أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - آثارُ مصرَ في مزاد الأثرياء














المزيد.....

آثارُ مصرَ في مزاد الأثرياء


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2907 - 2010 / 2 / 4 - 07:27
المحور: حقوق الانسان
    


تقدم أحدُ "الأثرياء الجدد"، ممن يسميهم الغرب New Money، بمقترح لمجلس الشعب يطالبُ فيه الدولةَ بالموافقة على حرية الاتجّار بآثار مصر في الداخل! وهنا، كان يجب أن أكملَ المقالَ بعلامات تعجب!!! وفقط! وزيرُ الثقافة، وأمين عام المجلس الأعلى للآثار، طبعًا رفضا الأمرَ، وهدّدا بالاستقالة حالَ موافقة المجلس على هذا المقتَرح "المعيب". رفضا لأنهما "مصريّان"، يدركان جيدًّا أن آثارَ بلادنا هي الهِبة المتبقية لدينا، نحن المصريين المنكوبين. هِبةٌ منحتها لنا السماءُ، حين اختارت أرضَنا لتكونَ أولَ بقعة نور فوق الكوكب، وهِبَةٌ صنعها لنا أجدادنا، مراهنين على أن أحفادَهم، نحن المصريين الراهنين، سوف يأتون بما لم يستطعه الأوائلُ؛ فيطورون الحضارةَ ويتسيّدون العالم! أما وقد خذلنا رهانهم، فليس أقلَّ من أن نحفظ ما تركوا من أثر؛ فلا نبدِّده، ولا نهينه، (مثلما نفعل عند سفح الهرم من كتابات على أحجاره سمجة، ورمي مخلفاتنا على مرأى من سيّاح يدفعون الملايين ليشاهدوا ما هو مبذولٌ لنا مجّانًا، ولا نعي قيمته)، وكذلك، لا نهّربها لدول تعرف جيدًّا قيمتها التي لا تُقدَّر بثمن.
حسني وحوّاس رفضا المقترح لأنهما مصريان يدركان أننا إزاء كنز، لنا، وفقط، حقُّ الانتفاع به، من حيث التباهي بكوننا أبناء حضارة صنعت التاريخ، ومن حيث التمتّع بما تدرُّه علينا من أموال (بفرض أن المواطن البسيط يتمتع بشيء من دخل السياحة وقناة السويس وعداهما من دخل مصر القومي!). ورفضا لأنهما متحضِّران يعرفان أن تلك الآثار مُلكٌ لأبنائنا وأحفادنا حتى قيام الساعة، ومن ثَم فليس من حقّنا تبديدُها، بل حتميٌّ أن نصونها لهم، كما صانها لنا مَن سبقونا! رفض الرجلان هذا المقترحَ لكل ما سبق من أسباب، فيما تقدّم رجلٌ بالاقتراح لأنه نقيضُ كلّ ما سبق!
وللحقّ لم يصبني ذلك المقترح بالدهشة، بل بالاشمئزاز والحسرة! فهو اقتراح على "مقاس" تاجر! ليس غريبًا على مَن احتكر حديد مصر، أن يرمي ببصره نحو المزيد من ثرواتها، مما لم تملك يمينه بعد! أولئك الأثرياء الجدد، باعوا القطاع العام وسرّبوا أمواله للخارج، ضاربين صفحًا عن كادحين يعيشون تحت خط الفقر؛ يسكنون عشش الصفيح، ويشربون مياه الصرف؛ فيضربهم السرطانُ والفشلُ الكلويّ والكبديّ والرئويّ؛ ثم يموتون دون أن يشعر بهم أحد. وبعدما فرغوا من تجريد مصر من أموالها، انتبهوا أن ثمة ما تبقى من نسغها الممصوص: النيل والأثر، فتحوّلوا إلى شرائهما! فربما ينقصُ بهو قصورهم المنيفة التزيّنُ بقطعةٍ فرعونية أصلية، فكيف لا يرجون قانونًا يسمحُ بتجارة الأثر، ماداموا يملكون ثمن شرائه؟
يشير المقترحُ إلى أن نحذو حذو أوروبا التي تسمح لمالك الأثر بالاتجار به داخل حدود دولته! وأغفلَ أمورًا ثلاثة. أولا: تبيح تلك الدولُ الاتجّار في آثار البلاد الأخرى، لا في آثارها الخاصة. ثانيًا: لا شيء في العالم يشبه آثارَ مصرَ، كمًّا وكيفًا. أثارُ العالم مجتمعةً تُعدُّ "طفلةً" جوار آثارنا الموغلة في غور الزمن، ومن ثَم يلزمُ مصرَ قانونٌ على قدر خصوصية أثرها. وثالثا: المواطنُ الفرنسي البسيط يمتلك من الوعي بقيمة الأثر ما لا يمتلكه، من أسف، مواطننا المُجَهَّل بفعل فاعل، المُثقَل بأفكار بليدة تقول إن آثارنا العظيمة ليست إلا مسوخًا وأوثانًا صنعها فراعينُ ملاعين!
في مؤتمر "طيبة" بالأقصر، قبل شهر، التقيتُ شابًا يمتلك أحد البازارت. سألته: "هل تشعر بالفخر كونك تنتمي لأول حضارة في التاريخ، وأنت تبيع نماذج تماثيل الفراعين، لسيّاح يأتون إليك من أقصى الأرض؟" نظر إليّ بدهشة، ثم لوى شفتيه وقطّب جبينه وقال: "الفراعنة عملوا الأثارات دي عشان السياح يشتروها، هي أصنام، بس أكل العيش بقا!" ولم يكن يمزح، كان يظن بالفعل أن أجدادنا القدامى، بنوا أهراماتهم، وشقّوا معابدهم، وحنّطوا مومياواتهم، وكتبوا بردياتهم، لكي يحضر السياح ويشاهدوها!
نقولُ لأثريائنا الجدد، "أعزّهم" الله: كفّوا غلواءكم، فقد عيلَ صبرُنا! اتركوا شيئا لأحفادنا بعدما نهبتم كلَّ شيء!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لن تتعلّموه في المدارس
- وردةُ أنطلياس، عصفورةُ الشمس
- المهذّبون يموتون غرقًا
- اقرأوا تصحّوا!
- انظرْ خلفك -دون- غضب
- كلَّ عام ونحن أجمل!
- حوارٌ متمدِّنٌ في ثماني سنوات
- رجلُ الفصول الأربعة
- اسمُه: عبد الغفار مكاوي
- أولى كيمياء/ هندسة القاهرة
- المحطةُ الأخيرة
- هُنا الأقصر
- وتركنا العقلَ لأهله!
- لا شيءَ يشبهُني
- طيورُ الجنة تنقرُ طفولتنا
- المرأةُ، ذلك الكائنُ المدهش
- مصنعُ السعادة
- شباب اليوم يعاتبون:وطني حبيبي الوطن الأكبر
- سور في الرأس، سأسرق منه قطعةً
- التواطؤ على النفس


المزيد.....




- توقيع 21 دولة على اتفاقية مكة المكرمة للتعاون بين دول التعاو ...
- حملة اعتقالات واسعة.. مطالب بوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان ب ...
- الإفراج عن 3 أميركيين كانوا معتقلين في الصين
- عودة النازحين اللبنانيين الى مناطقهم بعد اتفاق وقف العدوان
- فرنسا تحسم أمرها بشأن إمكانية اعتقال نتانياهو
- صنعاء:نبارك للشعب اللبناني والمقاومة اتفاق وقف العدوان وبدء ...
- آلاف النازحين يعودون إلى منازلهم في جنوب لبنان عقب دخول وقف ...
- الضفة الغربية.. حملة اعتقالات إسرائيلية جديدة تطال طالبة وطف ...
- تباين كبير في آراء الأميركيين بشأن أجندة ترامب للاجئين
- قتل جماعي وتعذيب وإخفاء قسري.. أمنستي: إفلات من العقاب على ج ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - آثارُ مصرَ في مزاد الأثرياء