أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد عويس - -الذبح- على الطريقة الإسلامية !














المزيد.....

-الذبح- على الطريقة الإسلامية !


خالد عويس

الحوار المتمدن-العدد: 885 - 2004 / 7 / 5 - 06:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


راجت في الآونة الأخيرة "ثقافة" ذبح الآدميين بعد خطفهم بدواع أقل ما يقال عنها أنها تفتقر إلى أدنى حس انساني ناهيك أن يكون هذا الحس مفعما بالتدين. فمن العراق حيث يعيث "أبومصعب الزرقاوي" فسادا ويتطاول على الدين الإسلامي مدعيا أئتماره بتعاليم السماء وصولا إلى السعودية التي أغدقت فيها "القاعدة" عطاءاتها "الانسانية" السخية ودخلت إلى كل بيت من دون أن تفرق بين مسلم و"معاهد"، أضحت الموضة الغالبة على المتطرفين هي الذبح.
يدعي هؤلاء بأنهم يقومون بواجب "مقدس" يتمثل بإخراج "الكفار" من جزيرة العرب ومن بلاد الرافدين، لكن عملية خطف مسلمين والتهديد بذبحهما ما لم تستجب حكومات بلدانهم لمطالب الخاطفين، أكدت على الشقة الهائلة التي تفصل تفكير الارهابيين عن دعاويهم ضد "الكفار" وحدهم.
وبقدرما كانت عملية ذبح الرهينة الكوري في العراق مؤلمة وقاسية، حملت عملية ذبح الأمريكي بول جونسون في السعودية الدلالات ذاتها، وتعدتها إلى تشويه صورة الإسلام على نحو غير مألوف. فالقتلة الذين ذبحوا جونسون بدم بارد، ثم تلذذوا بحمل رأسه والدماء تقطر منه، وتفننوا في عرض صور مختلفة توثّق عملية الذبح، كانوا كمن يقوم بنزهة لا تمت إلى مهمتهم القذرة بصلة.
يعجب المرء كيف يقدم انسان على الصاق كل هذا العنف بدين سماوي، ويزيد العجب بالمبررات التي يحاول هؤلاء تقديمها كبراهين على صحة أفعالهم ونسبتها بالكامل إلى الأوامر الالهية. وبطبيعة الحال، فإن عنفا بهذا المستوى يؤشر بوضوح إلى خلل فكري عميق لا يمكن حلحلته بواسطة الجهود الأمنية وحدها التي تحاول اجتثاثه، فالتجربة العريضة في أنحاء العالم الإسلامي دلت بوضوح إلى ضرورة الارتهان إلى جهود ثقافية وفكرية معمّقة تشمل مراجعة دقيقة للمنظومات الفكرية والمؤسسات الدينية والثقافية بالاضافة للمناهج الدراسية القائمة على التلقين والتحفيظ والملغية للعقل.
ويبدو أن ظاهرة الذبح –كما هو حال التطرف- ستنتقل من بلد إلى بلد، فمن الواضح أن التأثير المتبادل بين هذه الجماعات في أساليب العمل هو ذاته الذي توفر للمتطرفين في الجزائر ومصر وتونس والسودان وغيرها في مطلع التسعينات ومنتصفها لتستحيل تلك البلدان إلى جحيم. وبدا لافتا أن عدوى الذبح انتقلت بسرعة البرق من العراق إلى السعودية لتضحي "علامة تجارية" لتنظيم القاعدة في الآونة الأخيرة. والحقيقة أن التنظيم المذكور أصبح الآلية الأكثر قدرة على تشويه الدين الإسلامي في العقد الأخير. فلو صحّ ما ذكره سعوديون زاملوا جونسون في الشركة التي كان يعمل بها عن اهتمامه بالاسلام، فإن ذلك يعني ببساطة أن قتلته لم يكتفوا بذبحه فحسب وإنما منعوه أيضا من التأثير على أسرته وأصدقائه ومعارفه في حال دخوله الإسلام بقناعات فكرية لا بقناعات السيوف والخناجر التي تحاول القاعدة أن تقنعنا بجدواها في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل.
ومن الغريب حقا أن "القاعدة" التي لا تضم في عضويتها إلا عددا محدودا جدا من الفلسطينيين، لم توجه عنايتها أبدا للأراضي المحتلة. ولم تستهدف "القاعدة" طوال سنوات نشاطها اهداف إسرائيلية واضحة للعيان متذرعة بأن الاهداف الأمريكية هي ذاتها الإسرائيلية. لكن في المقابل لا يستميت الفلسطينيون أنفسهم في شن هجمات على الأمريكيين وكانوا سيحصلون من دون شك على تعاطف أكبر من الذي تجنيه القاعدة حاليا نتاج هجماتها على مواطنين أمريكيين وكوريين ربما يكونوا هم أنفسهم من المتعاطفين مع القضايا العربية والإسلامية مما يعزز الاعتقاد بأن للقاعدة اهداف سياسية محضة تتمثل بالاستيلاء على السلطة في هذا البلد أو ذاك.
القاعدة تعمم أحكامها على شعوب بكاملها متغاضية عن حقائق بدهية يجسدها مئات الآلاف من البشر الذين تدفقوا إلى شوارع أوروبا وأمريكا الشمالية مرارا معبرين عن رفضهم لسياسات بلدانهم. وتتغاضى القاعدة عن نماذج من الأمريكيين والأوروبيين الذين قدموا إلى الأراضي المحتلة ودافعوا بأجسادهم عن فلسطين ومات بعضهم تحت الجرافات الإسرائيلية أو برصاص الاحتلال.
وتتناسى القاعدة بأن مثقفا فرنسيا من الوزن الثقيل كجان بول سارتر كان ضد احتلال بلاده للجزائر مثلما كان فيلسوفا بريطانيا كبيرتراند راسل ضد خوض بلاده حربا عالمية أيا تكن دعاويها طالما أنها تهرق دماءا وتسحق "الانسانية". وكان ذلك أيضا موقف الروائي الأمريكي ارنست هيمنجواي بعد أن جرّب الحرب في اسبانيا وأمريكا الجنوبية وتوصل لقناعة بعبثيتها و"لا انسانيتها"، لكن القاعدة ليست في موضع التأمل للتراث "الانساني" وليست في موقع "المتعاطف" مع الانسانية، فكل ما يهمها هو التسويق وابراز عضلاتها في دليل ساطع على الفارق الكبير بين "حق القوة" و"قوة الحق".
والحق أن القاعدة تمثل الوجه الآخر تماما للسياسة الأمريكية التي اصطلى بها الأمريكيون العاديون أنفسهم مثلما تصلي القاعدة المسلمين بأعمالها، وتفرض عليهم يوما بعد آخر الانزواء والخجل من تصرفات تبدو في سياق بربرية الانسان الأول قبل اكتشافه حقيقة كونه "انسانا" حين كان يعيش بطريقة أقرب ما تكون للبهيمية وأبعد ما تكون عن العقل و"الضمير" الحي!!



#خالد_عويس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد عويس - -الذبح- على الطريقة الإسلامية !