|
مفاوضات فقدت -الشريك- و-الوسيط- و-المرجعية-!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 23 - 15:28
المحور:
القضية الفلسطينية
الرئيس أوباما أثبت بنفسه أنَّ "الاعتراف بالذنب" ليس دائماً بـ "فضيلة".
و"الذنب"، الذي اعترف به أوباما لمجلة "تايم"، هو مغالاته وإفراطه في "التوقُّع". لقد تكلَّم نتنياهو وعمل بما ذهب بـ "توقُّع" أوباما، فما كان من هذا "المتوقِّع" إلاَّ أن أقرَّ واعترف بأنَّ توقُّعه لم يكن واقعياً، وكأنَّ ما يقوله ويقرِّره ويفعله نتنياهو هو ما يَرْفَع، أو يخفِّض، منسوب الواقعية في توقُّع سيِّد البيت الأبيض!
الرئيس أوباما، والحقُّ يقال، لم يكن، في الأيام والأسابيع والأشهر الأولى من حكمه، يعرف الحجم الحقيقي والواقعي لنفوذ نتنياهو في الولايات المتحدة، فتوقَّع أن تمتثل إسرائيل لمطلبه "وقْف كل نشاط استيطاني" في الضفة الغربية والقدس الشرقية ما أن يتناهى إلى سمع رئيس وزرائها، وأن تُسْتأنف، بالتالي، "مفاوضات السلام" بينها وبين الفلسطينيين.
وحتى لا تستسهل إسرائيل اتِّهامه بأنَّه يتحدَّث ويتصرَّف بما يتنافى مع منطق "الوسيط"، أوضح الرئيس أوباما أنَّ الولايات المتحدة ليست "وسيطاً" فحسب، وإنَّما "طرف"؛ ذلك لأنَّ لها هي أيضاً مصلحة في إنهاء النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
الرئيس عباس تشجَّع كثيراً بـ "الموقف الشجاع" للرئيس أوباما، فهو كان يعلم علم اليقين أنَّ الزمن الذي اسْتُنْفِد في التفاوض مع إسرائيل لم يأتِ بأيِّ حلٍّ حقيقي للنزاع، ولم يكن مفيداً ومجدياً إلاَّ لجهة تنمية الاستيطان، فقرَّر، أخيراً، إذ تشجَّع بموقف أوباما، أن يرى وقفاً تاماً للنشاط الاستيطاني (وفي القدس الشرقية على وجه الخصوص) قبل ومن أجل استئناف المفاوضات، وفي أثناء المفاوضات، فالمفاوضات غير المجدية سياسياً يمكن ويجب أن تكون، هذه المرَّة، مجدية، على الأقل، في تجميد النشاط الاستيطاني.
ولا شكَّ في أنَّ الرئيس عباس توقَّع أن يتمخَّض "الموقف الشجاع" للرئيس أوباما عن نشوب أزمة أو نزاع بين إدارته والحكومة الإسرائيلية، معتقِداً أنَّ السلام يمكن أن يصبح حقيقة واقعة، أو هدفاً واقعياً، إذا ما اتَّخَذَت "عربته" من تلك "الأزمة (أو النزاع)" وقوداً لها.
حكومة نتنياهو قامت بكل ما يمكنها وينبغي لها القيام به، وفي داخل الولايات المتحدة على وجه الخصوص، لـ "إقناع" الرئيس أوباما بأنَّ استمساكه بمطلبه ذاك لن يفضي إلاَّ إلى عدم استئناف المفاوضات؛ لأنَّ إسرائيل لن تقبل استئنافها، وإلى إنهاء وساطة الولايات المتحدة، وإلى الإضرار بمساعي وجهود إدارة الرئيس أوباما في حل وتسوية مشكلات أخرى.
وحِفْظاً لماء وجه الرئيس أوباما، الذي اشتد ميله إلى "التراجع"، صُوِّر "مطلبه" على أنَّه انحياز إلى "شرط فلسطيني مسبق"، ثمَّ قرَّرت حكومة نتنياهو "تجميداً جزئياً مؤقَّتاً" للنشاط الاستيطاني، موهمةً إدارة الرئيس أوباما عبر مبعوثها ميتشل أنَّ قرارها هذا، يكفي أن يحظى بتأييدها، حتى لا يبقى لدى الرئيس عباس من خيار غير قبول استئناف المفاوضات؛ ولكنَّ الرئيس عباس لم يقبل؛ لأنْ ليس في مقدوره أن يقبل.
وهذا ما عناه الرئيس أوباما في قوله لمجلة "تايم": "ميتشل خُدِع بتحقيق بعض التقدُّم في شأن الاستيطان (أي قرار إسرائيل التجميد الجزئي والمؤقت للنشاط الاستيطاني) ولم يُدْرِك (أي ميتشل) أنَّ هذا التقدُّم لم يكن كافياً لِحَمْل الفلسطينيين على العودة إلى طاولة المفاوضات".
الرئيس أوباما في حديثه للمجلة نفسها لم يأتِ على ذكر مصلحة بلاده في حلِّ النزاع، مكتفياً بتذكير طرفيه بأنَّ لهما هما مصلحة في حلِّه؛ ولكنه سرعان ما تحوَّل في مواقفه من "متراجِع" إلى "مخادِع"، فهو، وعبر مبعوثه ميتشل، سعى هذه المرَّة في "إقناع" الرئيس عباس بأنَّه عازمٌ على مساعدة الفلسطينيين في الحصول على دولة؛ إلاَّ أنَّه لن يتمكَّن من مساعدتهم إذا لم يعودوا إلى طاولة المفاوضات، متخلِّين عن مطلبهم (الذي هو التزام إسرائيلي في الأصل) الوقف التام للنشاط الاستيطاني، وفي القدس الشرقية على وجه الخصوص.
نتنياهو ما أن شعر بأنَّ الفلسطينيين يمكن أن يلبُّوا تلك الدعوة إذا ما تلقُّوا من إدارة الرئيس أوباما ما يكفي من "الضمانات"، حتى سارع إلى "تصليب" موقف الرئيس عباس، فأعلن أنَّ إسرائيل ستحتفظ بسيطرة "أمنية" مباشِرة ودائمة على الجانب الشرقي من إقليم الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية، أي على حدود تلك الدولة مع الأردن.
إنَّ إسرائيل تعيِّن حدود الدولة الفلسطينية، ومساحة إقليمها في الضفة الغربية، بـ "الجدار الأمني"، وبـ "المستوطنات"، وبـ "العاصمة الموحَّدة الأبدية"، وبـ "الوجود الأمني" لها في غور الأردن، فكم يبقى من المساحة "6258 كيلومتر مربع"؟!
ولمزيدٍ من "التصليب" لموقف الرئيس عباس، أبلغ نتنياهو إلى ميتشل أنَّ إسرائيل لن تقبل "مفاوضات غير مباشِرة" مع السلطة الفلسطينية، أي عبر ميتشل نفسه، وأنَّها لن تقبل تبادلاً متساوياً للأراضي، فمساحة إقليم الدولة الفلسطينية يمكن أن تكون أقل من 6258 كليومتر مربع، وأنَّها، لأسباب أهمها "الاستيطان" و"الأمن" و"العاصمة الموحَّدة"، لن تقبل أبداً العودة إلى خطِّ الرابع من حزيران 1967.
حتى مقترحات من قبيل إعادة الجيش الإسرائيلي إلى خطوط 28 أيلول 2000، والإفراج عن أسرى فلسطينيين، واستئناف المفاوضات من النقطة التي توقَّفت عندها في عهد الحكومة الإسرائيلية السابقة، رفضتها حكومة نتنياهو.
إنَّ الرئيس عباس مدعوٌّ إلى الحضور إلى قاعة التفاوض في غياب ثلاثة: "الشريك"، و"الوسيط"، و"المرجعية".
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سنة على تنصيب أوباما.. نتائج وتوقُّعات!
-
حال -اللاتفاوض واللامقاومة-!
-
مزيدٌ من الإفقار.. ومزيدٌ من -التطبيع-!
-
نمط من المراكز البحثية نحتاج إليه!
-
الأجهزة الأمنية العربية!
-
ما معنى -حل مشكلة الحدود أوَّلاً-؟
-
الإرهاب ومحاربيه.. منطقان متشابهان!
-
-سورة الأنفاق-.. يتلوها علينا الشيخ طنطاوي!
-
احذروا فضائيات التكفير!
-
شيء من -الاقتصاد الإعلامي-
-
قيادات في تيه سياسي!
-
-جدارٌ فولاذي- لفَلِّ -الأنفاق-!
-
أزمة الإصلاح السياسي والديمقراطي في الأردن
-
الحقُّ في السؤال!
-
معالي الوزير!
-
ترقَّبوا -النبأ العظيم- من -سيرن-!
-
بين مفاوضات مُفْلِسَة ومقاوَمة عاجزة!
-
أعداء -السببية- يَنْعُون -السبب-!
-
هذا التمادي في شتم العرب!
-
الطريق الملتوية إلى -الدولة ذات الحدود المؤقَّتة-!
المزيد.....
-
ترامب: لا ناجين في حادث اصطدام الطائرة بالمروحية فوق نهر بوت
...
-
مغنية راب سودانية.. صوت يصدح أملا في زمن الحرب
-
غزة تشهد إطلاق سراح رهائن إسرائيليين جدد من أمام منزل يحيى ا
...
-
سلوان موميكا.. مقتل حارق القرآن في بث مباشر على تيك توك في ا
...
-
هل تمكّنت إسرائيل من إضعاف حماس عسكرياً؟
-
كيف استطاع أحمد الشرع أن يصل إلى رئاسة سوريا؟
-
من دمشق.. أمير قطر يدعو لحكومة -تمثل جميع الأطياف- في سوريا
...
-
ترامب: ليس هناك ناجون في حادثة تحطم الطائرتين فوق مطار ريغان
...
-
بن غفير: إطلاق سراح الرشق والزبيدي شهادة على الاستسلام ويجب
...
-
حافلات تقل سجناء فلسطينيين أفرج عنهم تغادر سجن عوفر الإسرائي
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|