|
الدكتاتور الأسطورة امام العدالة !
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 884 - 2004 / 7 / 4 - 06:50
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أخيراً !! مثل صدام ابن حسين التكريتي، مواليد قرية العوجة التابعة لمحافظة تكريت، امام محكمة عراقية . . بعد خمسة وثلاثين عاماً من فعل ونسج اساطير (يد الثورة الطويلة)، (جئنا لنبقى)، (ابن الشمس حمورابي العراق)، (بطل القادسية)، (رئيس حراس البوابة الشرقية) ، (القائد الضرورة)، (عزّ العرب)، (المعتز بالله)، (سليل الشجرة المقدسة)، (الكاتب بدمه على راية العراق)، الذي تذكر المواليد الجديدة اسمه مع كل قطرة حليب، لأنه جعل العراقيين اوادم، والذي جنّد بعد الأنس، الجان، لحمايته ولمواجهة التحديات التي لم تعد تكفيها جيوش الظلام ؟!! نعم، مَثَل امام المحكمة يسوقه رجال الشرطة الى قفص الأتهام . . بعد ان ملأ العراق بقبورمئات الآلاف من بناته وابنائه الطاهرين قبل الأوان، الذين سقطوا بالرصاص والتعذيب والقتل الجماعي، دفاعاً عن كرامة وعزّة العراق الحبيب وصانوا شرف الكلمة، وبعد ان حوّل العراق الى سجن رهيب . . و اشعل الحروب الوحشية الدامية مع الجيران، و قتل الآلاف بالأسلحة الكيمياوية في حلبجة والأهوار وهجّر الملايين، واساء للقضية العربية النبيلة . . السارق الكبير، الذي سرق ثروات البلاد وبددها على عرشه الدموي، واباحها لأبنائه وعصاباته ولياليهم الحمراء وعهرهم وفسادهم، للصوص والقتلة وعصابات الجريمة والرقيق والمخدرات في المنطقة والعالم . لقد بدأت الغمامة تنقشع عن عيون الناس، لترى واقع الذي حاول ان يكون اله الموت والخوف في العراق والمنطقة، الذي حاول شلّ العقل العراقي بـ (قوانين) الأعدام والوشم والذبح وقطع اللسان والآذان والأغتصاب، وتكوين مفهوم القائد الأله الأسطورة التي لن تموت ؟! . . لقد فرح الناس بمشاهدة الدكتاتور الدموي المغرور يساق الى قفص الأتهام حاله حال اي مجرم عادي وافرحهم رؤية كبار المجرمين وهم يرتعدون من هول ما ارتكبت ايديهم بحق شعبنا الطيب، طيلة مايقارب الأربعة عقود. وقد تألموا وهم يلاحظون ان قاتل ابنائهم يتمتع بحق محكمة اصولية، بل ويطلب بكل صفاقة وعنجهية الشقي ايّاه ان لايوقّع الاّ بحضور محاميه . . وعرفوا انه يعرف القوانين والأصول، الاّ انه لم يتح لأحد ابداً وحتى النهاية والموت حق ما يتمتع به الآن، لمن كان متهماً فقط ولمن ذهب ضحية وشاية رخيصة، بل انه يطالب بصفاقته وببدائيته ولهجته المشينة بحقوقه لأنه رئيس جمهورية العراق المنتخب بـ 99 % من اصوات الناخبين!! وتطبّل انواع الفضائيات المدفوعة الأجر وتنوح وتبكي بكاء التماسيح على (محاكمة الرئيس العراقي) وانها سابقة مؤلمة ! ان يقدّم (رئيس عربي) بهذه الصورة ؟! متناسين انه اغتصب السلطة بانقلاب عسكري ساعده فيه من اراده آنذاك، متناسين ان شعب العراق صوّت برفضه في انتفاضة شعبان المجيدة عام 1991 التي اغرقها بدماء عشرات الآلاف من بنات وابناء العراق، الذين عرفوا بانه هو الأفعى القاتلة وليس غيره، الأفعى التي كادت تطيح بالبلاد تحت اقدام القوات الأجنبية آنذاك. وصوّت الشعب مرة اخرى برفضه حين اشتعلت الحرب وتركه لمصيره ولم يدافع عنه رغم كل ما كان يلوح . انهم يتناسون كل ذلك في زمان اصبحت فيه ورقة " الأخضر" المدفوع اهم من مصير العراقيين واثمن مما دفعوا ويدفعون من دماء . وتألمت اوساط واسعة لعدم احتواء الأتهام على ما جنته يداه الدموية بحق المعارضة السياسية لحكمه التي قدّمت بكل الوانها اغلى التضحيات وفي مقدمتها حزب الدعوة الأسلامية والحزب الشيوعي والأحزاب الكردستانية، وما جنى باوامره بقتل وتصفية كبار ضباط الجيش العراقي الشرفاء، ورجال العلم والفن والأدب والصحافة ممن لم ينحنوا له . . واقتصارها على قسم من جرائمه العرقية، حروبه الخارجية والأبادة الجماعية ـ على اهميته ـ . . انهم يهيبون بالحكومة الأنتقالية، هيئة المحكمة والأحزاب السياسية الى الأنتباه لذلك، لحقيقته اولاً ولأهميته الوطنية والقانونية اللاحقة ومن اجل توحيد اوسع الصفوف لتحقيق الأمن والتصدي للجريمة. وفي الوقت الذي لازالت فيه فلول صدام ضالعة باعمال الأرهاب والقتل بقيادة من لازال مطلق السراح كعزت الدوري وعدد آخر من كبار المجرمين، وتنسّق مع العصابات الأخرى، ينبه العديد من المراقبين والمعنيين الى ضرورة الأنتباه لما يُعرض من لقطات اشرطة الفديو، والأخذ بنظر الأعتبار واقع الشعب ودرجات وعيه وما تركه الدكتاتور من ندوب لاتمحى بسهولة في التفكير . . لقد استاءت الناس من فسح المجال لصدام التكريتي بما فهمته وكأنه (حاصر القاضي واخذ يحقق معه بمن هو ومن عيّنه وحوّلها الى التحريض لصالحه؟!) اضافة الى علو طبقة صوته وشكل جلسته وحركات يديه وكأن لم يطاح بعرشه، بل ولم يلتزم حدود الأدب في تعبيره . في الوقت الذي لم يسمح فيه وبأوامره لمتهم بالكلام والدفاع والجلوس والملابس المقبولة في زمانه المرير الطويل، الذي شوّه التصوّر عن القضاء والتحقيق ومفاهيمها لعموم الناس، فلا عجب ان يتأثر البعض ببث الفضائيات التي تطبّل لـ (صمود القائد) واستهانته بـ (جلاديه ؟!!) وبأسلوبه في قلب الحقائق والضجيج لها كي يصدقها الناس بتقديرهم !! ان الناس تنتظر افلاماً كاملة وليست مقاطع يمكن تحويرها بتقطيع او تعليق، الأمر الذي يصل بقسماً منها ان تتساءل، اذا لم يكن الحزم مع صدام واجباً فلا يوجد مجرم ولاحزم تجاه الجريمة، لأنه اكبر المجرمين المتوحشين اطلاقاً، والمسؤول الأول عن كلّ ماجرى وفق نظامه الفردي الدكتاتوري الذي استهتر بقيم الأرض والسماء، وحين قال ( ان القانون عبارة عن ورقة يوقعها صدام حسين) الأمر الذي طبّقه طيلة سني حكمه منتجاً معدل تصورات الناس الجمعي عن القضاء، الأمر الذي قد يتسبب بنتائج وخيمة ان لم يُضبط التعامل معه وفق الأصول القضائية . وتجمع اوساط واسعة على ضرورة الأعلان، عن ان استمرار فلول صدام باعمال الأجرام والقتل واستمرار النشاط الموتورلقسم من الفضائيات العربية، هو الذي تؤثرعلى سير المحكمة وعلى زيادة التهم الموجهة اليه وبالتالي توجيه الحكم وتوقيته، لأنها تابعة له هو لالغيره وتشكّل معاً قضية واحدة . . انه لايزال الى الآن يكابر، فرغم الحقوق التي يتمتع بها والتي لم يحلم بها اي عراقي او عراقية في زمانه البائد الى غير رجعة، لم تبدر منه اية دعوة لحقن دماء العراقيات والعراقيين ووقف الأجرام، وهو العارف بما لايعرفه اتباعه الجهلة الاّ من (معارف) الأجرام . ويرى عديدون ان توقيت مناقشة عدد من وجوه السياسة والعلم المحترمين الآن، لمسألة بقاء عقوبة الأعدام او رفعها نهائياً، ومع الأتفاق على نبلها الاّ ان توقيتها الآن تحديداً قد لايكون موفقاً، لأن من يَعدمُ عشوائياً وجماعياً عشرات المدنيين الأبرياء يومياً، هم فلوله وعصابات الأرهاب الوافدة، وقد قللت الى حدود ملموسة من اعمالها الدنيئة الجبانة، بمجرد تصريح الحكومة الأنتقالية عن استمرار عقوبة الموت في حالات حددتها تشمل القتلة من فلول صدام وارهابيي الزرقاوي . واخيراً يرى الكثيرون ان عرض الأتهام على الشاشات رغم التعقيدات المذكورة اعلاه التي يؤكدون على ضرورة تجاوزها، انعش الناس بشكل عام وشحذ الهمم بجدية تطورات تجري، ويرون ضرورة استغلال الوقت الذي يجري بسرعة، وعدم الضياع الآن بين التشريع العراقي والدولي، في مرحلة انتقالية في ابرز اقطابها، تشكّل محاكمة صدام احداها . . من اجل قبر الماضي الى الأبد، الماضي الذي ان عاد ـ والذي لايتمناه احد ـ مستغلاً تهاونا هنا وهناك، سيكون اكثر دموية بتقدير عديد من المراقبين .
3 / 7 / 2004 ، مهند البراك
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملازم جمال ومضيق الموت في شاندري ! 2 من 2
-
ملازم جمال ومضيق الموت في شاندري ! 1 من 2
-
رغد، الرئاسة، مصير القرارات المتخذة والآفاق؟! 2 من 2
-
رغد، الرئاسة، مصير القرارات المتخذة والآفاق؟! 1 من 2
-
محاكمة صدام خطوة حاسمة نحو تحقيق الأمن!
-
من أجل درء خطر الدكتاتورية والحرب الأهلية ! 2 من 2
-
من أجل درء خطر الدكتاتورية والحرب الأهلية ! 1 من 2
-
حول الخصخصة في الحروب 2 من 2
-
حول الخصخصة في الحروب 1 من 2
-
تسليم السلطة وانهاء الأحتلال، ودور القوى الوطنية ـ 3
-
تسليم السلطة وانهاء الأحتلال، ودور القوى الوطنية ـ 2
-
تسليم السلطة وانهاء الأحتلال، ودور القوى الوطنية ـ 1
-
الديمقراطية . . ونزيف الدم ؟
-
كي لايكون العراق غنياً للعالم، فقيراً لأبنائه !
-
لمناسبة عامه السبعين سلامٌ حزب الكادحين !
-
لم ينلْ (الكيمياوي) من شعلة النوروز !
-
المصالحة الوطنية كبديل للدكتاتورية
-
حازم جواد لايتذكّر 2 من 2 الزعامة مهما كان الثمن ؟!
-
في 8 آذار-الدفاع عن المرأة ودورها شرط اساس لتقدّم المجتمع
-
المجد لشهداء عاشوراء ماهي خطة صدام بعد السقوط ؟
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|