|
ثقافة الفساد
نجيب الخنيزي
الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 19:13
المحور:
حقوق الانسان
استضافت ديوانية الملتقى الثقافي (التي أتشرف بكوني أحد المشرفين عليها) مساء يوم الأربعاء الماضي أستاذ الاقتصاد في معهد الدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية السعودية الدكتور محمد بن فهد القحطاني. محاضرته القيمة كانت تحت عنوان «استشراء ثقافة الفساد: الأسباب والنتائج والعلاج». اكتظت القاعة بالحضور ليس لأهمية عنوان المحاضرة الذي هو حديث الساعة في بلادنا فقط، وإنما لشخص المحاضر الذي يعتبر أحد أبرز الناشطين في مجال حقوق الإنسان والملكية الدستورية والمجتمع المدني في بلادنا، كما هو أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية الدفاع عن الحقوق المدنية والسياسية التي أشهرت نفسها في الآونة الأخيرة، كما رفعت خطاباً صريحاً وجريئاً في ضوء كارثة سيول جدة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. أشار القحطاني في محاضرته إلى أن قضية الفساد في المملكة كانت حتى الأمس القريب تحاط بسرية مفرطة رغم معرفة المواطنين والجهات الحكومية المعنية بأبعادها ودرجة اتساعها وخطورتها، معتبراً أن الفساد تمأسس وأصبح نسقاً سائداً في كثير من المرافق الحكومية، وخصوصاً الخدمية منها التي ترتبط بصورة مباشرة بحياة المواطنين، حيث يتم التلاعب بالأموال التي ترصدها الدولة في الموازنات المتعاقبة، ولا تذهب في كثير من الحالات في الوجه الصحيح، وهو ما تبينه المعطيات الكثيرة، ويكفي أن نشير إلى ما جاء في تقرير ديوان المراقبة العامة التابع للدولة الصادر قبل أشهر حين أشار إلى اختفاء 109 مليارات ريال صرفت من دون وجه حق. أوضح الدكتور القحطاني أن انتشار قضية الفساد الإداري تحاط بالسرية التامة، كما أن هناك اعتقاداً من الأشخاص المسؤولين بأنهم يمتلكون حصانة عن المساءلة، ناهيك عن المحاسبة والعقاب إذا اكتشف أمرهم، وهو ما يجعل قضية الفساد تتفاقم وتزداد خطورة. وأشار إلى أن تعريف الفساد الإداري والمالي هو استغلال الموقع الحكومي لأغراض شخصية، معدداً صوره المختلفة، كالرشوة والسطو على المال العام والاستيلاء على الأراضي العامة، إلى جانب المحسوبية والتسيب الوظيفي، ومعتبراً أن القضية الكبرى تتعلق بالمخالفات الصريحة في العقود الحكومية، وخصوصاً تلك التي تمس على نحو مباشر حياة المواطنين. وأشار القحطاني إلى أن المراقبة العامة من قبل الجهات الرقابية ليست دقيقة بالشكل الصحيح، وأن التقارير غالباً ما تكتب بشكل معين يتفق مع رغبة الجهات المعنية بالمراقبة، كما أن الجهات الرقابية تعوزها الصلاحيات اللازمة، كما تطرق إلى قضية المشتريات الحكومية والمبالغ فيها في الدوائر الحكومية، والتي تصل إلى أضعاف عدة عن سعرها العادي. وعن علاقة راتب الموظف البسيط بالفساد، أشار القحطاني إلى أن أحد وجوه الفساد الإداري هو تدني الرواتب، وقد يكون الوضع خطيراً عندما يكون من شخص في موقع يعتبر حساساً في القطاع، كموظفي الجمارك وحرس الحدود فهم معرضون للرشوة بسبب الرواتب المتدنية، كما أشار إلى وجود رجال أعمال مسؤولين في القطاع الحكومي لديهم مصانع ومؤسسات وشركات خاصة، وبدورهم يحاولون منع إعطاء تصريح لمستثمرين ومتعهدين آخرين قد يكونون منافسين لهم. كما طالب مجلس الشورى والأجهزة الرقابية والقضائية المختلفة الاضطلاع بدورهم في الرقابة والمساءلة والمحاسبة، مشيراً إلى انعدام أو ضعف الصلاحيات المتوافرة لديهم على هذا الصعيد. وأخيراً، أوضح أن هناك إمكانية للحد من الفساد الإداري ليس من خلال سنّ الأنظمة والتشريعات المعنية فقط، وإنما تفعيلها وتطبيقها على أرض الواقع، ومشيراً في هذا الصدد إلى ضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية والقضائية ومؤسسات المجتمع المدني والصحافة والإعلام للحد من ظاهرة الفساد المستشرية، وكشف ومحاسبة الأشخاص الفاسدين؛ لأن الفساد يجد مناخه في ظل السرية وغياب المشاركة الشعبية، وانعدام الشفافية، والحد من الوصول إلى المعلومة. نشير هنا إلى المذكرة التوجيهية التابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والتي ركزت على خمسة أجزاء هي: أولاً تحديد ماهية حق الوصول إلى المعلومات، خصوصاً إسهام التشريع في حق الوصول إلى المعلومات لخلق مجتمعٍ أكثر انفتاحاً وديمقراطية، وتحدي الفساد وزيادة الشفافية وتقليص الفقر. ويركز الجزء الثاني على تعزيز حق الوصول إلى المعلومات في مختلف السياقات وتشريع هذا الحق من خلال شؤونٍ أو سياقاتٍ «شتى» مثل التحول والتطوير السياسي، وشؤون الفساد، وشؤون البيئة ودور منظمات المجتمع المدني، بما فيها وسائل الإعلام، في توضيح هذا الطلب والإسهام في تلبيته في الواقع التشريعي ويستكشف الجزء الثالث محتوى تشريع حق الوصول إلى المعلومات ونطاقه على وجه الخصوص، وما يشتمل عليه من ضماناتٍ قانونية. فلهذه الجوانب تأثيرٌ كبير في مدى قدرة التشريع على الإسهام في خلق مجتمعٍ منفتح وديمقراطي وفي مواجهة الفساد وتقليص الفقر. ويجب أن يرقى التشريع إلى المعايير الدولية ومنها مبدأ الكشف الأقصى عن المعلومات، والحد من استثناءات التحفظ على المعلومات، وإنشاء آليات استئناف ذات كفاءة وفعالية. أما الجزء الرابع فيركز على اعتبارات التنفيذ - فتشريعُ حق الوصول إلى المعلومات سيكون غيرَ مجدٍ بالمرة من دون إجراءاتٍ وآلياتٍ تطبيقية. ومن الأمور المهمة في هذا السياق بناءُ وعي بحق الوصول إلى المعلومات، وتشجيع خدمة مدنية مثقفة بانعكاسات التشريع، وذلك من خلال أنشطة تطوير نوعية للقدرات، وتشجيعُ تغيير ثقافي في مرافق الخدمة المدنية يقوم على فرضية أن المعلومة الرسمية ملك الشعب، وتطويرُ نظام فعال جيدِ التنظيم لإدارة المعلومات وإنشاءُ آلياتِ ضبطٍ فعالة للمحاكم والقضاء ومفوضية المعلومات أو هيئة التحقيق في الشكاوى العامة ضد موظفي الدولة. ثم يسرد الجزء الخامس من تلك الورقة بعض المصادر الإضافية للاستنارة والمزيد من الاطلاع في هذا السبيل جريدة الوقت البحرينية 14- 1-2010
#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التمايز ما بين المجتمعين الأهلي والمدني ( 8 )
-
نشوء الدولة المركزية السعودية والمجتمع المدني ( 7)
-
السجال حول طبيعة الدولة في الإسلام ( 6)
-
التيارات الاصولية والموقف من الدولة المدنية (5 )
-
الدولة العربية الحديثة ومستلزمات المجتمع المدني ( 4 )
-
مفهوم المجتمع المدني .. ترسيخ فكرة المواطنة ( 3 )
-
مكونات وعناصر المجتمع المدني (2 )
-
بمناسبة العيد الثامن لانطلاقة الحوار المتمدن
-
المسار التاريخي لظهور وتبلور مفهوم المجتمع المدني ( 1 )
-
الحداثة والأزمة الحضارية 2 - 2
-
الحداثة وانسداد الأفق التاريخي ( 1 )
-
القمة الخليجية في ظل التحديات والاستحقاقات المشتركة
-
الاحتفاء بالشخصية الوطنية البارزة ميرزا الخنيزي
-
إيران: بين ولاية الفقيه والدولة المدنية
-
الديمقراطية على الطريقة الإيرانية
-
كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء.. ميثلوجيا الحزن والثورة
-
كارثة سيول جدة.. هل تكون محركا لاجتثاث الفساد ؟
-
تقرير منظمة الشفافية العالمية عن الفساد
-
مبادئ حقوق الإنسان.. بين النظرية والتطبيق
-
التجديد الديني والإصلاح الوطني.. ضرورة الراهن ( 13 )
المزيد.....
-
مسئول أمريكي سابق: 100 ألف شخص تعرضوا للإخفاء والتعذيب حتى ا
...
-
تواصل عمليات الإغاثة في مايوت التي دمرها الإعصار -شيدو- وماك
...
-
تسنيم: اعتقال ايرانيين اثنين في اميركا وايطاليا بتهمة نقل تق
...
-
زاخاروفا: رد فعل الأمم المتحدة على مقتل كيريلوف دليل على الف
...
-
بالأرقام.. حجم خسارة ألمانيا حال إعادة اللاجئين السوريين لبل
...
-
الدفاع الأمريكية تعلن إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانا
...
-
دراسة: الاقتصاد الألماني يواجه آثارا سلبية بإعادة اللاجئين ا
...
-
الأمن الروسي يعلن اعتقال منفذ عملية اغتيال كيريلوف
-
دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد تضر باقتصاد ألمانيا
-
إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانامو الأميركي
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|