|
الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (4) _ تكريس العنصرية والكراهية .
سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2909 - 2010 / 2 / 6 - 15:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأديان جاءت لنشر المحبة والسلام بين البشر ..مقولة يرددونها بإستمرار بدون خجل . الأديان نشرت المحبة والسلام بين أفراد الجماعة البشرية الواحدة ..أى بين أصحاب الدين الواحد ولكن لم تمد رايات المحبة والسلام إلى الأخر .. ويا ليتها إكتفت بعدم شمولية الأخر بالمحبة والسلام ولكن المأساة أنها صدرت للأخر كل الكراهية والبغض .!!
أى ناموس إجتماعى بدائى سيرتكز على توحيد الجماعة البشرية ونشر قيم السلام والأمان فى داخلها كألف باء إستقرار للجماعة البشرية , وليس الأمر بحاجة إلى دين وشرائع يتم إدعاء أنها أسقطت من السماء من قبل إله ورب رحيم بالإنسانية .
ولكن خطورة الأديان عندما تكون داعية للعنصرية والكراهية والنبذ والتعالى على الأخر فترسخ لقيم عداوانية تجعل الإنسان يعيش فى حلقة جهنمية من العنف والكراهية ورفض للأخر. فعندما نعرج على التراث الدينى فلن نندهش من حجم الموروث الذى يؤسس لمجتمع الكراهية والعنصرية ضد الأخر حتى يخيل إليك بأنها حريصة كل الحرص على ترسيخ هذا المفهوم .. وفى الحقيقة هى تكون كذلك .
* لو بدأنا بالتراث التوراتى فسنجده حافل بشكل كبير بقصص وأيات وتشريعات تغرز الكراهية والعنصرية ضد الأخر ...وأعتقد أن من سمات الشخصية العبرانية أنها تقوم على التعالى وقهر الأخر لخلق تكوينها الإستعمارى .
"للأجنبى تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا" (تثنية 23). واضح أن الربا هنا محرم وعمل منبوذ ولكن هو لا يكون عملاً شريراً طالما هو للأخر .!!
"لا تأكلوا جثة ما.. تعطيها للغريب الذى فى أبوابك فيأكلها" (تثنية 14 الآية 21). بالطبع لا يكون شئ صحيح أن تأكل جثة ولا يحتاج هذا الأمر لأية تنزل من سابع سماء فى هذا الصدد ..ولكن أن يتم التوصية بإعطائها للغريب ليأكلها فهنا هى فى حاجة لإرسالية سمائية من ملاك الوحى لكى يرسلها إلى شعب الله المختار .!! أية بشعة تنم عن كم من الكراهية والعنصرية يحسدوا عليها .
"أبناء المستوطنين النازلين عندكم تستعبدونهم إلى الدهر.. وتتخذون منهم عبيداً وإماءً .. أخوتكم من بنى إسرائيل فلا يتسلط إنسان على أخيه بعنف" (لاويين بالطبع هذه أية من عشرات الأيات التى تحض على إستعباد وإذلال الأخر وتكون أقل وطأة من أيات كثيرة تحث اليهودى على إستقصاء وتصفية الأخر من الحياة .
* ننتقل إلى التراث الإسلامى .. والتراث الإسلامى لا يقل بشاعة عن نظيره التوراتى ويمكن تشبيه هذا التراث بأنه توراتى الهوى والمزاج بمجرد أن تحك سطحه الخارجى . حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن الرسول ( ص) لا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلامِ وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ ." حديث يلخص العنصرية والنظرة الدونية التى يجب أن يحملها المسلم لليهودى والنصرانى ...فلا تعرف لماذا لا يبدأ المسلم بإعطاء التحية لليهودى والنصرانى ..هل هذا الفعل المعنوى يضر الإنسان المسلم أم هو التعالى والغطرسة. ولماذا إذا لقيتم اليهود والنصارى فى طريق تتضطروهم إلى أضيقه ..هل نهر الطريق لا يتحمل مسيرة حرة للجميع أم هو تجسيد لشخصية عنصرية متعالية متعجرفة تنظر للأخر نظرة كلها دونية ...مصيبة لو فعلوا هذا الحديث .!!
.{قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} سورة التوبة: 29
هذه الأية لا يستوقفك فيها أنه يتم قلب الطاولة على اليهود والنصارى بعد أيات كثيرة تمدح فيهم سابقاً ولا تعرف لماذا قتالهم ولكن ستجد الحل فى فرض الأتاوة والجزية عليهم ...ولكنى لست بصدد أن أتوقف عند هذه الأية لهذا المدلول ..بل أريد أن ألقى الضوء على كلمة عابرة وهى " صاغرون " . فهل لا ينفع أن يؤدى اليهودى والنصرانى الجزية إلا فى الوضع صاغراً ؟!!..وهل لو تمكن السلفيون من تفعيل هذه الأية بأخذ الجزية من اليهود والنصارى عن طريق تحويلات بنكية يكونوا هنا قد خالفوا توصية إلهية بطلبها فى الوضع صاغراً .!! بالطبع نحن أمام أية يتم إسقاط رؤية عنصرية بشكل فج وغير مبررة , إلا من شخصية تحمل الكراهية والتعالى المتغطرس .
"لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب فلا أترك فيها إلا مسلما" الراوي عمر بن الخطاب سنن الترمذي حديث صحيح لماذا تشريد اليهود والنصارى من ديارهم وموطنهم ...أليست هذه عنصرية وتطهير عرقى .!! ثم نتباكى على الممارسات الصهيونية البشعة فى فلسطين ونتحسرعلى تشريد أهل البوسنة على يد همج الصرب .
المسيحية بالرغم من أنها تجهدك فى البحث عن نصوص تعطى العنصرية والكراهية وهذا ما يلاحظ على مجمل النصوص .. إلا أنها تحمل فى أحشاءها الموروث التوراتى بأكمله . وصحيح أن المسيحيون المعاصرون يتجاوزون النصوص والتعاليم التوارتية ويعتبرونها نصوص تاريخية وعهد قديم ..إلا أن من يريد أن يستحضرها لخدمة أغراضه سيجده أمامه كما فى مسيحية القرون الوسطى وكل الحروب البشعة التى خاضتها ..وإلا ما معنى أن يحتوى الكتاب المقدس بين ضفتيه على التراث التوراتى ..هل تغير الإله وتوصياته ولم تعد صالحة للتداول .!! إلا أن المسيحية لا تتركنا هكذا بدون أية واحدة نكمل به موضوعنا . رسالة يوحنا الثانية في العدد 9كُلُّ مَنْ تَعَدَّى وَلَمْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَلَيْسَ لَهُ اللهُ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ فَهذَا لَهُ الآبُ وَالابْنُ جَمِيعًا. 10إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِيكُمْ، وَلاَ يَجِيءُ بِهذَا التَّعْلِيمِ، فَلاَ تَقْبَلُوهُ فِي الْبَيْتِ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ سَلاَمٌ. 11لأَنَّ مَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ يَشْتَرِكُ فِي أَعْمَالِهِ الشِّرِّيرَةِ. وهى تكرار لحديث نبى الإسلام فى عدم إلقاء التحية لليهود والنصارى .
لو حاول المرء أن يسطر كل حمولة التراث الدينى فى الأديان الإبراهيمية الداعية للكراهية والعنصرية ضد الأخر فلن يجهد نفسه كثيراً , كون التراث والكتب حبلى بالمزيد الذى يصل لحد الوفرة والتخمة..ولكننا سنتحول هنا من مقال يثير قضية فى محور" العلمانية والدين والإسلام السياسى " إلى كتاب دسم بكل البشاعة يستدعى أن يرفق بمكتبة "موقع التمدن".
الأديان هى تراث إنسانى عفوى جاء من مرحلة البداوة المفرطة المشبعة حتى الثمالة بقيم العنصرية والكراهية ضد الأخر . والمشكلة لا تكون هاهنا ..فهى بنت زمانها ومكانها ورؤيتها وتطورها المعرفى والأخلاقى ..ولكن المشكلة تكون عندما يتم تغلف هذه البداوة والكراهية بالمقدس ويراد إسقاطها وتفعيلها بكل عنصريتها وكراهيتها على الواقع فهنا تكون المصيبة والكارثة ...حينها سنجد القول التالى يتردد بمنتهى القسوة والبشاعة وبلسان بارد .
"اللهم زلزل الأرض من تحتهم اللهم فجر البراكين من فوقهم .. اللهم اغرقهم بالفيضانات والاعاصير ... اللهم أرسل عليهم الصواعق ... اللهم أنزل عليه الأوبئة والأمراض ..اللهم يتم أولادهم ..اللهم شرد نساءهم ."
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصراع العربى الإسرائيلى وإشكاليات الخطابات الإلهية .
-
حاجات غريبة .!!
-
الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (3) _ إستحضار العنف وتصعيده .
-
الساسة يسطرون الأديان - اليهودية كنموذج .
-
السادة يخلقون الأديان .
-
حاجة غريبة .. الله ومسلسل التحريف .
-
المقدس والتغييب وسر التخلف .
-
خرافات الأديان (2) - خلق الأرض والنبات قبل السموات .!
-
الإنسان والذهب .
-
أشياء تدعو للخجل (2) - تحليل الدعارة .
-
القضاء والقدر والمكتوب .
-
الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (2)
-
أشياء تدعو للخجل (1) - إبراهيم خليل الله .
-
خرافات الأديان (1) - الحر هو من فيح جهنم .
-
حد فاهم حاجة .
-
الصحراء تفرض كلمتها .
-
النكاح فوق التنور .
-
بانشى فى بيتنا .
-
أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (4)
-
الله جعلوه لصاً
المزيد.....
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|