أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يوسف ابو الفوز - سلة الثقافة وفاكهة الأعتذار !














المزيد.....

سلة الثقافة وفاكهة الأعتذار !


يوسف ابو الفوز

الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 30 - 23:05
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


دردشة

وصلتني ـ عزيزي القاريء ـ رسالة عتب مهذبة من احد الزملاء ، وحملت جملة ملاحظات عن موضوعات سبق وأن أثيرت في هذا العمود ، ووضع ـ صديقنا العزيزـ خطوطا تحت بعض الكلمات ، مسجلا اعتراضه على ما سماه "المرور السريع " على قضية يجدها " ملحة هذه الايام " ، ويسميها "الموقف من المثقفين الذين ساروا بركب حزب البعث "، والمس ـ من خطوطه ـ ان ثمة استغراباً عنده من حديثي عن متطلبات رخاء الثقافة العراقية ، خصوصا عند قولي أن ذلك "لا يكون بدون التحلي بثقافة التسامح والاعتذار والتعاون"! ، فالصديق يرى الحديث عن "ثقافة الاعتذار" أمر لا يمكن ان يتم دون مرحلة يعتبرها "اساسية" ، الا وهي " ان ينال المذنبون جزائهم " ! ، ومن حقنا أن نضع بالمثل خطوطا تحت البعض من كلمات صديقنا العزيز ، وأود هنا ان استرجع معه ـ ومعك عزيزي القاريء ـ حكاية طالما رددتها شخصيا ، في مقالات منشورة وبعض النشاطات الثقافية ، عن شجرة البلوط ، التي اجدها تنطبق على أحوال ثقافتنا العراقية ، والحكاية بأختصار تفيد بأن شجرة البلوط الصغيرة شكت يوما الى امها ، شجرة البلوط الضخمة ، قائلة : " الا ترين يا امي ، كيف تنكّل هذه الفأس الحادة بنا ، نحن الشجيرات ، تنكّيلا ، وحشيا ، لا رحمة فيه ؟ " ، فضجت شجرة البلوط بأغصانها الجبارة ، وقالت : "يا ابنتي ، هذا لان مقبض الفأس مصنوع من خشب البلوط !" ، نعم ـ عزيزي القاريء ـ كان هناك ثمة مثقفون صاروا عصيّاً صلبة في فأس النظام المقبور الدموية التي نزلت تنكيلا بشعبنا وثقافته ومستقبله ، وكان لدورهم نتائج كارثية أخطر من حروب النظام الداخلية والخارجية ، اذ افقروا شعبنا فكريا وساهموا في تسطيح وعي الناس ، بحيث صار الواقع العراقي تربة هشة لنمو كل الافكار الضارة التي نواجهها هذه الايام في وطن ما بعد سقوط الديكتاتورية ، ولكن .. مهلاً ... مهلاً : هل من الموضوعية والعقلانية خلط كل الثمار في السلة عند الحديث عن احوال الثقافة العراقية في عهد الديكتاتورية المقبورة ؟ هل يمكن المساواة بين المثقف الذي عمل مختارا وباقتناع في مؤسسات النظام المقبور، و ردح ـ باقتدار صدامي ـ لحروب الديكتاتور العدوانية ، ونظّر لها وللفكر الشوفيني ، وبين من اجبر على مسايرة نظام مارس عسفا وبطشا لتدجين وارهاب وتغيب دور المثقفين ؟! أن من السذاجة جدا الشطب مرة واحدة على نشاط مثقفي العراق ممن ظلوا داخل الوطن وعاصروا فترة همجية اجهزة النظام الامنية التي كانت تشترط على المثقفين طريقة الكتابة والحديث والتفكير، وهكذا ـ عزيزي القاريء ـ نصل الى حقيقة ان الواقع الثقافي في عراقنا الجديد ، وبرغم أقترابنا من أتمام السنة السابعة لسقوط الصنم ، فانه ثمة امور كثيرة لا تزال مختلطة ومشوشة فيه ، بسبب طبيعة الحياة السياسية التي نشأت أثر الاحتلال وتشكيل حكومات المحاصصة ، وان الواقع الثقافي الجديد لا زال بحاجة الى مراجعة شاملة جادة وبضمير مسؤول ، لكل تجارب ومعاناة المثقفين العراقيين ، داخل الوطن وخارجه ، ومن اجل ذلك ـ نكرر ـ نجد ان من الضرورة التحلي بروح التسامح والاعتذار والتعاون . واذ نقول هنا "الاعتذار" ، فالامر يعني كل المثقفين ممن تركوا ساحة النظام المقبور الفكرية وخدمته ، ومن اجبروا على مسايرته ، تحت اي ظرف كان ، وكانوا بهذا الشكل وذاك جزءا من كومة العصي التي استقوى بها فأس النظام الديكتاتوري على شعبنا وثقافته الحقيقية ، ويتطلب منهم مراجعة صريحة وعلنية لتجربتهم وادانة الجانب المظلم منها بشكل صادق ونزيه ، أما من يثبت ان حبر قلمه ـ بأي شكل كان ـ تلطخ بدماء أبناء شعبنا فبيننا وبينه التأريخ وحكم القانون . ان ادانة الجانب الذي لا يشرف احدا ، والاعتذار عنه بشجاعة ، سوف يسجل لصالح المثقف وليس ضده ، وسوف يرفع من قيمته بين زملاءه وبين متلقيه من القراء ، فهو يعبر عن شجاعة انسانية ، وعن حالة تطهر من ادران الماضي وسمو الروح من اجل قضية اسمى، وسينال هذا المثقف الاحترام الاكبر بين ابناء الشعب، اما التمسك بكبرياء فارغة والمراوغة والمخاتلة، وارتداء قمصان الضحايا ومحاولة تسلق تلة الاوضاع المرتبكة ، فلن يقود الا الى المزيد من الفوضى والتنافر وعدم الثقة . ولكن مهلا ـ مرة اخرى ـ علينا ان نشير وبمسؤولية ، الى أن "ثقافة الاعتذار" ، كسلوك مكتسب ، لا يمكن ان ينمو الا بتوفر البيئة المناسبة من ظروف ديمقراطية حقيقية، سياسية واجتماعية ، ناضجة ، تؤمن للانسان ممارسة هذا السلوك الحضاري بحرية ومسؤولية ، فهو بحاجة الى سيادة القانون وسيادة دولة المؤسسات ، حيث لن تكون هناك اجواء تخوين واسقاط واذلال ، وربما استهداف حياة ، وان المثقف قبل غيره بحاجة الى ادراك ان الاعتذار سيكون قوة للشخصية وليس تقليلا من شأنها ، ونضج في التفكير يتطلب شجاعة في مواجهة الواقع ، وأنه الفاكهة الاجمل في سلة الثقافة ، ومطلب أساس في العمل للنهوض بواقع الثقافة العراقية !!
وسنلتقي !

 



#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليفرد طائر الثقافة جناحيه !
- في أنتظار المثقف -السيادي- !
- ماذا يعني في بلد أوربي أن يكون أسم المجرم : إبراهيم ؟!
- أصنع مستقبلك أيها النمر العراقي !
- من أجل أن يشج رأسك كتاب !!
- مثقف راهن !
- الكاتب عبد المنعم الاعسم : لو امتدحوك فهذا يعني أنك على خطأ ...
- من أجل الحوار والتمدن … تحية !
- عَمود بالعرض !!
- السينما تخلد قصة وفاء كلب ياباني !
- ديمقراطية الخورمژ !
- خذ بالك من أنف الديمقراطية ؟!
- الكلاب المسعورة !!
- صورة -العدو- البشع في الدراما التلفزيونية العربية -رجال الح ...
- هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية ؟
- النكات الطائفية !
- التراث العراقي تراث تعاضدي أنساني
- لقاء مع المناضل الشيوعي والاستاذ الجامعي الفرنسي باتريك ريبو
- لقاء مع قيادي بارز من الحزب الجزائري من أجل الديمقراطية والا ...
- المؤتمر الخامس للأنصار الشيوعيين العراقيين ينهي أعماله في بغ ...


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يوسف ابو الفوز - سلة الثقافة وفاكهة الأعتذار !