أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - كريم اعا - عبدة الموت وعشاق الحياة














المزيد.....

عبدة الموت وعشاق الحياة


كريم اعا

الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 16:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ارتبط الزمن بالحركة ولا يزال. لكن المحدد في هذه العلاقة هو التغير والتحول المرتبط بالحركة. إن الوعي بهذا التغير، وبسمات الحياة بصفة عامة؛ بما تحمله معها من موت ومن نهايات، جعلت العقل البشري ينتج آلة جهنمية تقيس درجة الانحدار نحو الموت.
الطبيعي بالنسبة للكائنات الحية هو الموت. أما الحياة فهي العارض، والزائل الذي إن لم يحسن الواحد منا استغلاله وجعله بوابة لقهر الموت، فإنه لن يكون إلا الموت الذي يركب الحياة ويمنعها من تحدي جبروته.
ما معنى أن يتحكم سؤال الموت في نقيضه؟ أليس ذلك إلغاء لقانون صراع المتناقضات؟ أليس ذلك استلاما لقانون طبيعي يجرنا إلى عالم الكائنات غير المفكرة؟ أليس ذلك تحريفا لمسار العقل البشري ورسالته؟
كل من يشغله سؤال الموت الطبيعي ويؤرقه غير جدير بحمل صفة الكائن المفكر، وغير جدير بالتمتع بموهبة العقل المبدع، وغير جدير بالعيش في عالم الإنسان.
كل من جعله الموت يرمي بالأحلام خلف ظهره، ويرتد عن ثمار الحضارة الإنسانية، ويكفر بالحاضر ويلغيه لينعم بمستقبل موعود غير جدير بملكة النطق.
كل من حوله الموت أداة طيعة في أيدي محترفي الخرافات والكرامات، وفي أيدي الكافرين بالنقد، وفي أيدي دعاة التسليم والتصديق، عدو للإنسان، للحياة وللموت.
أن تكون ندا للموت يعني التشبث بالحياة والعمل على قهر الموت وتحدي جبروته، لا الركوع أمام قانونه.
أن تكون ندا للموت يفرض عليك استغلال كل لحظة وحين لتخدم الإنسان وتكرس مبادئ الحياة.
إن أفضل درس تقدمه لنا الكائنات غير المفكرة هو تضحيتها من أجل بنات جنسها. النحلة تموت خدمة لخليتها، والنملة تتسلق الصعاب من أجل صغار مجتمعها...الخ، أما الإنسان المفكر العاقل فقد استعبده الموت وأنساه فضائل الحياة.
السمة المميزة للزمن الرديء هي انتشار عبدة الموت، الموت الذي يصول ويجول في فضاءاتنا اليومية، الاندحار الذي تعاني منه الحياة، الجراح المثخنة التي تصيب جسد الحياة والتي لم تسببها إلا يد الواعين بالموت وبالخراب الذي يعضده.
إذا كان من البديهي القول أن لعن الظلام لا يكفي ولا بد من إيقاد شمعة، فإن الأكثر بداهة القول أن لعن الموت لا يكفي بل لا بد من تقدير الحياة، ومن إعطائها مكانتها اللائقة نقيضا للموت.
إن الواحد منا، كي يكون أهلا لحمل صفات الحياة، ملزم بمقارعة الموت وتحدي جبروته، وتسخير كل لحظة من عمره الذي لا يعتبر محدودا زمنيا بل طبيعيا، لخدمة الآخرين وإبداع ما أمكن من الفكر النقدي الثائر والتعامل الإنساني الراقي والنبيل.
ما جعلنا نخرج من مملكة الحيوان هي هذه القدرة على التفكير والإبداع، ونتاجها هو الذي يستطيع أن يجعلنا نقهر الموت وقانونه الطبيعي.
قد يستطيع الموت الظفر بما هو طبيعي فينا، لكن ليس بمقدوره أن ينتزع ما هو إنساني فينا: عقلنا وقدرتنا على الخلق والابتكار.
سر معركة الحياة البشرية والموت في هذه النقطة بالذات. إن استطعنا تفجير الإنساني فينا، نكون قد ربحنا التحدي وجعلنا الموت يخسر إحدى معاركه ضدنا. الحرب ليست بالهينة ولن تعرف طريقها إلى الحل عما قريب، لكن رفاهية بني جلدتنا، وسمو علاقاتهم عما هو طبيعي، وانتقالها إلى ما هو إنساني حقيقي، قمين بجعلنا الموت يركع أمام الحياة.
لا حياة بدون عقل مفكر.
لا حياة بدون إنسان يحمل قضية بني جنسه.
لا حياة بدون إنسان قادر على مجاراة النملة في سعيها.
لا حياة بدون إنسان قادر على مجابهة الموت وقانونه الطبيعي.
نحن جزء من الطبيعة، لكننا استطعنا أن ننتج طبيعتنا الأخرى التي لا يستطيع الموت إليها سبيلا: الطبيعة البشرية المحبة للحرية والمساواة، والمعادية للاستغلال والاضطهاد والقهر.
وكل موت والحياة بألف خير.



#كريم_اعا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخابات 2009 المغربية ونهاية مشروعية الأحزاب السياسية.
- الانتخابات الجماعية المغربية وفكرة الحداثة.


المزيد.....




- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا ...
- -غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
- بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال ...
- في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
- 5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
- قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا ...
- خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة ...
- اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال ...
- اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - كريم اعا - عبدة الموت وعشاق الحياة