أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - المقدس والتغييب وسر التخلف .














المزيد.....


المقدس والتغييب وسر التخلف .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2900 - 2010 / 1 / 27 - 16:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العقل الدينى ليس أمامه سوى ممارسة المزيد من المناورات والتمويه للتغلب على إشكاليات ضخمة تنهار وتتداعى عند أول محك منطقي , وقد تطرقنا فى مقالات سابقة للبعض منها .

فمن الممارسات التى يحرص العقل الدينى على تكريسها هو تقديم الإحترام والتبجيل للمقدس , بل قل هو خلق المقدس بكل مشاهده ومحاولة إستئحضار حضوره..أى تنصيب شئ ما وإحاطته بهالات من الإحترام والتوقير والتبجيل .

سنجد أن هناك مكان مقدس .. وحجر وتمثال مقدس ... وأيقونات مقدسة وعتبات مقدسة ..
صحيح أننا سنكون أمام رموز مقدسة تزداد إتساعاً وتنوعاً فى معتقدات وتقل بدرجة ما فى بعض المعتقدات الأخرى ..ولكننا لن نجد دين أو معتقد يفتقر ويفتقد للمقدس .

وبالطبع لن نجد أى تغييرات فيزيائية تطرأ على المكان أو الحجر أو التمثال لتجعله مختلفاً عن مثيله ..بل تضاف صفة المقدس هنا عنوة بغية أهداف ومرامى محددة الهدف والمقصد .

فالهدف الأساسى من فكرة وجود المقدس للإنسان هى أن تجعله قادراً على تحمل الأفكار الميتافزيقية وإيجاد لها مكان على أرض الواقع ..فالإنسان لا يستطيع أن يتقبل أى شئ غير مادى ليس له وجود ..ولا يستطيع أيضاً أن يتواصل مع أى شئ دون أن يتلمسه ويتحسسه ويجد له وجود وحضور .
فمن الصعوبة بمكان بل من المستحيل أن يقبل بوجود أشياء تفتقر للوجود والمعاينة ويطلقون عليها أنها لا مادية الوجود ويستطيع التواصل الذهنى معها ..فيكون المكان والحجر المقدس هو خلق وجود للاوجود له ..هو صيغة تواصل مع الأفكار اللاورائية ..المقدس هو إعطاء إنطباع بوجود أثار وأطلال للأفكار الميتافزيقية والخرافة ..المقدس يكون تجسيد مادى لأفكار عصية على الفهم والتحقق .

من أبدع فكرة المقدس لم يكن يرمى فقط إلى محاولة تجسيد للامادى وتقريبه للذهن البشرى الذى لا يقبل الموجود إلا محسوساً أو يمكن معاينته فحسب , بالرغم من أنها تكون الجوهر الأساسى ..ولكنه إستغل تشخيص المقدس بأن أطفى على أشياء مادية الإحترام والتبجيل والتوقير لتمرير هدف أخر غير فعل التواصل بين الإنسان والخرافة ., فيصبح سريان القداسة فى ذهنية ووجدان الإنسان داعياً لقبول كم محترم ولا بأس به من الخرافة والغيبيات للعقل إستسلم بأن المكان والحجر والأيقونة أصبحت مقدسة .

إن تسليم وإنبطاح الإنسان بأن هذا الحجر مقدس وهذا المكان مقدس بالرغم أنه لا يرى فى داخله أى أختلاف فيزيائى عن حجر أومكان أخر هو تسليم مبدئى لمفاتيح العقل الناقد ..هو تخديره أو قل هو إطلاق رصاصة الرحمة عليه .!!

ثم يتم التماهى فى ممارسة الطقوس للمقدس ويتحول الإنسان كفاعل ميكانيكى مبرمج على أداء حركات معينة بدون أن تستوقفه أو يفكر فيها ,, وهنا تكون البرمجة قد تمت على أكمل وجه ..فقمة الإنسحاق للعقل عندما يقدم الإنسان على أداء فعل مادى وحركى وهو معزول بعقله وتفكيره عنه .. فيصبح الطريق ممهداً بعد ذلك لتمرير حمولات لا بأس بها من الخرافة والغيبيات .

ولتوضيح النقطة الأخيرة أذكر مثالأ واجه الكثيرون منا وهو الإنخراط فى الجندية ..فتندهش من الحركات والطوابير الصارمة والتى ليس لها أى معنى ولا قيمة ..فقد كنت أقول فى نفسى هل الوقوف "صفا" أو "إنتباه" أو هذه الخطوات المنتظمة الصارمة ستفيدنا فى الحرب مع إسرائيل أم أن هذا هو العبث ذاته وسر هزائمنا.؟!!
ولكنى إكتشفت سوء فهمى وتقديرى , فالمنظومة العسكرية تتعمد هذا الأمر حتى تسحق فى داخلك السؤال والنقد والفكر ..فتجعلك تمارس فعلا ماديأ بشكل ميكانيكى دون أن يستوقفك ..حينها ستنسحق تحت فكرة تنفيذ الأمر , فيسهل أن يوجه لك أمراً بالقتل فلا تفكر ولا تعارض .

وهكذا حال المقدس الذى لا يكتفى بوجوده وتشخيصه أو ترميزه بل يحاط بكم من الطقوس والحركات كأن تقف أمامه خاشعاً أو تسجد أو تلف حوله عدة لفات أو تقبله هو أو عتباته أو تمد يدك لتلمسه .
هنا مارس الإنسان فعلاً حركياً مادياً كفعل السجود أو الدوران أو التقبيل دون أن يفكر فيه لماذا هو هكذا ؟!!..فماذا يعنى الإنحناء وماذا يعنى اللف والدوران حول المقدس ولماذا هذا العدد المحدد من اللفات الدائرية أو هذه السجدات المتكررة .؟!!

سيخلق الكهنة والشيوخ أى تبريرات لعدد السجدات أو الطواف وكأن الإله يمسك دفتره ليسجل العدد ويزعجه من يزيدها أو ينقص منها .
ليست الفكرة سوى أن يتم تخدير الدماغ عن فعل التأمل والسؤال ..أن يتحول الإنسان إلى بروجرام أو ربورت يفعل أفعالاً ينسحق أمامها دون أن يفكر فيها أو تستوقفه , ومن هنا يأتى إغتيال العقل ليتم تمرير ما يحلو من جبال الخرافة فلا نتوقف عندها بل نمررها وقد مارسنا قبلها فعل التمرير والإنسحاق أمام مشهد مادى دون أن نفكر فيه أو يستوقفنا .

فكرة المقدس خلقت من أجل أن تجعل لنا قدرة على التواصل مع أقكار ميتافزيقية ليس لها أى حضور ولم تكتفى بهذا الأمر بل مارست مسخ للعقل وإنسحاقه وتخديره عن فعل السؤال والتأمل لتدور الدوائر وتنتج أفكارنا المتقولبة الميتة .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافات الأديان (2) - خلق الأرض والنبات قبل السموات .!
- الإنسان والذهب .
- أشياء تدعو للخجل (2) - تحليل الدعارة .
- القضاء والقدر والمكتوب .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (2)
- أشياء تدعو للخجل (1) - إبراهيم خليل الله .
- خرافات الأديان (1) - الحر هو من فيح جهنم .
- حد فاهم حاجة .
- الصحراء تفرض كلمتها .
- النكاح فوق التنور .
- بانشى فى بيتنا .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (4)
- الله جعلوه لصاً
- من رحم اللذة والألم جاءت الفكرة .
- إنهم يشوهون أطفالنا .
- إنهم يغتالون عقول أطفالنا .
- الماء لا يجرى فى النهر مرتين .
- تأملات حول يوم القيامة .
- -الكنيسة إتحرقت والقسيس مات- ..ألف باء كراهية .
- وهم الحرية .


المزيد.....




- أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام ...
- اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع ...
- شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه ...
- تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال ...
- مستعمرون يقطعون أشجار زيتون غرب سلفيت
- تسليم رهينتين في خان يونس.. ونشر فيديو ليهود وموزيس
- بالفيديو.. تسليم أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يونس
- الصليب الأحمر يتسلم المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وجادي ...
- القناة 13 العبرية: وصول الاسيرين يهود وموسيس الى نقطة التسلي ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - المقدس والتغييب وسر التخلف .