|
مؤتمر وطني....نعم و لكي يكون ناجحاً
مرهف ميخائيل
الحوار المتمدن-العدد: 878 - 2004 / 6 / 28 - 04:36
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تمّ طرح فكرة عقد مؤتمر وطني من قبل التجمع الوطني الديمقراطي في بداية شهر أيار/ماي/ الماضي في منتدى المناضل المرحوم الدكتور جمال الاتاسي "منتدى الحوار الديمقراطي " في دمشق ،حيث ألقى ممثل التجمع الوطني الديمقراطي الأستاذ حسن عبد العظيم ( للاطلاع علىالمحاضرة) محاضرة شارحاً فيها ضرورات هذا المؤتمر ،وداعياً كل أطراف المعارضة السورية للمشاركة فيه وقد وجه الدعوة أيضا إلى السلطة في سورية . حتى اللحظة لم نسمع موافقة أو رفض السلطة ، ويجب الإ شارة إلى أن الأستاذ عبد العظيم بيًّن كيفية البدء بمثل هذه الموافقة، حيث يجب إخلاء السجون من معتقلي الرآي ، رفع حالة الطوارٍٍىء وإيقاف العمل بالأحكام العرفية ،السماح لجميع المنفيين لأسباب سياسية العودة إلى أرض الوطن دون أي شروط ولا مساءلة.....الخ. يجب أن لايفوتني الإشارة إلى أن بعض الأفراد قاموا بمحاولات "مؤتمرية" لكنها لم تستوف الشروط اللازمة لنجاح هذه المحاولات ،ولم يتوفر فيها عوامل المؤتمر الوطني بكل ماتعني هذه الكلمة من معنى ...ويجب ان لايُفهم من قولي أنه حكماً على هؤلاء الافراد ....فكل إنسان حر بتفكيره ويجب الحكم عليه بحسب أعماله وممارساته ..وماينطبق على الأفراد ينطبق على المجموعات السياسية ...واقصد هنا أن صفة الوطنية تتمثل بممارسة فعل يعود على الوطن المعني بالفائدة ،مع اخذ الحذر بأن لا نقع في مطبات وأفخاخ من يوحي بمساعدتنا من الخارج بتغيير النظام ...الخ. حتى اللحظة الراهنة، لا توجد إشارات إيجابية من قبل السلطة ، ويبدو أن سياسة " التطنيش " التي استخدمتها حتى الآن هي الخيار الوحيدالمعتمد .. فهناك عوامل موضوعية وذاتية داخل مكوّنات وقوى وتنظيمات الشعب العربي السوري الذي ينشد طريق التغيير الديمقراطي أسوة بباقي شعوب العالم المتحضّرة ،للخروج من حالة البؤس الذي بعيشها في ظل هذا النظام ، وخاصة بعد أن رأى بالصوت والصورة الأسلوب اللآديمقراطي لانتقال السلطة بعد وفاة حافظ الأسد ، وما جرى من تطويع ( للدستور ) لتحقيق ذلك ، وما أعقب هذا كلّه من خيبة الأمل التي علّقها على بعض ما جاء في خطاب القسم للوريث بعد مرور أربع سنوات على إطلاقها ، وتنصّل بشار الأسد في مقابلاته الصحفية من تلك الإشارات التي فهمها البعض بأنّها توجّه جديد نحو الديمقراطية .....وعلى كلّ حال فقد بقيت ( حليمة محافظة على عادتها القديمة ) في انتهاج أسلوب قمع الحريات الفردية والجماعية ، واعتقال المواطنين دون سند قانوني كما جرى مع نوّاب وطنيين في مجلس الشعب ، ونشطاء المجتمع المدني غير السلطوي ، ومناضلين من معظم الأحزاب السياسية المعارضة ،ضاربة أجهزة النظام بعرض الحائط كل القيم والأعراف والمبادئ الديمقراطية ...والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل توجد أزمة سياسية عميقة داخل القطر العربي السوري ؟ أزمة داخل كل حزب معارض أو مدجّن ، أو مابين الشعب والمعارضة الوطنية من جهة ، والنظام الحاكم من جهة ثانية ، أو بين مراكز القوى داخل السطة نفسها ، وهل هذه الأزمة تهدّد الوطن بأخطار كبيرة ، وتستوجب الحل السريع الناجع بالسرعة القصوى ؟ ، وهنا نتساءل : هل فات الوقت على إمكانية قيام حوار جاد بين المعارضة / بمختلف شرائحها وتوجّهاتا / ، والسلطة الحاكمة ؟وهل ما زال بالإمكان عقد مؤتمر وطني جامع بناء على قرار سياسي جريء وواع من أجل الحوار الديمقراطي والتفاعل البنّاء لوضع الحلول الصحيحة للخروج من الأزمة ؟أم
أنّ سياسة سدّ الآذان ، و"تطميش " العيون ، وغرس الرؤوس في الرمال هي السائدة في الساحة السورية ، وفي وقت يهدّدنا فيه الأعداء من كل حدب وصوب ... وهذاالنهج الخاطئ سيجعل الأحداث تنطلق في مسارها على أنغام أوهام مريضة ، وهذيان سياسي مشبع بالغرور والمكابرة ، ولن تكون النتيجة سوى المزيد من الكوارث والمصائب ... ووفقا لما تقدّم ذكره ، فإنّنا نؤكّد على أنّ عقد مؤتمر وطني داخل سورية هو ضرورة وطنية ، وحتى تتحقّق غاياته وأهدافه الصحيحة يجب أن يستند على الأسس التالية : أولا: وجود موافقةجادّة وصادقة من قبل النظام الحاكم في سورية (وخاصة من قبل الدكتور بشار الأسد )على عقد المؤتمر ، وللتعبير عن ذلك ، وكمقدّمة ومدخل سليم له لابدّمن إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ،و إلغاء حالة الطوارىء ، وايقاف العمل بالأحكام العرفية ، والسماح بعودة المنفيين ،أو بحكم المنفيين ..الخ ثانيا:موافقة أحزاب المعارضة الوطنية السورية التي تلتزم بالعمل السياسي الديمقراطي ، والتي اعتمدت ذلك في وثائقها الخاصة (التجمع الوطني الديمقراطي- حزب العمل الشيوعي –الأخوان المسلمون ، وغيرهامن الأحزاب والقوى)على عقد المؤتمر ، والالتزام العلني الموثّق بالنهج الديمقراطي لحل المشاكل المعروضة عليه ، بعيدا عن العصبوية والتطرّف . ثالثا :إشراك هيئات وتنظيمات المجتمع المدني المستقلّة عن النظام في التحضير والإعداد للمؤتمر والمساهمة فيه . رابعا :اختيار ذوي الخبرة والكفاءة من قبل الأطراف المشاركة في المؤتمر لإعداد كافة الدراسات والتقارير اللازمة لخلق أفضل الشروط لإنجاحه ... خامسا :يتم عقد المؤتمر وفقا للأسس التي تخدم الوحدة الوطنية وتعزّزها ، ويصون القضايا الوطنية والقومية .. سادسا :تنظيم حملة إعلامية وسياسية واسعة من قبل كافة الأطراف المشاركة فيه في الخارج والداخل من أجل إنجاح المؤتمر ، وضمان أوسع المشاركة فيه .. سابعا :عقد المؤتمر وإنجازه وتنفيذه بعيدا عن الوصاية والتفرّدوالاحتواء ،مع تجنّب روح الثأر والانتقام من أيّ طرف مشارك ، ممّا يخلق الظروف المناسبة لإجراء مصالحة وطنية شاملة حقيقية تصون كرامة الشعب والوطن ، وتطوي صفحة الماضي ومآسيه ...
وأخيرا : نستطبع القول : إنّ الظروف أصبحت ناضجة الى حدّ ما ، للسير بخطوات جدّية نحو التغيير الديمقراطي ، وهذا مايخيف بعض المسؤولين في أجهزة النظام وقياداته الفاعلة ، لأنّهم يشعرون بأنّ السير على هذا الطريق يشكّل تهديدا لمصالحهم غير المشروعة ، كما أنّهم يخافون من احتمال مساءلتهم في ظل نظام ديمقراطي يتمتّع بسلطة قضائية عادلة ومستقلّة ... وهؤلاء سيشكّلون باستمرار عقبة على طريق عقد المؤتمر الوطني مهما كانت جسامة المخاطر التي تحيق بالوطن والأمّة ، وهؤلاء يشبّهون مغفّلا سقط في بئر فحاول إنقاذ نفسه بإمساك فرع من جذع شجرة مدلّى في وسط البئر ، وعندما ابتدأ باستخدامه شاهد خلية نحل معلّقة على جدار البئر ، فحاول إخراج بعض من شهدها فنسي نفسه وترك جذع الشجرة ممّا أدّى الى سقوطه في قاع البئر ،فضاعت عليه فرصة النجاة ولم يتمكّن من الحصول على العسل .... وهنا نقول أنّ المؤتمر الوطني الجامع ، والمصالحة الوطنية الحقيقية الصادقة هي الملاذ الآمن للجميع أفراد وجماعات ، والتاريخ لن يرحم اولئك الذين يقفون في وجهها ، ولن تنفعهم ثرواتهم المكدّسة المنهوبة من أموال الشعب ، والعبر والدروس كثيرة ونعيش بعضها في هذه الأيام في ساحات عديدة ..
1 كاتب سوري يعيش في المهجر
#مرهف_ميخائيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|