أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الساسة يسطرون الأديان - اليهودية كنموذج .















المزيد.....

الساسة يسطرون الأديان - اليهودية كنموذج .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2904 - 2010 / 2 / 1 - 01:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل الأديان والمعتقدات نصوص تم إلقاءها من السماء لتصيغ حياة البشر ..أم أن البشر هم من صاغوا رؤيتهم وسوروها بسياج المقدس .؟
وهل الدين تم إستغلاله ببشاعة من قبل الحكام والساسة لخدمة مصالحهم الشخصية أم أن الساسة هم من صاغوا القصص والشرائع والتعاليم لخدمة مصالحهم الحيوية .؟

لكى نتلمس الرؤية الصحيحة فيمن خلق الأخر هل هو السياسى أم الدين دعونا نرى ما هو الدين .
الدين يمثل هوية مجتمعية لجماعة بشرية أرادت أن تتوحد تحت راية واحدة تجمعها وتوحدها لتضيف إليها قوة تعضد من مواقفها وتجعلها قادرة على تحقيق مصالحها وأحلامها ..كما يكون الدين أيضاً هو قدرة الجماعة البشرية على التوحد الجبهوى ضد الجماعات الإنسانية الأخرى المختلفة والمتصارعة مع مشاريعها .

لذلك نجد أن الجماعات الإنسانية على مدار التاريخ إتخذت كل منها إله محدد لها يعبر عن إنتمائها وهويتها وتميزها عن أى جماعة أخرى .
فلم يكن الإله يقوم بدور راعى القبيلة فحسب بل كان هو السمة المميزة للقبيلة وتحديد هويتها الخاصة وشعارها..كما لم تكن الطقوس والصلوات المختلفة تقوم بدور التودد للألهة فقط بل رسمت فى السياق ملامح الهوية بتميزها وتفردها .
لذلك تم إعتبار الإله وإطاره الدينى كصورة لتوحد المجتمع وتماسكه ..ويمكنا من هذه النقطة أن نفهم المبرر الذى يساق فى تبرير حد الردة بأن المرتد هو خارج عن الجماعة البشرية ومفارق لها ..وتكون هذه الرؤية متسقة مع نفسها فى إطار فهمها لماهية الهوية وفقاً لزمانها كما ذكرنا ..ولكنها تتناقض مع تطور العلاقات الإنسانية المعاصرة فى عدم إعتبار الهوية هى المعتقد , مما يجعلنا نستهجن حد الردة بإعتباره مناهض لحرية الإعتقاد .

نستطيع من خلال هذه الرؤية أن نجد الكثير من الأمثلة الثرية فى التاريخ الميثولوجى الإنسانى والذى يؤكد على أن الدين والإله ماهما إلا هوية مجتمعية وجد فيها الإنسان ذاته بإنتماءه للمجموع والإنصهار فى مشروعه وحلمه .

ننتقل إلى المحور الرئيسى فى موضوعنا وهو أن الدين ماهو إلا مشروع سياسى يحمل فى داخله أجندة سياسية يراد لها أن تطرح وتحقق رؤيتها ومصالحها الخاصة ..أى أن الساسة هم من سطروا السطور الأولى فى المشروع الدينى راسمين كل خطوطه العريضة التى تتيح تحقيق أحلامهم ورؤاهم .

دعونا نأخذ مثالاً لن يرهقنا فى البحث والإستنتاج وهو النموذج التوارتى وقد يرجع إستهلالنا بهذا النموذج أنه شديد الوضوح والفجاجة فى درجة إعلانه عن مشروع السياسى .

ففى قصة نوح الذى يعتبر الأب البطريركى للإنسانية حسب المنظور الميثولوجى الدينى ..نجد قصة فيها الكثيرمن البساطة , ولكن يوجد بها الكثير من الدلالات.
تقول القصة ..
"وإبتدأ نوح يكون فلاحاً وغرس كرماً. وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه. فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه، وأخبر أخويه خارجا. فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء، وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء. فلم يبصرا عورة أبيهما. فلما استيقظ نوح من خمره، علم ما فعل به ابنه الصغير. فقال: ملعون كنعان! عبد العبيد يكون لإخوته. وقال: مبارك الرب إله سام. وليكن كنعان عبدا لهم. ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبدا لهم. ] التكوين، 9: 20-27

وبالطبع تندهش من ورود كنعان فى القصة ، سوى كونه ابن حام الذي غضب عليه نوح وفقاً لهذا النص ، وهذا ما جعل نوح يتوعده بالعبودية هو وذريته .!!
إذن نحن أمام فرز أولى للجنس البشرى بناء على حادث يبدو لنا شديد السذاجة والعبثية ..أن يتم إسقاط جنس بشرى كامل بناء على فعل أحمق يلام عليه نوح قبل إبنه, والذى يدعو للدهشة أيضاً أن النص تعامل بعصبية شديدة جعلته يخرج عن المنطقية والحبكة الجيدة , فجاءت اللعنة لكنعان بدلا من والده ..ولكن تزول دهشتنا عندما نعرف أن الصراع كان مع الكنعانين ... وهكذا كانت الرؤية الشديدة التسطيح للسياسى فى تحقيق الفرز الأولى للبشر ليصل إلى أهدافه .

ولو تتبعنا بقية هذا المسلسل اللطيف سنصل إلى حلقة النبى إبراهيم والذى جرى على يديه عملية فرز أخرى لا تقل سذاجة ولكن تكتسى بالبدوية والغلظة .
تقول القصة ..
"وكان اسمه إبرام قبل أن يغيره الرب له فيجعله إبراهيم ] التكوين، 17: 5 [ ): وقال الرب لإبرام: اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك، وتكون بركة وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض. ] التكوين، 12: 1-3 [. واجتاز إبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة مورة. وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض. وظهر الرب لإبرام وقال: لنسلك أعطي هذه الأرض. ] التكوين، 12: 6-7

ثم تعين التوراة حدود أرض اليهود في وعد الرب لإبراهيم: وقال الرب لإبراهيم: لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات. ] التكوين، 15: 18 [. ثم ظهر الرب لإبراهيم فقال له: وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم، عهدا أبديا، لأكون إلها لك ولنسلك من بعدك. وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك، كل أرض كنعان ملكا أبديا. وأكون إلههم. ] التكوين، 17: 7-8 [.
وهذا العهد ليس لإسماعيل منه نصيب، بل هو لإسحاق. فوفقا لنص التوراة : وقال إبراهيم لله: ليت إسماعيل يعيش أمامك! فقال الله: بل سارة امرأتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحاق. وأقيم عهدي معه عهدا أبديا لنسله من بعده. ] التكوين، 17: 18-19
إذن نحن أمام إسقاط شعوب بأكملها من المحبة والوعد الإلهى بسبب أن إسماعيل إبن الجارية ..مما جعل إبراهيم لا يتوانى أن ينفى إبنه وزوجته فى الصحراء تحت رغبة الإله يهوه وزوجته الغيور .

لن يستوقفنا هذا المشهد الدرامى الذى لا يخلو من القسوة فى أن نتحسس رغبة السياسى فى ممارسة عملية الفرز العنصرى الثانية والذى يبتغيها من وراء هذه القصة فى تميز إسحاق بنسله عن إسماعيل لتكون الأرض لقمة طيبة ومتفردة فى بطن الأول .

يستكمل المسلسل فصوله أيضاً عندما نصل إلى يعقوب وعيسو الورثاء الشرعيون لإسحاق الذى حظى بالكعكة لوحده على أكتاف إسماعيل ..فتنبأنا القصة بخروج عيسو من المسلسل على أثر بيعه لبكوريته نظير وجبة عدس تافهة ..لتخرج شعوب وقبائل من الوعد الإلهى بالأرض ويكون الخروج أيضاً لاعناً لنسلهم وممجدا لنسل الوريث الشرعى .!
[. ثم دعا إسحاق لابنه يعقوب من بعده: ليُستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل. كن سيدا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك. ليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين. ] التكوين، 27: 29 [.
وخرج يعقوب من بئر سبع وذهب نحو حاران ... واضطجع في ذلك المكان فرأى حلما قال له الرب فيه: أنا الرب اله إبراهيم أبيك واله إسحاق. الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك. ويكون نسلك كتراب الأرض، وتمتد غربا وشرقا وشمالا وجنوبا، ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض. ] التكوين، 28: 13-14 [.

هذه القصص التى صاغها السياسى جاءت نتاج ثقافته البسيطة والمتاحة فى إعداد السيناريو والإخراج , ممزوجاً بحقده وعدوانيته وعنصريته البغيضة ولكن لم يمنع أنه صاغ النص ليصل إلى مبتغاه فى تفرد القبائل اليهودية المنحدرة من هذه المفرزة بالأرض التى كتبت كل القصص السابقة واللاحقة لها , لترسخ فى الذهنية العبرية حلم الإستيلاء على أراضى الغير تحت شعار الأرض الموعودة والتى وعد بها الإله لهذا النسل .

الواضح لدينا أن هناك مشروع إستيطانى وأجندة سياسية طرحها السياسى فى تكوين وتميز جماعته البشرية والتى أراد أن يجمعها ويوحدها تحت راية إله تم تأميمه لصالحها ليصيغ رغباتها فى التواجد على أراضى الغير والإستيلاء عليها .

هنا يظهر أسبقية السياسى وأجندته الخاصة والتى جعلته لا يتوانى فى إختلاق القصص فى أطار ما يريد تحقيقه ويخطط له وفقا لمشروعه السياسى التوسعى .

ولا تكون الأمور أكثر من هذا .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السادة يخلقون الأديان .
- حاجة غريبة .. الله ومسلسل التحريف .
- المقدس والتغييب وسر التخلف .
- خرافات الأديان (2) - خلق الأرض والنبات قبل السموات .!
- الإنسان والذهب .
- أشياء تدعو للخجل (2) - تحليل الدعارة .
- القضاء والقدر والمكتوب .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (2)
- أشياء تدعو للخجل (1) - إبراهيم خليل الله .
- خرافات الأديان (1) - الحر هو من فيح جهنم .
- حد فاهم حاجة .
- الصحراء تفرض كلمتها .
- النكاح فوق التنور .
- بانشى فى بيتنا .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (4)
- الله جعلوه لصاً
- من رحم اللذة والألم جاءت الفكرة .
- إنهم يشوهون أطفالنا .
- إنهم يغتالون عقول أطفالنا .
- الماء لا يجرى فى النهر مرتين .


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الساسة يسطرون الأديان - اليهودية كنموذج .