أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - مها عبد الكريم - -القاتل الخفي- مازال يفتك بسكان حي الانصار في النجف















المزيد.....

-القاتل الخفي- مازال يفتك بسكان حي الانصار في النجف


مها عبد الكريم

الحوار المتمدن-العدد: 2911 - 2010 / 2 / 8 - 00:04
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


صار من البديهي ان العراق اليوم يعيش واقع بيئي يتفاقم تلوثه يوما بعد اخر, فمشاكل البيئة كثيرة ومتراكمة ومتداخلة بحيث اصبحت منظومة متكاملة لها جذورها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واصبح التلوث البيئي سبب اخر للموت في العراق قد يستمر لفترة اطول كثيرا من تصوراتنا خصوصا مع ملوثات مثل اليورانيوم المنضب ومخلفات الحرب المشعة المنتشرة في الاحياء السكنية , وقد ظهرت تداعيات التلوث البيئي في اكثر من منطقة ومدينة من مدن العراق منها مدينة النجف التي حُددت ضمن اربعين موقع اخر في العراق ملوثة بمستويات عالية من الاشعاع وسموم الديوكسين (1), وكان قضية حي الانصار والاصابات السرطانية التي انتشرت بين سكان الحي بشكل كبير الابرز فيها.
وبين تقارير للجان شكلت وجهات علمية وبحثية نفت في وقت سابق وجود تلوث اشعاعي وكيميائي وبايلوجي وحي شهد اصابات وبائية بمرض السرطان قمنا باجراء هذا التحقيق مع عدد من سكان الحي..

كنت اشعر بقلق أن أتسبب بالإزعاج لمن في حالتهم، او ان لا يجد بعضهم الرغبة في الحديث عن مرضه لشخص غريب، حين إتصلت بعدد من المصابين بالسرطان في حي الأنصار في النجف، لكن ومن خلال حديثي مع اول شخص اتصلت به شعرت اني انتقلت الى حي عراقي اصيل مليء بالطيبة وان اناس هذا الحي المنكوب برغم ما يتعرضون له من اخطار مجهولة تستهدف حياتهم وحياة ابنائهم مازالوا بنفس كرمهم وطيبتهم وترحابهم بالضيف لم يقطعوا الامل في ان تشملهم الجهات المعنية في الحكومة بالعناية والرعاية وان تلتفت الى معاناتهم مع هذه الامراض الخطيرة والفتاكة.
كانت البداية مع زينب مجيد الذي تولى الحديث عن قصتها مع المرض زوجها فاضل فليح حسن فأخبرني انها مريضة منذ سنتين بسرطان الثدي وقد اجريت لها عملية استئصال وهي الان تخضع للعلاج الكيمياوي وهو غير متوفر واسعاره مرتفعة وحالتها الصحية لا تشهد تحسن , زينب عمرها 35 سنة وهي ام لثمانية ابناء وهي اول مصابة بهذا المرض في العائلة ،وقد قامت في وقت سابق بمراجعة دائرة الرعاية الاجتماعية لتقديم طلب للحصول على راتب او مبالغ ثابتة من اجل العلاج لكن طلبها رفض كون زوجها موجود على قيد الحياة.لكنها استلمت المنحة التي تم تخصيصها من قبل مجلس محافظة النجف لكل مصاب بهذا المرض في حي الانصار وهي مليون وخمسمائة الف دينار عراقي وهي لا تكفي لعلاج مريض السرطان وان العملية التي اجريت لها كلفت وحدها مبلغ يفوق مبلغ المنحة باضعاف .
اما عن وجود اصابات اخرى حاليا في منطقة سكنه قال: هناك ثلاث حالات لاشخاص بيوتهم قرب يبته وعند سؤاله عن وجود احدى منشأت للتصنيع العسكري السابق او بقايا اسلحة مدمرة من حرب عام 2003 اجاب بالنفي لكنه بين ان القوات الامريكية كانت تتخذ من المعهد الفني المجاور للمنطقة قاعدة لها وقد تم اخلاء القاعدة قبل مدة طويلة من انسحاب هذه القوات من المدن
الشخص الثاني الذي تحدث معه حول اصابات منطقة الانصار كان رشدي كاظم وهو الد الطفلة لينا (عمرها ثلاث سنوات ونصف ) وهي مصابة بمرض سرطان النخاع تم اكتشاف اصابتها بالمرض قبل سنة ونصف تقريبا ومنذ ذلك الحين وهي تتلقى العلاج في مستشفى حكومي في بغداد وذلك لعدم توفر العلاج الكيمياوي في مستشفيات النجف، والد الطفلة مريض ايضا لكن بالتدرن ، واضاف : ان عدداً من الفضائيات زارت المنطقة واجرت لقاءات مع سكان الحي المنكوب اخرها كانت قناة الحرة، كما قامت عدة فرق من دائرة الصحة في المحافظة وجهات اخرى بزيارة البيوت وسؤال سكان الحي عن الاصابات وتم اخذ عينات من تربة بيوت الحي لتحليلها لكن احدا لم يخبرنا عن نتائج هذه التحليلات وكل ما حصلنا عليه هو انكار من قبل محافظة النجف لحقيقة الاصابات مع انها مازالت تظهر حتى الان واعرف اكثر من شخص توفي خلال الفترة الماضية.
وعند سؤاله عن الاسباب التي يعتقد انها ادت الى هذه الاصابات قال انه وسكان المنطقة لا يعرفون وبعضهم يعزوها الى ارتفاع منسوب المياة الجوفية في الحي ( النزيز) التي قد تكون السبب في تلوث مياه الشرب خصوصا ان شبكة الماء الصافي متهالكة والحي يعاني من اهمال كبير وبيوته مهدمة تقريبا والبعض الاخر عزا سببها الى حاويات (براميل) ملوثة بمواد كيميائية او مشعة يقال ان بعض سكان الحي اخذوها من احدى منشأت التصنيع العسكري في المنطقة بعد حرب عام 2003, لكنه لا يعلم ولم يشاهد هذه الحاويات.
اما رده على سؤال ان كان الحي قد شهد معارك وسقوط قذائف في حرب عام 2003 وعن وجود بقايا لاسلحة مدمرة اجاب : لقد دارت معارك قرب الحي في ذلك التاريخ وكانت الدبابات الامريكية تسير في شوارع الحي لكنها انسحبت بانتهاء هذه المعارك ولا يوجد مخلفات لاسلحة مدمرة في الحي.
وعند سؤاله عن عدد الاصابات في الحي كله تبرع بأن ينقل سؤالنا هذا الى مختار الحي الذي يحتفظ باعداد واسماء المصابين وعناوينهم ، وبالفعل توجه الى المختار السيد ( احمد طه) الذي اخبرني ان عدد الاصابات في الحي كله هي (60) حالة توفي منهم حتى الان( 48) شخص ومازال (12) فقط على قيد الحياة منهم الطفلة لينا رشدي وقد بين ان حي الانصار هو حي كبير وان العدد الكبير من الاصابات ظهر في جزء منه يسمى " اليسره" ويقع في نهاية حي الانصار وقد اطلق عليه من قبل سكان الحي اسم المربع المشؤوم وهو يضم محلة (124) ، كما اكد زيارة عدد من الفرق الصحية والبحثية للمنطقة منهم الدكتور حسين الجابري ( لا ادري ان كان هذا الشخص باحث او دكتور فعلا ام لا وفي اي مجال !) الذي اخبر المختار والسكان ان سبب الاصابات هي وجود عنصر الراديوم وان هناك احتمال ان يكون تحت ارض الحي منجم للراديوم او اليورانيوم وان هذا المنجم هو نعمة كبيرة للعراق لكنه نقمة على اهل الحي !..فتبادر الى ذهني سؤال لم اجد له جواب في تفسيرات دكتور حسين للظاهرة وهو عن سبب ظهور الاصابات هذه مرة واحدة وخلال السنوات القليلة الماضية فمنجم الراديوم المزعوم يفترض وجوده منذ الاف السنين تحت الحي فما السبب الذي جعل الاشعاعات المنبعثة منه تصل لسكان الحي بهذا الشكل المفاجئ مع تأكيد سكان المنطقة عدم وجود اصابات سابقة بهذا المرض في عوائلهم ؟ ..، فقد بين المختار ان اول ظهور للاصابات السرطانية في الحي كانت بعد احداث 2003 وانتشرت بشدة بين 2005 و2006 ليس هذا حسب بل ان المنطقة شهدت منذ ذلك الحين ومازالت ولادات مشوهة وباعداد كبيرة ايضا!.
اما عن تلقي المرضى لاي رعاية صحية من قبل الحكومة اخبرني مختار الحي ان المحافظة كانت قد خصصت مبلغ مليون وخمسمائة الف دينار لكل مريض بالسرطان في المنطقة لاجل العلاج لكن عددا محدودا من المرضى استلم المنحة وفي كل الاحوال فأنها لا تكفي لعلاج المريض مع ارتفاع اسعار الادوية وشحتها او عدم توفرها اصلا في المحافظة ،وبين ان العلاجات الكيميائية مكلفة جدا وغير متوفرة وسعر ابرة واحدة من العلاج الكيميائي هو 225 الف دينار ويمكن ان نقدر تكاليف علاج مريض يحتاج الى علاج طويل ومراجعات مستمرة
وعند سؤاله عن اصابات جديدة في الحي اجاب انه بحسب علمه ان هناك اصابة جديدة ظهرت عند شخص اسمه (سامي خ) عمره ثمانية واربعين سنة , تعذر الاتصال به .
الشخص الثالث الذي تحدثت معه عبر الهاتف كان السيدة ( ام عباس ) وهي زوجة ابن السيدة حسنة حسن (70 سنة) المصابة باورام في اجزاء مختلفة من جسمها وفي رأسها ، وعند سؤالها عن حال المريضة وهل راجعت المستشفى لاجراء الفحوصات اخبرتني ان السيدة حسنة لم تراجع للفحص لان حالة العائلة المادية ضعيفة جدا ولا يمتلكون امكانية لتوفير الادوية حيث ان الابن الوحيد للسيدة حسنة وزوج ام عباس كان قد توفي قبل سنتين بشكل مفاجئ (كان عمره 30 سنة) بعد ان شكا من الم قوي في راسه توفي على اثره في اليوم التالي ، حيث تقول ام عباس زوجة المتوفي انها لم تعرف سبب الوفاة وبعضهم اخبرها انه كان مصابا بمرض خبيث لم يتم الكشف عنه.
واضافت ام عباس ان فرق عديدة زارت الحي وبيتهم وقد اخذوا عينات من التربة ومن باقي بيوت الحي. مازالت الحالات السرطانية تظهر وهي تعرف اكثر من شخص مصاب بالمرض ضمن البيوت القريبة من بيتها بعض المصابين باعمار صغيرة منهم شابة بعمر (16سنة) واخرى بعمر 20 سنة توفيت قبل مدة ورجل وزوجته اصيبا في نفس الوقت تقريبا توفيا ايضا .
بعدها قمت بالاتصال بعوائل اشخاص كانوا مصابين بالسرطان وتوفوا على اثر المرض فكان اتصالي الاول بعائلة ( كريمة عباس) التي توفيت قبل سنة تقريبا عن عمر (53 سنة) فحدثني ابنها ( علي هادي ابو حنينة) وهو خريج كلية القانون ان اللجان الطبية التي زارت المنطقة جاءت بعد وفاة والدته التي كانت مصابة بالسرطان وعند سؤاله عن اخذ عينات من تربة بيته اجاب بالنفي فقط تم الاستفسار عن والدته المتوفاة وتسجيل اسمها وبين ان عدد الاصابات في المحلة التي يسكنها قليل جدا ولا يتعدى اصابع اليد الواحدة بضمنهم والدته حيث ان حي الانصار حي كبير وان بيته يقع في بداية الحي وهو بعيد عن منطقة اليسره المعروفة بكثرة الاصابات.
والاتصال الاخير كان مع عائلة ( بشرى كاظم ) وهي ايضا من حي الانصار اليسرة ، توفيت قبل اربع سنوات تقريبا وقد كانت بعمر (22 سنة ) اثر اصابتها بالسرطان، اخبرني زوجها عباس كريم انها كانت تتلقى العلاج في مستشفى في مدينة الحلة وقد اجريت لها عدة عمليات لكن حالتها كانت تتدهور بعد كل عملية حتى توفيت , وان بشرى هي حالة من بين سبعة عشر حالة اخرى في المنطقة تزامنت اصابتهم مع اصابه بشرى وكلهم توفوا في اوقات متفاوتة
كان هذا جزء صغير من معاناة حي الانصار مع لعنة السرطان الذي مازال يفتك ومنذ عدة سنوات باجساد ابناء الحي دون اجابة شافية لسبب هذه الاصابات او حل جذري ينهي معاناة سكان الحي



#مها_عبد_الكريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلم -بابل- .. الاختلاف وهاجس الارهاب
- قناة الشرقية والاستمرار في تشويه صورة الفن العراقي
- هوامش من ذاكرة لا تحفظ الأسباب
- من هوامش ذاكرة لا تحفظ الأسباب
- ارتجال..
- اليوم السادس.. اليوم الحاسم
- أزمة الكهرباء الوطنية ومزنة الانتخابات ..!‏
- حتى رئة بغداد لم تسلم ....!!‏
- سجل الزوار ..-قصة قصيرة-
- احتجاج
- انتظريني..
- انتظريني ..
- وسط شعب تخلى عن وطنيته , مستقبل العراق على كتف متسول محتال و ...
- على ضفة الانتظار ..على حافة الانتحار !
- الحُجب
- فصل جديد في قضية مستمرة
- (تخيلها حدثت هكذا !!)مسرحية من فصل واحد
- ربع النفط للشعب !!
- بشهادة الصف الاول الابتدائي .. تزدهر الامم !!
- مقارنة مقلوبة ..!!


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - مها عبد الكريم - -القاتل الخفي- مازال يفتك بسكان حي الانصار في النجف