من وثائق الاتحاد الوطني لطلبة المغرب : الندوة الصحفية حول المؤتمر الوطني 15 - ( 1972)
يوغرتن الباعمراني
2010 / 2 / 9 - 06:08
حضرات السادة:
إن اللجنة التنفيذية للإتحاد لتشكركم على تلبية دعوتها بالحضور في هذه الندوة التي حرصت منظمتنا على إقامتها عقب كل مؤتمر وطني للإتحاد لإطلاع الرأي العام الوطني و الدولي على مقررات المؤتمر و على مواقف الحركة الطلابية المغربية من الأحداث الوطنية و الدولية و على برنامجها النضالي السياسي و النقابي و قد جرت العادة أن تجرى الندوة الصحافية في الأسابيع الأولى التي تلي المؤتمر إلا أن الأحداث السياسية خاصة التي مرت بها بلادنا من جهة ثانية قد حال دون ذلك.
و لقد جرت تقاليد منظمتنا على أن يقوم بإجراء مثل هذه الندوة نيابة عن اللجنة التنفيذية رئيس المنظمة، إلا أن مصير رفيقنا رئيس الإتحاد كما تعلمون لازال مجهولا.
إن الظروف العامة التي تعقد فيها هذه الندوة تتميز بإختطاف رئيس الإتحاد و إعتقال الرفيق لوديي عبد العزيز عضو اللجنة التنفيذية،و التحضير لمحاكمة عدد من الطلاب،و نفض الغبار عن ملفات قديمة لمحاكمة قدماء مناضلي الإتحاد الوطني لطلبة المغرب هذه الحملة تهدف إلى ضرب منظمتنا من جهة،و إلى تغطية عجز الحكم عن حل المشاكل الأساسية التي يعيشها التعليم بشكل عام من جهة ثانية.
إن وزارة التعليم العالي تستقبل السنة الجامعية دون أي إستعداد لإستقبال الجدد بالجامعة سواء فيما يخص السكن أو البنايات أو الأساتذة أو المطاعم و في مقابل ذلك لجأ الحكم إلى:
1- محاولة ضرب قيادة المنظمة بهدف تشتيت الوحدة الطلابية و بالتالي ضرب كل إمكانيات للنضالات من أجل فرض حلول هذه المشاكل.
2- تصدير عدد كبير من الطلاب إلى الخارج (العراق-فرنسا-الخ…)
إن خطة الحكم هذه ترمي إلى تحويل الأنظار عن عجزه المطلق في حل المشاكل الملموسة للتعليم إلى ما إختلقه من إعتقالات و إختطافات تعسفية و محاكمة صورية كما أن هذه الخطة تستجيب بالتالي إلى سياسته الجديدة الهادفة لتصفية جميع المنظمات التقدمية و الوطنية و إنهاء كل مظاهر الديمقراطية حتى الشكلية منها.
إن موقف الإتحاد الوطني لطلبة المغرب من هذه الخطة لن يكون بالتأكيد موقف استسلام و خضوع بل موقف الرفض لهذه السياسة و النضال ضدها و العمل على الإلتحام بالجماهير الكادحة و بكل المنظمات الوطنية و التقدمية الرافضة.لهذا المخطط و المستعدة للنضال ضد الحكم المطلق من أجل فرض خيارات الجماهير الشعبية.
حضرات السادة:
إن انعقاد المؤتمر الخامس عشر لمنظمتنا قد إكتسى القيمة الخاصة لعدة أسباب منها:
1- إن التجربة النضالية للحركة الطلابية قد استمرت سنتين دون أن يتخللها عقد مؤتمر المنظمة السنوي.
2- إن الوضع داخل النظام القائم قد عرف إنفجار كانت له إنعكاسات على الوضعية السياسية في البلاد.
3- إن إنعقاد المؤتمر جاء بعد المعارك البطولية التي خاضها الطلاب و التلاميذ و الجماهير الشعبية في مختلف القطاعات.
إن مجمل هذه الظروف طرحت على المؤتمر ضرورة تعميق دراسة تجربة الحركة الطلابية و الوضعية العامة للبلاد للخروج ببرنامج نضالي و بمواقف واضحة إتجاه التطورات السياسية التي عرفتها بلادنا.
و لقد إنكب المؤتمر على دراسة التجربة و تقيمها و تحديد مواقف المنظمة من مشاكل التعليم و القضايا الوطنية و القومية و الدولية.
* و فيما يخص مشكل التعليم و الجامعة سجل المؤتمر بأن مشكلة التعليم قد شكل إحدى واجهات الصراع بين الجماهير الشعبية و الحكم منذ بداية الإستقلال،و أن الحكم قد إستمر في تراجعاته عن الشعارات الوطنية :تعريب التعليم،و ديمقراطيته،و توحيده و مغربته.و بأن ارتباطات الحكم و اختياراته السياسية التي تحدد دائما موقفه من مشكل التعليم هذا الموقف الذي يناقض اختيارات الجماهير في تعليم ديمقراطي عربي مغربي و موحد،كما سجل المؤتمر أن تحقيق هذه الشعارات مرهون أساسا بإقامة نظام يستجيب لمطامح الجماهير في التحرر من التبعية للإمبريالية و من الهياكل شبه الإقطاعية الإستعماري القائمة في البلاد،و قد حدد المؤتمر الخامس عشر برنامجا نضاليا في مجال التعليم تتمثل في :
– التأكيد على ضرورة النضال من أجل تحقيق الشعارات الوطنية الأربع بالمضمون التقدمي و الجماهيري لهذه الشعارات.
–إعطاء التلاميذ حق التنظيم النقابي الحقيقي و النضال إلى جانبهم.
– النضال من أجل فرض حرمة المؤسسات التعليمية في الثانوي و العالي.
–فرض إرجاع المدرسة العليا للأساتذة التي إنتزعها الحكم لتكريس سياسة الإعتماد على الأطر الأجنبية.
– النضال من أجل فرض استقلال حقيقي للجامعة.
** أما على الصعيد الوطني فقد سجل المؤتمر كون جهاز الدولة الحالي يشكل أحد أطراف التناقض الأساسي بين الشعب الكادح و مستغليه،و أن إتجاه الحكم هو التنكر التام لجميع مظاهر الحريات العامة و نهج سياسة القمع ضد كل منظمة تقدمية وطنية،و الزج بكل المناضلين التقدميين و الثوريين في السجون مع الإستمرار في الإختطافات و المحاكمات الصورية و معانقة مختلف الإمبرياليات و التنسيق معها.
- نسخ تجارب رجعيات أخرى (إيران،إسبانيا،تركيا) بخلق و تقوية طبقة من البورجوازية الصغيرة لتلعب دور الوسيط بين نظام التحالف الرجعي و الجماهير الكادحة.
- ترويج أخلاق التفسخ و الإنحطاط و نشر و تدعيم وسائل و مجالات الخلاعة و الدعارة قصد إلهاء الجماهير على الواقع المؤلم الذي تعيش فيه و من أجل تحطيم الروح النضالية فيها.
- نهج سياسة مدروسة لتجهيل الشعب،و بث الأفكار الرجعية و الشعوذة و محاربة الفكر العلمي التقدمي.
و لقد جاءت عاشر يوليوز معلنة عن تفسخ الجهاز الحاكم و احتدام الصراع داخله فالجيش الذي كان يسخر لقمع الجماهير و لحماية النظام القائم قد أعلن تمرده مما هز أركان النظام ،و قد كان من نتائج عاشر يوليوز نمو ملموس في وعي الجماهير و تصاعد نضالاتها كما ازدادت عزلة الحكم عن الجماهير الشعبية.
- أما الأحزاب السياسية فإنها عجزت عن القيام بأية مبادرة لتطوير الوضع لصالح الجماهير و ذلك نتيجة لطبيعتها المتذبذبة الإصلاحية، مفضلة إعتبار الحدث فرصة في الدخول في المناوءات تبعا لإنتظاريتها المترقبة أما لأزمة داخل الحكم و إما لإنتفاضة جماهيرية تركبها.
و قد تمثل موقف الحكم في تصعيد موجة القمع ضد الثوريين و محاولة ترتيب أوضاعه و إعادة بناء جهازه القمعي من جديد،مع تغطية كل ذلك بالمفاوضات و التنازلات الشكلية لإمتصاص السخط الجماهيري (إلغاء ضريبة الراديو و الدراجات…).
إن الإطار العام لهذا التفتح هو خلق "تصالح طبقي" هذا الشعار الكاذب الذي ترفعه كل الطبقات الوشيكة على الإنهيار.
إن المؤتمر الخامس عشر إدراكا منه لهذه الوضعية التي تعيشها بلادنا قد طرح برنامجا نضاليا دعا فيه كل القوى الوطنية و التقدمية لخلق جبهة موحدة من أجل:
1) فرض ممارسة الحريات الديمقراطية بجميع أشكالها.
2) فرض تحرير جميع المناضلين التقدميين و الثوريين منذ سنة 57 إلى 1972.
3) رفض الدستور الثالث الممنوح و تنظيم هيآت تمثيلية شعبية تسهر مرحليا على خلق الشروط الأولية و إنجاز مهمة التحرر.
4) النضال من أجل نفوذ الإمبريالية الصهيونية و الرجعية المحلية، و إنجاز إصلاح زراعي حقيقي و تشريك وسائل الإنتاج.
5) النضال من أجل إقامة نظام وطني ديمقراطي شعبي في الداخل و مناهض للإستراتيجية الإستعمارية على الصعيد العالمي مع المساندة الفعلية لحركة التحرر الوطني العربية و العالمية.
6) النضال من أجل تحرير أجزاء بلادنا المغتصبة:سبتة،مليلية و مساعدة الشعب العربي في الصحراء على تحرير الصحراء العربية من يد الأسبان.
7) النضال من أجل إنهاء الوجود العسكري ببلادنا الذي يمثل خطرا دائما على سيادتنا الوطنية و سيادة الشعوب الإفريقية و الشعب العربي و بالأخص في نضاله القومي لتحرير فلسطين من الإمبريالية و الصهيونية و إلغاء نظام البعثات الإستعمارية الأجنبية و كل مظاهر الغزو الثقافي الإستعماري في بلادنا.و فرض ثقافة عربية تحررية.
إن منظمتنا تلتزم بالعمل وفق هذا البرنامج إلى جانب كل المنظمات الوطنية التي ترغب في النضال معها على أساس مبدأ الوحدة-النقد-الوحدة.
*** أما على الصعيد القومي فإن المؤتمر يسجل تحالف الحكم مع الرجعية العربية و تدعيمها في محاربة الثورة الفلسطينية و المساهمة في مخططات تصفيتها،و إقحام بلادنا في إستراتيجية العسكرية الأمريكية التي تستهدف ضرب حركة التحرر العربية و على رأسها الثورة الفلسطينية و يعتبر أن تحرير فلسطين و الأجزاء المحتلة من الوطن العربي لا بد أن يمر عبر النضال الثوري الإشتراكي ضد الإمبريالية و الصهيونية على إمتداد الوطن العربي.و أن هذا التداخل بين النضالين الطبقي و القومي هو الذي يحدد مضمون الثورة العربية و نوعية قيادتها.كما اعتبر المؤتمر أن بورجوازية الدولة في الوطن العربي قد إنحازت إلى جانب الرجعية العربية و إختارت الحل الأمريكي الصهيوني و أعلنت الإستسلام و أن أكبر مؤامرة تواجه المقاومة الفلسطينية هي مشروع ما يسمى "بالمملكة المتحدة".و لقد أدان المؤتمر بشدة الموقف المخزي للحلف الثلاثي من القوى التقدمية و الثورية في السودان و المجازر البربرية التي قام بها النظام السوداني العميل ضد مناضل الشعب العربي في السودان.
كما حيا المؤتمر نضال الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي.
و أدان المؤتمر التي تحيكها الأنظمة الرجعية في السعودية و منطقة الخليج و حليفتها الإمبريالية العالمية ضد النظام التقدمي في اليمن الشعبية الديمقراطية.و اعتبر أن إحلال شعار الجبهة العربية الثورية محل التطبيق هو الرد الحاسم على كل المؤامرات و التهديدات التي تقوم بها الإمبريالية و الصهيونية ضد الجماهير العربية و على رأسها الثورة الفلسطينية و ثورة الخليج و ظفار و النظام التقدمي في اليمن الديمقراطية الشعبية.
**** و على الصعيد العالمي حيا المؤتمر نضالات حركات التحرر الوطني في كل من آسيا و افريقيا و أمريكا اللاتينية و خاصة في الفيتنام و الكامبودج و اللاووس و موزمبيق و أنكولا و اريتريا.
و فيما يخص ملتمسات التضامن أصدر المؤتمر عددا من الملتمسات الخاصة بالمنظمات الطلابية الشقيقة و الصديقة ووجه المؤتمر كذلك رسالة تضامن إلى كل المعتقلين السياسيين بمراكش و البيضاء و القنيطرة و باقي السجون يحيي فيها صمودهم و يؤكد لهم وقوف الحركة الطلابية إلى جانبهم.
هذه مجمل القرارات التي خرج بها المؤتمر الذي تميز بانسحاب بعض أعضاء اللجنة التنفيذية السابقة بمجرد إنعقاد جلسته الأولى،هذا الإنسحاب الذي بني على أساس عجزهم عن تكوين لجنة لرئاسة المؤتمر في الوقت الذي كان عليهم طرح المشكل حسب قانون المنظمة على المؤتمر للبث فيه و لقد صاحب إنسحاب بعض أعضاء اللجنة التنفيذية القديمة إنسحاب بعض المؤتمرين.
و قد إعتبر المؤتمر أن انسحاب أغلبية أعضاء اللجنة التنفيذية السابقة كان نتيجة لمحاولة فرض توجيه معين على المؤتمر قصد تحويل الصراع من واجهته الديمقراطية التي يجب أن يتخذها، و ذلك في الوقت الذي كان فيه إصرار أغلبية المؤتمرين على رفض هذا التوجيه واضحا.
كما أنه يعتبر هذا الإنسحاب قبل تقديم التقريرين الأدبي و المادي نوعا من التهرب من المحاسبة و المسؤولية و لقد تأسف المؤتمر لكون اللجنة التنفيذية لم تستدعي المنظمات الوطنية و كذا المنظمات الطلابية الشقيقة و الصديقة التي جرت عادة المنظمة على استدعائها لحضور مؤتمراتها.
حضرات السادة
قد سمعنا ونحن نتابع أشغال المؤتمر لغارات جوية قرب قاعة المؤتمر أعلن بعدها عن طريق الإذاعة بأن محاولة انقلاب قد مرت منها البلاد و بذلك يكون التصدع الثاني قد جرى داخل النظام و في أقل من سنتين.
إن الإتحاد الوطني لطلبة المغرب يعتبر أن حدث 16 غشت لن يغير من شعارات الجماهير المغربية و لن يغير مواقف الجماهير الطلابية بخصوص هدفها في إقامة نظام وطني ديمقراطي شعبي ينتفي فيه استغلال الانسان لأخيه الإنسان و في إحدى تعليم عربي،ديمقراطي مغربي و موحد.
إن الظروف العامة التي تحملت فيه اللجنة التنفيذية الجديدة مسؤولياتها قد تميزت بظروف خاصة سواء من حيث الوضعية السياسية أو من حيث حملة القمع المسلط على الحركة الطلابية و على المنظمة.
إن أ.و.ط.م الذي يستمد قوته أساسا من إلتحامه بالنضالات الشعبية و من إصرار مناضليه على الإلتزام بمبادئ المنظمة الطلابية كجزء من الحركة الجماهيرية المغربية سيعمل في إطار قيادته الحالية من أجل الحفاظ على وحدة الحركة الطلابية المغربية التي هي مركز قوة الحركة و ضمان استمرارها صامدة
----------------------------------------------------------------------------
الإتحاد الوطني لطلبة المغرب
الندوة الصحفية
حول المؤتمر الوطني الخامس عشر-1972