|
معوقات قيام مؤسسات المجتمع المدني ( 9 )
نجيب الخنيزي
الحوار المتمدن-العدد: 2890 - 2010 / 1 / 16 - 14:06
المحور:
حقوق الانسان
لا نستطيع تجاهل البواكير (قد تكون لا تزال جنينية ومتواضعة حتى الآن بالمقاييس العالمية) الأولى، لقيام مؤسسات المجتمع المدني في بلادنا، التي يمكننا الانطلاق منها والاستناد إليها وتطويرها وتعميمها، بما في ذلك سن وتطويرالانظمة والتشريعات، التي تكفل حرية تأسيسها ونشاطها والانضمام إليها، دون أية معيقات إدارية وبيروقراطية أو اجتماعية أو أمنية على حد سواء. وعلى هذا الصعيد نشير إلى ضرورة الاستفادة من خبرة وتجربة الجمعيات (358 جمعية) والمؤسسات (34 مؤسسة) الخيرية والجمعيات التعاونية (153 جمعية) والجمعيات النسائية (35 جمعية) القائمة، وهي جمعيات أهلية متعددة الأغراض والمهام ولها دورها الملموس في خدمة المجتمع. هناك غرف التجارة والصناعة، الأندية الرياضية، الأندية الأدبية، الجمعيات الثقافية، الجمعيات والمراكز الدينية والدعوية، مراكز الشباب، والجمعيات العلمية والمتخصصة مثل جمعيات المهندسين والصيادلة والمحاسبين والأقتصادين، كما لا يمكن أن نقلل من أهمية ومغزى بعض المنجزات وان كانت لا تزال متواضعة و التي تحققت في السنوات القليلة الماضية، كتأسيس بعض الجمعيات المهنية والحقوقية، مثل هيئة الصحفيين السعوديين (2003 ( والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية (2004)، والسماح للعمال في المنشآت التي يزيد عددهم فيها على المائة عامل، تشكيل لجان عمالية فيها، غير ان معظم تلك التشكيلات لا تزال لأسباب وعوامل مختلفة، تفتقر أو لم تستكمل بعد، معايير ومواصفات مؤسسات المجتمع المدني، وخصوصا لجهة تبعيتها المباشرة أو غير المباشرة لهيئات وجهات رسمية أو لوجود إشراف وتدخل مباشر من قبلها، رغم ان حيز نشاطاتها في الغالب هو المجتمع المدني، الذي يتمايز بالضرورة عن المجتمع السياسي. الإسراع في إصدار نظام الجمعيات والهيئات الأهلية، الذي أنهى مجلس الشورى مناقشته في ديسمبر 2007 وتم رفعه إلى مجلس الوزراء لإقراره ، سيكون خطوة مهمة على صعيد تعزيز العمل المدني المؤسسي واستقلاليته. غير انه مع اهمية وضرورة الأنظمة والتشريعات الحكومية على هذا الصعيد، غير انه لا يكفي لوحده، إذا لم يعزز بنشر وتعميم وترسيخ الثقافة المدنية وحقوق الأنسان والتعددية واحترام حق الإختلاف لدى المجتمع الذي لا يزال تسوده ثقافة أبوية / ذكورية و يتحكم فيه لاسباب تاريخية وموضوعية الموروث القبلي والمناطقي والمذهبي على صعيدي الممارسة والوعي الاجتماعي السائدين، مما جعل ثقافة وممارسات المجتمع المدني متدنية وهشة وضعيفة، إن لم تكن معدومة الجذور في مجتمعنا المحافظ وثقافتنا التقليدية، وبالطبع كل ذلك ينعكس بالضرورة على غالبية المرافق والاجهزة الحكومية البيروقراطية. وهنا تقع مسؤولية كبيرة على دور الإعلام (المقروء والمسموع والمرئي) والتعليم ورجال الدين، وكذلك الجمعيات والهيئات (المشرعة رسميا) والمنتديات والديوانيات الإجتماعية والثقافية " الأهلية " ومواقع الشبكة العنكبوتية، وغيرها من المناشط الاجتماعية والثقافية القائمة. ومع انه لا نستطيع إغفال بعض المنجزات التي تحققت على هذا الصعيد، وخصوصا في ضوء تبني القيادة السياسة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين، لمبدأي الإصلاح الشامل واعتماد الشفافية والمكاشفة والمصارحة إزاء كافة القضايا والمشكلات والصعوبات التي تواجهنا، ونذكر من بينها اقامة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، الذي نظم العديد من الفعاليات والدورات للحوار والنقاش الصريح، بين ممثلي المكونات الاجتماعية والمذهبية والثقافية المختلفة في بلادنا، وخرج بتوصيات مهمة (بانتظار التفعيل)، وكذلك ما هو ملموس من ارتفاع نسبي لمنسوب حرية التعبير والرأي والفكر، وخصوصا على صعيد الصحافة وبعض المرافق الإعلامية الحكومية، غير إن وتيرة الإصلاح لم تكن متصاعدة على الدوام، حيث لا تزال هناك العديد من العقبات والمعوقات الإدارية والبيروقراطية الجدية من جهة، وممانعة ورفض من قبل قوى إجتماعية ودينية محافظة لها سطوتها ونفوذها القوي على صعيدي الدولة والمجتمع ، تسعى لفرض استمرار الذهنية والأساليب والممارسات القديمة، ومنها الموقف المناهض والممانع لوجود مؤسسات مستقلة للمجتمع المدني، تتكامل موضوعيا مع الدولة، وتكون رافدا ومعينا لها، في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية المحدقة كافة، من خلال العمل على تثبيت وترسيخ الوحدة الوطنية والمجتمعية، كما تكون داعما ومشاركا، في عمليتي التنمية المستدامة والإصلاح الشامل من جهة أخرى . مؤسسات المجتمع المدني، إذ تتمايز عن مؤسسات المجتمع الأهلي من جهة، وعن المجتمع السياسي من جهة أخرى، إلا ان ذلك لا يعني ولا يتطلب وجود تناقض أو صراع بينهما. لذا ينبغي العمل على تبديد الالتباس، وتجاوز حالة الشكوك المتبادلة إن وجدت، والعمل على صياغة رؤية استراتيجية موحدة ومشتركة، تشمل شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتنطلق من الإقرار بقاعدة ومشروعية التنوع والاختلاف، واحترام الهويات والفضاءات الثقافية المتعددة، والقبول بتعدد قراءات الواقع، والتعايش والقبول بالآخر المختلف، عبر تأكيد وترسيخ قيم التسامح والتعددية، وهو ما يتطلب إطلاق الفعل الثقافي والتنوير والعقلانية كرافعة لمؤسسات المجتمع المدني المرتبطة ببيئتها التاريخية والثقافية والمجتمعية .
#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقافة الفساد
-
التمايز ما بين المجتمعين الأهلي والمدني ( 8 )
-
نشوء الدولة المركزية السعودية والمجتمع المدني ( 7)
-
السجال حول طبيعة الدولة في الإسلام ( 6)
-
التيارات الاصولية والموقف من الدولة المدنية (5 )
-
الدولة العربية الحديثة ومستلزمات المجتمع المدني ( 4 )
-
مفهوم المجتمع المدني .. ترسيخ فكرة المواطنة ( 3 )
-
مكونات وعناصر المجتمع المدني (2 )
-
بمناسبة العيد الثامن لانطلاقة الحوار المتمدن
-
المسار التاريخي لظهور وتبلور مفهوم المجتمع المدني ( 1 )
-
الحداثة والأزمة الحضارية 2 - 2
-
الحداثة وانسداد الأفق التاريخي ( 1 )
-
القمة الخليجية في ظل التحديات والاستحقاقات المشتركة
-
الاحتفاء بالشخصية الوطنية البارزة ميرزا الخنيزي
-
إيران: بين ولاية الفقيه والدولة المدنية
-
الديمقراطية على الطريقة الإيرانية
-
كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.. ميثلوجيا الحزن والثورة
-
كارثة سيول جدة.. هل تكون محركا لاجتثاث الفساد ؟
-
تقرير منظمة الشفافية العالمية عن الفساد
-
مبادئ حقوق الإنسان.. بين النظرية والتطبيق
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|