|
ليتها حكمت العالم اجمع !
ناديه كاظم شبيل
الحوار المتمدن-العدد: 2892 - 2010 / 1 / 18 - 21:38
المحور:
حقوق الانسان
انها ملكة بريطانيا العظمى ، الملكه اليزابيث الثانيه ، التي تفخر بقيم الانصاف والتسامح التي يتميز بها بلدها رغم تعدد الثقافات والمعتقدات التي يتكون منها.
حين زرت العاصمة البريطانية للمرة الاولى ، شعرت بالفارق الكبير بين المعاملة الانسانية التي قوبلت بها في المطار، عنها في معظم الدول العربيه ، ابتسامة ودية من مسؤول الجوازات وفي ثوان وقبل ان تغادر الابتسامة ثغره اعاد لي الجواز بترحيب قصير ، لا تشعر بأنك عوملت بطريقة تختلف بأي حال من الاحوال عن البريطاني الذي ينتظر الدور خلفك او امامك ، اقول هذا وحسرة تعتمل في روحي :ماذا يحدث لو انني قوبلت بالمعاملة الانسانية ذاتها في العراق او مصر او سوريا او اي بلد عربي اخر .
في زيارة استجمام لشرم الشيخ ، وقفت بين السائحين الاجانب يعتمرني فرح غامر كوني العربية الوحيدة التي تقف في صف الانتظار ، كنت فخورة بحضارة وتاريخ وسحر مصر ،كنت اريد ان اقول للسويديين : انها بلاد العرب ، بلاد الشمس ، بلاد النيل الذي تغنى به الشعراء، بلاد الاهرام ،انها ام الدنيا التي يرتمي في احضانها كل الخائفين طلبا للامن والسلام . كان مسؤول الجوازات يتميز بالظرف وخفة الدم لدرجة ان اثار موجة من الضحك بين السويديين( وليس هذا غريبا على ابناء مصر) ،وكان سريعا جدا في فحص الجوازات ، ولكن ما ان حييته بالعربيه وقرأ الاسم العربي في جوازي حتى تغير الحال ، اقولها ومرارة امرّ من العلقم لا تزال تملأ وجداني ، استدعى الرجل زميله ليستجوبني ،من اين اتيت ؟؟؟ وكيف اتيت؟؟؟ ، لم اكن افكر وقتها بالاجابة ، كانت موجة من الحزن تطغي على مشاعري ، وعندما انتهى الرجل من استجوابي ، عاتبته على تحقيقه معي دونا عن الباقين ، اعتذر بلطف قائلا : انها الاوامر ياسيدتي وانا اقوم بواجبي. . تقبلت اعتذاره وابتلعت المي ولكن لم استطع ان امحو الخجل الذي اعتراني ونظرات الاخرين تمطرني بالتساؤل عن سبب استجوابي .
وما حصل لي في جوازات بغداد كان امرّ بكثير ، اذ قضيت في دائرة الجوازات اكثر من ثلاث ساعات صعودا ونزولا بين طوابق الدائرة المتعدده ثم لدائرة فحص الدم المجاوره ثم لدائرة الامن ، ورغم كوني عراقية حتى النخاع الا انني دفعت تكلفة الفيزا وياللسخريه ! اتنقل انا الاجنبيه في بلدان اوربا دون ان يكلفني ذلك فلسا واحدا وفي بلدي الذي ولدني ادفع رسوم الفيزا !.
اما في الجارة سوريا فحدّث ولا حرج ، اذ ربما يخفي مسؤول الجوازات جوازك لتظل تنتطر ساعات عديده مما يضطرك الى دفع رشوة ولسان حالك يقول : لعن الله الراشي ورحم المرتشي ! وعندها يظهر لك الجواز فجأة مصحوبا بكلمة توديع حارّه.
تسير في شارع الاكسفورد الشهير ، فترى جموع المارة تسير بلا انقطاع ، معظمهم من الاجانب ومن مختلف الجنسيات والانتماءات ، معظمهم عاطلون على العمل ، تقوم الدوله برعايتهم واعالتهم ، دون تمييز بين الانكليزي والعربي او الباكستاني او المسلم او المسيحي ، الانسانية هي انتماء الجميع ، يخطر ببالك سؤال : ترى كيف تستطيع بريطانيا ايواء كل هؤلاء الجموع الهائله؟ الجواب بكل بساطه لان حكامها ليسوا لصوصا .
عندما يموت الرجل الشرقي يورث لاولاده ما حرمهم منه عندما كان حيا ، وقد يفوز احد الاولاد كونه اقربهم الى قلبه وقد يحرم الاخر لسبب في نفس يعقوب ،ليترك اولادا اثريا واخرين فقراء ، وكم سمعنا في الافلام احتجاج الاب على ولده عندما يريد منه مالا يقيه الذل ويعينه على العيش الكريم الجملة الانانيه : (تريد تورثني بالحيا ؟ ) اما في بريطانيا ، فهناك بيوت الاوقاف ، توزعها الدوله على من لا يملك عقارا وبالمجان وبغض النظر عن هوية الشخص المحتاج او اصله او دينه ،وهناك ايضا هبة الملكه ، تهب كل طفل مقيم على الاراضي البريطانيه 250 باوند تدخرها بفتح حساب خاص باسم الطفل ويستحقها عندما يبلغ سن الرشد ، لا ادري ان كانت هنالك جدة حقيقة في اوطاننا تمتاز بهذا الكرم والعطاء السخي !
في الهايدبارك الشهير وفي القسم الذي يتحدث فيه كبار الفلاسفه والمفكرين ، ترى الناس مجتمعين للاستماع للمتحدث ، الذي يسرد عليهم افكاره النيره او مفاهيم دينه الذي ينتمي اليه والذي يتعارض مع دين البلد المضياف ، الكل ينصت اليه دون المساس بفكره او معتقده الذي قد يتعارض مع ما يؤمن به الاخرين، الا ان حرية التعبير عن الفكر او المعتقد سارية على الجميع ، وتكفل حماية الجميع.
المتنزهات مفتوحة للجميع ومعظم المتاحف البريطانيه مجانيه ، تقف بالقرب من باب قصر الملكه ، لا احد من الحرس يصّب بنقيته الى صدرك ، كما هو الحال في بلداننا التي يغذيها الخوف والقهر ، تطل الملكه من شرفة قصرها لتلقي تحية على الجماهير التي احبتها من الاعماق . تسري ساعتها فرحة غامره في قلوب الجماهير وتبدا الكاميرات بتسجيل تلك اللحظات السعيده .
وانت تسير في حدائق الهايدبارك ، قد تشاهد العربات الملكيه تخرج من ساحة القصر الملكي ، تضم افراد العائله الملكيه او ضيوفها ، تتهادى الخيول باطمئنان ، فلا صفارات انذار ولا ماطورات تسير بسرعة البرق ولا امن ولا حمايه تدخل الرعب الى قلوب الماره ، اللهم الا سيارة شرطه واحده تسير بهدوء خلف العربات .
الامر بعينه يحدث في السويد ، فلطاما خرج الملك والملكه للتنزه لا يصحبها الا شرطي واحد ،او لا احد على الاطلاق ، فمم يخاف من كان العدل والحب سلاحه ؟؟
#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماهي مكانة السيد المسيح لدى المسلمين ؟
-
متى ترفرف حمامت السلام على اكتاف العراقيات ؟
-
المالكي للارهابيين :اطلقوا سراح المهميين من اسرانا،نهديكم با
...
-
حكومة الملالي في ايران:( لا الناهيه)في القران والاحاديث الشر
...
-
ابو علي الشيباني ! زوّد الغركان غطّه
-
لماذا ينعم اقليم كردستان بالامن والسلام دونا عن مناطق العراق
...
-
اي الامرين يرضي الله ؟ ان ينسب الطفل الى امه ام يقتل الاثنان
...
-
ايقظت مملكة السويد في ضميري الف سؤال سؤال و...سؤال
-
الاجهاض في المستشفيات الحكوميه انقاذ اكيد لحياة المرأه
-
جريمة غسل العار ! تعبير صارخ عن عبودية واسترقاق المرأه
-
وتلك هي قسمة ضيزى *
-
خلقوا لزمان غير زمانكم !
-
في بريدي ارهاب سعودي !
-
ايها الزوج المعترب ! لا تذبح المقدس بالمقدس !
-
ابشر يابابا! الان التفتت اليك الحكومة العراقيه وستمنحك الكثي
...
-
اليس الدين للناس كافة يارجال الدين في العراق ؟؟؟
-
عفوا !وهل توجد طفوله في العراق
-
ولكنها .......ليست باربي يا ........شيخنا الجليل
-
لا اقول اربع لآلي تزيّن صدر البرلمان الكويتي ...بل
-
شتّان مابين هنّ............وهن
المزيد.....
-
أطباء بلا حدود: 8.5 مليون شخص يواجهون المجاعة في السودان
-
الاتحاد الأوروبي يدين حظر إسرائيل أنشطة -الأونروا-
-
أوروبا تبحث تخفيف قيود التعامل مع المهاجرين
-
طائرتان تجسسيتان بريطانيتان حلقتا قرب غزة أثناء تبادل الأسرى
...
-
مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة: لماذا تعزز مصر جيشها؟
-
أوروبا تبحث تخفيف قيود التعامل مع المهاجرين
-
-الأغذية العالمي-: الاحتياجات الإنسانية هائلة مع عودة النازح
...
-
لقاء نتنياهو- ترمب ومصير مقترح التطهير العرقي ووقف الإبادة
-
الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم.. اعتقالات وتدمير ونزوح للس
...
-
الاحتلال يشن حملة اعتقالات في الضفة والقدس
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|