|
على ضوء زيارة الطالباني لأنقرة : صفحة جديدة بين التركمان والكرد أم مجرد وعود ؟
نصرت مردان
الحوار المتمدن-العدد: 882 - 2004 / 7 / 2 - 07:32
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
قبل إعلان الجمهورية في 14 تموز 1958. لم تسمع أذن عراقية عن مشاحنات ومهاترات بين القوميتين الشقيقتين ، ولا رأت عين احتقانا بين التركمان والكرد . بل أن بدايات منظر الخصام والاحتقان وكل ما لا يمت إلى التآخي والود بصلة بدأت بينهما بعد إعلان الجمهورية . كل المخلصين في العراق يودون طوي الصفحات السود في تاريخ العلاقات بين الجانبين ، وفتح صفحات للوئام والتفاهم بين القوميتين . ونسيان الماضي الذي لم يحمل لهم إلا المزيد من التصعيد والمشاحنات والخلافات على مدى نصف قرن . هل سنرى على أرض الواقع قريبا ، المبادرات التي طرحها السيد جلال الطالباني خلال زيارته الأخيرة إلى أنقرة ، والتي التقى خلالها بعدد من المسؤولين من بينهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والدكتور فاروق عبدالله رئيس الجبهة التركمانية ؟ قدم الطالباني في هذه الزيارة ، مشاريع و أفكار ومبادرات من شأنها في حالة تحويلها على ارض الواقع إلى ورقة عمل ، أن تعيد الود المفقود بين التركمان والكرد إلى المستوى الذي يتمناه ويصبو إليه كل وطني مخلص ، وان تساهم في تعزيز عهد من الثقة والتعاون والتآخي بين القوميتين التي تجمعهما علاقات الجوار والمصاهرة والمواطنة في أكثر من مدينة عراقية ( أربيل ، كركوك وديالى ) . لقد اعترف الطالباني بما تعرض له التركمان عند لقائه برئيس الوزراء التركي ، مؤكدا أنه إلى جانب تمثيلهم على كافة المستويات قائلا: (( .. لقد اضطهد التركمان في العراق أكثر من الأكراد .. وأن الإحصائيات السكانية التي أجريت في العراق في الوقت الذي حددت العرب ولأكراد ، فأنها تجاهلت وجود التركمان تماما ( صحيفة حريت 24/6) ..)) كما أعلن الطالباني خلال اللقاء على عدم اعتراضه على أية صيغة ترفع هذا الغبن عن التعداد السكاني الحقيقي للتركمان مستقبلا . سواء بالاعتماد على الإحصائيات العثمانية أو على ما حدده عصمت اينونو في تقريره المقدم إلى مؤتمر لوزان حول عدد سكان التركمان في العراق أو بالاعتماد على نتائج إحصائية 1957 . لم يكتف الطالباني بهذه المبادرة بل أكد لرئيس وزراء تركيا حول ما يخص موضوع كركوك ، انه لن يعترض على تشكيل ( إدارة خاصة ) يشارك فيها العرب والتركمان والأكراد من سكنة المدينة وتتخذ قراراتها باتفاق الآراء . في اليوم الثاني من زيارته فجر الطالباني أكبر مفاجأته عندما أعلن بعد لقائه برئيس الجبهة التركمانية الدكتور فاروق عبدالله ، عن استعداد حزبه للمشاركة مع الجبهة التركمانية ، لخوض الانتخابات في بعض المناطق بقوائم انتخابية مشتركة ( صحيفة حريت 25 /6 ) في الانتخابات التي من المؤمل إجراؤها في العام المقبل . مما لا شك فيه أن الإعلان عن مثل هذه المبادرة الكردية في حالة تطبيقها على أرض الواقع ، ستساهم في تطبيع العلاقات الكردية ـ التركمانية التي كانت دائما ملبدة بالغيوم وبالاحتقانات نتيجة الموقف غير الودي للحزبين الكرديين الرئيسيين من الاستحقاقات الوطنية التركمانية عامة و من الجبهة التركمانية خاصة ، وأنها ستخلق بين الجانبين جوا من التآخي والمودة والثقة المتبادلة . ولم يكتف الطالباني بما تقدم طرحه من مبادرات ، بل أكد انه سيتخذ كل السبل المتاحة أمامه لحصول التركمان في كركوك على حقوقهم كاملة . مؤكدا ضرورة إزالة حالات الاحتقان والخلاف بين الفئات العراقية قبل مرحلة الانتخابات المتنظرة . لو ترجمت الأقوال إلى أفعال ، والمبادرات إلى واقع للعمل الواقعي البناء في هذه الظروف ، فان ذلك يعني ان القوميتين المتآخيتين ستلتقيان على أبواب التآخي والمصالح المشتركة ، وان ملف الخلافات والمشاحنات والمهاترات بينهما سيغلق إلى الأبد . مثلما رحل الشر عن العراق مع رحيل الطاغية ، فمن الطبيعي ان تسود العلاقة الحضارية والإنسانية بين جموع شعبنا من زاخو وحتى الفاو في العهد الجديد . فلقد تحمل شعبنا الصابر بجميع فئاته وقومياته الوطنية عقودا من الظلم والتنكيل والاضطهاد في عهد الطاغية صدام ، وهو ليس بحاجة إلى المزيد من الاحتقان والخلاف والاضطهاد والأزمات بعد رحيل الطاغية . ان تحقيق الأمن والآمان والرخاء والاستقرار للأجيال العراقية المقبل ، هو مهمة جميع الأحزاب العراقية في ظروف الخراب والدمار التي نمر بها جميعا ، فالأجيال القادمة أمانة في أعناق زعماء جميع الأحزاب والفصائل السياسية . كما ان حصول التركمان على استحقاقاتهم الوطنية لن يكون على حساب الحقوق الكردية أو حقوق القوميات العراقية بأي شكل من الأشكال . لتكن البداية في إقامة مؤتمر مصالحة وطنية حقيقية للحزبين الكرديين الرئيسيين مع التركمان ممثلين بالجبهة ، لتأسيس علاقة أخوية قائمة على القواسم المشتركة بينهما من أجل صالح العراق واستقراره وازدهاره ومستقبل أجياله المقبلة . أن المبادرات الطيبة التي أعلنها الطالباني تجاه التركمان خلال زيارته الأخيرة لأنقرة ( في حالة تطبيقها على أرض الواقع ) يمكن ان تكون البداية الحقيقية لعودة الود بين التركمان والكرد ، وأن تحقق في المرحلة المقبلة انعطافة تاريخية هامة ، تنهي عهد الاحتقان والخلافات التي سادت بين القوميتين ، وتساهم في تمتين الصلات التاريخية القائمة بينهما على الجوار والتآخي والمصاهرة والمواطنة في أكثر من مدينة عراقية .
#نصرت_مردان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عطا ترزي باشي يؤرخ تاريخ الطباعة والصحافة في كركوك 1879 ـ 19
...
-
الشاعر الاوزبكي محمد صالح، شجرة غريبة في المنفى
-
التركمان في شرق المتوسط
-
لوحات ملونة يرسمها الأذربيجاني غضنفر ?اشاييف عن كركوك و التر
...
-
تينور في قفص الطيور
-
الروائية التركية نازلي آراي : عالمي الروائي فوضوي وغريب..بين
...
-
قصائد برقية إلى شعراء مدينتي
-
إبراهيم الداقوقي يرسم صورة الأتراك لدى العرب
-
كتابات في قفص الاتهام- بودلير يغرد في جحيم البؤس ود.هـ .لورا
...
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|