أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فاضل فضة - بين الحذاء والنعل العسكري














المزيد.....

بين الحذاء والنعل العسكري


فاضل فضة

الحوار المتمدن-العدد: 884 - 2004 / 7 / 4 - 06:12
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


قال أحد الأصدقاء: لماذا تذكر أحذية العسكر في مقالاتك، لماذا لا تستخدم كلمة " نعال " وبدأ يشرح لي ما الفرق بين الحذاء والنعل.
نظرت بعدها الى حذائي. فرأيته هادئاً مسكيناً يحاول أن يختبئ من عيوني المتفحصة له في صدى معنى الحذاء أو النعل. ولأنني لا أعرف أي شيء عن العسكر، فإنني رفعت النظر عن الحذاء وأرحته من نظرات، أعتقد أنه خاف منها كونها ذكرّته بالعسكر العربي المعاصر ذائع الصيت بممارساته الحميدة وأدائه الوطني العظيم في تاريخنا المعاصر. ولا أدري إن كان يتوجب الحديث عن هذا العسكر. كونهم ما زالوا ومنذ زمن كابوساً في قلوب وعقول البشر في الأوطان العربية.
ينطوي العسكر في الدول المتقدمة، في كافة مظاهره تحت لواء السلطة السياسية المدنية، ولا يحق لهم التدخل بشؤون إدارة الدولة، إلاّ من خلال وزارة الدفاع. ويقسم العسكري بالولاء للوطن والعمل على حمايته. وأهم جزء هنا، هو قسم احترام سيادة الدستور والعمل بشرائعه، الهيكل الأساسي لبنية الدولة الحضارية.
لذا يحاسب العسكري الغربي على أدائه في مهماته اليومية والميدانية، يحاسب على نجاحه أو فشله، ويستقيل أو يتقاعد عند انتهاء مدة الخدمة الطوعية غالباً. يعود بعدها الى قواعده المدنيةً مواطناً عادياً، له حقوقه وواجباته المتساوية مع أيّ مواطن أخر مدني أو عسكري.
وفي بلاد العرب أوطاني، كان العسكري المكون الأساسي في كيان الدولة والسلطة السياسية، ونقمة مزمنة وهمّا قاتلاً في حياة المواطنين. وفي عصرنا الجديد مازال حامي إغتصاب حقهم وحرّيتهم، وحامي حمى الحاكم الغير مشّرع بسلطة الدستور أو القانون أو الإنتخابات. ومشاركاً في فساد السلطة وهدر الأموال العامة.
في الغرب، لايوجد مظاهر اللباس العسكري في الحياة المدنية، إلا قرب الثكنات ومراكز الجيش، كما لا يشاهد المواطن أي شرطي في ثياب الشرطة إلا في أوقات العمل، حيث يذهب إلى مركز الشرطة بثيابه المدنية، يغيرها ثم يبدأ ببمارسة عمله، وعندما ينته يعود إلى المركز ليعاود لبس ثيابه المدنية، وركوب سيارته الخاصة مغادراً إلى منزله، وليس غريباً الاّ يعرف جيرانه أنه يعمل في جهاز الشرطة!
هذا النمط المتقدم من عمل رجال الشرطة في بعض بلاد الغرب، غير موجود في البلاد العربية، إذ يبعث العسكر ورجال الشرطة الخوف الغير مباشر في حياة المواطن، كونه يستمد قوته من رتبته العسكرية علاقاته ولباسه وسيارته. لذا شاع في حياة الناس حذر وخوف ورعب من كل ماهو عسكري أو أمني أو شرطي. واصبح المواطن شبيها بمواطن الدرجة الثانية بعد كل كيان عسكري، وسادت هذه الحالة كعرف إجتماعي وتقليد تاريخي، يراه الجميع في الحياة العادية وفي المسلسلات التلفزيونية، عندما يترافق خوف المواطن من مقابلة أي لباس عسكري أو عند تقديم ولاء الطاعة لأي ضابط بمناداته "سيدي"، أو "سيادة الضابط" او أي لقب أخر بينما في الحقيقة لايفرق العسكري عن أي موظف حكومي، كونه موظف مستهلك، غير منتج خاصة في بلاد لاتعرف الحروب، كما هو حاصل في عديد من البلاد العربية.
وبدلاً من القيام بواجب حماية الوطن المهمة الأولى والأساسية له، وحماية الدستور والعمل من خلال بنوده – المهمة الحضارية الثانية - والمساعدة في تطور الدولة والمجتمع من خلال العمل الشرطي، أو عمل الدفاع المدني أو غيرها، كانت الجيوش العربية في معظم نتاجها التاريخي المعاصر، حراس النظام القمعي العربي والمشرع الأول لممارسة الفساد السطوي في شتى أنواعه. وكان حجر الطاحون الكبير الراقد على صدر المواطن والوطن، لا مؤسسة تابعة للسلطة المدنية المختارة من قبل الشعب.
قد يكون الجيش ضرورة تاريخية ووضعية لأي دولة لتأمين الحماية لها. وهذا ما هو حاصل في دول العالم. أما في العالم العربي فإنه كان وما زال مصيبة وسرطاناً وعقبة أساسية في المحاولات العديدة للخروج من أنفاق الظلام المحاصر لحياة المواطنين الذين لاهمّ لهم إلا أمان إقتصادي وإجتماعي لأأكثر.
كيف يتم صياغة دور العسكر وتوابعهم من مؤسسات أمنية منتشره في كل أركان الحياة والمجتمع المدني، ومؤسسات شرطية تعمل ضمن مفهوم توصيف العمل ووظائفه في كيان الدولة بدون أي دور سياسي. وكيف تتم المساواة بين المواطن المدني والمواطن العسكري في قيم حقوق المواطنة بدون أي أمتياز. هذه الكيف الصعبة الأن، قضية معقدة في تشعباتها كونها ذات أثار تاريخية مترسخة لمفهوم القوة السائد في كيان أي حكم عربي.
وقد يكون التحرر من نعال العسكر قضية هامة، كما يحب صديقي، أو قد يكون من الضروري إيجاد حلولاً استراتيجية لوطن جديد بعيداً عن تدخل الجيش والأمن والشرطة في تفاصيل الحياة السياسية والإقتصادية.
ولايشك أحداً أن المواطن العربي مع عسكر وطني، يقسم ويحترم بإنه سيحمي الدستور والوطن. وأنه في موقعه العسكري الشرطي أو الأمني، مواطن ومواطن فقط، في دولة سيادة القانون المنصف في أرقى صوره.
فلا حاجة إلى سيادة ضابط، ولا إلى سيدي إلاَ في الثكنات العسكرية. ولامزايا أو الحق بالتحكم بحقوق الأخرين واستعبادهم، او حتى لبس البذلة العسكرية في الشارع إلا في حالات الحرب وإقتضاء الضرورة، عندها لا يهم ابداً أن يكون للحذاء او النعل أية قيمة معنوية في حياتنا وفضاءاتنا الفكرية والمعيشية.



#فاضل_فضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربيع الحوار السوري الذي لم يمت أنترنيتياً
- حكايات إفتراضية صغيرة
- مهاتير (محاضير) محمد في بيروت
- مصداقية
- في الحروف
- المعذبون جغرافياً
- نكتة الغرب الديكتاتوري المغيب لشعوبه
- من أجل وطن - سورية الجديدة
- لكي لانضيع في حوار الطرشان - دور النخب في الحث والبناء والتع ...
- اعادة الهيكلة السورية - البدء من أسفل الهرم
- في مهب الريح
- شعار الوحدة العربية بين الحلم والواقع المحبط
- أوراق في الاغتراب
- في الإتهام المعاكس
- أكثر من الهزيمة
- الإصلاح في سورية إلى من يهمه الأمر
- الاحتقان العربي


المزيد.....




- معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
- ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
- المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد ...
- -كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر ...
- نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
- التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فاضل فضة - بين الحذاء والنعل العسكري