|
جماعة العدل والإحسان والنبوءة المكذوبة .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2896 - 2010 / 1 / 22 - 13:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تحتفل جماعة العدل والإحسان بمرور عشر سنوات على الرسالة التي وجهها الشيخ ياسين إلى ملك المغرب محمد السادس . وتركز الجماعة في احتفالها على أمرين اثنين : أولهما : الهجوم الشرس على اليساريين بعد اتهامهم بالذيلية والتحالف مع المخزن (ما نزال نرى نفس الوجوه التاريخية للنضال اليساري (اختفى بعضها) مستمرة في تحالفها مع "المخزن الرجعي": وظائف ومناصب مخزنية، طأطأة الرؤوس ببلادة، السير الذليل في ركاب المخزن ورموزه، التصفيق المسرحي للذئاب والثعالب وتمجيدها مع صفاقة وجه وقلة حياء لا يحسدون عليها!) . والغريب في الأمر أن الجماعة تنكرت لجميل هؤلاء اليساريين الذين كانوا أول من طرح ملف الإقامة الجبرية التي خضع لها الشيخ ياسين وخاضوا معارك حقوقية من أجل رفعها . وذنب هؤلاء اليساريين أنهم اختلفوا مع الشيخ في مضمون مذكرته كما جاء في مقالة أمين لمرابط بموقع الجماعة ( منذ صدور المذكرة توالت الردود المتشنجة للطعن في شخص الكاتب واتهام نواياه وتسفيه آرائه واستعداء السلطة عليه. وفي الحقيقة لم يكن هذا مستغربا من شرذمة اللائكيين ومن لف لفهم من السفهاء، إذ من حسنات المذكرة أنها عرت عن نواياهم الحقيقية نحو الأستاذ عبد السلام ياسين، وهم كانوا قبلها، طائفة منهم، يتبنون الموقف الداعي للإفراج عن الشيخ المحاصر .. فكانت المذكرة متنفسهم الأخير، وطوق نجاتهم من الحرج، و"حصان طروادة" للتهجم المنافق على الأستاذ المرشد وجماعة العدل والإحسان، حسدا وحقدا ومكرا.) . ولعل الدرس الحقيقي الذي ينبغي على اليساريين وعموم الديمقراطيين استخلاصه هو كون الجماعة لن ترضى عليهم إلا إن تبنوا مشروعها المجتمعي وأسلسوا لمرشدها القياد . الأمر الثاني : أن الجماعة تعيد التأكيد على كون القضايا التي أثارتها المذكرة لازالت تحتفظ براهنيتها ، كما تحتفظ بمصداقيتها . والأكيد أن الجماعة حكمتها ، طيلة هذه السنين العشرة ، نبوءات الشيخ ياسين التي ضمّنها مذكرته . ومنها : أ ـ أن النظام آيل للسقوط والزوال . فالشيخ يجزم أن النظام الملكي بات سقوطه وشيكا لدرجة أن مبادرات الملك الإصلاحية لن تنفع في تمديد آجاله ، كما في قوله ( لا أحد يجهل من المراقبين للشأن المغربي-إن تحلى بقليل من اليقظة- أن النظام بأكمله في تحلل سريع ، ولا يكفي لتطبيب وضعه المعتل إرسال "الإشارات القوية" التي يحاول عبرها القصر أن يبدي حزمه ويُشَيِّد سلطته برد مظلمة هنا أو إلقاء خطبة مَوْشِيَّةٍ هناك) . ومن ثم يعلن الشيخ ( فوراء الواجهة المزينة يوشك البنيان أن يَنْقَضّ ) . إنها نبوءة مكذوبة روج لها الشيخ عبر طرق شتى فضلا عن المذكرة ، منها أساسا : ــ نبوءة 2006 التي روج لها الشيخ وأعضاء جماعته على نطاق واسع حيث اقتبسوا من قصة نوح عليه السلام فكرة "الفلك" التي ستنقذهم من الطوفان مثلما حدث مع سيدنا نوح والمؤمنين به . ومن أجل تكريس فكرة الطوفان والخلاص منه ، وزعت الجماعة أقراصا مدمجة ومطويات تحت شعار "اركب معنا" ،وعليها صورة الفُلك وهي تطفو على الأمواج العاتية كدلالة على الطوفان الذي يتهدد النظام الملكي . وهي بمثابة دعوة إلى عموم المواطنين للالتحاق بالجماعة ومناصرتها ضد النظام الملكي لإسقاطه . ذلك هو اليقين الذي أفصح عن الشيخ في نبوءته خلال اللقاء الأسبوعي ليوم 16/10/2005 كالتالي ( خليهم يتكلموا ويسخروا ويكون لينا شعار واحد قرآني عملي هو قول الله عز وجل عن سيدنا نوح عليه السلام ( ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه ) هذا نوح هذا مْدَوّخ أحمق ، ما كاين بحر ما كاين واد ، كاين غير الصحراء وخدام كيدير واحد الباخرة واحد الفلوكة . وهو الله أوحى له وقال له كاين الطوفان جاي ، وآمْرو الله تعالى " وجّد الفلك" . فهو بأمر الله يصنع الفلك وهم كيشوفوا الواقع . الواقع ما كاين والو . ف[ هم ] تيشوفوا 2006 وتيقولوا ماكاين والو ، خرافات ديالكم ، كلام خاوي ، ما كاين والو عندهم ، في نظرهم . وحنا عندنا اليقين . ولكن هذه 2006 كيف نستعد لها ؟ وكيف نستقبلها ؟ وما معناها ؟ هذا الشيء أُفْشوه وانشروه بين الإخوان والأخوات .. الشعار ديالنا حنا هو ( ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه . قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون ) .
ــ تصريحات ندية ياسين التي وصفت النظام الملكي بأنه "تينة فاسدة" آيلة للسقوط . وهذه التصريحات تصب في نفس النبوءة بقرب زوال النظام . ب ـ انتفاضة الصحراويين ضد الملك والوحدة الترابية . ذلك أن الشيخ حرض علانية عموم الصحراويين ضد الملك بسبب طقوس البيعة التي رأى فيها إذلالا لهم وكفرا بقوله ( وهكذا ، تم إخضاع الصحراويين -ذوي الأنفة والإباء- للمراسيم المخزنية ، ورأينا على الشاشات هامات شيوخ القبائل تنحني أمام الجلالة المتصلبة المستعلية . يا للإذلال ! أي جرح غائر أصاب عزة قوم ما برحوا متمسكين بالإسلام ! ) . لكن السنوات العشرة أثبتت أن النظام الملكي ازداد تلاحما مع الشعب والأحزاب بعد التأسيس لتجربة الإنصاف والمصالحة الفريدة في عالمنا الإسلامي ، والتي أثمرت اعتراف الدولة بمسئوليتها عن سنوات الرصاص . فضلا عن هذا ، فإن المواطنين الصحراويين ظلوا متشبثين بمغربيتهم وحريصين على تفعيل مبادرة الحكم الذاتي التي أحدثت شرخا داخل جبهة البوليساريو . ولا شك أن الأوراش الداخلية المفتوحة ، والانطلاقة التي يعرفها المغرب رغم المشاكل الداخلية والذاتية التي تعرفها الطبقة السياسية والتي تجعلها غير قادرة على الرفع من إيقاعها لمسايرة إيقاعات الملك ، فإن التغيير الحقيقي قد بدأ ، لكن على النقيض مما تنبأت به مذكرة الجماعة التي استعجلت الانهيار وحرضت على العصيان . فخاب الظن وبهت التكهن .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ستكون الأحزاب السياسية في الموعد مع رهان الجهوية ؟
-
من يجر المغرب إلى فتنة الإفتاء ؟
-
أفْغَنَة شمال إفريقيا جزء من إستراتيجية تنظيم القاعدة.
-
ما علاقة طرد المبشرين ومنع بناء المآذن بحرية الاعتقاد ؟
-
موقف الإسلاميين إزاء النضال من أجل حقوق المرأة .
-
لما الإصلاح يقوده الأمراء ويناهضه الفقهاء !
-
هجمة التطرف من المحيط إلى الخليج .
-
هل ستعي الجهات المعنية رسائل جماعة العدل والإحسان ؟
-
جماعة العدل والإحسان وحوار الطوفان لإسقاط النظام .
-
معارك الإسلاميين والوهابيين ضد الأرداف والصدور .
-
هل يمكن أن تكون مدونة الأسرة قاطرة للإصلاحات الشاملة ؟
-
القيم بين الخصوصية والكونية .
-
الدولة بين اتهامات الإعلاميين ومخططات الإرهابيين .
-
أما آن للحكومة أن تتحمل كامل مسئوليتها تجاه الشعب ؟
-
مواجهة الإرهاب والتطرف ضرورة تحتمها نوعية الخلايا المفكَّكة
...
-
11 شتنبر :ذكرى الأحداث الإرهابية التي جسدت مخاطر التطرف الدي
...
-
لم يتمسح مصطفى العلوي بأعتاب الشيخ ياسين ؟
-
جماعة العدل والإحسان حركة انقلابية ترفض العمل في إطار حزبي .
...
-
هل التحالف مع حزب العدالة والتنمية يخدم الحداثة والديمقراطية
...
-
جماعة العدل والإحسان وعقيدة رفض الإقرار بمشروعية النظام المل
...
المزيد.....
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|