أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بودريس درهمان - من بنية العقل إلى بنية المخ















المزيد.....

من بنية العقل إلى بنية المخ


بودريس درهمان

الحوار المتمدن-العدد: 2908 - 2010 / 2 / 5 - 17:12
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


"أولا يكون ذلك العقل الموروث، العقل الذي نتصوره بإطلاق ونعتز به هو بالذات أصل الإحباط."

ع، العروي مفهوم العقل ،ص 358المركز الثقافي العربي1996

حدد عالم الأعصاب الأمريكي ماك لينMac Lean مع فريقه العلمي البنية الأفقية للمخ ولاحظ بأنها تتشكل من عدة بنيات مركبة الواحدة على الأخرى.توجد أول بنية في قاعدة المخ مباشرة عند نهاية العمود الفقري؛ هذه البنية هي أقدم جزء ويعود تاريخ تكوينها إلى أكثر من 200مليون سنة. توجد عند الزواحف وهي التي تصطلح عليها بدماغ الزواحف. وظيفة هذا الجزء من المخ هي تأمين الحياة عن طريق الحفاظ عليها. توجد البنية الثانية التي تغطي الجزء الأسفل عند جميع الثدييات، يصطلح عليها Le cerveau limbique.يقوم هذا الجزء بتدبير العواطف والأحاسيس، كما يقوم بتدبير العلاقة مع الآخرين والرغبة في الانتماء إلى جماعة.
توجد البنية الثالثة Le cortex عند الحيوانات الراقية وهي أكثر تطور عند الإنسان، وظيفتها هي التفكير والقيام بالعمليات المجردة.هذه البنية الدماغية يقول أغلب الباحثين في مجال علوم الأعصاب بأنها بنية لا أخلاقية ولا تكترث بمجال العواطف.
البنية الرابعة هي تلك التي اكتشفها العالم الروسي Luria. هذا الجزء من الدماغ يبدأ بالنمو مع نهاية فترة المراهقة، إنها الفصوص الجبهوية الأماميةLes lobes frontaux التي تساعد الإنسان على تجاوز ذاته والرقي إلى عالم المثل.
المعارف، أو الإشارات الحسية التي تقوم الحواس بالتقاطها ويقوم الدماغ بتدبيرها تصعد من تحت إلى فوق، بمعنى كأي بناية تتكون من أربعة طبقات تمر المعلومات بالطبقة الأولى(دماغ الزواحف)، ثم الطبقة الثانية(دماغ الثدييات)، بعد ذلك الطبقة الثالثة(القشرة الدماغية)، وأخيرا الطبقة الرابعة(الفصوص الأمامية)
يتوفر الإنسان على منطقة عصبية كثيفة الخلايا يصطلح عليها الدماغ cortex هذه الطبقة العصبية الكثيفة و السميكة مبنية على أساس طبقتين اقل سمكا واقل كثافة.هاتان الطبقتان السفليتان هما دماغ الكائنات الحية الأخرى:
دماغ الزواحف Cerveau reptilien
دماغ الثدييات Cerveau des mammifères

هاتين الطبقتين مرتبطتين بتاريخ التطور العصبي للكائنات الحية، فإذا كان دماغ الزواحف يعود إلى 200مليون سنة، و دماغ الثدييات 60مليون سنة فان دماغ الإنسان أو الدماغ الجديد فعمره في أقصى الحالات، وحسب آخر الكشوفات المتعلقة بالمستحثات لا يتعد ستة مليون سنة.
تعاقب ظهور البنيات الدماغية دفع بعض العلماء إلى البحث في تاريخ الحواس و ارتباطها بأحد هاته البنيات العصبية أو تلك، وهكذا فحاسة اللمس يتكفل بها دماغ الزواحف،حاسة السمع يتكفل بها دماغ الثدييات، أما الرؤية فهي من اختصاص الدماغ الجديدNéo cortex.
عصب العين يعتبر أقوى عصب، يتوفر على ملايين من الألياف العصبية ونموه لدى الإنسان يتم بشكل مبكر:الطفل في حدود الثمانية أشهر الأولى يكون عصب العين عنده ناضج تماما كما هو عند الراشد حيث يقوم بعملية النظر المركزVision focale وعملية النظر المشتتVision ambiante.أما عصب السمع المرتبط بدماغ الثديياتCerveau limbique فأنه يحتاج إلى أكثر من ثمان سنوات لكي يكتمل نموه.
البناء الأفقي للدماغ البشري يجعله يشتغل كمصفاة للواردات المعلوماتية التي تستقبلها الحواس الخمس. بمجرد ما يتم إثارة الجهاز العصبي، تصل هذه الإثارة إلى الطبقات الدماغية السفلية التي تقوم بقبولها أو رفضها وتوجيهها إلى المناطق الدماغية العلوية المتخصصة من أجل المعالجة والتحليل والترتيب بداخل النسيج اللغوي والمفاهيمي لهذا الجهاز العصبي. دماغ الزواحف، طريقة اشتغاله تشبه إلى حد بعيد طريقة اشتغال الموظف-الحارس الذي يستقبل المواطنين بالإدارات العمومية ويطلب منهم الانتظار إلى حين توجيههم إلى هذا المكتب أو ذاك؛ وإذا ما رفض هذا الحارس توجيه هؤلاء المواطنين إلى المكاتب المختصة فانه سوف ينشب نزاع ما بين المواطن والحارس أو سوف يصاب هذا المواطن بالخيبة وينسحب.كل النزاعات والخصومات التي تنشب والتي في بعض الأحيان لا مبرر لها تكون ناتجة عن رفض دماغ الزواحف السماح للخلاف بالرقي إلى المناطق العلوية من أجل معالجته وتدبيره بالشكل الأكثر عقلانية.وما ينطبق على الخصومات اليومية ينطبق كذلك على المجال البيداغوجي ويمكن اعتبار الصراع الحاصل مابين الجهاز العصبي العلوي والجهاز العصبي السفلي كإجابة على التساؤل لماذا لا يفهم التلاميذ؟ لماذا التلاميذ يرفضون في بعض الأحيان مدرسيهم؟ بل لماذا كل المجتمعات بشكل عام ترفض اللغات الأجنبية و لماذا يلجأ المشرعون والماسكون بزمام الأمور إلى صياغة قوانين وتشريعات تحد من التعامل مع اللغات الأخرى؟هي مجموعة من القضايا المجتمعية حينما يتحكم فيها دماغ الزواحف فانه يعمل على محاصرتها ويمكن اعتبار المقاربات الأمنية المغرضة التي تحارب الفكر وتحارب القيم العلمية الرصينة شكل من أشكال اشتغال دماغ الزواحف وذلك لأن وظائف دماغ الزواحف تتلخص في تشغيل آليات الدفاع الذاتي وغريزة الجنس والتناسل وهي آليات مبرمجة بواسطة النظام البيولوجي وليست مبرمجة بواسطة نظام الأفكار والثقافة الإنسانية.هذا النظام البيولوجي هو مسنن و محدود الإمكانيات ولا يستطيع القيام بترا بطات نظرية سواء كانت بسيطة أو معقدة وهذا النقص في المعالجة ينتج عنه دائما نقص في المناهج والطرق المستعملة.هذا النظام البيولوجي المسنن يشبه إلى حد بعيد مصطلح Hardwareالمتداول في مجال الإعلاميات والذي يحيل إلى الآلة الحاملة لنظام معلوماتي Softwareوهذا النظام ألمعلوماتي هو ما تشكله المذاهب الفكرية والنظريات العلمية والأديان.
يحتوي الدماغ البشري على حوالي مأة مليار من الخلايا العصبية وبما أن كل خلية من هاته الخلايا لا تشتغل لوحدها بل تدخل في تفاعلات مع كل الخلايا العصبية الأخرى فان الطاقة الاستيعابية للدماغ البشري هائلة وهائلة جدا وتتجاوز كما يؤكد ذلك المتخصصون عدد الذرات الموجبة للكون Les atomes positifs de l’univers.
كما أن الدماغ مبنين عموديا ) يحتوي على ثلاث طبقات ( فهو كذلك مبنين أفقيا حيث ينقسم إلى فصين الفص الأيمن والفص الأيسر؛ هذا التقسيم حاول علماء الخلايا العصبية أن يوجدوا له تفسيرات.من بين التفسيرات التي تم تقديمها، و التعامل معها على أساس أنها تفسيرات علمية ثابتة هي التفسيرات القائمة على نظرية الاختصاص الوظيفي لكل فص على حدة، هذه التفسيرات العصبية للدماغ البشري ساهمت منذ الحرب العالمية الثانية إلى حدود سقوط جدار برلين في تقسيم العالم والمجتمعات إلى معسكرين المعسكر الليبرالي الحر الذي فيه كل شيء مباح والمعسكر الاشتراكي العقلاني والصارم.
الفص الأيمن للدماغ البشري يتميز بالمزاجية و يشتغل في المجال، يقبل بحلول عدة لمشكل واحد ولا يحترم مبدأ الهوية، فالشيء قد يكون هو هو وقد يكون نقيضه.إن الشخص الذي فصه الأيسر يوجد تحت هيمنة الفص الأيمن يتميز بالمرح وبعدم معاكسة الواقع، في حين الذي فصه الأيمن يوجد تحت هيمنة فصه الأيسر يتميز بالصرامة وبالرغبة في معاكسة مجرى الأحداث. هذا التصور لمجال وظائف فصوص الدماغ البشري بقي ثابتا كمعتقد علمي وعلى أساسه اشتعلت كل السياسات التربوية للحرب الباردة إلى حدود عشرية ستينات هذا القرن حيث بدأت تظهر بعض الدراسات العلمية أن الدماغ البشري يتميز بوحدة وعيه وانسجام وظائفه.ابتدأت هذه الدراسات العلمية في الظهور بجامعة لوس أنجلس الأمريكية إلى أن توجت باكتشاف القناة الرابطة بين الجهة اليمنى والجهة اليسرى للدماغ البشري تسمى هذه القناة le canal calleux وصاحب هذا الاكتشاف العلمي هو الأمريكي الحاصل على جائزة نوبل للطب سنة 1981 Roger wolcott Sperry
مباشرة بعد هذا الاكتشاف، أصبح الدماغ البشري موضوع بحث دقيق من طرف بيولوجيا الجزيئات، حيث أثبتت هذه الأخيرة توفر الدماغ البشري على حوالي مأة مليار من العصبونات بالإضافة إلى عدد مماثل من الخلايا المساعدة المسماة بالخلايا الغليةles cellules glialesناهيك على أن الترابطات بين هاته الخلايا يصل إلى حوالي مليون من المليارات.
في إحدى كتاباته نبه العالم النفسي فرويد إلى أن كل معارفنا القائمة عل أساس سيكولوجي هي دائما لحظية وغير دائمة وتحتاج هاته المعارف إلى تفسيرات على أساس عضوي.هاته الإشارة التي تسللت من لا شعور العالم النفساني فرويد دفعت بالعالم الفرنسي المتخصص في مجال البيولوجيا وعلم الوراثة ورئيس لجنة الأخلاقيات للجمهورية الفرنسية Jean Pierre Changeux إلى التساؤل حول هذا الأساس العضوي الذي بامكانه تقريبنا من فهم وظائف الدماغ؟في كتابه الإنسان العصبوني يجيب هذا العالم بأنها جزيئات ومترابطات فيزيائية وكيميائية



#بودريس_درهمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من العلوم الإنسانية إلى علوم الإنسان:نحو تأسيس علم للقراءة.
- سبعة رجال و المادية التاريخية
- القارة ألألسنية
- من برلين إلى سقوط جدار برلين
- مدخل الى نظرية التداول-الجزء الثاني-
- مدخل الى نظرية التداول-الجزء الاول-
- حدود العقائد و عقائد الحدود
- التاريخ بالتماهي و التاريخ بالتماثل
- الصحراء، القبيلة و ما قبل تشكل الدولة المغربية.
- السياديون، الفدراليون و الجمهورية الفرنسية السادسة
- حق تقرير المصير، هل هو حق أم باطل؟
- الاستنساخ الدبلوماسي الفرنسي/ الأمريكي
- نظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي الصيني
- من التاريخ ولدنا و اليه نعود
- الحكومة الجزائرية من المقاربة التاريخية الى المقاربة النفعية
- ملامح من تاريخ التعليم الجامعي الاوروبي
- البنية المعرفية للبرلمانيين المغاربة
- الصلاحية العلمية و العقيدة
- -تحرير التنمية الاقتصادية- و -العصافير التي فوق غصن الشجرة-
- سباق المسافات الطويلة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - بودريس درهمان - من بنية العقل إلى بنية المخ