أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - علي شكشك - استدراج














المزيد.....

استدراج


علي شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 2895 - 2010 / 1 / 21 - 20:16
المحور: حقوق الانسان
    



رغم أهمية القضية التي نناقشها في هذا الملف, وهي جريمة فوق العادة, بما أنها ليست مجرد تجارة غير مشروعة في بضاعة غير مشروعة يتم تداولها بالتهريب أو التهرب من الضرائب, أو لبضاعة ممنوعة كالمخدرات, ذلك أنها جريمة مركبة ومستحدثة في التاريخ, وتنضوي على امتهان للإنسان الذي منحه الله شرف التكريم في كتابه الكريم بلسان عربي مبين "ولقد كرمنا بني آدم", وهو امتهان مركب وجريء بمقدار القدرة على تجاوز كل الحواجز التي تفضي إليه, وهو تخيّلٌ صعب, فكيف ببمارسته, كيف يكون الأمر عندما يخرج الجنود في ملاحقة فريسةٍ بشريةٍ حسب الطلب للحصول على كبدٍ أو كِلية, ثم قتله هكذا واستخلاصه من العضو المراد, ثم رسم سيناريو كامل لتخريج المسرحية, ومما يزيد الجريمة جريمةً أنه منظمٌ من قِبَلِ "دولة", وهنا تبدأُ الحكاية,
فرغم أهمية هذا الملف إلا أنه ليس إلا واحداً من ملايير الممارسات المشابهة والتي تتكرر كلَّ حين, والتي لا ينتهي تعدادها, لأنها ليست إلا تجليات للجريمة الكبرى, الجريمة الأولى, التي شرعت تعبر عن ذاتها بمجرد تجسُّدها بل مذ كانت فكرة, وهي ليست غير منسجمة في ذلك مع ذاتها, فقد كان العكس سيكون المستهجنَ والغريب, ذلك أنّ السؤال سيكون كيف يمكن لكيان الخطيئة أن يكون فاضلا,
الخطأ كان هناك, ولادة هذا الكيان, والخطيئة كانت هناك, كلّ سياق هذه الولادة, من هنا فلا بد من الانتباه إلى أنّ استنكار واستهجان إفرازاته لا يعني, أو يجب ألا يعني أنه لو لم يرتكب جرائمه فإنه سيكون كياناً مقبولاً, أو أنّ هذا سيخرجه من وصمة الكيان الخطيئة, الخطيئة التي يجب التكفير عنها, والتوبة الكاملة عن مصدر الرجس مما يعني اجتثاثه كاملاً, فما كان لهذه الفسيلة أن تنتج إلا ذاتها, وما كان لها إلا أن تكون ما هي عليه الآن, كلّ هذه الخطايا, والواعدة بمزيد منها بلا انتهاء, بل ستتفاقم أرجاسها ومظالمها كلما طال عليها الأمد, لأنها ستمتح مع الوقت من رصيد متراكم يزيد احتمالات إنتاج الخطيئة, فالخطيئة لا تنتج إلا ذاتها, تكاثراً وتفاعلاً وإمعاناً وعنادا,
لهذا فإنه رغم خطورة إفرازات هذا الكيان الخطأ, والتي لا تعدوا جريمة قتل الفلسطينيين وسرقة أعضائهم البشرية والمتاجرة بها, لا تعدو أن تكون إلا مفردةً من هذه الإفرازات, فإن هذا يجب ألا يستدرجنا إلى نسيان المصدر الأول للجرائم, ولا السبب الأول للمظالم, ذلك الاستدراج الذي ينزلق بنا رويداً رويداً إلى لاوعي القبول به والاكتفاء باستنكار منتجاته, وهي الأساس في التعامل الغربي المتضامن معنا وعلى رأسها الأصوات الصهيونية, والذي في أحسن حالاته يريد من هذا الكيان تجميل صورته في حرصٍ عليه وخوفٍ على مصيره, ولضمان بقائه وديمومته في منظومة العالم والأخلاق الإنسانية,
وهي عملية معقَّدة وبطيئة وتتفاعل على مستوى وعي أجيال, فقد لا يكون الجيل القادم محصّناً ضدّ هذه الفكرة, وهو الذي لم يكابد آلام مخاض الظلم التاريخي البشع على العرب والفلسطينيين, بل ربما كان هذا المنحى في الإمعان بالجريمة من طرف الخطيئة الكيان هو حركة تلقائية لاإرادية منسجمة مع ميل هذا الكيان لدفعنا بالاكتفاء بالمطالبة بوقف تماديه هذا, وترويضنا على عادية وجوده,
هو استدراج تاريخي ونفسي وخفيّ, دون أن يعني ذلك السكوتَ على هذه الثمار الخاطئة وهذه الجرائم الهجينة بالأسطورة والوهم والتكنولوجيا والاستعلاء والعربدة, ودون أن لا نقف تحية لأولئك الأحرار الشجعان الذين يستجيبون لصوت الإنسان فيهم, صوت الإنسان العالي والمشترك البشري في الاشمئزاز من الظلم وفضحه وتعريته والاحتجاج ضدّه, فتلك الآليات هي نقاط ضوء تُقدِّمُ لتفكيك الظلم وتحليله من جذوره, ذلك أنّ الظلم إن لم يَظلمْ فإنّه ببساطة يموت.



#علي_شكشك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لسان الجرح المبين
- صورتان
- كل عام ونحن كما نحن
- هواري بومدين -صوفية السياسي -
- مجرّد عِناد
- بياض صمتها
- القدس في آخر العام
- حول الملعب
- مايعجز الكلام
- النيوءة
- نحن لا غودو
- ترجمان الاشواق
- الزمن الثقافي الفلسطيني
- موجز الكلام- فتحي الشقاقي-
- في منطقة اليقين
- الجريمة
- فيما هو آت من مستقبل الزمن الذي فات
- قدس الزمان
- القدس ستملأ الأفق
- فرادة النكبة -وطن حيّ لا تقطنه روحان-


المزيد.....




- منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي ...
- بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني ...
- وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ ...
- كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا ...
- بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
- تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم ...
- الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
- أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
- معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - علي شكشك - استدراج