أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أخطر الأوهام التي يجب أن نتخلص منها















المزيد.....

أخطر الأوهام التي يجب أن نتخلص منها


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 2888 - 2010 / 1 / 14 - 11:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد النكبة العربية المتجددة والنتائج المخزية للتنمية الإنسانية على مدى العقود الماضية بات واضحاً وضرورياً حاجة أمتنا العربية إلى مواجهة الذات بمصداقية وعقلانية،‏ من أجل تجاوز السلبيات التي تنتشر في بنيانها السياسي والاقتصادي والاجتماعي‏ والثقافي،‏ والعمل بكل جهد مخلص لإصلاحها بما يحقق الصالح العربي العام‏،‏ ‏وحتى يمكن التعاطي المجدي مع المخاطر التي تتعرض لها أمتنا العربية اليوم‏‏ وما قد ينتج عنها من تداعيات. فطوال العقود الماضية قاد التناقض بين الحاجة إلى استراتيجية عربية للقوة والعجز عن وضعها موضع التنفيذ إلى العجز عن بلورة أية استراتيجية، فمنذ خمسينيات القرن العشرين نستعيد الخطابات نفسها وأنواع السلوك نفسها، ونعجز عن بلورة وعي حقيقي، أو عن القيام بنقد ذاتي يساعد على تطوير بذور وعي نقدي للواقع ومتطلبات تقدمه.
فثمة ثقافة بكاملها تحتاج إلى المساءلة، بمرجعياتها ومؤسساتها ونماذجها ورموزها وإعلامها وخبرائها، هي ثقافة المكابرة وتبجيل الذات والثبات على الخطأ والتستر على الآفات والهروب من المحاسبة، فضلاً عن القفز فوق الوقائع والخوف من المتغيّرات والتعاطي مع المستجدات بالقديم المستهلك، بل بالأقدم أو الأسوأ من المفاهيم والتقاليد أو الوسائل والأدوات والمؤسسات.
إننا نتهرب من تحمّل المسؤولية وإلقائها على الغير، ونتحدث عن المؤامرات التي تدبر من الخارج لتغطية العجز عن التدبير في الداخل، ولا نقر بالهزيمة لكي نتعلم من الأخطاء ونستفيد من التجارب والشواهد. هذا دأبنا في مساعينا القومية: نتستر على الآفات التي هي أصل المشكلة، نرجئ فتح الملفات التي تحتاج إلى الدرس والنقد، نعمل على تحصين الأنظمة التي تنتج الهدر والفقر والقهر والعبودية والفساد.
إنّ القضايا التي ينبغي أن تكون محور تفكيرنا اليوم كثيرة جداً وتكاد تحتل جميعها مرتبة الأولوية، وهنا مصدر الصعوبة التي لا غنى لنا عن أن نواجهها بشجاعة. ونكتفي، هنا، من هذه القضايا بالعناوين الآتية، التي نقدمها في صيغة تساؤلات: ماذا أعددنا لكي نواجه، مع الشعب العراقي، حقبة ما بعد الانسحاب الأمريكي، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وخططاً للحاضر والمستقبل ؟ ما هي الدروس التي ينبغي استخلاصها من مآلات القضية الفلسطينية، بدءاً من مراجعة نقدية للماضي، وصولاً إلى رسم خطة للحاضر والمستقبل ؟ هل تتوافر شروط حقيقية لصياغة مشاريع ديموقراطية للتغيير، تحول دون احتمال قيام مشاريع ظلامية أو حروب أهلية تغرق بلداننا في المزيد من التأخر والمزيد من الأزمات ؟ مَن هي القوى المؤهلة لصياغة تلك المشاريع الديموقراطية، وما هي أدواتها وما هي قدراتها على جعل تلك المشاريع قادرة على جذب الجماهير إليها، بعد كل الخيبات التي أُصيبت بها مشاريع التغيير في الحقبة الماضية ؟ ما فائدة الشعارات المضخمة إذا كنا لا نستطيع حمايتها ؟ وهل تستطيع الدول التي لا تمارس الإصلاح والديموقراطية بأن تبقى على حالها دون إصلاحات وتغييرات وتجديد ؟ وهل تقبل المجتمعات العربية بأن تحكم بشعارات بينما تحرم من الخبز والحقوق وأسس الحرية والاحترام ؟
للأسف في مراحل انعدام الوزن يصبح التعلق بأشباه الحلول وأنصافها هدفاً في حد ذاته دون التقدم أبعد من ذلك ولو بخطوات قليلة، في مثل هذه الحالات تبدو الأوهام وكأنها حقائق أو حلولاً دائمة يزيدها سخونة الوضع الملتهب والتناول العشوائي من قبل وسائل الإعلام دفعاً وتثبيتاً. وطالما أنّ الوضع العربي يراوح مكانه بالصورة التي نرى فإنّ هذه الأوهام ستظل في دائرة الوعي العربي وستعيد إنتاج نفسها المرة تلو الأخرى. ومن هذه الأوهام على سبيل المثال لا الحصر: استخدام الأيديولوجيا، بما فيها الدين، كسلاح، والاعتقاد بأنّ الحرب التي يشنها الغرب في مناطق تهديد مصالحه حرباً دينية. إنّ المستهدف الحقيقي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بصفة عامة هو ذلك الذي يتعرض لمصالحهما بالخطر والتهديد أياً كان نوعه أو جنسه أو دينه.
أما الوهم الثاني الذي يمارسه الكثير أو يلجأ إليه، عند احتلاك الوضع وتأزم الأمور، هو هجاء الأنظمة والحكومات وربما التعرض للحكام كأشخاص، وهو وهم لأنه لا يغيّر من الحال شيئاً لأنّ جميع أنظمتنا على مر تاريخها ظلت عاجزة، مع الاختلاف في النسبة والنوايا، فالقضية ليست في إبدال النظام والأشخاص بقدر ما هي في إنتاجه من الداخل. أما الوهم الثالث فهو الاعتقاد بأنّ حركة الشارع العربي أو تحريكه هو ما يمكن أن يحدث التغيير المطلوب وبالصورة المطلوبة، قد يكون ذلك صحيحاً في المجتمعات الديمقراطية، أما بالنسبة لنا فالشارع العربي لم يصل بعد إلى مستوى رأي عام فاعل يقدم بدائل أخرى آمنة ومقبولة. ما نشهده الآن هو غضب الشارع العربي لامتهان كرامته وانتهاك مقدساته وهو أمر مطلوب ومشروع ولكنّ تحويله إلى مشروع سياسي أو مجتمعي أمر آخر ويتطلب آليات أخرى لم يتم إنشاؤها أو تأصيلها حتى الآن.
‏إن فشل البرامج والقيادات يطرح على بساط البحث قضية التحرر الوطني من الأساس، بحيث لا بد لها من أن تأخذ بعين الاعتبار الحقائق التالية:
(1) - الوحدة القومية هي اليوم ضرورة أكثر من أي وقت مضى، غير أنّ السبيل إلى تحقيقها يتطلب، بالدرجة الأولى، صيانة الوحدة القطرية في كل بلد عربي، فلم تعد سايكس - بيكو تمثل الخطر المحدق، بل باتت الحروب الأهلية هي التي تهدد العالم العربي.
(2) - لم يعد الخلط جائزاً بين العروبة والإسلام. فالعروبة، بما هي رباط تاريخي يجمع شتات شعوب منتشرة من المحيط إلى الخليج، ضرورة لمواجهة المخاطر الخارجية، والإسلام السياسي المناهض للاستعمار والمكافح في سبيل التحرر والتقدم والعدالة الاجتماعية ضرورة هو أيضاً. لكنّ العروبة والإسلام السياسي شيء، والاستنفار الديني شيء آخر، والرأسمالية الاستعمارية لا تميز بين إسلام ومسيحية، والمستهدفون من مخاطرها شعوب تنتمي إلى كل الأديان والطوائف والمذاهب والإثنيات.
إذن لا مفر من تفكيك مقولات الخطاب السياسي العربي من أجل إجراء تغيير جذري يقلب الأسس الفلسفية التي يقوم عليها، تغيير تكون نتيجته التحول إلى خطاب ديموقراطي مع الذات ومع الآخر ومع المجتمع ومع الواقع ومع التاريخ. ديموقراطي مع الذات بصفتها مالكة قرارها ومصيرها ورهاناتها وحقها في التحدي والرفض والمساءلة، وديموقراطي مع الآخر باعترافه به كآخر وكمختلف، لا من باب التسامح والتعايش وإنما من باب الإيمان بالتعددية في التعاطي المجدي مع الأسئلة والتحديات التي يطرحها الواقع بكل ما فيه من غنى وتعقيد. وديموقراطي مع المجتمع في تعامله معه باعتباره الصورة الحية لنضالات الأفراد والجماعات وتوقها ومخاوفها ورغباتها ودأبها اليومي، وليس كحقل تجارب للأيديولوجيا وأوهامها ومشروعاتها. وديموقراطي مع التاريخ في النظر إليه بصفته حركة وتحولاً وصراعاً، وليس باعتباره مرآة لأفكار ومبادئ وأحكام الخطاب السياسي وبرهاناً على صحتها وتكراراً أبدياً لها.
الأجدى لنا أن نعمل على أنفسنا لكي نتغيّر، بتفكيك جهلنا المضاعف بطبقاته السميكة وغرفه المعتمة وصناديقه السوداء. ونحن لا نفعل ذلك لكي نرضخ للأمريكيين، بل لكي نحسن التعامل معهم، على الأقل بطريقة لا تعود علينا بالأضرار والخسائر، سواء بفتح الحوارات وإجراء المباحثات، أو بتغيير المعادلات وإنتاج التسويات. وذلك يتوقف على ما نملكه ونصنعه ونقدر على إنجازه، أي على ما نجترحه من الإمكانات التي تتسع معها الخيارات وتتغيّر الوضعيات. فالواقع يتغيّر بخلق وقائع جديدة تتسع معها رقعة الإمكان، بقدر ما تتغيّر طرق تعاملنا مع ذواتنا ومع الغير والعالم.






#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين الخلل العربي ؟
- إشكاليات المنظمات غير الحكومية في العالم العربي
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (3/3)
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (2/3)
- التنمية المستدامة وأمن الإنسان في البلدان العربية (1/3)
- كي يكون حوارنا متمدناً
- واقع وآفاق التعاون الاستراتيجي التركي - السوري
- محددات السياسة الخارجية التركية
- صخر حبش .. وكلمة وفاء
- التنمية في أفريقيا: المعوّقات وآفاق المستقبل
- حول توازن القوى في الشرق الأوسط
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (5/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (4/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (3/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (2/5)
- معوقات السلام العربي - الإسرائيلي وآفاقه (1/5)
- أزمة المشروع القومي العربي وآفاقه المستقبلية (3/3)
- أزمة المشروع القومي العربي وآفاقه المستقبلية (2/3)
- أزمة المشروع القومي العربي وآفاقه المستقبلية (1/3)
- حاجة العرب إلى التنمية المستدامة


المزيد.....




- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...
- شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه ...
- الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع ...
- حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق ...
- بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا ...
- وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل ...
- الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا ...
- وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني ...
- تأثير الشخير على سلوك المراهقين


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أخطر الأوهام التي يجب أن نتخلص منها