|
حتى متى هذا الاستغلال ؟؟؟
جهاد عقل
(Jhad Akel)
الحوار المتمدن-العدد: 880 - 2004 / 6 / 30 - 03:30
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
" انني أكره العطلة الصيفية .... المدرسة أحسن من هذا التعب اليومي والأهانة!!" هذا ما قالته الطفلة "هناء" للسيدة "أم راضي" ذات صباح وهي في الطريق معها الى نقطة التسوّل اليومية .. فمنذ اليوم الاول للعطلة المدرسية الصيفية ، ووفقا لأتفاق مسبق ما بين "المقاولة" المدعوة "أم راضي" وعائلة "هناء "تخرج الاخيرة في الساعة الرابعة صباحا مع زميلاتها وزملاءها الاطفال برفقة "أم راضي " الى نقاط التسوّل في مختلف المناطق .. لتقف في أشعة الشمس الحارقة فاتحة كفها الصغيرة للمارة وأصحاب السيارات .. طالبة المساعدة .... لكن هؤلاء يتأففون غضبا ... والسبب هو ..كثرة الايدي الممدودة والتصاق هؤلاء الاطفال في السيارات مما يعرض حياتهم للخطر .... عائلة" هناء" ترزح تحت الاحتلال ووالدها منع مثل بقية عمال فلسطين ، من الخروج من بيته من أجل البحث عن فرصة عمل والعودة الى البيت حاملا حاجيات الاطفال والبيت ... انه يعرف وزوجته أن "أم راضي" تستغل طفلتهما أبشع استغلال .. والا كيف استطاعت شراء قطعة الارض ثم بناء بيت كبير ...بل عمارة بعدة طوابق ؟؟!! أليس من عملية استغلال عشرات الاطفال يوميا الذين يقومون بعملية التسوّل يوميا لصالحها مقابل دفع مبلغ محدد مسبقا لعائلاتهم ... وبذلك تضمن لنفسها كل ما يجمعه هؤلاء الاطفال .. لا ليس فقط الاطفال وحدهم ....توجد لديها أيضا مجموعات نسائية وفتيات في عمر الورد ..تقوم باستعارة أطفال رضّع لهن لضمان جمع مبالغ أعلى في عملية التسوّل اليومي هذه ...
هذه المقدمة تبدو وكأنها مأخوذه من احدى الروايات الخيالية ..لكنها محاولة متواضعة حاولنا فيها نقل صورة مصّغرة عمّا يجري في هذا المجال يوميا .... أطفال باعداد هائلة يقفون على مفارق الطرق وفي الاسواق ...بل يجوبون الشوارع والازقة يوميا من ساعات الفجر الباكر وحتى ساعات الليل الدامس يفتحون أكفهم طالبين المساعدة من المارة ..من السائقين ...من النساء في البيوت ..من كل ما يتحرك أمامهم ...بدون كلل ، وفي كثير من الاحيان بعناد ..بل بوقاحة ...لأن عيون المعلمة "أم راضي" وأمثالها ساهرة عليهم تراقبهم وتعاقبهم ايضا اذا لاحظت اهمال من أحدهم وعدم نشاط في عملية الاستجداء للحصول على المساعدة أو الصدقة .....الحديث هنا أخي القارىء يدور عن عمليات التسول التي يقوم بها أطفال من فلسطين يوميا دون أن يهتم أي مسؤول أو شخص في وقف هذا الاستغلال لهم ... أو العمل على اعادتهم الى مقاعد الدراسة .... هذا الشكل من عمالة الاطفال يجري ليس فقط في ايام العطل المدرسية .... بل على مدار أيام العام يوميا في الصيف وفي الشتاء ....وفي أيام الحصار العسكري المحكم جدا ... ؟؟؟؟ نعم تستطيع "ام راضي" وغيرها من الخروج من المدن والقرى الفلسطينية ومن ثم الدخول الى داخل اسرائيل مع هؤلاء الاطفال لممارسة عمليات التسوّل هذه وكأن الاحتلال وقواته راضون عن هذه الظاهرة لانها تضمن ترك مقعد الدراسة ...تضمن الاذلال والاهانة ....تضمن الاستغلال لهؤلاء الاطفال الابرياء ......اننا نتساءل علنا ....لماذا لاتقوم أي جهة بمحاولة للتصدي لهذه الظواهر التي تأتي بالمهانة على أطفال أبرياء ؟؟؟؟ . لماذا لا تستنفر الهمم لمواجهة هذا الخطر الاجتماعي ؟؟؟؟. لماذا هذا الصمت من قبل كافة الهيئات ؟؟؟؟ لماذا؟؟!!!!
اننا نتابع يوميا النشاط الدولي الذي يحاول وقف ظاهرة تشغيل الاطفال وبشكل خاص في الدول الفقيرة ...حيث يتعرض الاطفال الى الاستغلال في سوق العمل ...بل الى عبودية رهيبة تصل في بعض الاحيان الى التحرش الجنسي ضد أطفال ...ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا لعائلات فقيرة لا تجد لقمة العيش ... على كل صاحب ضمير في المجتمع الفلسطيني الذي يرزح تحت طائلة الاحتلال البغيض أن ينتفض ايضا ضد هذه الظاهرة الخطيرة التي تفقد عدد كبير من أطفال فلسطين الحق بالتعليم ..الحق بالطفولة السعيدة ..الحق بالحلم والفرح ..ان هذا الشكل من أشكال عمالة الاطفال يشكل خطرا رهيبا على مستقبل اطفال فلسطين ...وعلى مستقبل المجتمع الفلسطيني ...لان ظاهرة "أم راضي" هذه وغيرها ممن يقومون بتشغيل هؤلاء الاطفال في أعمال سوداء أيضا سيكون لها أبعاد خطيرة لاحقا .....لقد حان الوقت الى مجابهة هذا الاستغلال ...والى القيام بحملات توعية بين الاهل الذين يرمون باطفالهم الى سوق العمل والتسول هذا ....لان في ذلك محاولة لانقاذ أطفال من الضياع واعادتهم الى مقاعد الدراسة ..الى أحضان أهاليهم ..الى بيوتهم وألعابهم ...الى حقهم في أحلام الطفولة السعيدة ....فهل من مجيب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!
* "أم راضي" اسم مستعار مستوحى من شخصيات حقيقية تمارس عمليات تشغيل أطفال فلسطينيين والسمسرة بهم بشكل مهين وبشع جدا .-
#جهاد_عقل (هاشتاغ)
Jhad_Akel#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استثمر في اسرائيل يا ستيف
-
من يدفع الثمن الموظفون والمواطنون
-
طهارة العرق والحركة الصهيونية
-
العمال الفلسطينيون ضحايا أعمال التعذيب اليومي
-
هل حضور منظمة العمل الدولية، في عالم العمل اليوم كافٍ؟!
-
ارفعوا ايديكم عن مفكّرينا - قوى الظلام تمنع توزيع رواية الكا
...
-
وهذه جريدتنا...
-
نكبة العمال العرب
-
نظام العولمة انشأ سوق عبودية من طراز جديد
-
منظمة العمل العربي تستعد للدورة 92 في جنيف
-
الرأسمالية تواصل سياسة ضرب النقابات العمالية وأضعاف وحدتها
-
من المبكر القول إن الأسوأ قد انتهى
-
المفكر والمناضل المصري د. شريف حتاتة في حديث خاص
-
تأمين التقاعد: معركة لضمان شيخوخة كريمة!
-
الترجمة العملية لمقولة نتنياهو: -العمال هم أعداء!!
-
عام 2003 عام الهجوم الحكومي على العاملين والنقابات العمالية
المزيد.....
-
منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي
...
-
بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم
...
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|