|
فى 28 يناير 2010 بملعب بنجيلا .. بأنجولا .. حزنت أكثر على مظهر أبنائنا الجزائريين .. ؟!
بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 31 - 22:42
المحور:
عالم الرياضة
تابعت على مدى ثلاثة أسابيع - شأن الكثيرين - معظم مباريات كأس إفريقية لكرة القدم المقامة بأنجولا فى شهر يناير 2010 وحرصت على مشاهدة معظم مباريات الفرق العربية الثلاث تونس ومص والجزائر وسعدت بصعود المنتخبين المصرى والجزائرى للدور الثانى من البطولة، كما حرصت بشكل خاص على مشاهدة أقوى مبارياته .. كوت ديفوار والجزائر .. ومصر والكاميرون. وفى الحقيقة لم أر الفريق الجزائرى يلعب يوما بمثل ما لعب فى هذه المباراة حتى فى عصره الذهبى أيام [ رابح ماجر ، وجمال مناد ، وصلاح عصاد ، وتصفاوت ] سواء من حيث ديناميكية اللعب والروح القتالية والتفرغ للكرة فقط واستعادة التماسك السريع بعد تقدم المنافس مرتين والعرض القوى الجميل الذى قدمه على مدار الثلاثة أشواط الأخيرة من عمر المباراة. وعلى العكس من ذلك كان الفريق المصرى أقل من مستواه الذى أدى به مباريات الدور الأول لكن خبرته مكنته من اجتياز موقعة الكاميرون وأزالت بعض ما تراكم لدى المصريين من قلق. وبفوز الجزائر ومصر.. انتظر الجميع مباراتهما فى الدور نصف النهائى حيث لم يرجح واحد - ممن قابلتهم ويفهمون فى الكرة من المصريين - كفة أحدهما على الآخر باستثنائى.. فقد كنت أرى – بناء على العرض الذى قدمه الفريقان أمام كوت ديفوار والكاميرون.. أن فرصة الفريق الجزائرى فى الفوز أكبر .. لأن مستواه فى المباراة الأخيرة كان أفضل. وفى يوم المباراة.. وأثناء عزف النشيدين القوميين للفريقين قبيل بدء المباراة لا حظت حالة من التوتر تكسو ملامح لا عبى الفريق الجزائرى، و ظهر فى المباراة ما بدا على ملامحهم قبلها.. حالة من الانفعال وانفلات الأعصاب .. لا تتفق مع لاعبين كبار معظمهم أعضاء فى فرق أوربية. وبانتهاء المباراة أرجع بعض المحللين المحايدين.. المظهر الذى كسا الفريق الجزائرى لعدم رغبتهم فى الخسارة أمام الفريق المصرى، وأرجعه آخرون إلى فارق الخبرة بينما أرجعه بعض آخر إلى المستوى الحقيقى للفريقين. وبالرغم من أن معظم هذه الأسباب قد أسهمت فيما حدث طيلة زمن المباراة إلا أنها- فى تقديرى- لم تتوصل إلى السبب الحقيقى الذى وقف وراء حالة الفريق الجزائرى أو إلى أهم الأسباب: 1- فبالعودة إلى مباريات الدور الأول نجد أن الفريق الجزائرى قد تعرض لهزيمة ثقيلة فى أولى مبارياته مع مالاوى أفقدته جزءا كبيرا من توازنه طيلة مباريات الدور الأول.. حيث لم يفز سوى بمباراة واحدة ولم يحرز إلا هدفا واحدا. 2- وبصعوده لدور الثمانية لملاقاة فريق كوت ديفوار كان همه تصحيح صورته التى اهتزت بشدة .. وساعده الفريق المنافس ( كوت ديفوار ) فى مهمته.. فقد كان الديفواريون فى حالة من الثقة والغرور أدت إلى سقوطهم وساعد على تفاقم الثقة الهدف المبكر الذى أحرزوه فى المرمى الجزائرى وأشعرهم بأن الفوز قادم فى أى وقت. 3- لقد نزل الفريق الجزائرى أرض الملعب- لملاقاة أكثر الفرق المرشحة للبطولة شهرة -وامتلاء بلاعبين أفذاذ وملء السمع والبصر- وفى أذهانهم ( أى الجزائريين ) تأدية مباراة كبيرة وعرض جميل يعدل الصورة التى ظهروا بها فى الدور الأول ، وحتى لو خسروا فيكفيهم أن منافسهم هو فريق دروجبا ، وسالمون كالو ، ويحيى توريه، وعبد القادر كيتا وغيرهم ) ، لذلك أدوا مباراة كبيرة وفازوا لأنهم أصروا على تعديل صورتهم وإشعار من شاهدوهم منذ بداية الدورة أنهم قد تأهلوا لنهائيات كأس العالم فى جنوب إفريقية ويستحقون ذلك، وكانوا الأكثر جدية فى التعامل مع منافسهم .. الذى لو حقق نصف الفرص التى لاحت له لفاز عليهم بفارق كبير من الأهداف حتى لو وفق الجزائريون فى التهديف من كل الفرص التى سنحت لهم.. لكنه الغرور و التعالى والثقة المفرطةالتى قضت على الفريق الديفوارى. باختصار كانت هذه أفضل مباريات الدورة على الإطلاق وأكثرها قوة .. وصححت بشكل كبير صورة الفريق الجزائرى التى اهتزت كثيرا أمام فريق مغمور فى أولى مبارياتهم فى الدورة. لقد كانت هذه المباراة الكبيرة وآثارها المعنوية مربط الفرس فى إيصال الفريق الجزائرى للحالة التى كان عليها فى مباراة الدور نصف النهائى مع الفريق المصرى . لقد سبّب الفوز غير المتوقع للجزائريين على الفريق الديفوارى والعرض القوى الجميل الذى صاحب الفوز.. سبّب هزة معنوية هائلة للاعبين تجاوزت بكثير الهزة التى تعرضوا لها بالهزيمة من مالاوى .. لم يستطيعوا تجاوزها خلال اليومين المتبقيين على مباراتهم مع مصر . فالفوز الكبير .. والهزيمة الثقيلة وجهان لعملة واحدة.. كلاهما منتج لآثار واحدة هى افتقاد التوازن الانفعالى ، وهما – الفوز والهزيمة – أقرب للدوافع التى تسبب البكاء فى حالتى الفرح والحزن. وأشيرإلى أن الهزة التى تسبب افتقاد التوازن الانفعالى تختلف عن الآثار الناتجة من الفرح المبالغ فيه أو المترتبة على الغرور والثقة الزائدة. وفى الحقيقة لا ينجو من هذه الآثار كل من يتعرض لها سواء كان فردا أو جماعة .. لاعبا أو فريقا . . خصوصا إذا ما كانت مباغتة وغير متوقعة، الشئ المهم هو قدرة من يتعرض لها على تحملها وتجاوزها بسرعة . ويختلف البشر كما تختلف الفرق الرياضية والجماعات فى هذه المسألة.. فالأكثر تجربة وخبرة ونضجا عادة ما يحتاج لوقت أقل فى تجاوزها من الأقل تجربة وخبرة ونضجا. وهناك عوامل أخرى كثيرة مساعدة أو ثانوية تتدخل فى مثل هذه الظاهرة – سواء فى تجاوزها بسرعة أو الاستغراق فيها- منها خصوصية الفوز على فريق بذاته أو الرغبة فى تجنب الهزيمة فى مباراة بعينها .. لكنها تبقى فى التحليل الأخير عاملا مساعدا وليس السبب الرئيسى لتلك الحالة، وهذا ما ساهم فى دفع الفريق الجزائرى للوقوع أسيراً لهذه الحالة .. كما يفسر فى نفس الوقت سلوك لاعب متميزمثل الظهير الأيسررقم ( 3 ) الذى لا يجرؤ على مجرد التفكير فى ارتكاب مثل هذا الخطأ فى مباريات ناديه الإنجليزى وإلا تعرض للإيقاف مدة طويلة وربما تجاوز عقابه ذلك بكثير. هذا وقد انطبق نفس الشئ على الفريق المصرى فى بطولة القارات عندما أحرج البرازيل بشدة وفاز على إيطاليا ووقع فى الحفرة التى تعثر فيها شقيقه الجزائرى فى أنجولا وخسر مباراته مع الفريق الأمريكى بهزيمة ثقيلة أطاحت به خارج البطولة والتوقعات.، ، بل ويمكن أن تطيح به من المباراة النهائية أمام غانا إذا استغرق فى حالة النشوة التى خلقها الفوزعلى الفريق الجزائرى - الذى لم يكن حجمه متوقعا – و إذا لم يتخذ جهازه الفنى والطبى من الإجراءات ما يحول دون تكرار خطأ بطولة القارات. لقد أجمعت وكالات الأنباء العالمية .. وأجهزة الإعلام الأوربية على حالة التوتر الشديد للاعبى الجزائر وعلى أن ذلك كان السبب فى الخشونة البالغة والمتعمدة التى أدوا بها مباراة الدور نصف النهائى، كما أكد ذلك كثير من المعلقين والمحللين المحايدين ( بعيدا عن المصريين والجزائريين) .. خصوصا خبير التحكيم السورى جمال الشريف على قناة الجزيرة الفضائية الذى وافق على صحة قرارات حكم المباراة تماما. لكن هؤلاء جميعا لم يحددوا الأسباب الحقيقية وراء التوتر والاهتزاز الذى حل بلاعبى الجزائر فى هذه المباراة.. فقط رصدوا الحالة والمظاهر المتعددة لها بعيدا عن الأسباب. لقد ارتفعت قامة اللاعب المالى الكبير ( كانوتيه) فى نظر متابعى مباريات كأس الأمم الإفريقية بأنجولا لأنه رغم تأخر فريقه بأربعة أهداف عن منافسه الأنجولى تمكن- وهو قائد الفريق – فى ثلاثة عشر دقيقة من تحقيق التعادل ، وكان سلوكه مثالا ونموذجا للاعبى فريقه - حتى الكبار منهم مثل سيدوكيتا لاعب نادى برشلونة- حيث لم يخرجوا عن النص .. ولم يمارسوا سلوكا عدوانيا ضد منافسهم واحتفظوا بأعصابهم هادئة حتى عادلوا النتيجة .. ونالوا احترام الجميع. إن الحالة التى انتابت لاعبى الجزائر باستثناء اللاعب الكبير المتزن مراد مجنى قد طالت الجهاز الفنى للفريق الذى أرجع خسارته أمام مالاوى لدرجة الحرارة المرتفعة ( وذكرنا باتبريرات التى كان يسخر منها المرحوم نجيب المستكاوى- شيخ النقاد الرياضيين العرب فى خمسينات وستينات القرن الماضى – عندما يخسر الفريق المصرى فى بعض المباريات الرياضية مبررا خسارته بأسباب تافهة مثل الحرارة والرطوبة والارتفاع عن سطح البحر) كما أرجع هزيمته أمام الفريق المصرى إلى الحكم البنينى وبعدها إلى اتحاد الكرة الإفريقى وليس إلى حالة التوتر الشديد وافتقاد التوازن النفسى والعصبى التى حلت بلاعبيه ودفعتهم لإيذاء المنافس أكثر من مرة بعضها من وراء ظهر الحكم ليس هذا وفقط بل وانتقلت إلى الكثيرين ممن شاهدناهم وسمعناهم من الإخوة المحللين والمعلقين الجزائريين. لقد كان بإمكان الفريق الجزائرى تأدية مباراة كبيرة لو كان فى حالته التى سبقت مباراته مع كوت ديفوارأو لو تذكر اللاعبون ما فعله الفريق المالى فى مباراته مع أنجولا أو تحلى بنفس الروح التى حكمت سلوكه فى مباراة كوت ديفوار، لكن الحالة التى انتابته بسبب مباراتى مالاوى وكوت ديفوار كانت أعلى من قدرته على تحملها وتجاوزها. لذلك يجب أن يعى الدرس جيدا ويستفيد منه ويتخذ من الاحتياطات ما يحول دون تكراره فى المستقبل ، فالعالم كله كان يتابع مباريات المونديال الإفريقى .. وقد شاهد بعينيه وسمع كل ما حدث فى مباريات الدورة وأتمنى لو أن كتاّبا أو صحفيين أو مثقفين جزائريين- وما أكثرهم- قدموا النصيحة للفريق الجزائرى وجهازه الفنى لأن رقابنا جميعا طالت وهى تشاهد أبناءنا من لاعبى الجزائر يتفوقون على مشاهير الكرة الإفريقية فى أوربا لعبا ونتيجة فى مباراة كوت ديفوار ، لكننا نكسنا رؤوسنا ونحن نشاهدهم بعد يومين فى حالة معاكسة ومظهر عدوانى ضد أشقائهم من لاعبى الفريق المصرى. كل ما تمنيته من قلبى – وهو طلب مستحيل- هو ألا تكون المباراة مذاعة بالتيليفزيون. وكل ما أتمناه هو أن نتعلم من أخطائنا ، وندرك أننا نلعب معا مباراة فى الكرة، ونتعلم من لاعب نادى الأرسنال الروسى أرشافين ذى الأربعة وعشرين عاما عندما نبّه حكم مباراته لخطأ ارتكبه هو فى لعبة كانت فى صالح فريقه لو خالف ضميره.. وهو نفس ما فعله على خليل لاعب نادى الزمالك المصرى فى سبعينات القرن الماضى عندما سدد كرة دخلت مرمى المنافس من الخارج واحتسبت هدفا لولا أنه بادر بمصارحة الحكم بالحقيقة .. ليتم إلغاء الهدف. لقد سعدت كمصرى بالوصول إلى المباراة النهائية فى بطولة الأمم الإفريقية فى يناير 2010 ، لكننى حزنت أكثر على مظهر أبنائنا الجزائريين فى مبارة الدور قبل النهائى وأتمنى أن تختلف صورتهم فى مونديال جنوب إفريقيا فى يونيو القادم.
#بشير_صقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أساليب جديدة لحاكم الغربية للسطو على أراضى فلاحى الأوقاف بمص
...
-
عن بنت الجزائر جميلة بوحيرد التى.. أتعبت الشمس ولم تتعب
-
فى عيده الثامن ..الحوار المتمدن ... ونحن أيضا .. إلى أين..؟
-
ملا حظات أخيرة على مباراتى مصر والجزائر ( 3 – 3 ): لو أنى أع
...
-
عن المحنة المصرية الجزائرية ( 2 / 3 ) : محو الذاكرة الوطنية.
...
-
إلى نجل الرئيس المصرى: نعم .. لابد من وقفة للمحافظة على كرام
...
-
تقرير إخباري عن التحركات الفلاحية في مصر خلال السنوات الأخير
...
-
عن التفجرات الاحتجاجية فى مصر: النخب السياسية المعارضة.. وال
...
-
نعم.. الدولة هى التى تقود وتنفذ عمليات طرد الفلاحين المصريين
...
-
ليست الأرض فقط بل والبيوت كذلك..منح خديوى مصر الأرض الزراعية
...
-
هل يبدع المصريون أساليب جديدة للكفاح ؟! أم ستظل ريما على عاد
...
-
على هامش الثلاثاء الحزين 17/6/2008 لعزبة محرم :دعم ا لفلاحين
...
-
فى ذكرى استشهاد صلاح حسين .. يوم الفلاح المصرى 30 إبريل - رج
...
-
التنظيمات الفلاحية فى مصر: بين هزال الوعى.. وافتقاد القدوة -
...
-
الفلاحون فى مصر.. بين أوهام الحلول القانونية.. وطريق المقاوم
...
-
مسار جماعة الإخوان المسلمين .. بين واقع الحال .. وإسقاطات ال
...
-
من لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعي – مصر .. أوقفوا عمل
...
-
الحالة المعرفية للفلاحين في قريتين مصريتين .. خطة بحث
-
بقرية سمادون .. وفى وضح النهار: محاولات السطو .. على أراضى ف
...
-
جماعة الهكسوس ربيبة النظام المصرى الحاكم .. وتوأمه في الفساد
...
المزيد.....
-
-هاتريك- هاري كين يقود بايرن ميونخ إلى فوز عريض ويجعله يتقدم
...
-
تجريم بطل UFC الإيرلندي ماكغريغور بقضية اعتداء جنسي وتغريمه
...
-
فريق أنطاليا سبور التركي يطالب لاعبا إسرائيليا بـ400 ألف يور
...
-
نجم البرازيل يتزوج من ابنة أخت زوجته (صور)
-
ايران تفوز ببطولة كأس العالم لكرة القدم السباعية
-
هكذا احتفل محمد صلاح بفوزه لقب أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
...
-
رد فعل محمد صلاح بعد اختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي
-
لاعب مصري شهير في مرمى الاتهامات بعد ترويجه لتطبيق مراهنات إ
...
-
الدوري الروسي.. روبين قازان يكرم وفادة ضيفه أكرون بثلاثية (ف
...
-
لقطة بين رونالدو وناتشو خلال مباراة في الدوري السعودي تشعل ت
...
المزيد.....
-
مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
/ ميكايل كوريا
-
العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء
/ إدريس ولد القابلة
المزيد.....
|