أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منير شحود - لا تتحقق السيادة إلا في ظل الديمقراطية














المزيد.....

لا تتحقق السيادة إلا في ظل الديمقراطية


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 882 - 2004 / 7 / 2 - 07:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كان الأمر منطقيا أن يبدأ انهيار صروح الاستبداد من العراق, بسبب الطبيعة الوحشية القصوى للنظام الاستبدادي الشرقي الذي ابتلي به هذا البلد, فدمَّر كل ما هو جميل وراق في الطبيعة البشرية, واستلب الإنسان وحولَّه إلى رقم مجرد مرعوب من انفلاتات غرائز العنف لحماة السلطة المطلقة للأب القائد الرمز, فكانت غريزة البقاء هي التي توجِّه تصرفات مواطنيه, الذين أضحوا رعايا وضحايا.
وتعدُّ استعادة سيادة العراق الخطوة الهامة الأولى في بناء نظام ديمقراطي, سيكون له أثر على الوضع السياسي العربي برمته, وسيمتد التصدع لا محالة في كل الاتجاهات, وستهتز النظم الشمولية كلها, ليكون الإصلاح والتغيير هما عنوان المرحلة المقبلة, بعيدا عن اللعب البائس على ثنائية الإصلاح من الداخل, أم من الخارج. فلا إصلاح داخليا بدون الخارج, ولا يمكن أن يتحقق الإصلاح من الخارج دون توافر حوامله الداخلية. وسيكون من الحكمة استيعاب ما جرى في العراق؛ لجهة الحد من الخسائر والفوضى والعنف, التي يمكن أن تستبيح أية ساحة أخرى, كما استباحت الساحة العراقية.
وإن ما ارتكب بحق الشعب العراقي تحت اسم المقاومة يمثل الانفجار الغرائزي الوحشي للقوى التي ترعرعت في بيئة الاستبداد القاحلة إنسانيا؛ فالقتل المجاني واستعذاب القتل هو صبار أرض الاستبداد, الذي ينتشر مفتكا بما حوله. لقد دفع العراقيون ثمن حريتهم مرتين: مرة في ظروف الاستبداد, ومرة أخرى في ظل الاحتلال, وكان الثمن باهظا, بيد أنه ثمن الحرية يستحق كل هذا العناء. ومثَّلت أشلاء الضحايا العراقيين وعمليات الذبح المنظمة الطلقة الأخيرة لبرابرة القرون الغابرة ومن تحالف معهم, والذين يحاولون وقف حركة العراق الجريح, وإبقاءه أطول مدة ممكنة يتخبط بدمائه. إنها الغمامة الأخيرة التي ستنقشع عن أرض العراق الحزين ليبدأ العد التصاعدي لأول ديمقراطية وليدة في هذا الليل العربي, رغم كل ما يقال.
ومن حسن الحظ, فإن النصر الأولي السهل المتمثل بسقوط بغداد لم يستمر طويلا, ما أربك المحتل, وسرَّع في عملية نقل السلطة إلى العراقيين. كما لم ينهزم المحتلون تماما, هذه الهزيمة التي كانت ستقود إلى كارثة محققة, وتجهض أول محاولة للتغيير الديمقراطي في المشرق العربي. ومهما يكن فإن تفجر العنف (وأقله مقاومة) عجَّل في نقل السيادة إلى العراقيين, وهذا ما لم يرده المحتل, ولا مفجرو السيارات, ويشهد على ذلك الانفلات المسعور لعمليات القتل العمياء في اللحظات الأخيرة, قبيل انتقال السيادة إلى السلطة المؤقتة.
إن الانفلات الغرائزي الوحشي الذي تمثل بقطع الرؤوس, على اختلاف انتماءاتها, يشير إلى التوحش المستوطن بين ثنايا مجتمعاتنا, والمدعوم من قوى الاستبداد الدينية والدنيوية, والذي لا يكفي, لإدانته, القول بأنه يتستر باسم الدين, إذ أن بعض الدعاة ومرتدي العمائم الخاوية يتسترون به أيضا, وهذا هو الأخطر على الدين نفسه, ولا بد من وقفة متأنية لدراسة أسبابه, والظروف التي تعيد إنتاجه, وضرورة أن يتبرأ المسلمون من ممارسة هذه الأفعال باسم الله وتحت رايته. لقد كان مبرر وجود الأديان كلها العمل من أجل تسامي الإنسان على غرائزه ونزعاته العدوانية وتلطيفها؛ فحتى ذبح الحيوان يتم بعد طقوس دينية صارمة.
لم يعد مفهوم السيادة مجردا, وربما لم يكن كذلك في أي وقت. فمفهوم خروج آخر جندي قد طواه الزمن. وقد تتحقق السيادة مع وجود قوى أجنبية, فلم يحل وجود القوات الأميركية في ألمانيا من اتخاذ الألمان موقفا مناهضا للحرب على العراق, كما فعل الفرنسيون, الذين ليس لديهم قوات أميركية. ولا وجود لداخل وخارج في عالمنا الحالي, إنما داخل أكثر وخارج أقل في كل داخل.
ثمة من يتباكى على سيادة العراق الناقصة, وكأن السيادة لا تكتمل إلا بوجود طاغية كصدام حسين, أو باستباحة خيرات البلاد وحريات أبنائها. ولا يريد القومجيون وأسيادهم فهم الأسباب التي كانت وراء احتلال العراق, وفشل كل محاولات التخلص من نظام صدام حسين, ويتحدثون عن النهب الأمريكي لثروات العراق, ولسنا بصدد إعطاء المحتل الأميركي صك براءة غير جدير بها... ولكن, ما الذي فعله المستبدون في بلدانهم؟ ألم يفقروها وينهبونها ويرجعوها عقودا إلى الوراء؟!.
لا سيادة دون ديمقراطية, حيث يمكن أن تتحقق سيادة المواطنين على مقدرات أوطانهم, من خلال انتخابهم لممثليهم, ومشاركتهم في تصريف شؤونهم, ومعرفتهم بتفاصيل ما يحدث عبر وسائل إعلام حرة, ووجود قضاء عادل يعيد لهم الأمل. فلا سيادة دون تعريف ديمقراطي لمكوناتها, ولا تعوِّض الأعلام المرفرفة عن رؤوس العباد والعبيد المنكَّسة.



#منير_شحود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انطباعات أستاذ زائر عن حلب وجامعتها
- تفكيه السياسة السورية وتنكيهها
- طلب انتساب
- التديُّن العُصابي والتديُّن الراقي
- عن الأستاذ الجامعي مرة أخرى
- قومجة وأمركة ومقاومة
- كيف ينصر بعض السوريين -عراقييهم-؟!
- -الرجل المريض- عربيا
- قدر العراق أن يكون الأنموذج, فهل يكونه؟
- أشباح يحرسون الخطوط الحمر
- التعليم الجامعي في سورية... آلام وآمال
- مأسسة الأمن, أم أمننة مؤسسات الدولة؟
- مبادئ التربية الجنسية
- الصحة الجنسية
- خمسة جنود صهاينة مقابل بيضتين!
- الحجاب والاحتجاب من منظور تطوري
- المشروع الجيني البشري
- الاستنساخ: أنواعه وآفاق تطبيقاته
- في سوريا تخمة وطنية وسقم ديمقراطي
- بعيدا عن الواقع... ومن أجله


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - منير شحود - لا تتحقق السيادة إلا في ظل الديمقراطية