|
كبش الفداء ومسيحيو العالم العربى
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 884 - 2004 / 7 / 4 - 06:34
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما يغمض الإعلام العربى عينيه عن رؤية الجرائم اليومية التى تحدث لمسيحيى العراق وغيرهم من الطوائف الدينية الأخرى على أيدى جماعات العنف الإسلامية ، يعطى ذلك الجميع أنطباع واحد فقط وهو تآمر الإعلام العربى مع تلك الجماعات وإعتقادهم بأن ما يقومون به من أعمال عنف وقتل فى حق المسيحيين أعمال شرعية يؤمنون بها يقيناً لذلك يساندونها بغض البصر عنها ! فهذا الصمت المريب تجاه ما يتعرض له مسيحيو العراق من حملات أضطهاد وقتل ليس جديداً بل ويسير فى خط واحد مع سياسة الصمت القاتل الذى تمارسه وسائل الإعلام المصرية مع ما يحدث ضد المسيحيين المصريين من جرائم قتل ويتم تبرئة القتلة بحكم القانون العقيدى المنحاز ، وأعمال عنف وأعتداءات على الممتلكات الشخصية والدينية ومسلسل خطف الفتيات المسيحيات والمحاولات الطفولية الساذجة لإجبارهن على الدخول فى الإسلام . بالطبع على الإنسان المسيحى أن يتحمل الإهانات والإساءات والمضايقات والتصرفات الصبيانية فى الحياة اليومية بأختلاف ألوانها ، والنيل من الدين المسيحى والمسيحيين على صفحات الجرائد وبرامج التلفزيون ، تلك الإهانات التى تأتى دائماً من رجال يقال عنهم أنهم مثقفون مثال د.محمد عمارة وغيرهم كثيرين من السابقين واللاحقين فى وسائل إعلامنا العربى والمصرى تحديداً الذين يكررون الكلام باطلاً عن أن المسيحيين يؤمنون بديانة محرفة غير نقية لا تؤمن بإله واحد ، وبالتالى فالمعنى الطبيعى المقصود أن يصل إلى أذهان المواطنين أن المسيحية الحاضرة ديانة كافرة وأتباعها كفار مما يعنى الكثير والكثير بالنسبة لأفراد المجتمع المصرى والعربى كافة الذى يفرز بدوره ردود فعل يضعون مسئوليتها على أكتاف إله العنف. مثال واقعى ذكره لنا الأستاذ سامى البحيرى فى مقال له على صفحات جريدة إيلاف الألكترونية " أسمك إيه يا شاطر ؟ " يوضح لنا هذا الواقع الهزلى ونتائجه المؤلمة فى حكاية شاب مصرى جريمته الوحيدة التى جعلت المسئولين فى أحد الأندية الكبرى المصرية لكرة القدم يرفضون أنضمامه إليه هى أنه ببساطة : مسيحى ! ! إنه مثال بسيط لما يحدث فى حياة المصريين المسيحيين ودلالاته لا تحتاج إلى تعليق لأنها حالات كثيرة متكررة فى الماضى والحاضر المصرى !
بالرغم من التعتيم الإعلامى إلا أن العنصرية الدينية واقع لا جدال فيه فى مجتمعنا المصرى التى يرفض النظام الحكومى الأعتراف بوجودها ويحاول دائماً التقليل من وجودها بإبراز شعارات الوحدة الوطنية والكلام المعسول مما يجعلها تتوغل أكثر فى نفوس الأجيال الحاضرة والمستقبلة. وسط هذا الجو المشحون بالعداء والإثارة الإعلامية ، كيف يمكن للمواطن المسيحى أن يشعر بصدق التصريحات الرسمية النادرة ويرى وسائل الإعلام تنشر ما يسئ ويحقر من الديانة المسيحية وأتباعها بأعتبارها كما يقول هؤلاء الفقهاء والمفكرون الذين لا يمثلون إلا أنفسهم أنها ديانة التحريف والتبديل والتزييف ؟ ماذا تفعل وزارة الإعلام المصرية لإيقاف كل هذه الكتابات والأتهامات ؟ متى يفهم الجميع أن حضارة الدين تتلخص فى الأرتقاء بمشاعر وقيم الإنسان نحو الأفضل لإقامة حاضر ومستقبل يسوده الخير والمحبة والسلام والعدل ؟ هل يحتاج مجتمعنا العربى إلى وضع أبجدية جديدة للقيم الإنسانية ليتعامل بها مع غيره من بنى البشر بديلاً عن البربرية والقبلية المقيتة ؟ متى يبدأ المثقفون بتوضيح أن من لا يؤمن بعقيدتى الدينية ليس معناه أنه عدوى أو عدو الله ؟ ينبغى الإيمان بأن لكل إنسان حرية عبادة الإله بالطريقة التى أختارها لنفسه دون تكفير أو ترهيب ، وأن ننظر إلى الآخر نظرة جمالية تفيض حباً كما علمنا السيد المسيح الذى نؤمن به جميعاً على أختلاف عقائدنا والأتفاق الصريح على أن رسالة الدين تعنى أساساً بخلق إنسان جديد له ضمير حى وقلب نقى يسعى إلى الأعمال الصالحة. هل تسعى الحكومة إلى بناء ثقافة دينية تعترف بالمواطنين مؤمنين أو ملحدين حقوقهم وواجباتهم واحدة لا تمييز لواحد على الآخر؟ نريد أن نصدق كلمات الحكام والرؤساء بأننا جميعاً مواطنين ولا علاقة للدين فى حقوق المواطنة ، نريد أن نصدق أن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الجميع سواسية أمامها لا تفرق فى معاملاتها للإنسان بين مسيحى ومسلم وكافر ، نريد أن نصدق حقاً أن الدولة تعمل بجدية على إزالة كل الظواهر السلبية التى يرتكب فيها مواطنين مسلمين جرائم ضد مواطنين مسيحيين ويتساهل فيها القضاء والشرطة والإعلام بطرق يعلمها الجميع . متى يؤمن المواطن العربى بأن المسيحية ليست جريمة يعاقب عليها الله والقانون، وأن المسيحيين ليسوا أبناء زنى بل أبناء شرعيين مثلهم مثل أخوتهم المسلمين بشراً من لحم ودم ؟ متى نرى إعلاميين يستوعبون جيداً المسئولية الأخلاقية تجاه مشاكل المجتمع والتفاعل إيجابياً معها دون النظر إلى اللون والعرق والدين ؟ أسئلة حائرة تنتظر التدخل الحاسم لرئيس الجمهورية حسنى مبارك ولكل حاكم عربى لتحديث العقلية العربية بمستجدات العصر من حرية وديمقراطية وحقوق فطرية طبيعية إنسانية مشروعة لبنى البشر أجمعين !
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الله أكبر ... لماذا ؟
-
إلغاء وزارة الإعلام المصرية
-
جمال الله والقبح الدينى
المزيد.....
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
-
“فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور
...
-
المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|