أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - عِ قَوْلَكْ














المزيد.....


عِ قَوْلَكْ


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 2890 - 2010 / 1 / 16 - 14:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كَتبَ مُعلمنا هذا العُنوان عَلى السَبورة بالطَباشير المُلون ، وأقامَ عَليها التَحريك ، وَكان وَجهُه صارماً ، وَ بَدا عازِماً عَلى شَيءٍ ما ، وَكانت مَسْحَة حُزن عَلى مَحياه .
قالَ بَعد السَلام ؛ سَأتَكلَم بيَومي هذا عَن عادةٍ وَخُلقٍ سَيئٍ آخر يُمارس يَومياً في مُجتَمعاتِنا الناطِقَة باللِسانِ العَربي ، ألا وَهِيَ قَولُ الشيءِ بِتَعَصُب للرأيِ وَدون تَفكير وَتَمحيص دَقيق لِما نَقول ، بَل وَنُزيد بإلقاءِ التُهم على الآخرين بقولهم أو فِعلهم أفعال وأعمال لا دليل عِندنا يدعم الاتهام ، فلم نقرأ لهم ذلك ، ولم نَسمعه بآذاننا ، بل سَمعناه عن آخرين ، فَهي مُجرد ظنون ، والظنّ يُوقع بالتهلكة لأن أكثره آثم وظالم ، وهو نابع عن شكٍ مريض غير الشك العلمي الذي يُورد نتائج باهرة ، يَبقى هذا الشَك يَدورُ بخَيالنا ، نُقلبه ذاتَ اليَمين وذاتَ الشَمال ، ونَظل نَدور بِحَلقة مُفرغَة داخِل أحلام اليَقظة بأن هذا الآخر هُو كَذا .. وَكَذا ، فَنَصِفهُ بصِفات ذَميمة داخل أنفُسِنا ، ثم نَبني اِستنتاجات وَنَصل لِنَتائج بِأن الآخَر هُوَ واطِئ الخُلق إنْ لَم يَكُن عَديم ، أقَلها أنَه اِنتهازي، يَقوم بِكل ما يُمكِنَه مِن أجل تَحقيق مآربه ، فَنصِل لِنتيجة أنَه لَيسَ بِصَديق ، وَلَمْ يَكنْ بِيوم ما صَديقاً ، بَل هُو عَدو مُتَخَفي بِوَجه الصَداقة ، وَشَيطان بِوَجه باسم بَريء .
ثم نَنْدَم عَلى ما أمْضَيناه بِرفْقَة هذا الآخر ، كَصديق أو زَميل دِراسَة أو عَمل ، بَلْ وَنَنْدَم عَلى كُلْ ما قَدمناه لَهُ مِنْ مُساعَدَة أو نُصح وَتَجربة ذاتية أفادَتهُ بِعَملهِ أو بِحياتِه .
كُنا كُلنا صامِتين مُتَوَجسين لما يَقوله مُعَلِمُنا هذا اليَوم ، وكُنا مُنتظرين مِنهُ تَسمِيَةَ الأشياءِ بأسمائِها ، وكانَت عَلامات الدَهشَةِ واضِحَة المَعالم عَلى وجوهنا .
قالَ مُعلمنا مُعقبا ؛ أراكُم تَنتَظِرون مِني أسما مُعينا ، ولكني لَنْ أذكُر أي أسم ، أنّي أناقِش فَقَط الخُلق ، وعندي الفِكْر أهَمُ مِن أسمٍ لِمُسَمى بِعَينه ، لأن هذا الشَخْص أو ذاك مَيت لا مَحالة ، اليَوم أو غَداً ، وَلكن الخُلق والفِكْر هما اللذانِ يَستمران ، وهو ما سَيَرِثهُ الجيلُ القادِم مِنا ، فَدعوني مِنْ أسئِلَتِكُم القادِمَة حَوْلَ مَنْ أعني بِكلامي ، وَدَعوني أناقش مَعَكُم هذا المَرض الفِكري والنَفْسي .
فَوقعنا بِحِيرَةٍ مِنْ أمْرِنا ، كُلُنا كانَ راغِبٌ بمَعرفة عَمَن يَتَحدث مُعلمنا ، أكيد مَرت حالة معينة أما به أو بأحَد مِن المُقربين إليه أو مِمَنْ يَعرفهم ، وأكيد أنه تَألم لذلك الحدث وما تَبعه مِن رُدود ، وهذا ما جَعل الصَرامة تَجد طَريقها لِمُحياه بِيومنا هذا .
فعاد وقال ؛ الشَخص الذي ألقى بالتُهم العِجاف دون بَينة يَحمل أمراضاً كَثيرة سَبقت الحَدث الذي كان كالقشة التي قصمت ظَهر البَعير ، فَهُو مِنَ اليَوم الذي سار به مع زميله يحمل بداخله نوعٌ مِنَ الحَسَد أو الغِيرَة ، وكان يُعطيه النُصح والإرشاد بما يَراه صحيحاً كي يُثبت لِنَفسِه هو قبل صديقه بأنه أفضل منه ، فها هو صديقه يستمع إليه ويأخذ برأيه ، إذن هو ليس بأدنى من صديقه ولا أقل ، بل ربما أفضل ، لأنه لم يأخذ بنصح صديقه ، بينما صديقه أخذ بنصحه .
هذا أولا ، ثم ثانيا هو كان ينتظر الخلاف بينه وبين صديقه في اللاوعي ، فدون تفكيره الواعي ، كان في اللاوعي ضرورة أن يختلف مع صديقه ليرضي ذاته ، لأنه أساسا لم يكن قد وضع صديقه كصديق في اللاوعي ، بل منافس له ، ويحتاج للخلاف حتى ينقل أفكار اللاوعي للعقل الواعي ، وهنا ترتاح نفسه .
وثالثا أن صاحبنا هذا صاحب الخلق السيئ مريض نفسيا لأنه يتلذذ بأن يكون مظلوما ، فهو بمساعدته لصديقه كان ينتظر منه رد الجميل ، بمساعدة مثلا ، أو بأن يعلن على الملأ بأن ما وصل إليه يعود بالفضل لصديقه صاحبنا ذي الخلق السيئ .
وهذا ما لم يحدث من صديقه ، فهنا أحس أنه مظلوم ، و مظلوميته هذه جعلته ينتقم بتلفيق تهم باطلة عن صديقه ، وبدأ يشن هجوم عليه .
ورابعا أن صاحبنا ذا الخلق السيئ لم يكُن يفعل أي شيء من أجل صديقه لذاته ، بل ليرضي نفسه وغروره ، فهو لا يقوم بشيء للآخرين لمجرد أن الحياة الاجتماعية البشرية تحتاج للتعاون والتكافل ، أي قيمة خلقية راقية ، بل يقوم بذلك ليرضي نفسه وليقول عنه الآخرين كلاما مادحا ، أي قيمة خلقية واطئة .
هنا عرفنا وتأكدنا أنه بالضرورة قد حدث شيء ، وهذا الحدث هو ما أثار معلمنا .
وعاد وقال معلمنا ؛ هناك مقولة لحكيم لا أريد ذكر أسمه يقول ( وددت لو أن طول رقبتي كطول رقبة البعير ، حتى أفكر بكلامي قبل أن يخرج من فمي )
هذا معناه أن هذا الحكيم يود أن يفكر بكلامه أيضا حتى وبعد اهتزاز أوتار الحنجرة بالكلام وخروجه منها ، فهناك أجزاء بسيطة من الثانية حتى تصل الكلمة للفم وتخرج منه ، فهذا الحكيم يحتاج لهذا الوقت أيضا ، ربما كي يمنع فمه من إخراج الكلام كي لا يحسب عليه ، وكي لا يصل لنتائج لا تحمد عقباها ، لذا هو تمنى رقبة البعير لأنها أطول من رقبة البشر فبالضرورة يحتاج الكلام لوقت أطول ليقطع المسافة من الحنجرة حتى الشفاه .
فكم منا من يَعي كلامه ؟
وكم منا من يَعي تأثير الكلام ؟
وكم منا يعرف أن الكلمات تجرح كما السيوف والخناجر ؟ !!

محمد الحداد
16 . 01 . 2010







#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاعدة والتكفير وأحمد صبحي منصور
- نظارات جدتي
- أين العقلاء في مصر والجزائر ؟
- مِيزان قبّان
- مقالات علمية بسيطة ج 2
- رزوق دق بابنا
- نوري قزاز
- مقالات علمية بسيطة ج1
- قدري ربانا
- نار نور
- دار دور
- التوريث والتأبين
- المقرحي والأربعاء الدامي
- الجمهورية الخامسة ج 2
- الجمهورية الخامسة
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 7
- مروة و التمييز العنصري
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 6
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 5
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 4


المزيد.....




- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...
- المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من ...
- ترامب سيرحل الأجانب المناهضين لليهود
- الكنيست يصدق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لليهود بتس ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - عِ قَوْلَكْ