|
هل توجد فرص أمام العمل المشترك بين قوى اليسار المصري؟
إلهامي الميرغني
الحوار المتمدن-العدد: 882 - 2004 / 7 / 2 - 08:01
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
طرح الزميل عماد عطية رؤية حول العمل المشترك بين قوي اليسار المصري وهى مبادرة هامة من حيث التوقيت ومن حيث تعدد محاولات بناء تجمعات جديدة وانوية للحركة وإحساس الجميع بضرورة الخروج من الأزمة.
وانتهز الفرصة لتحية مبادرة الزميل عماد عطية ومشاركته المناقشة المطروحة وأود توضيح بعض النقاط الهامة ونحن نهم بالمناقشة وهى: ـ رغم كل الجذر الذي يعيشه اليسار المصري منذ مطلع الثمانينات إلا أنه توجد خلال السنوات الأخيرة عدة تجارب هامة قادها اليسار مثل اللجنة الشعبية للتضامن مع الانتفاضة الفلسطينية ، ولجان مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأمريكية ، واللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية وكلها تجارب تتصف بالروح الجبهوية ولا يمكن لقوى سياسية بعينها أن تدعي أنها تسيطر عليها فهي لجان جميع الأعضاء النشطين رغم كل المشاكل والصراعات التي حدثت بها. ـ كان تركيز اليسار على التنظيمات المرتبطة بالنضال الوطني مثل المقاطعة والتضامن مع الانتفاضة ورفض احتلال العراق ولم يكن هناك اهتمام بالحركة الاجتماعية التي هي أساس تميز اليسار ولكن ظهر خلال العام الماضي بعض التجارب الملهمة مثل لجان مكافحة الفقر في المحلة الكبرى والعريش ولجنة الدفاع عن الحقوق التأمينية وهى أشكال تنظيمية جديدة للحركة الاجتماعية تعيد تشكيل اليسار وتضخ دماء جديدة في شراينه. ـ توجد عدة جهود أخري جادة لليسار مثل جمعية مناهضة التعذيب و اللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية ، ولجنة الدفاع عن الديمقراطية وهى رغم أهمية دورها وضرورته إلا انه يغلب عليها الطابع الإنتقائى الحلقي بحيث تمثل مجموعات محددة وتنغلق تجاه المجموعات الأخرى ، رغم أن نشاطها يخص الجميع ولكنها تدار بنفس الروح الحلقية القديمة. ـ ازداد الاهتمام بالبحث عن تنظيم لقوى اليسار فشاهدنا ميلاد المركز المصري الاجتماعي الديمقراطي وحركة 20 مارس ومركز العدالة ومركز الدراسات الاشتراكية وهى كلها مبادرات تنظيمية تسعي للبحث عن مخرج من الأزمة وطرح رؤية للواقع الحالي وكيفية الخروج منه ورغم أنها جميعاً تسعى لنفس الأهداف إلا أنه ظلت متعددة نتيجة غياب القدرة على الحوار فهي تقيم ندوات تناقش نفس القضايا وتدعوا نفس الأشخاص وتصدر نشرات متنوعة ولكن كل بمفرده بعيداً عن التكامل مع الآخرين. ـ قادت اللجنة الشعبية للتضامن مع الانتفاضة حملة لجمع التوقيعات ولكنها لم تأتى بالنتائج المتوقعة وكانت رمزية لا تعبر عن حجم حركة التضامن ولا عن حجم القوى المشاركة في الحركة ، كذلك فإن غالبية المظاهرات التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة وقادها اليسار كانت محدودة العدد ومحدودة المشاركة بل إن البعض كان يسأل عن منظمي المظاهرة قبل المشاركة بحيث كانت الحلقية تنعكس بمزيد من الضعف على التحركات الجماهيرية وكأن فشل أي مجموعة لا يعكس فشل الجميع وعزلة الجميع. ـ انتقلت الدعاية من مرحلة النشرات السرية والمطبوعات غير الدورية إلي تبادل الرسائل الإليكترونية ونشر المقالات عبر مواقع الإنترنت ، ولقد لعب الإعلام اليساري عبر الإنترنت دوراً هاماً في التواصل حيث برزت العديد من المواقع الحوارية ومواقع تبادل الأراء حول أزمة اليسار مثل كفاية زى نت والتقدم والحوار المتمدن وأجيج والتي لعبت دور هام يتصاعد خلال المستقبل ويحتاج إلى المزيد من الاهتمام والتطوير. ـ يعاني اليسار من أزمة العمل النخبوي ومحدودية الكادر وغياب تقسيم العمل وتكرار نفس الجهود وتشتيت الطاقات في أكثر من عمل وعدم وجود عمل تراكمي وخضوع الأنشطة الجماهيرية للمزاجية وعدم التواصل ونقل الخبرات ، وبحيث تشاهد نفس الوجوه في أكثر من نشاط وعدم ضخ دماء جديدة في صفوف الحركة. كما تتوزع جهود الزملاء على أكثر من لجنة وأكثر من عمل بحيث يتأثر العمل بغياب وحضور الزملاء ومزاجهم الشخصي وضغوط العمل التي يتعرضون لها. ـ ترك اليسار العديد من المعارك الهامة دون أن يشارك فيها بدور فاعل مثل معركة الخصخصة وتدهور الخدمات التعليمية والصحية والغلاء وتدهور الأجور والبطالة ورسوم النظافة وارتفاع فواتير الكهرباء وخصخصة الاتصالات ومرفق المياه والسحابة السوداء ، بينما تركزت جهوده في الأعمال الوطنية كالتضامن مع الانتفاضة أو رفض غزو العراق وبحيث اختلط الخطاب اليساري بالخطاب القومي والإسلامي وضاعت الهوية الاجتماعية لليسار.بل أن بعض المعارك الهامة كرفض الطوارئ أو رفض التعذيب ظلت حركات نخبوية بعيدة عن الجماهير ومشاركتهم الحقيقية حيث ترى الجموع أن هذه القضايا بعيدة عن اهتمامها بينما تكافح الجموع وتصارع من أجل لقمة العيش ومواجهة متطلبات الحياة. ـ توجد عدة رؤى سائدة بين صفوف اليسار الأولي تري أن الثورة قادمة بعد بضعة شهور وان النظام ضعيف ويمكن أن يسقط من أقل مواجهة ومن ثم علينا تسخين الشارع بالتظاهرات الدائمة لنعجل بسقوط النظام وأخري تري أن النظام الاستبدادي الفاسد التابع قوى وراسخ وبالتالي نحن بحاجة إلى عمل تنويري طويل النفس يعمل على زيادة المشاركة من الطبقات صاحبة المصلحة بما يطور من الوعي الجماهيري ، وفريق ثالث يري أن التطوير مستحيل دون التعامل مع النظام وهم يرصدون بعض التحولات التي تحدث في قمة السلطة السياسية ويضخمون منها ويعولون كثيراً على تغيرات يمكن أن تأتي من اعلي.وفريق رابع يري أن الطبقات الاجتماعية بالمعنى المتعارف عليه في الماركسية الكلاسيكية قد انتهت في ظل العولمة وتحول الصراع من المستوي المحلي إلى المستوي العالمي وانتهاء دور الطبقة العاملة في قيادة الحلف الطبقي . فكيف يمكن تنظيم الحوار بين هذه الرؤى التي لاتتحمل مناقشة المختلفين حيث يري كل فريق أن معه الحق وأنه يحمل الرؤية الجذرية للتغيير المنشود؟!!!
هذه بعض الحقائق التي أردت الإشارة إليها قبل التفاعل مع التساؤلات التي طرحا الزميل عماد عطية.
تفاعل مع بعض أفكار عماد: أولاً :يتساءل عماد عن أسباب عدم وجود قوي جماهيرية منظمة ذات وزن مؤثر وان اليسار مسئول عن ذلك وأنا اتفق معه تماماً في هذه الرؤية وإننا غرقنا في المناقشات النظرية وعجزنا عن بناء كيان قوي وعشنا بنفسية الجيتو وتحدثنا كثيرا عن الجماهير بينما كنا أبعد ما نكون عن أوضاعها واحتياجاتها ومن ثم طرح الخطاب السياسي المناسب لنظمها وتطوير حركتها. ثانياً : أصاب الزميل عماد عطية حين تحدث عن ضرورة احترام التنوع والاختلاف وضرورة تغليب الموضوعي على الشخصي والمصلحة العامة على رغبات القيادة والتسلط وفرض الأفكار على الآخرين وهى الأمراض التي جذرت عزلتنا وفاقمت الأزمة. ثالثاً : طرح عماد إشكالية الشكل التنظيمي الملائم لتنوع قوي اليسار وقبل أن نصل لتحديد هذا الشكل التنظيمي علينا أن نحدد أهداف الوحدة فربما يساعدنا تحديد الأهداف على الوصول للشكل المناسب وآليات التفاعل وتبادل الرأي داخله ومن ثم تحديد شروط العضوية وأسلوب الإدارة.
اعتقد أن صيغة التجمع الوطني الديمقراطي لقوي اليسار ( بناء تجمع جديد لليسار وليس التجمع القائم الذي صادر كثيرا فرص نمو اليسار ) هي الصيغة الأكثر ملائمة للمهمة المقترحة مع احتفاظ كل فصيل باستقلاليته داخل التجمع وبحيث لا يضع اى فصيل عضويات ورقية لزيادة حصته في الإدارة مع تمثيل النشطاء المستقلين في القيادة حسب عددهم وفاعليتهم لإجمالي أعضاء التجمع ، على أن توضع لائحة لتنظيم الحوار حول تجديد الخطاب اليساري وتنظيم العمل الجماهيري وتحديد صيغة للتفاعل بين مختلف أجنحة التجمع الوطني الديمقراطي مع احتفاظ كل شكل باستقلاليته. علينا أن نستفيد من سلبيات تجربة حزب التجمع من خلال بناء آلية للتفاعل الديمقراطي تضمن تحقيق الشفافية وتغيير القيادة وتصعيد الفاعلين نظريا وجماهيرياً والتغيير المستمر للقيادة .
لذلك أري انه توجد عدة أسئلة علينا أن نشرع بمناقشتها وهى : ـ ما هو الدور المطلوب من تجمع قوي اليسار ؟ ـ ما هي الأهداف التي يسعى التجمع لتحقيقها؟ ـ ما هي صيغة إدارة التجمع وكيف نصل إلى صيغة تضمن ألا ينفرد فصيل بالقيادة ويهمش الآخرين؟ ـ ما هي التجمعات والكيانات التي سيتم دعوتها للمشاركة ؟ ـ كيف يمكن لفرد أو فصيل مختلف مع التوجهات العامة أن يمارس خلافته دون مصادرة حقه في الاختلاف؟ ـ ما هي آليات الحوار داخل التجمع ؟ ـ ما هو البرنامج الذي يحقق التفاف أكبر عدد من قوي اليسار وبحيث يمثل الحد الأدنى للحركة التي يلتزم بها الجميع ؟ ـ كيف نستطيع تطوير الخطاب اليساري ؟ وكيف يمكن الاستفادة من كافة جهود المؤسسات البحثية والعلمية لدعم مشروعنا لتطوير مصر ؟ ـ كيف يمكن تطوير مقومات الاقتصاد الوطني في ظل الفساد والتبعية ؟ وكيف نحقق تنمية اقتصادية انطلاقا من الآليات الاقتصادية الحالية ؟ ـ ما هو برنامج الإصلاح السياسي الذي يمكن أن تلتف حوله مختلف قوي اليسار؟ وما هي طبيعة التحالفات المقترحة خلال هذه المرحلة ؟ وهل نتحالف مع الأخوان المسلمين أم نستبعدهم إذا وافقوا على برنامجنا للإصلاح السياسي؟
إنني لازلت أري أن جيلنا لا يزال أمامه دوراً لم يؤديه ، ومسئولية لم ينجزها ، وعليه أن ينهض بمهامه رغم إختلاف الرؤى والتوجهات.إن اشتباكنا مع الفكرة وتقديم مقترحات وإجابات على الأسئلة المطروحة يمكن أن يشكل خطوة هامة على طريق بناء التجمع الوطني الديمقراطي اليساري ويمكننا أن نبدء بعقد حلقات نقاشية وورش عمل حتى نصل لأفضل صيغة يمكن أن نبدء بها. لقد ألقي عماد عطية حجر في المياه الراكدة وعلينا أن نمسك بطرف الخيط وأن نبدء الآن الآن وليس غداً.
إلهامي الميرغني 30/6/2004 [email protected]
#إلهامي_الميرغني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعددت الأسباب والموت قهراً !!!
-
خوازيق على طريق الاصلاح السياسى
-
دروس من سقوط أحمد الجلبي
-
ماذا حدث فى سمالوط؟!
-
ديمقراطية أبو غريب
-
بأي حال عدت يا عيد
-
ياريتنا كنا خنافس .. ياريتنا كنا فرافير
-
قراءات في الموازنة المصرية لعام 2004/2005
-
قراءات في الغلاء وسنينه - عودة الشيوعية لمصر بقرار من مجلس ا
...
-
دروس من سقوط العراق
-
جمهورية أولا حنفى
-
دروس نضالية من المحلة الكبرى
-
المجلس القومي لحقوق الإنسان
-
سؤال الهوية ؟!!! البحث عن الاتجاه في الزمن الردئ
-
المقاطعة والتطبيع وأشياء أخرى
-
مجموعة ديمقراطية فى السلطة المصرية
-
اليسار المصرى .. والتيار الإسلامي .. والديمقراطية
-
كيف نحتفل بذكرى خميس والبقري- شهداء الطبقة العاملة المصرية
-
حوار مع الحزب الشيوعى المصري رد على الرفيق آدم المصري
-
مرة أخرى حول تعدد المراكز النقابية رد على الزميل حمدي حسين
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|