|
الاحزاب التركمانيةبين كذبة (الآصلية)وفرية(الكارتونية)
رازان كركوكي
الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 23:37
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
التركمان حديثي العهد بالسياسة ، اذ لم تكن السياسة تشغل بال الكثير منهم ولم يكن بأستطاعتهم هضم السياسة ومجرياتها كعلم او فن او فقه.والمتابع للامور التركمانية لايستطيع حصر هذا النكوث من طرفهم في جملة اسباب بسيطة اذ تقف في الواجهة التركمانية العديد من العوامل الذاتية والمحلية التي جعلت من التركمان يبتعدون عن السياسة او الخوض في غمارها ومجرياتهافبالنظر لكونهم آقلية صغيرة في العراق لذا لم يكن لهم شأن كبير في صنع احداث العراق السياسية المعاصرة وهناك التاريخ الطويل من العزلة التي آحاطوا انفسهم بها بعد نهاية الحرب العالمية الاولى وانهزام العثمانين من العراق والبقاء بين قوميتين قويتين(العرب والاكراد)قد ساهمت بشكل كبير في هذا الابتعاد ،آضف الى ذلك عدم الشعور بغبن او ظلم قومي او طبقي او وظيفي قد شجعتهم في التقوقع والاحتباس الذاتي لعدم حاجتهم الى السياسة ومصائبها.كذلك لعب العامل العاطفي الذي طغى على آحاسيسهم منذ انشاء الدولة التركية الحديثة بقيادة مصطفى كمال آتاتورك اذ اصبحت هذه الدولة بالنسبة لهم المتنفس والبديل عن آي شعور بالآحباط او اجحاف ان وجد فنظرتهم لها كدولة عظمى لها هيبتها ومكانتها الاقليمية والدولية كانتا كافيتين لهم كمنقذ ومتنفس لكل طموحاتهم وتطلعاتهم القومية وينامون على وهج احلام وردية كي يصحوا في اليوم التالي على وقع اصوات اقدام ودبابات الجيش التركي وهي تعيد من جديد احتلال ولاية الموصل وكركوك بالذات .وبأختصار فأن هذه العوامل وغيرها كثير فد ساهمت على ابقاء المكون التركماني بعيد عن احداث العراق السياسية وساهمت الى حد كبير في عدم آصابتهم بشظايا القنابل للازمات والمأساة التي آبتلى بها باقي المكونات العراقية الاخرى التي كانت تصول في وغى تلك الاحداث ونالت مانالت من المظالم والويلات،وآدت بالتالي الى ان يصبح التركمان في وضع المترف الذي لايهمه شيئا سوى ملء جيوبهم بمزيد من المكاسب المادية والوظيفية بما كانوا يتمتعون بها من امتيازات اقتصادية ومادية كبيرة بحكم كونهم مشغولين عن السياسة ومسايرين لكل الحكومات العراقية المتعاقبة والتي أغضت طرف النظر عن تلك المكاسب لهم مادامت لم ترى مايسئ لسياستها المركزية القمعية وتلمسها للتأيد المطلق منهم لسياستها العدوانية تجاه الاطياف العراقية الاخرى دون أن ينبس منهم آي شعور بالمسؤلية الأخلاقية او الأنسانية او التعايسية لما كانت تقاسيه تلك الاطياف من الظلم او القتل . والشئ الاهمم من كل ذلك هو في عدم مطالبة التركمان لأي من هذه الحكومات لأية حقوق ادارية او ثقافية او سياسية ومكتفية بالتفرج على حفلات المذابح والاعدامات التي كانت تقام لبقية ابناء العراق وملبية نداء تلك الحكومات في الانخراط بمؤسسات القمع والقتل التي كانت تؤسس من قبل تلك الحكومات خشية غضب تلك الحكومات او الافراط بأمتيازاتها المادية والاقتصادية.واستمر حال التركمان على هذا المنوال لغاية استلام حزب البعث لمقاليد السلطة في العراق بعد انقلاب تموز من عام 1968 وللتاريخ اقول ان نظرة هذا الحزب للتركمان وبالرغم من الخدمات والمواقف الحسنة التي ابدوها للبعث ومنذ تجربتهم الاولى في استلامهم للسلطة عشية انقلاب عام 1963 قد تغيرت واصبحت تنظر اليهم بعين الشك وترتاب من نشاطاتهم وكثرة ميلانهم لتركيا ودعاياتها الطورانية في المناطق التي يشكل فيها التركمان الاكثرية ،فبعد اقل من عامين طلبت من الحكومة التركية غلق ملحقيتها الثقافية في كركوك بعد ا ان كانت قد وافقت على فتحها في المدينة كرد جميل لمواقف التركمان مع النظام البعثي ، والغت الحق الذي وهبته لهم بالدراسة باللغة التركمانية ،وشددت على تحركات البعض من الشباب التركماني ممن تشربوا بالدعاية الطورانية التي كانت تدرس لهم في المركز الثقافي التركي بكركوك واصبحوا يراجعون بأستمرار مقر السفارة التركية في بغداد واخذت تراقبهم عن كثب حتى استطاعت الامساك بخيوط شبكة تركمانية مرتبطة مباشرة بأحد الاحزاب التركية القومية المتشددة وممولة من قبل المخابرات التركية(ميت) ،وكادت ان تصبح ازمة دبلوماسية بين الدولتين نتيجة قيام العراق بأعدام هؤلاء.ولو نظرنا الى التاريخ السياسي للتركمان في العراق لم نجد الشئ الملموس لحركة او تمرد او عصيان ضد الحكومات العراقية المتعاقبة ولكن في خارج العراق كانت لهم نشاطات سياسية وثقافية عديدة ونستطيع القول بأن تلك الشبكة التي كشف امرها لاحقا من قبل الحكومة العراقية قد وضعت شيئا من بذورها المتطايرة لحد ما لتأسيس نواة حركة تركمانية سياسية أنشئت اغلبها في خارج العراق وبالذات في تركيا دون غيرها من بلدان العالم لخصوبة التربة القومية فيها ورعاية وحماية الاحزاب التركية الفاشية لها هناك. يمكن اعتبار عام 1988 هو بداية ظهور الميل التركماني لتعاطي السياسة ومحاولة الظهور في الساحة السياسية العراقية كممثلين لاقلية او طيف عرافي أخذت تناهض الحكومة العراقية ولكن هذا الظهور كان بسيطا وغير مؤثرا على عقلية وتفكير المواطن التركماني الذي كان في شغل شاغل عن هذه الامور السياسية خصوصا انها كانت بعيدة جغرافيا عن المركز التركماني وتمركز اغلب نساطاته في خارج العراق الا ان اعلن رسميا في تركيا عن تشكيل الحزب الوطني التركماني بقيادة مظفر ارسلان والتي تعتبر اول حزب تركماني بمعنى الكلمة للحزب والنواة التي آفرخت لاحقا عن احزاب تركمانية عديد في العراق وبداء التركمان بالدخول في معترك السياسة وبدأت معها مسيرة الالاعيب والفنون السياسية للقوى العراقية المعارضة والتي شاركت في اسقاط النظام العراقي السابق ومعها العديد من الدول الاقليمية المجاورة للعراق في وضع يدها داخل الوعاء التركماني الغير عميق وأسست بدورها احزاب تركمانية عديدة تساير تطلعاتها وتخدم توجهاتها الايدلوجية والمصلحية وظهرت على الساحة التركمانية السياسية العديد من الاحزاب التركمانية التي تتفق في اسمها التركماني فقظ وتتنافر مع بعضها البعض حسب منشائها وحسب الاجندات التي صنعتها في ملعب صغير لايتناسب وحجم وثقل التركماني العددي او السياس.وبسبب تاخر التركمان في تنظيم الحركات والاحزاب السياسية فقد جعل من الصعب ظهور قيادات عليا او ظهرت بشروط غير متوفرة لتبؤ القيادة بمعنى الصحيح مما ادى الى ضعف الخطاب السياسي التركماني وجعل القضية التركمانية بلا هدف واضح او ثابت وبدأت معها مسلسل بروز احزاب عديدة متناحرة مع بعضها البعض بالرغم من حملها لأسم التركمان فبعد سنوات قليلة من فرض المخابرات التركية على الاحزاب ااتركمانية المؤسسة من قبلها بالاصل التجمع تحت يافطة الجبهة التركمانية وجعلعا الممثل الحقيقي للتركمان أنفرط عقد هذه الجبهة بشكل مفظع وانشقت على نفسها عدة انشقاقات مؤثرة نتيجة التميز الطائفي والمناطقي وأخذ التناحر المصلحي والتوجه الطائفي مجراه في مسلك قادة هذه الاحزاب ،مما فتح الطريق امام الاحزاب الغير التركمانية وايران ولمعادلة ومنافسة التدخل التركي في الشأن التركماني الى أنشاء احزاب تابعة لها ومسيرة حسب مفاهيمها ومصالحها وظهرت في الساحة التركمانية مصطلح سياسي جديد الاوهو مصطلح الاحزاب الأصلية والاحزاب الكارتونية نكاية ببعضها البعض ,فالاحزاب التي تسير في الفلك التركي ومعها تلك الخاضعة للنفوذ الشيعي تصنف نفسها بالأصلية لان الايدلوجية التركية والايرانية هي بالضد من التطلعات الكوردية وخصوصا مايتعلق بمدينة كركوك ، وتعتبر الاحزاب التركمانية التي تتلقى الدعم من الجانب الكوردي بالكارتونية ،في حين ان كلا الطرفين لايمثلون في الواقع آي تطلع او أمل للمواطن التركماني الذي حشر في الموضوع حشرا أدت به بالتدريج الى نبذ السياسة والاعيبها القذر وتمنوا لو كان التركمان بعيدين عنها فعدم وجود وحدة تركمانية حقيقية ممثلة بحزب او اتجاه واحد لم تقنعهم بشئ اسمه كيان تركماني حسب ما وعدتهم بها الجبهة التركمانية وذلك لأن التأيد التركي كان مشروطا فقط بمعارضة أي توجه لمطمح كوردي ولم تؤيد تركيا ابدا في تثبيت الخصوصيات الجغرافية او السياسية للتركمان في العراق او تتخذ خطوات ملموسة لتدويل قضيتهم،آضافة الى مسلسل الكذب واستغلال امية التركمان السياسي وتوظيف كل ذلك في خدمة القومين من العرب السنة نكاية بالكورد والشيعة ودون وجود أي مصلحة او نفع للتركمان.وبالمقابل لذلك تقوم الاحزاب التركمانية المؤسسة من قبل الاحزاب الشيعية والايرانية بنفس الوظيفة و على نفس المستوى لصالح العرب الشيعة(الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق)او لصالح الاحزاب الكوردية كما في الاحزاب المشكلة من قبل الاحزاب الكوردية، وظهرت التخبطات الاعلامية والمواقف المتشتتتة لخطباتها السياسية ومواقفها من العملية السياسية العراقية والتي توجت اخيرا في الدخول بتكتلات أقل مايمكن ان يقال عنها بأنها مخيبة للامال وجعلها الشعرة التي تقضم ماتبقى من الموقف التركماني الموحد المشتت بالاصل .ففي حين اختارت الاحزاب التركمانية الشيعية الدخول للانتخابات القادمة عبر القوائم الشيعية المتعددة أعابت على الجبهة التركمانية دخولها مع الاتلاف السني البعثي الذي يقوده بعثيون معروفون بعدم أعترافهم لمنح قدر ولو بسيط للتركمان مذكرة آياها بحملات الاعدام والبطش التي لاقه التركمان على آيدي رجال ذلك الحزب وأيدت وبحماس أجتثاث كيانات رئيسية ضمن القائمة الانتخابية التي تضم الجبهة التركمانية متمنية فشلها في الوصول الى أية نتيجة او نصر انتحابي لأحراج الجبهة امام التركمان ويشاطرها الرأي الاحزاب التركمانية الاخرى التي هي في خارج أطار هذه الجبهة والتي رفضت شرط الجبهة لتبوأمركز قيادة العملية السياسية التركمانية في حال دخولها بقائمة تركمانية موحدة.وبعيدا عن انتقادات وتمنيات الاحزاب التركمانية للجبهة بالفشل هذه المرة آيضا كما حصلت في الانتخابات السابقة وبالرغم من تسمية أنفسهم ومن ضمنهم هذه الجبهة بالاحزاب التركمانية الاصلية تميزا لهم عن تلك المحمية من قبل الاحزاب الكوردية الاان واقع الحال يقول وبحكمة ان كل هذه الأسماء ماهي الاكذبة وفرية وضحك على ذقون البسطاء من التركمان فالكل مسير والكل يعمل وفق جدول مسطور على ورق موضوع فوق مكاتب أصحاب هذه الاحزاب وتعيش تناقضا كبيرا بين ما تتشدق به من أقوال هنا وهناك وبين ماتقوم به بناء على متطلبات آصحابها الحقيقين الممولين والحامين لها مع ملاحظة ان البعض منها (خصوصا الجبهة التركمانية)قد تبنت خطابا سياسيا يعبر عن قومية بدائية غارقة في العنصرية ومعادية للأخر ويحاول تقليد المفاهيم التركية العنصرية حرفيا حتى دون الاخذ اوضاع العراق المحلية بنظر الأعتبار.
رازان كركوكي:كاتب وباحث في الشؤؤن التركمانية
#رازان_كركوكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|