|
التحقيق مع طوني بلير: هل هي بداية ملاحقة مجرمي الحرب؟
إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي
(Driss Jandari)
الحوار المتمدن-العدد: 2912 - 2010 / 2 / 9 - 16:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق (طوني بلير) أمام لجنة تحقيق؛ شكلها البرلمان البريطاني ؛ للتحقيق في الحرب التي خاضتها بريطانيا؛ إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية؛ خلال ترأس طوني بلير للحكومة البريطانية. و من المعلوم أن رئيس الوزراء السابق؛ مثل حزب العمال البريطاني؛ الذي قاد الحكومة الربريطانية لعشر سنوات؛ قبل أن يسلم قيادتها لنظيره من نفس الحزب (جوردون براون)؛ بعد الضجة التي أثيرت حول المشاركة العسكرية؛ للجيش البريطاني في الحرب المدمرة على العراق؛ و التي اتهم خلالها (طوني بلير) بخداع الشعب البريطاني و أعضاء حزبه؛ من خلال تضخيم الخطر النووي العراقي؛ لتبرير إرسال 45000 جندي برطاني إلى ساحة المعارك؛ لمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية؛ في إسقاط نظام صدام حسين؛ و تدمير العراق على جميع المستويات . و تتميز لجنة التحقيق هذه بطابعها المدني؛ الشيء الذي يجعلها لجنة رمزية؛ لا تمتلك الشرعية القانونية لتعميق التحقيق؛ و من ثم الوصول إلى الإدانة؛ التي تبدو واضحة؛ في حق رئيس الوزراء البريطاني السابق؛ تؤكدها الأدلة المادية الملموسة . و لعل هذا الطابع المدني للجنة؛ هو الذي يفقدها وظيفتها؛ و يحولها إلى استجواب صحفي؛ أو برلماني؛ في مجلس العموم؛ على أكثر تقدير؛ و يحولها كذلك إلى ورقة انتخابية رابحة؛ في يد حزب العمال؛ بعدما أكدت استطلاعات الرأي تراجعه أمام حزب المحافظين. فرئيس الوزراء الحالي (جوردون براون) يعرف جيدا أن تشكيل اللجنة؛ سيرسم صورة جيدة لحزبه؛ باعتباره يعكس صدى الشارع البريطاني؛ و يوافق على التحقيق مع مسؤولين؛ قادوا الحكومة السابقة؛ و ينتمون إلى الحزب؛ و هذه أكبر ورقة رابحة؛ يستعد (براون) للعبها ضد حزب المحافظين . لكن هذا لا يعني أن لجنة التحقيق؛ التي ترأسها (جون شيلكوت) عديمة الجدوى تماما؛ فهي و برغم طابعها المدني و الرمزي؛ و برغم طابعها السياسي الواضح؛ لربح الرهان الانتخابي و ربح أصوات الشارع البريطاني. رغم كل هذا يبقى أمام الخصوم السياسيين لحزب العمال في الداخل؛ و أمام مناهضي الحرب في الداخل و الخارج ؛ تبقى أمام هؤلاء فرصة تاريخية؛ لاستثمار أية بادرة؛ و لو كانت رمزية؛ مع محاولة تطويرها مستقبلا؛ للإيقاع بقادة الإجرام على الشعب العراقي. فهذه بادرة أولى ستليها – من دون شك- بوادر أخرى فيما بعد؛ استجابة للنضال الذي تخوضه فعاليات المجتمع المدني؛ في الداخل و الخارج؛ لجر رموز العدوان الغاشم على الشعب العراقي؛ إلى المحاكم الدولية؛ سواء تعلق الأمر ببريطانيا أو بالولايات المتحدة. و لعل هذا هو ما أكد عليه السيد (أندرسون موراي) رئيس ائتلاف (أوقفوا الحرب)؛ بموازاة انعقاد أشغال لجنة التحقيق؛ حيث قال: ( إن السؤال الحقيقي الذي يجب على طوني بلير الإجابة عليه؛ هو في النهاية سيكون في لاهاي؛ و أمام محكمة جرائم الحرب) . و هذا رهان منطقي و معقول في حقيقة الأمر؛ و يمتلك الكثير من الأوراق الرابحة؛ نذكر منها : - أن رئيس الوزراء البريطاني السابق (طوني بلير) شارك في حرب فاقدة للشرعية القانونية؛ فقد تم شن هذه الحرب من طرف الحليفين (بلير- بوش) في انتهاك واضح لقرارات الأمم المتحدة. - أن طوني بلير مارس الكذب و التعتيم على الشعب البريطاني عموما؛ و على حكومته و حزبه بشكل خاص؛ حينما روج لمعلومات ترتبط بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل؛ و هي معلومات خاطئة؛ تم دحضها فيما بعد على لسان وزير الخارجية الأمريكي السابق (كولن باول) نفسه؛ قبل أن يتم إثباتها بشكل أكثر وضوحا فيما بعد . و في هذا الصدد لا بأس أن نشير إلى أن القانون البريطاني؛ يحاكم بتهم قد تصل إلى حدود الخيانة العظمى؛ كل من ثبت تعريضه للأمن القومي البريطاني للخطر. و هذا ما هو ثابت في حالة (طوني بلير). فقد ذهب ضحية الحرب اللامشروعة ما يتجاوز 127 جنديا بريطانيا؛ كما أن المشاركة في الحرب على العراق؛ جعلت الأمن القومي البريطاني على كفي عفريت؛ حيث تضاعف التطرف في الداخل؛ و تضاعفت التحديات الأمنية؛ المفروضة على الشعب البريطاني؛ من طرف القاعدة؛ التي تتربص بالمصالح البريطانية في كل بقاع العالم؛ و في كل حين . و في هذا الإطار كذلك يمكن استغلال تصريحات (طوني بلير) عند دفاعه على غزو العراق؛ بادعاء علاقة الرئيس العراقي السابق بتنظيم القاعدة؛ و هذا ما لا تثبته الأدلة المادية الملموسة؛ و كذلك بادعاء دكتاتورية النظام العراقي السابق. و هذا التصريح –كما هو واضح- إدانة صريحة لطوني بلير؛ لأن علاقة صدام حسين و نظامه بتنظيم القاعدة؛ يدخل في إطار التخمين؛ الفاقد تماما للصحة؛ بل للمعقولية حتى. أما بخصوص التدخل لإسقاط النظام العراقي؛ بادعاء دكتاتوريته؛ فهذه أكبر إدانة للسيد طوني بلير؛ لأن ميثاق الأمم المتحدة؛ لا يسمح لأية دولة بالتدخل العسكري؛ لتغيير نظام دولة أخرى. و إذا كان ما أقدم عليه طوني بلير بشراكة مع جورج بوش قانونيا و مشروعا؛ فهذا إيذان بنشر الفوضى في العالم؛ لأن أية دولة لا تتفق مع النظام السياسي لدولة أخرى؛ من حقها أن تتدخل لإسقاط هذا النظام . و بالتالي فإن جميع الأنظمة السياسية العالم-ثالثية خصوصا مهددة من طرف الولايات المتحدة و بريطانيا بالغزو. و هذا تهافت سياسي؛ ما قبله و لا بعده تهافت؛ يهدد القيم الأممية؛ التي ناضلت في سبيلها شعوب العالم؛ في العمق. إن الصورة اليوم – وبعد انتهاء التحقيق- تبدو أكثر جلاء؛ و هي في كليتها إدانة واضحة للسيد (طوني بلير)؛ الذي يتحمل المسؤولية المباشرة؛ في المغامرة بالجنود البريطانيين؛ في أتون حرب فاقدة للشرعية؛ في الداخل و الخارج؛ خصوصا و أن رئيس الوزراء البريطاني السابق قد صرح بالمباشر؛ أن مشاركته في الحرب على العراق إلى جانب (جورج بوش)؛ تحكمت فيها مجموعة من الخلفيات؛ التي ثبث بالملموس كذبها الصريح و لا شرعيتها القانونية كذلك. و هذا ما يفتح الباب في المستقبل؛ لإقامة دعاوى قضائية؛ تحول اللجنة المدنية إلى لجنة قضائية؛ تعمق البحث القضائي أكثر؛ في مجموع الادعاءات؛ و تصدر حكم الإدانة؛ بناء على القرائن المادية المتوفرة . كما يفتح هذا التحقيق الباب كذلك أمام نشطاء حقوق الإنسان؛ و معارضي الحرب؛ للتقدم بدعاوى قضائية أمام المحكمة الدولية في لاهاي؛ التي يجب أن تبث في الخرق الواضح؛ الذي مارسه كل من بوش و بلير؛ في حق القانون الدولي و الشرعية الدولية .
#إدريس_جنداري (هاشتاغ)
Driss_Jandari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السياسة الخارجية الأمريكية وقود تنظيم القاعدة
-
باراك أوباما و حصيلة السنة الأولى- ماذا بقي من شعار التغيير؟
-
اليمن : البوابة الجديدة للسيطرة على الشرق الأوسط
-
خطة أوباما الأمنية الجديدةهل هي بداية انتصار المقاربة الجمهو
...
-
حصيلة القدس سنة 2009 : مزيد من التهويد
-
نهاية سنة أمريكية دامية
-
التقارب السوري-اللبناني: تغليب كفة المصالح المشتركة
-
مذكرة اعتقال تسيبي ليفني: مصداقية القضاء البريطاني على المحك
-
أزمة ديون دبي في نقد المقاربة الإيديولوجية
-
أزمة المآذن في سويسرا في الحاجة إلى نقد مزدوج لثقافة التطرف
-
الوضعية السياسية الجديدة لحزب الله ما بين التصريح الحكومي و
...
-
وهم وقف الاستيطان المخرج الأمريكي- الإسرائيلي من المأزق
-
حول الملف النووي الإيراني- السوري : تصريح البرادعي – الشجرة
...
-
طرد الموريسكيين مأساة إنسانية في عز النهضة الأوربية
-
تفجيرات العراق الدامية في الحاجة إلى وحدة وطنية
-
هل هي بداية انتصار الفياضية و الدحلانية !؟
-
الموقف الأمريكي من الاستيطان ما بين الطاكتيك و الاستراتيجية
-
ملتقى القدس- جميعا من أجل فضح الهمجية الصهيونية في المدينة ا
...
-
المأزق الإسرائيلي : ماذا بعد المصادقة بالأغلبية على تقرير كو
...
-
الحوار السوري السعودي.. أية دلالات ؟ أية آفاق ?
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|