|
صلاح قوش.. أو الحجاج بن يوسف السوداني!*
فتحي الضو
الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 31 - 14:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كُلنا يعلم أن للخلق في اسمائهم شئون وفنون وشجون. أما أنا فلن أذيع سراً إن كشفت عن شغفي في مقارنة أسماء بعض عباد الرحمن بمدى تطابقها بشخوصهم إن استطعت إلي ذلك سبيلا. لهذا احسبوه – يا أعزائي القراء - نوع من أنواع حب الاستطلاع، أو رياضة ذهنية تهدف إلى محاولة معرفة إن كان للمرء من اسمه نصيب، كما تقول العرب العاربة. مع التسليم بأنه ليس للناس خيار في اسمائهم، فهم يشبون عن الطوق ويجدونها أمامهم كقدر لا فكاك منه، عدا بعض الأوروبيين ودول الغرب، فقد ظلوا يتمردون على هذه القاعدة بتغيير اسمائهم. أما نحن في السودان كما سائر خلق الله أيضاً، يوجد بين ظهرانينا العديد من الذين تضادت اسماؤهم مع صفاتهم الفطرية أو سلوكياتهم المكتسبة. فأنا مثلاً أعرف شخصاً أسمه نجيب وهو بالفعل كذلك، لكنه سخَّر نجابته تلك في حياكة المؤامرات وتطريز الانتهازية وصناعة الخبائث. وكان لنا زميل أيام الدراسة الثانوية أسمه عامر لكن الجميع كانوا يعرفون أن فؤاده أفرغ من جوف أم موسى. وقد تجد واحداً سُمي سعيداً وهو أتعس خلق الله، وهناك من توخي والده فيه أن يكون نافعاً للناس، لكنه خذله وكان أشدهم ضرراً لهم. وكان جدي هو من أطلق أسم (الضو) على والدي والذي رحل مبكراً عن دنيانا الفانية ولم أنعم برؤيته - عليه شآبيب الرحمة - وقد قيل لي من فضل الله عليه إنه كان اسماً على مسمى. ولكن هب - لا قدر الله – لو أنه كان أحد الظلاميين الذين ينتمون للعصبة ذوي البأس فما الذي سيحدث؟ أظنه ببساطة شديدة، كان سيجد من يُعري مفارقته تلك بأقلام سنان! في سياق (نظريتي) سالفة الذكر كثيراً ما توقفت في أسماء ننفرد بها دون آخرين، خاصة تلك التي تحاول التقرب من الله زلفى وإن خالط بعضها شيء من التأويل، مثل دفع الله وقريب الله وحبيب الله. أما وقيع الله فقد زالت حيرتي عندما رأيت من طبَقَه مَثلاً يجري بين الناس. وكذلك فثمة أسماء نتوسل بها العيش في رحاب النبوة، ومنها عبد النبي وعبد الرسول والأخير كدنا أن ننفرد به في السودان، لولا أن شاركنا فيه الأخوة الأفغانيون.. شركاؤنا في العقيدة وقرناء العصبة في التطرف. ومن المفارقات المحزنة والمضحكة معاً، أن الزعيم الأفغاني (عبد الرسول سياف) استجار منتصف تسعينات القرن الماضي بدولة إسلامية كبرى على أثر اجتياح طالبان البلاد وتسلمهم زمام السلطة. فما كان من مسؤولي ذاك البلد الأمين إلا أن طلبوا من الرجل تغيير اسمه إلى (عبد رب الرسول سياف) ثم أصدروا تعميماً لصحفهم بذلك. وبمناسبة افغانستان هذه فكثيراً ما توقفت في اسم الناطق الرسمي لطالبان (ذبيح الله مجاهد) والحمد لله إنني لست ممن يعيرون الخلق بهيئتهم التي فطرهم عليهما رب العباد. لكن إن ساقك حب الاستطلاع مثلي لترى صورته في الشبكة العنكبوتية، فلن تعجب من تطابق اسمه برسمه. لكن ذلك قد يكون أخف قدراً من أسباب الأزمة الدبلوماسية الصامته التي اندلعت قبل أيام بين بعض دول الخليج وباكستان. والتي حدثت على إثر محاولة باكستان تعيين سفيراً لها في دولة الإمارات العربية، ولكن طلبها قوبل بالرفض. ثمَّ حاولت تعيينه في البحرين فرُفض طلبها أيضاً، ولما بعثت تستمزج رأي المملكة السعودية في احتمال تعيينه سفيراً لها جاء الرفص السعودي مثلما حدث مع الدولتين المذكورتين بدون توضيح الأسباب، فظنت الحكومة الباكستانية أن قوى كبرى تقف من وراء ذلك، ولم يدر بخلدها أنه جاء بناءاً على اسم السفير الكامل والذي يضم اسماً يقابله معنىً خادشاً للحياء في لغة (الضاد) بالرغم من أنه بلغة (الأردو) لا يعني المعنى نفسه! كذلك لفت نظري أن مسلمي أهل السودان يطلقون على أولادهم إسم موسى وعيسى وشعيب وهارون، وتكثر هذه الأسماء في غرب السودان بصفة عامة ودارفور بصفة خاصة، بالرغم من أنها الولاية الوحيدة التي لا يوجد فيها مسيحي واحد أو أيٍ من اصحاب الديانات الأخري. ولا شك أن الظاهرة دليل على التسامح الديني الذي جُبلنا عليه قبل أن تهبط علينا العصبة ذوي البأس وتعصف بالأسماء والمعاني إلى درك سحيق. كذلك فهو من جهة أخرى يدل على أننا لا نتعامل بحساسية شديدة مع ظاهرة الأسماء مثلما يحدث في بعض البلدان العربية والإسلامية. ونستزيد بالأمثلة في هذا الشأن بأن السودانيين يسمون علي والحسن والحسين، وذلك في تصالح كامل مع عقيدتهم الإسلامية وإتساقاً مع مذهبها المالكي الذي يهتدي به غالبية أهل السودان. يحدث ذلك دون أن يكون في ذهنهم إنها أسماء كاد اتباع المذهب الشيعي أن يحتكرونها بلا منافس. وكدليل على عفوية مسلمي أهل السودان فهم بذات المستوى يسمون أسماءً يفر منها الشيعة كفرار السليم من الأبرص، ومن ذلك مروان ومعاوية دون أن يعني الأمر شيئاً أو يشكل هاجساً بالنسبة لهم، لا سيما، وقد شهدنا في لبنان إبان حربه الأهلية طقوس الذبح على الهوية، مثلما شهدنا في العراق بعدئذ الذبح على المذهبية الدينية. ومن مفارقات ما ذكرنا في هذا الصدد، أذكر إبان اقامتي في قطر خليجي أن سودانياً أسمه معاوية تم توظيفه في شركة يملكها شيعي، والذي ما أن علم بذلك، حتى أرغى وأزبد وأمر بفصله فوراً – فصله من العمل وليس فصل رأسه عن جسده – وإن كان هياجه يوحي بالأخيرة، ولكن وضحوا له استحالة ذلك، لأن الشركة كانت بحاجة ماسة لخبرته ويصعب الحصول على آخر، فقبل (الكفيل) الأمر على مضض ولكنه لم يسم (المكفول) يوماً باسمه، فقد كان يقول له دوماً (الملعون) ويناديه بذلك، ويبدو من فرط تسامحنا أن معاوية الملعون تفهم الوضع وأخذه مأخذ الهذر ورثاء الجهل. بيد أن ذلك تراث ضارب في جذور الأمتين العربية والاسلامية، وبغض النظر عن الفترة الجاهلية فعهود الانحطاط في الدولتين الأموية والعباسية جسدت الكثير الذي تشمئز منه النفوس. كان الناس لا يكتفون بتقريع المرء باسمه وإنما يزيدون بخلع لقباً عليه يعبر عن دمويته التي يختال بها في زهو وخيلاء. ومثل ذلك كان الخليفة العباسي الأول المُسمى عبد الله الأول بن محمد بن علي، والذي لُقب بـ (السفاح) حتى غلب على اسمه. وكان قد بويع بعد إنهيار الخلافة الأموية، فدعا كل أمرائهم وقام بذبحهم كما تذبح الشياه، ولم ينجُ منهم سوى عبد الرحمن الداخل الذي هرب إلى الأندلس عن طريق المغرب. وبعد أن فعل (السفاح) فعلته جاء بما هو أنكى، إذ أمر بمد المفارش فوق الجثث ووضع الطعام فوقها، ثمَّ جلس يلتهمه وصحبه بينما أنين الجرحى - قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة - يكاد يقطع نياط القلوب! وعلى ذكر هذه الوحشية.. هل تأمل أحدكم يوماً سيرة مسرور السياف من زاوية التناقض. فمسرور لا نعرف عنه شيئاً سوى أنه باتر أوصال وقاطع رؤوس، ولا أدري إن كان سُمي بذلك لأنه مسرور بالفطرة أم لأن حالة السرور تلك كانت تنتابه بعد أن ينجز مهمته الدموية. أياً كان التفسير.. لقد كان الأجدر أن يسمونه محزوناً وليس مسروراً! ولكن قل لي يا صاح ما مناسبة كل ذلك؟ أقول لك إنه سعادة الفريق مهندس صلاح عبد الله المكنى بصلاح قوش، أو الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس. وأرجو ألا يغير زميلنا الممتليء شحماً ولحماً ونفاقاً. فهو يحرص أن يقول للقراء إن كل العصبة ذوي البأس من أصدقائه المقربين، ويذكرنا دوماً بأنهم ما جلسوا على سدة هذه السلطة وقبلوا عذابها إلا من أجل رفاهيتنا، ويعيب علينا إننا قوم جاحدين لا نقدر الناس حق قدرهم، فقد كان الأوجب أن نصنع لهم تماثيل ونضعها في الميادين العامة لولا انهم زاهدون. المهم كان لزاماً عليَّ وأنا أتوسل صداقة يحلم بها المحرومون، أن أمارس هوايتي في مضاهاة المفردات بالشخوص. واشهد ألا شيء أرهقني مثلما أرهقتني مفردة (قوش) والتي يكتبها الصحافيون (غوش) أحياناً وسعادة الفريق في الحالين لا يضيق و لا يتبرم، وفي ذلك دلالة على سعة صدره واحترامه الرأي الآخر. وطبقاً لهذا أرجو أن يتمدد صبر القراء ولا يحسبن أحدهم إنني اشغل نفسي بسفاسف الأمور..فأنا قد تساءلت ابتداءاً هل قوش هذه اسماً أم كنية؟ ثم طفقت أجوس بناظريَّ في بطون القواميس وأمهات الكتب. ولما أعياني البحث وعدت بخفي حنين، قصدت أصدقائي من الثقاة الضليعين في بحور الفصحى والعامية. وأسعدني أنهم أجمعوا على أن (قوش) لا معنى له! وقالوا إنه اسم لأستاذ هندي كان يُدرِّس في كلية الهندسة التي تضم المذكور. غير أن بعضهم زاد بأن هناك روايتان لإلحاق الاسم به ويصبح لقباً، الأولى، أن ذاك الاستاذ كان يتعمد إسقاط صلاح لأسباب غير معلومة، والثانية إنه ضبطه ذات يوم وهو يستمع إلى جهاز راديو صغير أثناء المحاضرة! ولا أدري إن كان شنٌ قد وافق طبقه أم كذب المسمون فيما زعموا! واقع الأمر يشغل بالي شيء هام وأنا أخطب ود صداقة قوش، فقد وددت أن أساله كيف ينام كل ليلة وفي صدره أطنان من أسرارنا، ربما بدءاً من سياسي انفصل عن زوجه، مروراً بحملة الأنفال التي دحرت خليل وصحبه، وإنتهاءاً بلقاء بين طيات السحاب مع الاستخبارات الأمريكية التي يرتعب لذكرها الشجعان. تلك والله مقدرة فائقة لرجل يتكنز الأسرار في جوفه ويزدردها كما يزدرد الجمل طعاماً مخزوناً في سنامه. فأنا مثلا عندما يقول لي صديق سراً واحداً ويطلب مني ألا أذيعه، ترهقني تلك السرية البغيضة وابدأ أحوص كما تحوص الدجاجة القلقة قبل المبيض. أذكر أن صديقي الاستاذ صالح كيكيا نائب وزير الخارجية الاريتري (فك الله أسره) كنت أجالسه في مكتبه ذات مساء أواخر ديسمبر من العام 1997 وحين تأهبت للمغادرة قال لي الرجل بهدوءه المعهود.. سأسمعك خبراً ليس للنشر، ثم أسرَّ لي بعبور السيد الصادق المهدي الحدود السودانية الاريترية، وقال إنه في طريقه للعاصمة أسمرا، وعندما وصلت مكتبي استبد بي القلق وناوشتني الظنون وأرهقتني الشكوك في أن هذا الخبر يمكن أن يتسرب. فضربت أخماسا في أسداس وقررت نشره، وفي الليل هاتفت صديقي كيكيا وقلت له إنني حنثت بوعدي ولم يكن باليد حيلة، وأكدت له أن الخبر سينشر غداً في صحيفة (الوطن الكويتية) التي انفردت به. الأمر الذي أغضب السيد مبارك الفاضل ولم يغضب كيكيا، لأن الأول كان فيما يبدو يأمل أن يخرجه بسيناريو معين وأجهضته بنشري، أما الثاني فأظنه جنح إلى أن ناقل الكفر ليس بكافر. وبمناسبة السر والأسرار وسير السياسيين هذه، كان يحلو للدكتور جون قرنق أن يقول لمستمعيه وهو يشير بأصبعيه الوسطى والسباب إن (السر الذي يعرفه أثنان، يعرفه في الواقع 11 شخصاً) فكيف يا سيد صلاح تنام الليل ملء جفونك عن شواردها وفي صدرك تلك الأطنان التي نسهر نحن جراءها ونختصم! ليس كل الأمريكيون يجهلون ما يدور في العالم الخارجي، فلي صديقة (أقول من قبل ان تشرئب أعناق العصبة) إنها ليست غرَّاء ولا فرعَّاء ولا هيفاء. هي في منتصف العقد السادس، بها مس من ارستقراطية مصطنعة، تبدت في أناقة مظهرها وجزالة عبارتها. تقاعدت مبكراً حتى تستمتع ببقية عمرها كما قالت، فبدأت تقرأ كثيراً، وتشاهد القنوات الفضائية بإدمان، ولديها حب استطلاع جارف في معرفة ثقافات الشعوب. وبعكس غالبية الأمريكيين فهي تحب السياسة حباً جماً، وقد أرهقتني من أمري عسراً منذ أن قلت لها إنني من ذاك البلد الذي هو كل يوم في حال. وكدأب معظم الأمريكيين الذين يتخيرون اهتماماتك حتى يجدوا منفذاً للحديث بعد أحوال الطقس، صارت صديقتي تتابع أخبار بلدي بكثافة حتى بت اشفق عليها. كانت في باديء الأمر تدهشني عندما تقول لي: يا إلهي كيف اغتصب ذلك الرجل المخبول تلك الطفلة البريئة في الدروشاب؟ ثمَّ بتكرار غير المألوف زالت دهشتي، مثلما حدث أول أمس عندما سألتني عن معاني أسماء بعض المرشحين للرئاسة، فتوقفت برهةً أمام أسم زميلنا حاتم السر، ثمَّ أطلقت ضحكة هازئة، وقالت لي: لكن المنصب يستوجب الشفافية! كانت تلك هي المرة الأولى التي أعرف أنها تحب المِلح والطرائف! لكن الذي أنا بصدده الآن لمختلف جداً، أذكر إنها فاجأتني قبل سنوات خلت وقالت لي بثقة واضحة: يبدو أن السيد صلاح قوش سيصبح رئيساً لبلادكم! لم اكترث كثيراً لقولها هذا، وكالعهد بنا في مثل هذه المواقف اكثرت لها من تعابيرنا المحايدة مثل (مش معقول) (بلاهي) (يا سلام)! ثم سألتها بعد لأيٍ متعمد عن أسباب اعتقادها ذاك؟ فقالت لي إنها قرأت في صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) تقريراً مطولاً عن العلاقة بين وكالة الاستخبارات الأمريكية وجهاز الأمن السوداني، وأن مديره صلاح قوش حملته أبابيل خاصة تابعة للوكالة الأمريكية من مروة (وادي سيدنا) إلى صفا (لانغلي)! ثم أفصحت عن قناعتها بقولها (هل تعلم أن 90% من رؤساء دول هذا العالم التعيس مروا من هنا) وبالطبع كانت تقصد الوكالة. لكن أشكر صديقي صلاح قوش الذي منحني فرصة دحض هذا الافتراض بعد كل هذا السنين، سألتقيها قريباً وسأقول لها أولاً إننا راضون عن سيد صلاح وسأعيد على مسامعها ما قاله في حواره مع صحيفة الأخبار 25/11/2009 (أعتقد أنني أديت دوراً أنا راض عنه، وكل الشعب السوداني راض عنه، وكل الدولة راضية عنه، وأديت دوري في فترة كان مطلوباً أن أؤدي هذا الدور) وسأقول لها ثانياً خابت توقعاتك فصديقي قوش ليس من شاكلة الرجال الذين يخونون عصبتهم ويدبرون انقلابات الكواليس. وسأقول لها ثالثاً لم يكن سيد صلاح يطمح بمنصب رئيس الجمهورية فهو من فرط تواضعه يحلم الآن بمقعد في البرلمان، ولهذا قرر أن يخرج للعلن ويترشح في الدائرة 5 مروي حتى تصلنا نفحاته النيرة مع تيار السد.. لتنير لنا ملتقي النيلين! سبحان الذي أسرى بصديقي من دهاليز الكتمان إلى فضاء العلانية، فصديقي يود أن يخوض معركة الانتخابات ولعله يعلم إن هذا تغييراً كاملاً للمهنة التي لم يعمل غيرها على حد علمي، هو في الواقع تحول جذري من النقيض إلى النقيض. أي أن مهنته السابقة كمدير لجهاز الأمن والاستخبارات والحالية كرئيس لمستشارية الأمن، تتقاطعان تماماً مع المنصب الذي سيقدم عليه وما أحسبه إلا من الفائزين. لهذا فأنا أشفق عليه لأن الأمن طبيعته السرية والكتمان والبرلمان من شروطه الشفافية. والأمن يحلو لشاغره العمل من وراء الكواليس وربما القيام بمهام في الظلام، بينما البرلمان يستوجب على النائب العمل في الهواء الطلق، والأمن يعشعش في الصدور، بينما البرلمان ينفر من الحجب ويُحرِّم الأستار، والأمن قد لا يسأل فيه أحد أحدا عما يفعل حتى لو تجاوز الخطوط الحمراء، أما البرلمان فيفترض المساءلة والمحاسبة حتى يرى الناس إن كان نائبهم أوفى بما وعد أم نكث على عقبيه. ولكن دعك من هرطقات الكُتَّاب والصحفيين أمثالنا يا سيدي.. مالنا والماضي، فبما انك تفتح صفحة بيضاء من غير سوء، وبما أنه كل مرشح بما فيه ينضح.. ليتك تزركشها بشيء ينزل علينا دفئاً وسلاماً.. عليه ليتك كشفت لناخبيك تلك الأسرار التي تنوء بحملها الدواب. قل لهم هذا فعل هذا؟ وهذا لم يفعل ذاك؟ قل لهم هذا قتل وذاك سحل، قل لهم هذا عذَّب وذاك اضطهد، قل لهم هذا تجسس وذاك تحسس.. فضفض مكنون صدرك ولا تبتئس فتلك أيام الجاهلية الأولى، فلا جناح ولا تثريب عليك إذ كانت الثورة حمراء بكل يد مضرجة تدق أبواب معارضيها. أَبَن لهم حقيقة بيوت لم يُذكر فيها أسم الله، نُسجت حولها الأساطير وقيل أن من دخلها وخرج كان محظوظاً لأنه ترك عقله وراءه، لكن تعيس الحظ هو من لم يعرف له مكان، أما خائب الرجاء فقد ذهبت روحه إلى بارئها! أرأيتم نعم الله علينا يا هؤلاء، يومذاك كان البعض يسمع عن صديقي ويظنه كالغول والعنقاء والخل الوفي، أما اليوم فقد هيأت لنا الديمقراطية التي ننعم بفيئها أن نراه عياناً ونسمعه بياناً. لهذا فنحن نريده أن يخزي بشفافيته عيون الطابور الخامس الذين يطلقون الشائعات بضمائر متكلسة. نريده أن يلقم المتنطعين حجراً ويقول لهم إن الجهاز العتيد الذي كنت على رأسه، يعلم زائره إنه أشبه بفندق من ذوات الخمس نجوم، فزائره يسمع موسيقى بتهوفن وباخ وموزارت عوضاً عن آهات المعتقلين وأنين المسجونين. نريده أن يدحض افتراءات المشائين بنميم ويقول لهم إن زائر الجهاز العتيد يجد من يقابله بابتسامة تبعث الحياة في العظام وهي رميم. نريده أن يقول للمفترين كذباً إن بالجهاز رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وليسوا من جنس الذين يتوارون خلف اسماء مستعارة أو يختبئون في أشكال تنكرية. لله درك وأنت تقول لناخبيك في لقاء تفاكري نشرته الصحف يوم 25/11/2009 (لا أقول لكم سأنزل الثريا في مروي) ويا سعدنا بك.. أليس أنت من قال فيه رئيسنا المفدى وقائد مسيرتنا وحادي الركب.. في حواره المقتضب مع رئيس تحرير صحيفة الأخبار 28/11/2009 (شوف صلاح دا.. ويعني الفريق صلاح عبد الله بالطبع.. يتمتع بقدرات أنا شخصياً أعتبرها خارقة.. قدرة على الرصد.. قدرة على التحليل.. قدرة على المتابعة.. قدرة على إدارة الحوار.. واستخلاص النتائج.. وقدرة على ابتدار المشاريع.. فكل هذه المقدرات تؤهله لشغل موقع متقدم في جهاز الدولة ولكل هذه الأسباب – يمضي السيد الرئيس قائلاً: قررنا الاستفادة منه في موقع سياسي متقدم، وحين يكون الشخص مستشاراً للرئيس، يضيف السيد الرئيس: فهذا أنه أصبح جزءاً من كابينة القيادة)! كان ذلك رداً على سؤاله عما حدث لصديقي الفريق مهندس صلاح قوش في الانتقال من فنن إلى فنن! صديقي.. عازف الأوتار!!
تنويه: يظهر هذا المقال في الصحافة السودانية بعنوان (صديقي صلاح قوش) وقد اقتضى الظرف تغيير العنوان لغير السودانيين الذين لا يعلمون أن صلاح قوش هو رئيس جهاز الأمن والمخابرات السودانية والذي شهد عصره الزاهر الانتهاكات الجسيمة امتدادا لآخرين، وقد انتقل مؤخرا لجهاز أمني جديد صمم خصيصاً تحت مسمى استشارية الأمن، كل ذلك لم يحل بينه وبين أن يرشح نفسه في الانتخابات التي تزمع الحكومة السودانية عقدها في ابريل القادم
#فتحي_الضو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البحث عن رئيس
-
يا أيُها المبعُوث فِينا
-
أنتِفوها... يرحمكم الله!
-
عقلاء ومجانين
-
قلْ يا أيها الفاسِدون
-
انتخابات مقيدة ومزورة وتظاهرات حرة نزيهة
-
وأنا مثلك أجهشت بالبكاء يا سيدي!
-
دكتور الترابي وشيخ حسن (4-4)
-
دكتور الترابي وشيخ حسن (3)
-
دكتور الترابي وشيخ حسن (2)
-
دكتور الترابي وشيخ حسن
-
مولاي اعتدل أو اعتزل
-
إِنها دولة ”العُصبة“ ولكن وطن من هذا!؟
-
خالد مِشعل: صَهْ يا كنارُ فإن لحَنُك مُوجعٌ!
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|