجانب للبحرين يتم بشكل يومي أو أسبوعي أو كطريقة للخروج دون عودة، وخير دليل هو وجود آلاف من السيارات تقطع الجسر يومياً ذهاباً وإياباً وفي نهاية الأسبوع، ولكن كل ذلك لا يبدو أنه يجدي نفعاً للهروب من الإرهاب.
فماذا تفعل هذه الجاليات إذا ما وصل الإرهاب إلى الكويت، أو الإمارات العربية المتحدة أو قطر، أو حتى عمان؟ وماذا تفعل هذه الدول الأجنبية إذا ما وصلتها يد الإرهاب كما حدث في 11 سبتمبر 2001 م؟ هل سيهرب الناس ويقفزون في البحر؟ هذا يؤكد على فشل أسلوب الهرب وإن أسلوب المواجهة مع الإرهابيين والدول التي تتبنى الأفكار الإرهابية وتفرّخ الإرهابيين قادم لا محالة، وإلاّ فعلى الدنيا السلام.

علي فردان
[email protected]



#علي_فردان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعداء الإنسانية: قراءة في فكر الندوة العالمية للشباب الإسلام ...
- انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية بوابة الإرهاب
- الكاتبة السعودية وجيهة الحويدر: قضيتكِ قضيتنا


المزيد.....




- بكلفة مئات الملايين من الدولارات..ما أبرز اللحظات بحفل زفاف ...
- أردى بعضهم قتلى.. غموض بعد جريمة صادمة لأب أطلق النار على وا ...
- باكستان تعلن عن حصيلة القتلى والجرحى في الهجوم على مسجد بسلط ...
- Politico: نموذج السويد للتجنيد العسكري يجذب الدول الغربية وس ...
- يوم عاشوراء في مصر.. من المياتم والأحزان إلى البهجة وأطباق ا ...
- بايدن وترامب -مدمنان- على السلطة - صحيفة التايمز
- بيربوك تروج من السنغال للشراكة الأوروبية الأفريقية
- إعادة انتخاب المحافظة المالطية ميتسولا رئيسة للبرلمان الأورو ...
- لقطات من داخل سيارة -لادا أورا- يقودها بوتين أثناء تفقده طري ...
- حريق الغابات المميت يلتهم منطقة سياحية في إزمير غرب تركيا


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فردان - الهروب في زمن الإرهاب