|
إنهم يشوهون أطفالنا .
سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 00:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هى طفلة صغيرة تدعى بسملة تعدت الثلاث سنوات بالكاد و هى بنت للفنان المعتزل وجدى العربى والذى قدم لنا أفلاماً جيدة فى طفولته .
http://www.youtube.com/watch?v=ZjbJnZUJTYU&feature=related
يلفت إنتباهنا فى هذا المشهد إرتداء الصغيرة للحجاب فى هذه السن الصغيرة مما يستدعى نفس تساؤلنا فى موضوع سابق ..هل الصغيرة ذات الثلاث سنوات ستشكل فتنة تثير الرجال أم أن والدها أراد لها ذلك طلباً لصفة الفضيلة والدين والأخلاق فى أن تلصق به وتعطى له وجاهة إجتماعية يتمناها .
أثار دهشتى الأولى هو الإستهلال الأول للمذيعة ..فهى تنبأنا بأننا أمام طفلة مسلمة ولكن مسلمة عن حق وتفهم الدين عن حق ..وتأمل مذيعتنا أن نربى أولادنا هكذا ليخرج لنا جيل من المسلمين المؤمنين عن حق .!!
يتوقع المشاهد من هذه المقدمة أننا بصدد قيم أخلاقية ومثل رائعة ستتطرح علينا ..ولكن الأمور تلقى بنفسها فى إتجاه أخر تماماً ...فالمذيعة تقدم لنا الطفلة بسملة كنموذج يجب الإحتذاء به وتربية أولادنا عليه فى مدى العداء لليهود .!!!
طفلتنا الملقنة بالطبع تصف اليهود بالقردة والخنازير !!!..وتعلن عن قدرة الرسول الفذة على قتل اليهود !!! ثم تحكى لنا قصة اليهودية التى حاولت قتل النبى بالسم فقتلها بعد ذلك . يختم هذا الشريط الذى لم يتجاوز الثلاث دقائق بمديح المذيعة للتربية والتعليم الصحيح للإسلام والذى يتمثل فى زرع وتصدير الكراهية لليهود كأعداء .!!
مبدئياً ..ما شأن الأطفال فى مثل هكذا عداوات ؟! ماجدوى ترديدهم لقصص القتل والغدر والخيانة ؟! ماذا تجنى هذه الورود الصغيرة من التمرغ والإجترار من مثل هكذا تاريخ .؟! هل هذه البراعم الصغيرة تتحمل قصص عن القتل والكراهية والدم ..وهل هم فى حاجة لمثل هكذا حكاوى .؟! هل سنهم الصغير لا يشفع لهم فى أن نترفق بهم ونحكى لهم قصص عن الحب والرحمة والعصافير , بدلاً من الكراهية والقتل والدم . ماذا نتوقع من الطفل الذى تم رضاعته حب النبى والإسلام أن يفعله عندما نسرد عليه قصة مذبحة بنى قريظة والعجوز "أم قرفة" التى تم شق جسدها نصفين ؟!! هل سيدين النبى على القسوة أم أن القسوة ستتسلل رويدا إلى قلبه ومشاعره ويجد لها حضور .؟!
ماذا نعلم أطفالنا وماذا سنجنى فى نهاية المطاف .؟ ماذا نفعل بصغارنا ؟
ثم هناك قضية فى منتهى الخطورة وهى إختزال الإنسان والحياة والتاريخ ..!! هل عدائنا هو لليهود فى المجمل عبر كل زمان وكل مكان ..أم يكون عدائنا للسياسات الصهيونية الإستيطانية العنصرية البشعة . العداء من خلال الدين يضع كل اليهود تحت مقصلة العداء والكراهية عبر كل زمان ومكان ..وهو ما تسلل لفكر الصغيرة بسملة عن اليهود أحفاد القردة والخنازير . الواقع المعاصر بحضارته جعل الإنسان يعادى الأفكار وأصحابها ولا يختزل البشر فى موقف وقالب واحد ...وأن الحياة لا تتحمل عداوات دائمة ولا سلام دائم .
الذى أثارنى من هذا الشريط هو زرع الكراهية والعداوة من اللحظات الأولى ..زرعها بكل قسوة و إستهتار فى نفوس طفولة صغيرة كان يجب أن تجد الحب والحنان ملجأ ..كان لها أن تذوب فى الألوان والموسيقى والمرح واللهو ..أن تستمع بالجمال والخير والحب والحياة قبل أن يداهمها زمن الكراهية والبغض والتمايز .
نحن نزرع البذورالأولى للكراهية فى قلوب خضراء ..نخلق داخلهم كل البشاعة ..ونجعل ألسنتهم الصغيرة تردد وتلوك كلمات القتل والدم بمنتهى البساطة . نتصور بأننا عندما نصدر لهم قسوتنا وكراهيتنا فإننا نعلمهم الإيمان الحقيقى ..بينما نحن نشوه كيانات جميلة ستتساقط أوراقها الجميلة لتحل بديلاً عنها كل بوار وجفاف وتصحر .
الجانب الأخر ليس أحسن حالاًًً , فاليهود المحافظون يربون أطفالهم على كراهية الأخر من الأغيار وخصوصاً العرب والمسلمين ليرضعوا أطفالهم كل حقد وبغض وإحتقار . فيصبح العرب والمسلمون فى نظر الطفل اليهودى هو الشر والهمجية والتخلف والذى يجب قتله ومحوه من أمام اليهود الذين هم شعب الله المختار .
نلاحظ خطورة تسلل الفكر الدينى بتراثه القديم الموغل فى القسوة والتوحش إلى واقعنا المعاش ..فهو يسقط كل حمولته من العنف والعنصرية بشكل إختزالى لا يتحمل المراجعة ...فكل اليهود هم أشرار وأحفاد قردة وخنازير عبر كل زمان ومكان ..وكل العرب والمسلمين هم همج وأنجاس يجب محوهم.
لن تحل قضايانا المصيرية بتصدير الكراهية للأجيال القادمة ..سيستمر مسلسل الدم والعداء بلا طائل طالما كل طرف يرى فى الأخر أنه دائماً وأبداً رمزاً للكراهية والعداوة والهمجية وعداوة الإله الذى خلقوه قديماً ليمرر كل بشاعتهم وعنفهم وطمعهم .
بعدنا عن موضوع الجميلة بسملة ذات الثلاث سنوات ..لنسأل ماهو موقفها من الإعراب ؟ ماهو شأن الزهرة الجميلة من كراهية اليهود ؟..ماذا تعنى هذه العداوات لها ؟ لماذا لا نترفق بأطفالنا ونؤجل زراعة القسوة والبغض لسنين قادمة .؟
القلب الصغير الذى يتم تدريبه على الكراهية والقسوة ستدور وتتسع الدوائر لتشمل أخوته وشركاءه فى الوطن .
رفقاً بأطفالنا .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنهم يغتالون عقول أطفالنا .
-
الماء لا يجرى فى النهر مرتين .
-
تأملات حول يوم القيامة .
-
-الكنيسة إتحرقت والقسيس مات- ..ألف باء كراهية .
-
وهم الحرية .
-
مذبحة نجع حمادى هو الكرسى الذى يتم ركله .
-
أجسادنا ليس ملكية خاصة .. هو قطاع عام !!
-
عزرائيل الصراصير والبراغيث .
-
اللذة والألم والإله .
-
أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (3)
-
ممنونون ..شاكرون ..محظوظون ..مهللون .
-
الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (1)
-
أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (2)
-
قراءة فى العنف والإنسان والإله .
-
عيون وراء نقاب .
-
أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً .(1)
-
موت السؤال .
-
المربع المتبقى للفكرة .
-
تكون هى أرحم .
-
خربشة عقل - الله والخلق .
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|