أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الصراع العربى الإسرائيلى وإشكاليات الخطابات الإلهية .















المزيد.....

الصراع العربى الإسرائيلى وإشكاليات الخطابات الإلهية .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2908 - 2010 / 2 / 5 - 13:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الصراع العربى الإسرائيلى لا يقتصر تاريخ صراعه على الستون عاماً الماضية بل يمتد بجذوره عبر التاريخ عندما عرفت المنطقة وجوداً عربياً عبرانياً .
هذا الصراع يشهد حالياً تفوق المشروع الإسرائيلى كما شهد فى مراحل تاريخية سابقة تفوقاً للمشروع العربى الإسلامى .

يتسائل المرء ..هل هناك من إمكانية لإنهاء لهذا الصراع والوصول به إلى حالة سلمية توافقية .؟
قد يخيل إلينا بأننا على أعتاب حسم الصراع والوصول لحالة سلمية ولكن لا أعتقد أن هناك حل حقيقى فى المستقبل حال وجود عمق أيدلوجي قائم على رفض الوجودى للأخر فى كلا من الطرفين يستمد جذوته من خطابات دينية ترفع رايات إلهية .

قد نجد بعض التنازلات أو كثيرها هنا أو هناك ..متوهمين بأننا على أعتاب سلام قادم ستعقد على أساسه المعاهدات وتقبل فيه اللحى ..ولكن الأمور لا تزيد عن مقاتلين أعياهم القتال ..أو يمكن القول هو تعبير عن حالة واقع على الأرض يتمثل فى تفوق طرف وإنحسار طرف أخر دون أن يكون هناك حل نهائى وحاسم .

المشروع الإسرائيلى مهما حاول أن يرتدى لبوساً عصرياً فهو يتكأ على حجر زاوية وحيد وهو الحق فى الأرض الموعودة ..أرض إبراهيم وإسحاق ويعقوب التى وعدهم الله إياهم هم وأحفادهم .

نحن إزاء تغلغل مفهوم خطاب إلهى توراتى بوعد بالأرض ليتغلغل فى شرايين مجتمع يرى بأن الأرض هى حقه الطبيعى والتى لا يجوز التفاوض أو التنازل عنها.
يضاف إلى ذلك بأن الخطاب الإلهى الدينى قائم على دعائم من العنصرية والتمايز على الأغيار ولا يكتفى بمجرد مشاعر عداونية تكتسى بالفجر.. بل تتعدى الأمور هذا الإطار ليقدم التراث العبرانى حمولة هائلة من التاريخ الدموى والإستقصائى للأخر ..ومن يقلب فى الميراث التوارتى سيفجع بحجم المذابح وشراستها التى تمت على أيدى اليهود الأوائل ضد الفلسطينين والكنعانين وكافة شعوب المنطقة .
لذلك عندما نراجع ذكرياتنا الحديثة عن المذابح الإسرائيلية فى دير ياسين وقانا وصابرا وشاتيلا فتكون هى من خلف أخذ من السلف كل الهمجية والتوحش .

أما عن الجهة الأخرى من الصراع نجد العرب وهم فى وضعية إنحسارية الأن ولكن لا يعنى هذا أن تاريخ الصراع كانوا فيه دائماً بحالة إنكسارية .
ولكن كما يتسلل فى نفسية الإسرائيلى نفى وجود الأخر نجد هذا الأمر فى عمق الكيان العربى نحو رفض لوجود اليهود على الأرض العربية مستمدة دعمها من خطاب إلهى دينى يقوم على نفى وجود الأخر وتكون كل الأرض والسيادة للإله الإسلامى .
فالإرض الفلسطينية هى أرض إسلامية بحكم أن فتحها عرب مسلمون وطئت أقدامهم ترابها وإحتضنوا ثانى مقدسات الإسلام ولتغلف هذه النزعة الشوفونية بشعار أن كل الأرض لله ورسالته ودعوته الإسلامية .
التراث الإسلامى حافل هو الأخر بتاريخ دموى ضد اليهود يتمثل قى مذبحة بنى قريظة مثلاً علاوة على مجموعة من الأيات والأحاديث التى تلعن اليهود وتصفهم بكل ماهو قمئ .

هذا الخطاب الدينى الإلهى يتسلل فى النفسية العربية ليجعل الصراع لا يكتسب صفة الخلاف على بعض الأراضى والحقوق الضائعة هنا أوالحقوق المغتصبة هناك ..بل نحن إذاء صراع وجود يجعل الأرض رمزية فى الصراع .
هنا الإشكالية فى الصراع العربى الإسرائيلى أنه لا يقوم على تعارض وتناقض مصالح وأهداف ..بل يتأسس على صراع وجود ..صراع لا يقبل الأخر موجوداً .

ويجدر الإشارة بأن الخطاب الدينى فى الجانبين هو خطاب إختزالى بمعنى أن اليهودى يضع العرب كلهم فى كل زمان ومكان فى سلة واحدة ..كما يضع الخطاب الإسلامى اليهود فى كل أحوالهم الزمانية والمكانية فى سلة واحدة تتسم بالعداوة والخيانة والدونية.

لذلك ليس هناك أمل فى سلام طالما الخطابات الدينية تجد حضوراً ..وطالما العقلية العربية والإسرائيلية تجد معينها من حلول إستقصائية تعتمد على موروث تاريخى قديم مشبع حتى الثمالة فى العداونية والكراهية والتطهير العرقى .
وما نراه يدور فى الكواليس الأن ماهو إلا إدراك من الطرفين بإستحالة نفى وجود الأخر لكل منهما , لذلك هو بحث عن حلول مؤقتة لا تنهى الصراع ..فإسرائيل تتنازل بصعوبة عن إدارة شئون الفلسطينين كالمجالس المحلية والبلديات فليس هناك مشكلة أن يقوم الفلسطينيون ببعض الشئون على شاكلة صيانة شبكات المياة والكهرباء والصحة ..فهذا الأمر سيخفف من كاهل المؤسسة الصهيونية ..كما أن الفسطينيون قد أعياهم الصراع فأردوا أن يلتقطوا أنفاسهم ويتنسموا بعض المكاسب بعد طول صراع .

هذه حلول مؤقتة لن تحسم الصراع العربى الإسرائيلى طالما كانت الخطابات الدينية العبرانية والإسلامية حاضرة لا تقبل بالصراع إلا أن يكون صراع وجود وليس صراع على حدود ومصالح وأهداف .

ولكن قبل أن نتوسم رؤية حل لهذا الصراع دعونا نسأل عدة أسئلة .
هل من الممكن أن يكون هناك حل حاسم للصراع قائم على حسم الوجود لطرف على الأخر , وعلى إلغاء وجود طرف على حساب طرف أخر .؟
أعتقد أنه من المستحيل أن يكون هناك حل قائم بهذا الشكل وتاريخ هذا الصراع شاهد بذلك ...فلن يستطيع الإسرائيليون إزالة الفلسطينيون من الوجود وبالمثل لن يقدر العرب من إزالة الإسرائيليون من الوجود .
وسؤال أخر ..هل يصح أن نسقط رؤى وحلول إنسان قديم نظر للصراع على أنه صراع وجود وتفرد وألبسه رداءا إلهياً ليجعل الأرض هى الأخرى مقدسة ليستحيل على أثرها قبول أى وجود للأخر عليها .
بالفعل تكون من الحماقة إستعارة حلول قديمة كان لديها معطياتها على ظرف موضوعى حالى له معطيات أخرى .

لن نتلمس طريقاً لحل الصراع العربى الإسرائيلى أو قل وضعه فى مساره الصحيح كصراع قابل للإنحسار إلا فى وجود حل علمانى ديمقراطى يسقط أوهام الأرض المقدسة والموعودة ...ان يتم خلق وطن لكل البشر تقوم على حقوق وحريات لا تتكأ على شعب مختار أو أمة مميزة بل على حقوق أصيلة للإنسان أن يعيش على الأرض بكرامة وحرية .

من هنا أعتقد أن الحل العلمانى الديمقراطى هو الحل الوحيد الذى يجعل الصراع يسيرعلى قضبانه ناشداً أملاً فى الحل والخلاص من كل الموروثات القديمة التى تم تصديرها عبر رؤى أجداد كانت لهم رؤاهم الخاصة و لم يتورعوا فى أن يحيطوا أفكارهم العنصرية بهالات من القداسة مانحين إياها صفة الخطاب الإلهى والتى وجدت صداها فى أحفاد رددوا نفس أقوال أجدادهم الإستقصائية .

لن يكون الحل العلمانى له أى معنى إذا لم يحل فى الذهنية الإسرائيلية والعربية متشبعاً فيها ومتجسداً فى رؤية وثقافة تتغلغل فى العقليتين وليس مجرد شعارات يتم رفعها بل إيمان حقيقى بأن الأرض والوجود لكل البشر دون تمايز وإستقصاء ... أن تغدو ثقافة الإنسان مكان الخطابات الدينية التى لم تقدم أى شئ أكثر من زيادة نوافير الدم .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاجات غريبة .!!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (3) _ إستحضار العنف وتصعيده .
- الساسة يسطرون الأديان - اليهودية كنموذج .
- السادة يخلقون الأديان .
- حاجة غريبة .. الله ومسلسل التحريف .
- المقدس والتغييب وسر التخلف .
- خرافات الأديان (2) - خلق الأرض والنبات قبل السموات .!
- الإنسان والذهب .
- أشياء تدعو للخجل (2) - تحليل الدعارة .
- القضاء والقدر والمكتوب .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (2)
- أشياء تدعو للخجل (1) - إبراهيم خليل الله .
- خرافات الأديان (1) - الحر هو من فيح جهنم .
- حد فاهم حاجة .
- الصحراء تفرض كلمتها .
- النكاح فوق التنور .
- بانشى فى بيتنا .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (4)
- الله جعلوه لصاً
- من رحم اللذة والألم جاءت الفكرة .


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الصراع العربى الإسرائيلى وإشكاليات الخطابات الإلهية .