أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أمجد إبراهيم - إصلاح الإنسان أم إصلاح الجدران















المزيد.....

إصلاح الإنسان أم إصلاح الجدران


أمجد إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 883 - 2004 / 7 / 3 - 05:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لقد تباينت الآراء حول أحداث القامشلي وتفاوتت المواقف حيث وصفها البعض بالانتفاضة ورأى في ضرورة استمرارها بينما قرأها البعض الآخر فتنة ومؤامرة لا بد من الالتفاف عليها وإخماد فتيلها ولكن الحقيقة واحدة في جميع الأحوال ومهما اتسعت هوة الخلاف تبقى عين الحقيقة كما هي ساطعة لن تغيرها تفسيراتنا ولكن ستنتابنا نتائج تعاملنا مع هذا الموقف وفقا لصحة قراءتنا للأحداث.

إن البيانات وكافة التصريحات التي صدرت عن الحركة السياسية الكردية والتي وقعت باسم مجموع الأحزاب كانت متفقة وتؤكد على أن الأحداث كانت فتنة تآمرية ضد الشعب الكردي في سوريا وتعاملت مع الحدث من هذا المنطلق و قد طالبت بتشكيل لجنة نزيهة للتحقيق في تلك الأحداث عسى أن ينقشع الضباب ونصل للفاعلين الرئيسيين الذين ساهموا في استفزاز العاطفة الكردية وجرها نحو أحداث دامية راح ضحيتها عشرات الأبرياء.إلا أن هذا المطلب لم يلقى ترحيبا ولا استجابة رغم منطقية طرحه . واليوم ومن خلال الأربع أشهر التي مضت على تلك الأحداث بدأ يتضح الدافع إلى رفض ذلك الاقتراح وغيره وبالتحديد من خلال القرار الذي صدر عن محافظ الحسكة بالاتفاق مع بعض أعيان الكرد في المنطقة لجمع التبرعات من المواطنين لإصلاح ماتم تخريبه في تلك الأحداث .

لماذا هذا القرار ؟
إن جمع التبرعات من المواطنين الكرد ليس مرده إلى ضعف في إمكانات الخزينة الرسمية وليس بدافع العمل المشترك بقدر ما هو السبيل الوحيد لخلاص المذنبين والمدبرين لفتنة القامشلي ,فتقديم الشعب الكردي تكاليف الأعمار يشكل اعترافا ضمنيا غير معلن من قبل هذا الشعب بجرم لم يرتكبه ويؤدي عمليا إلى إلصاق التهمة بشكل غير مباشر بعامة الكرد في حين أن التخريب ذاته لا يجب أن يتحمل مسؤوليته سوى المخربون.

إن هذا القرار أستقبل بوجهين متناقضين الأول تبناه الوجهاء ومبدئيا زعماء العشائر والأثرياء في منطقة الدرباسية ,والثاني تجلى في الرفض من قبل الأحزاب الكردية وإن لم يصدر بيانا رسميا يدين القرار.

إن قراءة الموقفين تفضي إلى أزمة مفتعلة قد تكون امتداد للأزمة الأولى فهي أولا وكما ذكرت إعادة الشعب الكردي عامة إلى قفص الاتهام وثانيا فهي محاولة لإفساح المجال أمام العشائرية لتتوغل مجددا في أحشاء المجتمع الكردي ولكن من خلال موقف هزيل أنعكس سلبا على شخوص هؤلاء الوجهاء والسبب الثالث والذي قد تبرأ منه الصدفة وهو إحراج الحركة الكردية ودفعها لمواجهة هذا المشروع تزامنا مع القرار الذي حظر نشاطها .

بعيدا عن الدفاع أو التهجم على أحد إلا أن مواجهة هذا القرار من قبل الأحزاب الكردية يأتي كامتداد للخط الذي تعاملت من خلاله مع الأحداث من حيث اعتبار أن ما جرى كان من قبيل فتنة مفتعلة.

وفي المقابل فإن موقف الوجهاء الذي جاء مفاجئا بالنسبة لي _على الأقل_ بعد موقفهم السابق في نهاية العام الماضي من قضية تعويض الملاكين الذين أخذت منهم أراضيهم إثر قرارات لجنة الاعتماد حيث تم تثمين ذلك الموقف من قبل كافة قطاعات الشعب الكردي ولهذا فإن موقفهم اليوم من قرار جمع التبرعات يحتمل ثلاث تفسيرات :

أولا : ومن قبيل النظر بحسن نية فمن المحتمل أن يكون هؤلاء الوجهاء قد واجهوا ضغوط معينة تمس أمن بعضهم أو مصالح بعضهم الآخر.
ثانيا: إن ما قد يحمل هؤلاء إلى اتخاذ هذا الموقف قد يكون جهلهم الكبير بما يدور حولهم وعدم إدراكهم للبعد السياسي ولحساسية الموقف .
ثالثا: وهو ما قد يبديه بعضهم من تواطؤ تطوعي للمشاركة في هذا المشروع وهنا لابد من الإشارة إلى أن بعض الأسماء أدرجت على القائمة دون علمهم بغرض تشويه موقفهم الحقيقي.
إن معظم ما كتب حول هذا القرار من قبل الكتاب الكرد أشار إلى ضرورة تعويض أهالي الشهداء وكافة المتضررين كخطوة تسبق قيام المحافظ بجمع التبرعات وأنا شخصيا أضم صوتي إلى صوتهم رغم قناعتي بأن تقديم مبلغ ما لذوي الشهداء أي كانت قيمته لن يحل الأزمة حين يترافق هذا التعويض بقانون يحظر النشاط السياسي الكردي أو أي إجراء يغض فيه النظر عن الأسباب الحقيقية للمشكلة .
إلا أنني قد أختلف مع هؤلاء الأخوة في نقطة بسيطة وهي أن جمع التبرعات من الشعب الكردي أمر مرفوض في جميع الأحوال سواء تم تعويض المتضررين أو لم يتم لما يضمره من بعد سياسي يوفر الغطاء لمفتعلي فتنة القامشلي .
نقطة أخرى لا بد من الوقوف عليها باستمرار حيث صارت محط إثارة الجدل بل واختلاف كبير بعيد أحداث القامشلي وهي كلمة الانتفاضة فإذا كان بعض الأخوة يرغب بالتعامل من الأحداث على أنها انتفاضة فلا بد له من بناء مواقفه وطروحاته على هذا الاساس ,إذ أن المطالبة بتعويض ذوي الشهداء من قبل السلطة يؤدي عمليا إلى تجويف فكرة أو مفهوم الانتفاضة حيث لم نقرأ في التاريخ عن شهداء قتلوا في الانتفاضات وقبض ذويهم من الطرف الآخر تعويضا ماليا لذلك فإن مفهوم الانتفاضة يناقض كليا المطالبة بالتعويض من قبل السلطات.

بقي لي كلمة بخصوص التخريب والمخربين حيث يصدر المحافظ قراره نخبهم !
إن من يحرص على أمن وسلامة الوطن لابد له أن يقف على أسباب التخريب _المرفوض على أية حال_ لا أن ينظر إلى النتائج على أنها مشكلة عرضية ليس لها أية ارتباطات وثيقة في عمق البينة الاجتماعية وترسم عمليا صورة ما تعرضت له هذه البنية من خلل مزمن عبر عقود طويلة.

أعتقد أن هؤلاء المخربين هم ضحايا للتخلف الاجتماعي الذي تعيشه المنطقة عامة نتيجة ظروف سياسية واقتصادية معينة وما تعكسه على ذهنية الإنسان من نقص يصيب حياته حيث يركز علماء الاجتماع على عاملين أساسيين في تخلف المجتمعات وهما :
سياسة التعليم من جهة وعلاقات التسلط والقهر في المجتمع من جهة ثانية .

إن الإصلاح الذي علينا المطالبة به هو ذلك الإصلاح الذي يتوجه نحو بنية المجتمع ليمس الإنسان في ذاته مباشرة من خلال تحسين الظروف السياسية والاقتصادية والثقافية فما يتوجب على المحافظ أولا هو عقلنة الإنسان المتخلف عامة أو المخرب كحالة خاصة من خلال عقلنة العلاقات التي تحيط به أي عليه إصلاح المخربين من خلال حل مشاكلهم قبل أن ينادي بإصلاح التخريب من خلال الزوابع الجوفاء التي يطلقها مع آغاوات المنطقة في محاولة منهم للابتعاد عن جوهر الأزمة فالهدف من الإصلاح هو الإنسان قبل الجدران والمنشآت.



#أمجد_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أمجد إبراهيم - إصلاح الإنسان أم إصلاح الجدران